تعرَّف إلى أفضل أماكن السكن للمسنين وكيفيَّة تغلبهم على العزلة

"أين علينا أن نعيش في السنوات المقبلة؟"؛ يسأل كبار السن هذا السؤال من جديد في ضوء الخسائر المستمرة التي تبعت جائحة "كورونا" (COVID-19)، كالحياة المفككة والعزلة الاجتماعية وتزايد معدل الوفيات، فالكثيرون يغيرون رأيهم.



الانتقال الى دار المسنين:

يختار بعض الأشخاص الذين خططوا إلى الانتقال إلى دار المسنين أن يعيشوا بمفردهم بدلاً من مجموعة، فيما يتساءل بعضهم الآخر إذا كان الانتقال إلى مكان آخر حيث يستطيعون الحصول على المساعدة هو الخيار الصحيح.

هذه القرارات صعبة في الحالة العامة، أما الآن فأصبحت مليئة بالشكوك في ظل تعثر الاقتصاد وتزايد أعداد الوفيات بما في ذلك عشرات الآلاف في دور رعاية المسنين ومراكز الرعاية الدائمة.

اختارت "تيريزا إيغانتشو غونزالو" (Teresa Ignacio Gonzalvo) وزوجها "جيم" (Jaime) البالِغَين من العمر 68 عاماً، بناء منزل بدلاً من الانتقال إلى دار رعاية المسنين ليكونوا أقرب إلى بناتهم.

بعد تطبيق الإغلاق العام في أنحاء البلاد جرَّاء جائحة كورونا قالت "تيريزا": "لقد أدركنا أنَّنا لسنا مستعدين إلى أن نفقد استقلالنا بعد".

تخطط "إليسا بالوت" (Alissa Ballot) البالغة من العمر 64 عاماً إلى الانتقال من شقتها التي تقدر مساحتها بـ 750 قدماً مربعة الواقعة وسط مدينة "شيكاغو" (Chicago) إلى مركز اجتماعي متعدد الأجيال؛ حيث يتشارك الجيران عادةً الطعام والنشاطات الترفيهية ويساعدون بعضهم بعضاً.

قالت: "لقد علمتُ خلال هذه الجائحة أنَّ ما يهمني هو العلاقات الاجتماعية وليس المكان".

كانت "كيم باكمان" (Kim Beckman) وزوجها "مايك" (Mike) البالِغَين من العمر 64 عاماً مستعدَّين للتخلي عن امتلاك منزل في "فيكتوريا-تكساس" (Victoria- Texas) والانتقال إلى العيش في مجتمع من البالغين من العمر 55 عاماً أو أكثر أو استئجار شقة مستقلة في شمال تكساس قبل بداية الجائحة.

أما الآن فهم يفكرون في شراء منزل أكبر حتى؛ إذ قالت "باكمان": "إن كنت ستبقى في المنزل طوال الوقت، فيجب أن تكون مرتاحاً أيضاً".

إقرأ أيضاً: الاضطرابات النفسية أثناء الشيخوخة: أسبابها، وطرق التعامل معها

استطلاعات رأي المسنين:

كما قالت "ويندل كورنفيلد" (Wendl Kornfeld) البالغة من العمر 71 عاماً، والتي تعيش في "أبر ويست سايد في مانهاتن" (Upper West Side of Manhattan): "إنَّ الجميع يتحدث عن هذا الأمر الآن"، فقد فكَّرت في الانتقال إلى مركز تقاعد يقدم رعاية دائمة.

وأضافت: "سنتخذ أنا وزوجي القرار تبعاً للظروف وسنرى ما سيحدث"، مع استمرار الجائحة. فضمن دائرة "كورنفيلد" الاجتماعية يتمسك الناس بالبقاء في منازلهم وشققهم لأطول فترة ممكنة خلال الفترة على الأقل، فهم متخوفون من أنَّهم سيكونون أكثر عرضة للإصابة بالفيروس إن كانوا في دور الرعاية.

