تأثير التدخين الإلكتروني على رئتيك

يبدو من الواضح تماماً - في الوقت الحالي - أنَّ استخدام السجائر الإلكترونية ضارٌّ برئتيك؛ لكنَّ الأبحاث التي تدرس كيفية تأثير التدخين الإلكتروني في الرئتين ما تزال في مراحلها الأولى وفق ستيفن بروديريك (Stephen Broderick)، جرَّاح سرطان الرئة في جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins).



يقول بروديريك: "لقد رأيت في الأشهر الـ 24 إلى 36 الماضية ارتفاعاً هائلاً في عدد المرضى الذين يدخنون السجائر الإلكترونية"، وبالنسبة إلى التبغ لدينا ستة عقود من الدراسات الدقيقة التي تظُهر أيَّة مادة من الـ 7000 مادة كيميائية التي تُستنشق في أثناء التدخين تؤثِّر في الرئتين، لكن فيما يتعلق بالتدخين الإلكتروني؛ فإنَّنا ببساطة لا نعرف التأثيرات قصيرة أو طويلة الأمد حتى الآن، وأيٌّ من مكونات السجائر الإلكترونية هي المسؤولة عن التأثيرات الضارة".

لكن على الرَّغم من عدم وجود إجابة محددة في هذه المرحلة، إلا أنَّ الخبراء لديهم نظرية عن كيفية إلحاق السجائر الإلكترونية الضرر بالرئتين.

ماذا يحدث عند استخدام السجائر الإلكترونية؟

يتضمن التدخين والتدخين الإلكتروني كلاهما تسخين مادةٍ ما، واستنشاق الأبخرة الناتجة، وعند تدخين السجائر التقليدية، فإنَّك تستنشق دخان التبغ المحترق، أمَّا بالنسبة إلى السجائر الإلكترونية، فيُسخن جهاز يبدو على شكل محرك سائلاً يسمى السائل الإلكتروني، وذلك حتى يتحول إلى بخار تستنشقه.

يقول بروديريك: "إنَّ التدخين الإلكتروني هو نظام توصيل مشابه لجهاز الإرذاذ الذي قد يستخدمه الأشخاص المصابون بالربو أو أمراض الرئة الأخرى؛ إذ يحوِّل جهاز الإرذاذ الدواء السائل إلى بخار يتنفسه المرضى؛ إنَّها طريقة فعالة للغاية لتوصيل الدواء إلى الرئتين".

إقرأ أيضاً: التدخين يسرق صحتك عمرك، ونقودك!

ما هي المواد الكيميائية التي تستنشقها في أثناء التدخين الإلكتروني؟

بدلاً من ملء أنسجة الرئة بالبخار العلاجي، كما يفعل جهاز الإرذاذ تماماً؛ فإنَّ التدخين الإلكتروني يملأ الرئتين بمواد كيميائية قد تكون ضارة، وعادةً ما تشتمل تركيبات السائل الإلكتروني على مزيج من المنكهات والإضافات العطرية والنيكوتين أو رباعي هيدرو كانيبول (THC)، وهي المادة الكيميائية الموجودة في الماريجوانا التي تسبب تأثيراتٍ نفسية؛ إذ تكون هذه المواد مذابةً في مادةٍ زيتية، ويُظنُّ أنَّ بعض العناصر المتبخرة من الزيت توجد عميقاً في الرئتين، وتتسبب في حدوث استجابة التهابية.

المادة الأكثر إثارةً للقلق هي فيتامين (ي) الذي يُستخدم غالباً لتسخين السائل الإلكتروني وتوصيله إلى أعماق الرئتين، وعلى الرَّغم من أنَّه آمنٌ عند تناوله عن طريق الفم بوصفه مكملاً غذائياً أو عند استخدامه موضعياً على الجلد، فمن المحتمل أن يكون مُهيجاً عند استنشاقه، وقد عُثر عليه في رئتي الأشخاص المصابين بأضرار شديدة مرتبطة بالتدخين الإلكتروني.

