ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "إنجل شيرنوف" (Angel Chernoff)، وتحدِّثنا فيه عن ستة أشياء محدَّدة تفعلها لممارسة القبول ولتعزيز سعادتها كل يوم.
الأحلام والحياة الواقعية:
في العشرينيات من عمري، في أثناء مرحلة الدراسات العليا في علم النفس، كان حلمي أن أحصل على درجة الدكتوراه وأُدرِّس علم النفس في جامعة مشهورة عالمياً بعيدة عن بلدي الصغير، لكن بعد عامين، رضيت بدرجة الماجستير وكنت أعمل في شركة، ففي حين هذه إنجازات مذهلة في نظر معظم الناس، لكنَّني شعرت شخصياً بخيبة أمل؛ فقد كانت لدي أحلام كبيرة ولم أحقِّقها، فمن وجهة نظري كل ما حققته هو الفشل والقبول بحلول وسطى.
في الثلاثينيات من عمري، بعد اكتشاف مفاهيم مثل المرونة وعيش الحياة بتأنٍّ ورويَّة، بدأتُ أُدرك ما هو هامٌّ حقاً، واكتشفت شيئاً مثيراً للدهشة؛ فأشعر في معظم الأيام بسعادة كبيرة على الرَّغم من فشل أحلامي، وذلك لأنَّني أُمارس ستة أشياء محددة أفعلها لأحظى بالقبول ولأعزِّز سعادتي كل يوم، وهي:
1. الامتنان:
أحاول ممارسة الامتنان يومياً، والحيلة ألا أُعقِّد الأمر، فقد يكون الأمر مجرد فكرة يسيرة تخطر في بالي خلال يوم مليءٍ بالمشاغل، فلا يجب أن تكون ممارسة الامتنان روتيناً كاملاً طويلاً، فأحياناً يكون الامتنان مجرد شعور، وهو الشعور الذي ينتابني عندما أخرج في نزهة على الدراجة وأرى طائراً يحلِّق فوق الحقول، أو عندما أسمع ضحكات طفلتي البالغة من العمر 5 سنوات.
فمن السهل الشعور بالاستياء عندما لا نحقِّق أحلامنا، لكن يمكن أن يقلِّل الامتنان من مشاعر الاستياء هذه من خلال تعزيز تقديرنا لذاتنا، وأن يؤدي إلى الفرح عندما نصرف انتباهنا عن الاستياء والحسد.
2. الاستمتاع بالرحلة:
اعتدتُ الاعتقاد بأنَّي سأكون سعيدة عندما أحصل على درجة الدكتوراه، أو سأكون سعيدة عندما يستقرُّ جدول نوم ابنتي، فقد كانت تعتمد سعادتي غالباً على أحداث الحياة الكبيرة التي اعتقدت أنَّها يجب أن تحدث، ولم أدرك أنَّ السعادة لا تنجم دائماً عن هذه الإنجازات الملموسة، بل غالباً ما نعثر عليها في طريقنا إلى تحقيقها.
لا أتذكَّر الليلة التي بدأت فيها طفلتي بالنوم طوال الليل دون الاستيقاظ، لكنَّني أتذكر الليالي الطويلة التي حملت جسدها الصغير بين ذراعي منتظرة أن تعود إلى النوم، ولم تكن السعادة هي ما شعرت به عند عبوري خط النهاية بعد ساعات من سباق قاسٍ، لكنَّني كوَّنت كثيراً من الذكريات السعيدة في أثناء التدرُّب لذلك الحدث، وفي كلتا الحالتين كانت الرحلة أجمل من الوجهة.
3. السعي إلى تحقيق أشياء بسيطة:
عندما أشاهد طفلتي تلعب في الحديقة أشعر بسعادة أكثر من التي أشعر بها عند إنجاز العمل، فقد أصبحت أشعر بسعادة غامرة من الأشياء الصغيرة، على سبيل المثال، عوَّدتُ نفسي على التركيز على أشياء مثل الطريقة التي يدخل بها ضوء الصباح من النافذة، أو سقوط أوراق الشجر في الفناء الخلفي، فالسعادة التي تمنحني إياها الأشياء البسيطة التي ليس لدي سيطرة عليها، أكبر من تلك التي تمنحني إياها الأشياء التي عملت عليها لسنوات.