وقالت: "لقد سمعنا جميعاً عن العدد الهائل من الوفيات في دور رعاية المسنين"؛ ولكنَّها أوضحت أنَّ الأشخاص الذين يختارون البقاء في منازلهم يصعب عليهم الحصول على مساعدة ضمن إمكاناتهم المادية عندما يحتاجون إليها.

توفي أكثر من 70,000 شخص من المقيمين والموظفين في دور الرعاية الدائمة ودور رعاية المسنين بحلول منتصف آب/ أغسطس وفقاً لـ "منظمة عائلة كيسر" (Kaiser Family Foundation).

نتيجة لذلك ازداد القلق حول حياة المسنين، ففي تموز/ يوليو أعلن مركز الرعاية الوطني للإسكان ومساعدة المسنين (the National Investment Center for Seniors Housing & Care) عن أدنى معدل إشغال منذ أن بدأت منظمة البحث تسجيلَ البيانات منذ 14 عاماً، فقد انخفضت نسبة الإشغال في دور الرعاية الدائمة - كانت نسبة الانخفاض 3.2% من شهر نيسان/ أبريل إلى حزيران/ يونيو بالمقارنة مع الفترة من كانون الثاني/ يناير لشهر آذار/ مارس - بالمقارنة مع العيش المستقل - كانت نسبة انخفاض 2.4% - ولا تجمع المنظمة بيانات عن دور رعاية المسنين.

في إحصائية منفصلة "للمؤسسة العامة للإصلاح" (national institution of correction)، ومن خلال استطلاع قام به كبار مديري التنفيذ في دور رعاية المسنين في آب/ أغسطس، ظهر أنَّ 74% من العائلات قد أظهروا قلقهم تجاه الانتقال عندما بدأت الجائحة بالتفشي في العديد من المناطق في البلاد.

استطلاعات رأي المسنين

التغلب على العزلة المحتملة:

إنَّ احتمال العزلة هو أمر مثير للقلق، خاصة مع القيود التي تفرضها دور الرعاية حول أوقات الزيارة وأوقات مشاركة الطعام والنشاطات الاجتماعية، في حين أنَّ بعض الولايات قد بدأت السماح بالزيارات الخارجية في دور رعاية المسنين ودور الرعاية الدائمة، ولكنَّها لم تسمح بالزيارات الداخلية بعد؛ وهذا الوضع سيثير الإحباط عندما يصبح الطقس بارداً.

أكدت "بيث بورنهام ميس" (Beth Burnham Mace)، كبيرة الاقتصاديين ومديرة التوعية أنَّ المسؤولين استجابوا بسرعة؛ إذ وضعوا بروتوكولات للسلامة ونقل المعلومات بواسطة الإنترنت ومساعدة السكان على شراء البقالة وغيرها من المستلزمات الأساسية، بالإضافة إلى الحديث المستمر عن فيروس "كوفيد-19" (COVID-19) على الموقع وفي المجتمع بشكل منتظم أكثر.

"ماري كازلوسكي" (Mary Kazlausky) البالغة من العمر 76 عاماً تعيش بشكل مستقل في "هيرونز كي" (Heron’s Key)، وهو مجتمع رعاية دائم للمتقاعدين في ولاية "واشنطن" (Washington) ويقدم كل الخدمات وأكثر.

قالت: "كلنا نشعر بالأمان هنا، مع أنَّهم ينصحوننا بشدة بعدم زيارة بعضنا في الشقق، إلَّا أنَّنا نستطيع رؤية بعضنا بعضاً في القاعة والردهة وأسفل المبنى في الخارج على أقل تقدير، أما فيما يتعلق بالحجر؛ فيحجروننا مع 200 شخص؛ حيث سيكون أحد ما في الأرجاء دوماً".

في حين ثبتت إصابة أحد الموظفين بفيروس "كوفيد-19" في "هيرونز كي" في آب/ أغسطس ولكنَّه تعافى، كانت نتائج المسحة لعشرين شخص من السكان والموظفين إيجابية في "إميرالد هايتس"؛ حيث توفي ساكنَين وموظف واحد.

