المقارنة مع الآخرين: هل هي مضرة حقاً؟

ما هو الأمر المؤكد لتدمير تقديرك لذاتك كلياً، وبأقل جهد ممكن؟ لا بد أنَّه مقارنة نفسك بالآخرين وإنجازاتهم ومظاهرهم والأشياء التي يمتلكونها، وتجاهل العوامل التي سهَّلت نجاحهم، وحقيقة أنَّك تعيش حتى هذه اللحظة حياة سعيدة للغاية؛ فأنت بذلك تدمر الرضا الذي تنعم به بإخبار نفسك أنَّك بحاجة إلى أن تكون مثلهم.



على من تُلقى اللائمة؟

لطالما كانت أدمغتنا مصممة خلال مراحل تطورنا للمقارنة والتباين، وهذا جزء من شخصيتنا والتفضيلات التي ننجذب إليها؛ فمن الطبيعي أن تقع أعيننا على ما ليس لنا، وأنَّ نفكر في احتمالات امتلاك شيء مختلف، وكيف يمكن لهذا الشيء المختلف أن يحسن حياتنا؛ ونتساءل دائما عن المكان الذي سنكون فيه الآن لو أنَّنا اتخذنا خياراً بديلاً في وقت ما خلال مسيرة حياتنا.

لا يشعر كثير من الأفراد الذين يحسدون ويكافحون في سبيل تقليد الآخرين بالأمان في حياتهم؛ ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئاً، إذ لا ينبغي أن تكون مهووساً بالحاجة إلى التحسين عندما تكون واثقاً من نفسك.

ربما لا يدرك هؤلاء هدفهم في الحياة؛ لذا ينظرون إلى الناجحين ويقولون: "يجب أن نكون مثلهم"، وقد يُعزَى هذا النوع من التفكير إلى طريقة تربيتهم، فلربَّما نشؤوا في أُسر تركز على النجاح في كل شيء؛ بحيث كانوا يتعرضون إلى الضغوطات من عائلاتهم لكي يكونوا على مستوى عالٍ (وغير واقعي) من النجاح كما كان أسلافهم؛ فينشأ هؤلاء في هذه الحالة مدفوعين بالخوف من الفشل ومقارنتهم الدائمة بأقرانهم، سواء كان ذلك في المدرسة أم الجامعة أم الحي أم أي مكان آخر ينطوي على المنافسة.

كما جعلت ثقافة الإشباع الفوري من المستحيل على الشخص العادي إدراك أنَّ معظم الأشخاص الناجحين في مجتمع اليوم لا يزال يتعين عليهم بذلَ الكثير من التضحيات من أجل الوصول إلى مكانتهم؛ ولكنَّ معظم الناس لا يحالفهم الحظ.

إقرأ أيضاً: 10 حقائق تؤكد أضرار مقارنة نفسك مع الآخرين

التركيز على ما حققه الآخرون لن يجلب لك ثروتهم نفسها:

إنَّه لمن السهل أن تركز على نجاح شخص آخر وتلوم نفسك لأنَّك لست مثله، ولكن لكلٍّ منَّا طريقه الخاص، وقد اتخذ جميعنا العديد من الخيارات التي أوصلته إلى المكان الذي هو فيه الآن، فقد حان الوقت للتوقف عن مقارنة أنفسنا بالآخرين والتركيز على التقدم الشخصي فقط؛ وكيف يمكنك تحسينه لإظهار نجاحك الخاص.

أنت المسؤول عن خسارة نفسك والفوز بها:

1. أدرِك أنَّ كل شخص يسير في طريقه الخاص، وأنَّك اتخذت العديد من الخيارات التي أوصلتك إلى حيث أنت الآن:

لنفترض أنَّك ذهبت في رحلة لمدة عام إلى أوروبا؛ هل تندم على قضاء عطلتك وأنت تجوب أرجاء أوروبا وحقيبتك على ظهرك؟ هذا غير ممكن، فلربما أعاقك هذا على الصعيد المهني، لكنَّك اكتسبت خبرات ومهارات لم يكن بإمكانك الحصول عليها في أي مكان آخر، وقد اخترت أن تعيش حياتك بدلاً من ملء حسابك المصرفي وأنت يحذوك الأمل بأن تعيش حياتك لاحقاً.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن لتنمية المهارات أن تخلق فرص عمل احترافية أفضل؟

2. لا تركز على نقاط ضعفك:

أنت لا تُجيدُ كل شيء، ولن تكون كذلك أبداً، وتأكد أنَّ الجميع كذلك أيضاً؛ لذا دعك من هذا، فقد لا يؤدي الأمر الذي أدى إلى نجاح أحدهم إلى نجاحك بالضرورة؛ فعلى سبيل المثال: ربما لا تفضل إجراء مكالمات المبيعات والتحايل لتسويق منتج ما، ولن تكون التجارة بذلك خياراً جيداً لك؛ وفي المقابل، قد تمتلك مهارات تكنولوجية، فلطالما عملت على إصلاح أجهزة الكمبيوتر، فلمَ لا تبحث عن عمل مستقل في مجال تكنولوجيا المعلومات حيث يمكنك أن تجد ضالتك في هذه المهنة التي توائم مهاراتك وتستهويك. يمكنك دائماً إيجاد طريقة لتسويق المهارات التي تمتلكها بالفعل.

3. تقبَّل نفسك على حقيقتها:

يحاول الكثير من الناس إبراز أنفسهم على أنَّهم أشخاص آخرون، ذلك لأنَّهم يعتقدون أنَّ ذلك سيحقق لهم النجاح؛ فإذا كنت بارعاً في أن تكون مزيفاً، فهذا جيد بالنسبة إليك، ولكن يستطيع معظم الناس أن يلحظوا افتقارك إلى الأصالة، ولن يحترموا هذه الصفة فيك؛ وإذا كنت تحاول تصوير نفسك كخبير في موضوع لا تهتم به حقاً ولكنَّه موضوع رائج وتعتقد أنَّه يجذب الناس إليك، فلن تنجح بذلك؛ لذا، كن على طبيعتك، واحتضن ما تحب، وستجذب بذلك أشخاصاً لديهم الاهتمامات نفسها، ويحترمونك لكونك حقيقياً.

إقرأ أيضاً: نقاط القوة والضعف في الشخصية

4. دع الآخرين يلهموك دون أن يحبطوك:

سيكون هناك دائماً رواد في مجال تخصصهم، فهم يمثلون النجاح الذي نطمح إليه، ولا بأس في تقليدهم واستخدام أسلوبهم في التأثير على أسلوبك؛ لكن لا تنسَ تضمين نفسك في هذا المزيج لأنَّ إضفاء شخصيتك وأسلوبك هو ما يجعل منتجك أو خدمتك فريدة من نوعها.

5. اعلم ألَّا أحد يحكم عليك:

تجاهل أي شخص قد يحكم عليك سواء كان صديقاً قديماً أم أحد أفراد العائلة، وإذا كانوا يثقلون كاهلك بالسلبية ويُشعِرونك أنَّك لست جيداً بما فيه الكفاية؛ فلا تصغِ إليهم؛ إذ لا ينتظر معظم الناس فشلك، بل سيلاحظون ما تفعله فقط، دون أن يستهلكوا عواطفهم وتفكيرهم بالتعاطف مع نجاحك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة