تطور فن الطبخ عبر الزمن وأبرز مؤسسي علم الطبخ ورواده
ليس المطبخ مجرد غرفة من غرف المنزل فحسب؛ وإنَّما هو ركن أساسي للبيت، كما أنَّه المكان الذي تفوح منه الروائح الشهيَّة ومنه يعم الخير والطعام إلى كل أرجاء البيت.
للمطبخ سحر خاص وجو مليء بالإبداع والفن باذخ الجمال، ومن هنا تأتي المأكولات الشهية وتنتشر الوجبات اللذيذة الطازجة، ويرقى نمط الحياة، فمن حكاية الطبخ ينفجر سر الحياة.
ما هي أهمية فن الطبخ؟
- يعطي قيمة إضافية للإنسان.
- يُكسِب الإنسان الخبرة.
- يزيد حركة السياحة.
- يرقى بالشعوب إلى مستوى أعلى من التقدُّم الإنساني.
- يعكس ثقافة الشعب وحضارة الأمة.
- ينشِّط حركة التجارة.
- تزدهر به الصناعة.
ما هي مجالات العمل في فن الطبخ؟
- طاهٍ في الفنادق.
- خباز في الأفران.
- بائع فلافل.
- صاحب محل حلويات.
- مدير لمطعم.
تطوُّر فن الطبخ عبر الزمن:
عرفَ الإنسان فن الطبخ منذ غابر الأزمان؛ إذ إنَّ دوافع الإنسان الغريزية نحو الأكل وإحساسه بالجوع بعد إنجاز العمل دفعه إلى التفنُّن بالطبخ وتقديم الوجبات والمأكولات الشهية، حتى تطور هذا العلم العظيم إلى ما نشهده الآن من أطباق راقية تقدَّم في المطاعم والحفلات والولائم والأعياد وغيرها من المناسبات.
بعد سنين طويلة تطوَّر علم الطبخ وتشعَّبت نواحيه وصار علماً قائماً بحد ذاته يُدرَّس في الجامعات والمعاهد والمدارس؛ إذ لا يقل شأناً عن علوم الفيزياء والكيمياء والرياضات والفلسفة، وفي بعض الأحيان قد يتَّسع علم الطبخ إلى جوانب من العلوم الأخرى، كما يرتبط بطقوس شعب معيَّن ومناسباته الدينية والاجتماعية وعاداته وتقاليده وملبوسه.
شاهد بالفديو: 6 طرق تساعد على تعلّم فنّ الطهي
ما هي أهداف برامج الطبخ؟
- تمكين الطلاب من إتقان فن الطبخ.
- إعداد الطلاب ليكونوا محترفين في علمِ الطبخ.
- التعرُّف إلى أهم المطابخ التي ذاع صيتها في العالم الغربي الشهير وأهمها المطبخ الفرنسي والمطبخ الأمريكي.
- إقامة ورش عمل تعاونية بالتنسيق مع الطلاب والمعلمين متعلقة بكيفية إعداد أطباق صحيَّة مميزة وتطوير مهارات الطلاب في الطبخ.
- إجراء مسابقة في المراحل النهائية وعدَّة اختبارات يتنافس من خلالها الطلاب من سيكون الشيف الأكثر تميزاً وإتقاناً
- استثمار عقول الطلاب وتقدير الموهوبين منهم والاستفادة من إمكاناتهم لما قد يضيفونه إلى علم الطبخ.
- توضيح فكرة شديدة الأهمية وهي أنَّ الطبخ ليس مهنة نسائية بحتة؛ يوجد طبَّاخون رجال تفننوا في طبخ الأكل وتذوقوه بحس عالٍ يفوق قدرة النساء.
- الإضاءة على شخصيات عظيمة مرت عبر التاريخ وحفرت اسمها في فن الطبخ، وتوثيق سيرتها الذاتية، مثل جولي تشايلد التي سخَّرت حياتها للأكل والطبخ وطوَّرت المطبخ الفرنسي وكتبت مؤلفاتها ومنها كتاب "فن إتقان الطبخ الفرنسي:، الذي صدرَ في أمريكا وتصدَّر قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في ذلك الوقت.
تطوُّر الطبخ تاريخياً عبر الزمن:
في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين تطور المطبخ إلى حدٍّ كبير؛ إذ صارت النظريات تستند إلى تطوير الأفران والمواقد والسخانات بشكل خاص، وهذا ما شهدناه في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1825 ميلادية؛ إذ صُنِع أول موقد طبخ على الغاز، وقد أخذت عليه براءة اختراع احتفاءً بهذا الإنجاز العظيم، وبِيعَ عدد كبير من النسخ يصل إلى 90 ألف نسخة.