ثمة موادٌ شائعة أخرى موجودةٌ في السائل الإلكتروني أو تنتج عند تسخينه، وقد تشكل أيضاً خطراً على الرئتين، وتشمل هذه المواد:

  • ثنائي الأسيتيل: تُستخدم هذه المضافات الغذائية لتقوية نكهة السجائر الإلكترونية، ومن المعروف أنَّها تلحق الضرر بالمسالك الهوائية الصغيرة في الرئتين.
  • الفورم ألديهايد: قد تسبب هذه المادة الكيميائية السامة أمراض الرئة، وتساهم في الإصابة بأمراض القلب.
  • الأكرولين: غالباً ما تستخدم هذه المادة الكيميائية لقتل الأعشاب الضارة، وقد تلحق أيضاً الضرر بالرئتين.

كيف يؤثِّر التدخين الإلكتروني في رئتيك؟

مع استمرار استخدام السجائر الإلكترونية، سيكتسب الخبراء فهماً أفضل لكيفية تأثير التدخين الإلكتروني في الرئتين بمرور الوقت، وما نعرفه الآن هو أنَّ معظم أمراض الرئة مرتبطة بالتدخين الإلكتروني، بما فيها:

رئة الفشار:

رئة الفشار هو اسم آخر لالتهاب القصيبات الساد، وهي حالة نادرة تنتج عن تلف المجاري الهوائية الصغيرة في الرئتين؛ إذ اكتُشفت هذه الحالة في الأصل عندما مرض عمال مصنع الفشار، وكانت المادة المسؤولة عن ذلك هي ثنائي الأسيتيل، وهي مادة مضافة للغذاء تُستخدم لمحاكاة نكهة الزبدة في الفشار المُعدِّ في الميكروويف.

كثيراً ما يُضاف ثنائي الأسيتيل إلى السائل الإلكتروني المُنكَّه لتحسين مذاقه؛ إذ يتسبب استنشاق ثنائي الأسيتيل في حدوث التهاب، وقد يؤدِّي إلى تشكُّل ندوب دائمة في الشعب الهوائية الأصغر، ممَّا يجعل التنفس صعباً للغاية، ولا يتوفر علاجٌ دائم لرئة الفشار، ومع ذلك توجد علاجات تُستخدَم للسيطرة على الأعراض التي قد تشمل الأزيز والسعال وألم الصدر وضيق التنفس.

شاهد بالفيديو: كيف تتصرّف إذا اكتشفت أنّ ابنك مدمن على التدخين؟

ذات الرئة الشحمية المرتبط بالتدخين الإلكتروني:

على عكس ذات الرئة الكلاسيكية الناجمة عن العدوى تتطور ذات الرئة الشحمية عندما تدخل الأحماض الدهنية، وهي اللبنات الأساسية للدهون إلى الرئتين، وتحدث ذات الرئة الشحمية المرتبطة بالتدخين الإلكتروني نتيجةً لاستنشاق المواد الزيتية الموجودة في السائل الإلكتروني التي تثير استجابةً التهابية في الرئتين، وتشمل أعراض هذا الالتهاب الرئوي الشحمي ما يأتي:

  • سعال مزمن.
  • ضيق في التنفس.
  • سعال مصحوب بالدم أو خروج مخاط ملطخ بالدم.

لا يوجد علاج حقيقي لذات الرئة الشحمية إلا الرعاية الداعمة، بينما تلتئم الرئتان من تلقاء نفسهما، والشيء الأكثر أهمية الذي يمكنك القيام به هو تحديد السبب وتجنبه؛ أي التدخين الإلكتروني في هذه الحالة.

استرواح الصدر العفوي البدئي (الرئة المنخمصة):

يحدث استرواح الصدر العفوي البدئي، أو ما يُعرف بالرئة المنخمصة، عند وجود ثقب في الرئة يتسرب بوساطته الأوكسجين، وقد يحدث نتيجة لإصابة ما مثل طلق ناري أو جرح سكين أو ربما نتيجة تمزق الفقاعات الهوائية في أعلى الرئتين محدثةً تمزقات صغيرة.