من الهام العثور على مصدرٍ للفرح خلال روتين الحياة اليومية، سواء حصلت على درجة الدكتوراه أم لا، وسيكون هناك دائماً ملابس مغسولة يجب طيَّها وأطباق تحتاج إلى الغسل، وإذا لم نتمكَّن من الشعور بالفرح الحقيقي خلال حياتنا اليومية العادية، فمن غير المُرجَّح أن نجده في الأمور غير العادية.
شاهد بالفيديو: 8 طرق لإعادة إحياء السعادة في حياتك
4. الاحتفاء بالإنجازات التي حققتها:
مع اقتراب عيد ميلادي الأربعين العام الماضي، قرَّرتُ أن أفعل شيئاً ملموساً للتصدي لخيبة الأمل التي قد أشعر بها تجاه أحلامي التي لم تتحقَّق، لكنَّني لم أرغب في كتابة قائمة أخرى بكل الأشياء التي أردتُ فعلها على مدار الأربعين عاماً القادمة، فبدلاً من ذلك أردتُ التركيز على كل الأشياء التي قمتُ بها حتى الآن؛ لذا كتبت قائمة بإنجازاتي.
كان التمرين مفيداً جداً، أولاً أدركتُ أنَّ حياتي التي اعتقدت أنَّها متواضعة كانت بعيدة كل البعد عن ذلك، وأنَّني حققت أكثر بكثير ممَّا اعتقدت، لكن ثانياً والأهم من ذلك، تضمَّنت قائمتي أشياء تحبِّبني بنفسي، مثل تسريحة شعري المميَّزة، ومهارتي في البستنة، فقد كانت القائمة مليئة بالأشياء الغريبة التي تشكِّل شخصيتي، أشياء أحب كل منها والدور الذي أديته في حياتي خلال سنواتي الأربعين، وقد فاق حبي لتلك الأشياء رغبتي في الحصول على الدكتوراه.
5. تقبُّل تقلبات الحياة:
كان فهم أنَّ الحياة متقلِّبة أحد أكثر الأشياء التي أراحتني، فالبشر جزء من الطبيعة، وهذا يعني أنَّنا ملزمون بقوانين الفصول تماماً مثل الطبيعة، وحياتنا تتغيَّر مثل فصولها، وربما كان فهم الحاجة إلى الشتاء والراحة درساً صعباً، لكنَّه يستحق التعلُّم.
فقد أختار أن أسمح لنفسي أن أعيش تماماً في الفصل الذي أكون فيه، وأتقبل نفسي؛ إذ توجد حقيقة رائعة عن الحياة الموسمية حيث تتغير الفصول، فقد يكون هذا الأسبوع صعباً، لكنَّ الأسبوع المقبل سيكون أفضل، فالسعادة هي التخلي عمَّا تعتقد أنَّه من المفترض أن تكون عليه حياتك الآن، وتقديرها بصدق كما هي.
6. السعي إلى التواصل عوضاً عن الإنجاز:
عندما بدأت القراءة عن مفهوم المرونة والأساسيات قبل بضع سنوات، أدركتُ بسرعة أنَّ الأمر لا يتعلق بالممتلكات؛ إذ يمكنني التخلِّي عن كل شيء، لكن إذا لم أركِّز على ما هو ضروري وأساسي في نفس الوقت لن أستفيد شيئاً.
تتعلَّق "الحياة المتأنية" بأساسيات الحياة، والتخلص من الأشياء الإضافية للتركيز على الأشياء الهامة حقاً، مثل التواصل مع الآخرين إذا لم أفعل شيئاً آخر في حياتي، لكنَّني تواصلت بعمق مع الآخرين، فلا أعتقد أنَّني سأندم على شيء؛ بل أعتقد أنَّني سأكون سعيدة جداً بحياتي العادية طالما أنا مُحِبَّة للآخرين.
في الختام:
لن تتحقق أحلامنا دائماً، وغالباً ما ننحرف عن المسار الذي نسلكه، وفي بعض الأحيان يكون فشل الحلم هو ما نحتاج إليه لندرك المعنى الحقيقي للحياة، ليس علينا أن نعيش حياة غير عادية وأن نركِّز على الوجهة لنكون سعداء، بل علينا الاستمتاع بالرحلة التي تقودنا إلى الوجهة.
أضف تعليقاً