تجربة شخصية: كيف تؤسس عملاً بمفردك؟

بدأت رحلتي مباشرة بعد أن أنهيت دراستي في جامعة جنوب كاليفورنيا (University of Southern California)، وبعد أن قررت الدخول في مجال الترفيه، حصلت على وظيفة في غرفة البريد في وكالة إنديفور (Endeavor Agency)؛ إذ يقدِّس عالم وكالات المواهب العمل الجاد للوصول إلى هدفك؛ فيبدأ الجميع بعمل متواضع، ومن بعده يبنون نجاحهم، ويرون أنَّها بمنزلة أول انطلاقة لتصبح شخصاً ناجحاً، وبدأت في تطوير منصبي بعد أسابيع عدة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن رجل الأعمال ديف نيميتز (Dave Nemetz)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية الانطلاق بمفردك.

كنت ما أزال أنتظر الحصول على ترقية بصفتي مساعد وكيل، وكانت مهمتي ذات صباح إعطاء التوجيهات لموظفة جديدة في غرفة البريد، وكان اسمها جولي (Julie)، وقد تخرجت حديثاً من كلية الحقوق في جامعة ستانفورد (Stanford Law School)؛ إذ التقيت بها وأخذتها إلى الطابق إلى غرفة البريد، وشرحت لجولي كيفية فرز البريد وتحميل العربة وأخذها إلى طابق الوكالة الرئيسي لتسليمها، وحتى مع الحصول على شهادة في القانون من جامعة ستانفورد، أعتقد أنَّه عليها أن تبدأ من الصفر.

انضممت إلى وكالة إنديفور بوصفها نقطة انطلاق، وكان لدى بعض الموظفين في غرف البريد مثل جولي طموحات للارتقاء إلى وكيل مبتدئ، ثم وكيل خبير، ومع قليل من الحظ قد يصبحون في يوم من الأيام شركاء؛ إذ رأى آخرون مثلي الوظيفة بمنزلة خطوة البداية، وكنت أنوي اكتساب الخبرة في المجال وبناء العلاقات، وفي مرحلة ما، كنت سأستفيد من هذه الأمور للارتقاء إلى شيء آخر، ربما الحصول على وظيفة في أستوديو أو العمل مع منتج أو مسؤول عن برنامج تلفزيوني.

بعد شهر من بدء العمل في وكالة إنديفور، تلقيت مكالمة للعمل في مكتب، بصفتي مساعداً لدى وكيلة شابة، والتي كانت مديرة جيدة، ولحسن الحظ لم تكن كثيرة الصراخ، وكانت تتألف قائمة عملائها من كُتَّاب تلفزيونيين شباب، وأتذكر أنَّني أجريت كثيراً من المكالمات لجذب العملاء إلى مسلسل جديد سيُطلَق قريباً على قناة إي إم سي (AMC) واسمه "ماد مين" (Mad Men)، وتساءلت عن سبب تحوُّل شركة إي إم سي من إعادة عرض الأفلام القديمة إلى إنتاج أعمال أصلية، وكانت البداية مناسبة بشكل غريب.

شاهد بالفديو: 7 علامات تدل على ضرورة ترك عملك والبحث عن عمل جديد

كنتُ كالحاشية في العمل:

كان وجودي بصفتي مساعداً مقبولاً؛ لكنَّه بعيد عن أن يكون ممتعاً، وكان الأمر أشبه بأن أكون كالحاشية، وكان مكتبنا مليئاً بالفوضى وفيه كثير من الصراخ والترهيب؛ إذ كنت أعمل من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساءً لخمسة أيام في الأسبوع، وأرتدي بدلة دائماً، ودفعت الوكالة لي وللمساعدين الآخرين نحو 10 دولارات في الساعة؛ أي بالكاد أكثر من الحدِّ الأدنى للأجور في كاليفورنيا (California) في ذلك الوقت، وكلُّ ذلك من أجل إجراء مكالمات هاتفية وإعداد القهوة.

عشت حياة مزدوجة طوال الوقت الذي عملت فيه في وكالة إنديفور؛ إذ كنت أخطط مع بعض أصدقائي من المدرسة الثانوية لإنشاء شركة بليتشر ريبورت (Bleacher Report)، ولقد عملنا على شركتنا بوصفها مشروعاً جانبياً بينما كنا نتابع وظائفنا.

لقد انغمست في مشروعنا خلال العمل في وكالة إنديفور؛ فقد كنت بحاجة إلى الهروب من عملي بوصفي مساعداً، فعندما لم تكن مديرتي في الجوار، كنت أنتقل إلى بريدي الإلكتروني الشخصي للعمل على موقع بليتشر ريبورت، وخلال فترات الراحة القصيرة، كنت أتسلل إلى الزقاق خلف المبنى لإجراء مكالمات جماعية مع شركائي المؤسسين، وفي أثناء العمل في بليتشر، شعرت بإحساس غامر لم أستطع أن أشعر به بوصفي مساعداً.