إنَّ أولئك الذين يصابون بهذه الفقاعات عادةً ما يكونون طويلين ونحيفين، وقد مروا بفترة من النمو السريع في المراهقة؛ بسبب النمو المتسارع، وقد تنتفخ نقطة الضعف، وتتطور إلى فقاعة هوائية في الجزء العلوي من الرئتين؛ إذ لا تؤدي هذه الفقاعات بحد ذاتها عادةً إلى ظهور الأعراض، ولا يعرف المريض أنَّه مصابٌ بها إلا إذا تمزقت.

يرتبط التدخين، وحالياً التدخين الإلكتروني بزيادة خطر انفجار هذه الفقاعات، ممَّا يؤدي إلى انخماص الرئة.

يقول بروديريك: "في جونز هوبكنز، نشاهد حالياً عدداً كبيراً من حالات انخماص الرئة لدى الشباب"، "نسألهم دائماً عمَّا إذا كانوا يدخنون، وسيقولون في كثير من الأحيان أنَّهم لا يدخنون؛ وإنَّما يستخدمون السجائر الإلكترونية".

"إنَّنا نطلب من المرضى حالياً تجنب التدخين، والتدخين الإلكتروني إذا كانوا يريدون تجنب انخماص رئوي آخر، وإجراء عملية جراحية في المستقبل".

تشمل علامات انخماص الرئة ما يأتي:

  • ألم حاد في الصدر أو الكتف.
  • ضيق في التنفس.
  • صعوبة في التنفس.

قد يكون العلاج بالأوكسجين، والراحة هو كلُّ ما يلزم لشفاء هذه الحالة؛ لكنَّ الحالات الأكثر تقدماً قد تتطلب وضع أنبوب في الصدر لنزح الأوكسجين المتسرب من تجاويف الجسم، أو حتى إجراء جراحة لإصلاح الثقب المتشكل في الرئة.

هل يسبب التدخين الإلكتروني سرطان الرئة؟

إنَّ السرطان هو بالتأكيد مصدر قلق؛ نظراً لأنَّ التدخين الإلكتروني يتسبب في دخول مجموعة من المواد الكيميائية إلى الرئتين؛ لكنَّ منتجات التدخين الإلكتروني ليست موجودةً لمدة طويلة بما يكفي لمعرفة ما إذا كانت تسبب السرطان أو لا.

يقول بروديريك: "نحن نعلم أنَّ تدخين التبغ يُسبب دخول الجزيئات الصغيرة، والترسب في أعماق الشعب الهوائية، ممَّا يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، وقد يكون الأمر نفسه صحيحاً بالنسبة إلى التدخين الإلكتروني".

إقرأ أيضاً: النجاح في الإقلاع عن التدخين: 6 إرشادات تساعدك على التوقف عن التدخين

استنشاق بخار السجائر الإلكترونية ليس آمناً أيضاً:

إنَّ القول إنَّ انبعاثات السجائر الإلكترونية غير ضارة ليس صحيحاً على الإطلاق، ويظنُّ كثير من الناس أنَّ البخار المنبعث هو مجرد ماء؛ لكنَّ ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة؛ إذ يحتوي هذا البخار الذي ينبعث عندما يزفر المُدخن مجموعة متنوعة من المواد الخطرة، والتي قد تشمل:

  • النيكوتين.
  • جزيئات متناهية الصغر.
  • ثنائي أسيتيل.
  • البنزين، وهي مادة كيميائية توجد في عوادم السيارات.

في الختام:

إذا كنت تدخن أو تستخدم السجائر الإلكترونية، فلا تتجاهل أيَّ ألم في الصدر أو الرئة، وإذا كنت تعاني ألماً أو أعراضاً أخرى مرتبطة بصعوبات التنفس، مثل ضيق التنفس والسعال المزمن، فمن الضروري جداً أن تستشير الطبيب.




مقالات مرتبطة