قديماً، كانت أغلب الأمهات القدامى تطبخنَ على الحطب الذي يجلبنَه من الغابات والوديان، وكان مطبخهم لا يصل إلى مستوى غرفة؛ بل عبارة عن عدَّة رفوف عليها أوعية بعضها كبيرة بعضها صغيرة والقليل من الملاعق الخشبية المُسمَّاة بالخاشوقة؛ وهي كلمة تركية درجت في سوريا إبان الاحتلال العثماني.
لقد كانت النساء في ذلك الوقت تَعشنَ على البساطة على الرغم من تعقيدات الحياة وصعوبتها؛ إذ إنَّ جلب الماء بحد ذاته كان مشكلة، فلم يكُن الماء متوفراً في البيوت في القرون الماضية، وكانت الأمهات تقصدنَ الينابيع أو ما يُسمى بالعين، ويملأن الجِرار أو الخوابي بالماء، ويستحممن في النبع، وكانت الحياة صعبة للغاية، وكان المطبخ هو مجرد موقد وحطب مُشتعل فوقه طنجرة كبيرة تغلي ويفوح منها البخار لعائلة أقل ما يمكن أن نقول إنَّ عدد أولادها سبعة؛ وذلك لأنَّ أهلنا في القديم كانوا ينجبون كثيراً، وكانت النساء تحبلنَ وتلدنَ كل سنة؛ إذ صحيح أنَّه كان الطعام قليلاً وصعب التوفير، ولكنَّ الطبيعة تبقى كريمة وهي الأم الثانية، ودائماً الأشجار المثمرة تجذب الأولاد قبل الكبار.
يجب ألَّا ننسى أنَّه في القرن التاسع عشر حدثت تغييرات كبيرة في العالم بكل مدينة ودولة وبقعة، وأثرَّت هذه التغييرات بشكل كبيرة في مجالات حياتنا بما فيها المطبخ؛ إذ إنَّ وصول الكهرباء وشبكات المياه وقنوات الصرف الصحي سهَّل على ربَّة المنزل أمور الطبخ والطهو والغسيل والسلق والشواء وغيرها من أمور الطبخ البيتي.
أبرز روَّاد علم الطبخ:
1. جان كريستوف نوفيلي:
اشتهر نوفيلي منذ نعومة أظفاره بموهبته الكبيرة في فن الطبخ، ومنذ سن الرابعة عشر اشتهر بفن تخمير الخبز وصناعة المعجنات في الأفران والمحلات، وذاع صيته في البلاد وصارت منتجاته وأطباقه الشهيَّة مطلوبة ومرغوبة بكثرة.
واصل نوفيلي السعي إلى شغفه حتى تمكَّن من تعلُّم كل فنون الطهي على أصولها وأصبح رئيساً عاماً للطهاة، وافتتح أربعة مؤسسات في لندن عام 1983 ميلادية، وقد عُرف في كل دول العالم أنَّه أمهر طاهٍ فرنسي معروف حتى الآن، إضافة إلى أنَّه أسَّس أكاديمية عُرِفت بأكاديمية نوفيلي، وهي واحدة من أهم وأشهر مدارس الطبخ في العالم تكفَّلت بتعليم الناس فنون الطهي.
2. نصرت غوكشيه:
يُعرَف بأنَّه أشهر طبَّاخ معروف في البقاع التركية، وقد لاحقه لقب شيف الملح طوال حياته، ولقد عانى هذا الطبَّاخ من العوز المالي وسوء الأوضاع الاقتصادية المتردية وقتذاك؛ مما دفعه إلى أن يترك المدرسة وهو في سن صغير ويضطر إلى أن يعمل في المحلات، ومنها محلات بيع اللحوم عند أحد الجزارين، ونتيجة ذلك تعلَّم شواء اللحمة وتقطيعها.
لقد سافر غوكشيه إلى بلدان متنوعة منها الأرجنتين والولايات المتحدة الأمريكية، وكان يقتبس من كل بلد عادات الأكل والطبخ وطريقة تقديم الوجبات والأكلات الشعبية؛ مما عزَّز ثقافته ومكَّنه من التميُّز في الطبخ وتأسيس عدد كبير من المطاعم التي نُسِبت إلى اسمه.