إقرأ أيضاً: كيف تطلق مشروعاً جديداً؟

هوليوود (Hollywood) تعيد اكتشاف التقنيات الرقمية:

وصلت إلى نقطة الانهيار عندما أبدت إنديفور اهتماماً جديداً بالعالم الرقمي، وكان ذلك في عام 2006، وكانت ذكرى انهيار الإنترنت في أوائل عام 2000 لم تُنسَ بعد؛ إذ قامت الوكالات بشطب المحتوى الرقمي خلال السنوات القليلة الماضية، لكنَّ هذا بدأ يتغير؛ إذ أدى ظهور موقع جديد للفيديوهات على شبكة الإنترنت وهو منصة يوتيوب (YouTube) إلى تعزيز هذا الاهتمام الجديد، وأدى استحواذ محرك البحث غوغل (Google) المفاجئ على موقع يوتيوب بقيمة 1.65 مليار دولار إلى فتح مجالات كثيرة.

نتيجة لذلك، أنشأت إنديفور فرقة عمل رقمية، تتألف المجموعة من وكلاء ومساعدين شباب على دراية بالإنترنت، ويقوم فريق العمل بتقييم الفرص الجديدة في المجال الرقمي، وتقديم توصيات تتعلق بكيفية استفادة إنديفور من هذا المجال، لقد بادرت للانضمام؛ إذ اعتقدت أنَّ هذا العمل يمكن أن يكون وسيلة لتحسين منصبي.

بعد حضور اجتماع واحد، استطعت أن أقول إنَّ فريق العمل سيفشل، فقد كان التفكير محدود، وقللت المجموعة من أهمية قدرة الإنترنت على إنشاء نماذج أعمال جديدة، وكان تفكيرهم مقيد ضمن نطاق كيفية استخدام الوسائل الرقمية لدعم أعمال السينما والتلفزيون التقليدية، لكن حينها كنت قد تركت العمل؛ ففي أثناء جلوسي في اجتماع فريق العمل هذا، أدركت أنَّه من الأفضل أن أذهب بطريقي الخاص؛ إذ يمكنني أن أحقق الإنجازات ببطء، أو أعمل بنفسي وأحقق نجاحاً رائعاً؛ إذ شعرت أنَّ شركة بليتشر ريبورت هي وسيلتي لأحقق النجاح.

لقد كنت يافعاً، وكانت لدي رؤية، والأهم من ذلك، لم يكن لدي ما أخسره، فقد علمت في حال فشلت شركة بليتشر ريبورت، يمكنني العثور على وظيفة أخرى في مجال الترفيه بقيمة 25 ألف دولار في السنة، لكن لو لم أجرب إنشاء شركة بليتشر ريبورت، كنت سألوم نفسي لسنوات.

إقرأ أيضاً: الإعلام الرقمي: مفهومه، وأنواعه، وتحول الإعلام إلى الرقمنة

مؤتمر لوس ألتوس (Los Altos):

نظَّم فريق شركة بليتشر ريبورت ما أشير إليه باسم مؤتمر لوس ألتوس؛ فقد أخذنا إجازة لمدة يومين من العمل، ثم اجتمعنا مجدداً في منزل أحد المؤسسين المشاركين.

ركَّز المؤتمر على المحادثات المترامية الأطراف عن أهدافنا وطموحاتنا في الشركة، وبعد عام من التقدم البطيء في بناء الموقع وجمهور صغير، شعرت أنَّني يجب أن أتخذ قراري وأفعل ذلك فعلاً حقيقياً، أو أبقى على المسار الحالي وأخاطر بفقدان مشروعي، وقلت للمؤسسين المشاركين أنَّني على استعداد لترك وظيفتي، والانتقال إلى المنزل، والبدء في التركيز على بليتشر ريبورت تركيزاً كاملاً، وناشدتهم أن يفعلوا الشيء نفسه إذا كانوا يؤمنون بالمشروع.

ودعتُ شركة إنديفور ومدينة لوس أنجلوس (Los Angeles) بعد شهرين، وانتقلتُ إلى العيش مع والديَّ في منطقة الخليج (Bay Area)، واتخذ شركائي المؤسسون القرار نفسه واحداً تلو الآخر، وانتقلنا إلى مكتب صغير بلا نوافذ بالقرب من مدرستنا الثانوية، وأخيراً بعد عام من الجهد المتروي، بدأنا وحدنا، وذهبنا إلى العمل.




مقالات مرتبطة