يؤكد "كولين ميلنر" (Colin Milner) الرئيس التنفيذي للمجلس الدولي للشيخوخة، أنَّ بعض المجتمعات تقوم بأداء أفضل من غيرها، كذلك نشرت المنظمة مؤخراً تقريراً حول مستقبل كبار السن في ظل الجائحة.

شاهد بالفيديو: ما هو علاج العزلة الاجتماعية؟

مناطق زيارة آمنة للعائلات:

وتدعو المسؤولين إلى إجراء مجموعة من التغييرات، بما في ذلك إنشاء مناطق زيارة آمنة للعائلات في الخارج والداخل، وتأمين خدمة إنترنت ذات سرعة عالية للمجتمعات كافة، وضمان إمدادات كافية من الكمامات وغيرها من أدوات التعقيم والحماية الشخصية للموظفين والقاطنين، بالإضافة إلى توصيات أخرى.

تتمنى بعض العائلات لو أنَّها استطاعت تأمين رعاية للأقارب الأكبر سناً ضمن بيئة أكثر تنظيماً قبل تفشي الجائحة، فلقد وجدوا أنَّ الأقارب الأكبر سناً الذين يعيشون بشكل مستقل يواجهون صعوبة في تدبر أمورهم لوحدهم، وخاصة أولئك الذين يعانون من ضعف في الإدراك.

في حين أنَّ العديد من المسؤولين كانوا قد أوقفوا استقبال أحد في بداية الجائحة، سمحوا الآن باستقبال مقيمين جدد طالما كانت نتيجة مسحة فيروس "كوفيد-19" سلبية، كما أنَّ الحجر الصحي لمدة أسبوعين هو أمر مطلوب قبل أن يتمكن الأشخاص من المشاركة في المجتمع.

مع ذلك العديد من كبار المسنين ليست لديهم الإمكانات المادية للقيام بهذه الخطوة، فأكثر من نصف كبار السن يندرجون تحت فئة متوسطي الدخل أي ما يقرب 8 ملايين مسن لا يستطيع تحمُّل تكاليف العيش المستقل أو دور الرعاية الدائمة، وأكثر من سبعة ملايين مسن يصنَّفون كفقراء.

إقرأ أيضاً: 14 طريقة لتعزيز التواصل الأسري

الأسئلة الواجب طرحها:

ينصح الخبراء الأشخاص الذين يفكرون في الانتقال إلى دور رعاية المسنين بأن يطرحوا أسئلة عدَّة:

  • كيف تتواصل المنشأة مع السكان والعائلات؟ وهل تفشت الجائحة فيها؟ وهل يُكشف عن الحالات والوفيات؟ وهل تشارك أحدث إرشادات السلامة؟
  • ما هي البروتوكولات التي وُضِعَت لضمان السلامة؟ وهل لديهم خطة جاهزة لمواجهة الكوارث - ليس فقط الجائحة - وإنَّما أيضاً الفيضانات والحرائق والأعاصير والعواصف الثلجية، وهل لديهم إمدادات في المكان؟
  • كيف يتفاعل المجتمع مع القاطنين؟ وهل البرامج عبر الإنترنت - دروس رياضية ومحاضرات ولقاءات للحديث عن اهتمامات مشتركة - متاحة؟ وهل التعامل الشخصي مع الموظفين متاح؟ وهل يُنظِّم الموظفون لقاءات مع عائلتهم عبر تطبيق "فيس تايم" (FaceTime) و"زووم" (Zoom)؟ وهل الزيارات العائلية مسموح بها؟ المشاركة والتفاعل الاجتماعي أكثر أهمية من أي وقت مضى.
  • ما هو الوضع المادي للشركة وماهي نسبة الإشغال؟ فالعقارات ذات نسبة إشغال 90% أو أكثر ستكون قادرة على تحمل ضغط كبير في ظل الجائحة بالمقارنة مع العقارات التي تقل نسبة الإشغال فيها عن 80%؛ ونسبة الإشغال الأعلى تعني المزيد من الإيرادات؛ وهذا يسمح للمؤسسات بتحمل النفقات الإضافية المرتبطة بالجائحة، فالشفافية هامة للغاية.

المصدر




مقالات مرتبطة