ما هي أفضل قائمة أفلام أبدَعت في تناول علم الطبخ وقصة المطبخ؟
1. جولي وجوليا:
إنَّ أهم وأمتع فيلم يُسمى جولي وجوليا، الذي أُنتِجَ عام 2009 وتناول فكرة الطبخ ونقلها إلى المشاهدين بحرفيَّة عالية، والفيلم مُستَند إلى قصة حقيقية حصلت أحداثها في فرنسا، المحور الأساسي في القصة هو جولي تشايلد الطبَّاخة العظيمة الاستثنائية التي وضعت كتابها وأثرَت المطبخ الفرنسي، فكانت مثالاً للسيدة القوية المبدعة في صنع الكيك بالشوكولا وقلي السمك بالزبدة وصنع دجاج محشو بالأرز.
2. فيلم الليلة الكبيرة:
يُعَدُّ من أهم الأفلام التي وثَّقت الصورة الحقيقية للمطبخ وصوَّرت لنا أهم المطابخ العالمية، وهذا الفيلم دمجَ قصَّة المطبخ مع الدراما الاجتماعية؛ فتصدَّر قائمة أفضل الأفلام في تلك السنة.
كان الفيلم من إخراج العظيمَين والكبيرَين كامبل سكوت وستانلي توسي عام 1996، ويحكي الفيلم قصة أخوين شقيقين هاجرا من إيطاليا إلى أمريكا في خمسينيات القرن الماضي، وبحوزتهما مطعم على حافة الانهيار والإفلاس الكامل، فيدخلان في رهان على ليلة طويلة مقابل إنقاذ المطعم من الضياع والخسارة.
3. فيلم من دون حجز:
أُنتِج هذا الفيلم عام 2007 للمخرج العظيم سكوت هيكس بطولة الممثلة كاترين زيتا جونس، التي تؤدي دور طبَّاخة في مطعم فاخر ومشهور في نيويورك؛ إذ تكون هي صاحبة المطعم، وترشد العمال والطباخين، وتحتاج إلى مزيد من الطاقة لتعلِّمهم أصول الطبخ وقواعده.
4. فيلم الجانح أم الفخذ:
لعلَّه الفيلم الكوميدي الأشهر الذي تناول موضوع الطبخ بحس كوميدي ساخر فكاهي، ولكنَّه هادف ويتضمَّن رسالة إنسانية عميقة ونبيلة، والفيلم أُنتِج عام 1970 للمخرج المعروف كلود زيدي بطولة الممثل البارع لويس دو فونيس.
يحكي الفيلم قصة ناشر يختص في المطاعم يقرر أن يتحوَّل إلى ناقد في مجالات الأكل والطبخ، إلَّا أنَّه يُفاجأ بظهور شركة تنتج مأكولات بسعر الجملة وليس بسعر المفرَّق، فيقرر الأخير تدمير الشركة وإخفاءَها والتخلُّص منها.
5. فيلم راتاتوي:
هو فيلم كرتوني عميق وهادف تناول موضوع المطبخ، وينتمي إلى سلسلة أفلام الأنيميشن من إنتاج العبقري والت ديزني وإخراج براد بيرت، ويتناول الفيلم قصة جرذ أو فأر صغير يعقد صفقة مع رئيس الطباخين في مطعم فاخر ومعروف.
من هم أهم مؤسسي فن الطبخ؟
1. أمهر وأشهر طباخ عرفه العالم:
إنَّ أشهر طبَّاخ شهده العالم بأسره هو جوردون جيمس رامزي الذي يُعَدُّ أسطورة في عالم الطبخ؛ إذ يُعَدُّ شخصية غير عادية طوَّرت علم الطبخ ووضعت حجر الأساس له؛ إذ تميَّز بمهارات غير عادية في طبخ الطعام وصلت إلى حد العبقرية، كما قدَّم العديد من الوجبات اللذيذة والشهيَّة التي أحبها الملايين من البشر وصاروا يطبقون وصفاته الجميلة، من ضمنها مأكولات لحم البقر المشوي والعجين وشوربة الفطر.
2. أهم الطباخين الإنجليزيين:
يُعَدُّ جيمي أوليفر أهم الأسماء الرائدة في عالم الطبخ، بالإضافة إلى مهاراته وخبرته في تقديم الوجبات الشهية، إلَّا أنَّه برعَ في تقديم البرامج التلفزيونية التي قدَّمت وصفات مع أسئلة وأجوبة من المتصلين؛ مما أعطى علم الطبخ بُعداً إنسانياً ثقافياً نبيلاً سامياً.
في الختام:
إنَّ فن الطبخ علم واسع وجميل ومطلوب ومرغوب من قِبَل كل الناس، وقد لمعت فيه أسماء كثيرة، وبرزت في فن تقديم الأطباق والمأكولات الشعبية، وكرَّست لها اسماً محفوراً في عالم الطبخ والتميُّز والإبداع بكافة مجالاته.