المعادن: تعريفها وأنواعها وخصائصها الفيزيائية والكيميائية

المعادن هي إحدى أهم اكتشافات الإنسان منذ قِدم التاريخ، وهي العنصر الأساسي الذي جعل الحضارات تقوم وتتطور، وسمحت للإنسان أن يصل إلى ما هو عليه الآن من تقدمٍ وازدهارٍ؛ إذ اعتمد عليها البشر وسخروها لخدمة حاجاتهم وبناء بيوتهم وصنع كل شيءٍ يدور حولهم الآن، وفي مقالنا هذا سنتعرف إلى المعادن وتعريفها، وأنواعها، وخصائصها الفيزيائية والكيميائية.



ما هي المعادن؟

المعادن هي موادٌ صلبةٌ في الحالة الطبيعية متبلورةٌ ومتجانسة التركيب، ولا دور للكائنات الحية أو بقاياها في تكوينها وتركيبها، وتوجد في كافة أجزاء القشرة الأرضية وفي مياه المحيطات والأنهار، ويوجد ما يزيد عن 2000 نوعاً من المعادن في الطبيعة، وتُعَدُّ العنصر الأساسي في تكوين الصخور، والمصدر الرئيس للمواد الأولية والفلزات التي تُستخدم في صناعاتنا وحياتنا اليومية.

يعود اكتشاف المعادن واستخدامها من قبل الإنسان إلى أكثر من 3500 عاماً قبل الميلاد، وأولى المعادن التي استخدمها كانت الذهب والفضة والنحاس، وذلك في نهايات العصر الحجري؛ إذ توجد في الطبيعة بشكلها الخام والنقي، وسهلة الطَّرْق والتشكيل لتناسب احتياجاتهم الخاصة، كتصنيع السكاكين والأطباق ومختلف الأواني.

مع مرور الزمن، تعلَّم الإنسان كيفية صهر المعادن ووضعها بقوالب ذات أشكالٍ معينةٍ لتصنيع كافة الأدوات التي يحتاجها، وإنتاج الكمية التي يرغب بها بسهولةٍ وسلاسةٍ، وعندها استعاض عن الأدوات الأخرى كالخشب والعام والصخور.

ومع تقدُّم الوقت بدأ استغلال المعادن يأخذ أشكالاً أخرى، فقد أصبح من يمتلك المعدن ويسخِّره في صناعة أدواته صاحب قوةٍ وسلطةٍ، وفي نفس الوقت بدأ بإبراز ثروته وقوَّته عن طريق تصنيع الأواني والقطع الزخرفية بالمعادن الثمينة.

في عام 3000 قبل الميلاد، بدأ الإنسان بصناعة السبائك البرونزية التي كانت عبارةً عن قطعٍ من معدن النحاس والقصدير، وكانت هذه بدايةً للعصر البرونزي الذي سُمي على اسم تلك السبائك، وتميَّزَ البرونز بالصلابة والمقاومة والوفرة.

استمر التقدم في دراسة المعادن واكتشافها واكتشاف خصائصها واستخداماتها حتى أصبحت علماً شاملاً بحدِّ ذاتها، بالإضافة إلى كونها حرفةً، وقد بدأت تطبيقات استخداماتها تدخل في كافة الصناعات والهندسات والبناء، واستمرت بالتطور حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة الإنسان، فكل شيءٍ حوله تقريباً قائمٌ عليها.

أنواع المعادن:

تُصنَّف المعادن اعتماداً على خصائصها الكيميائية والفيزيائية، وترتبط ببعضها بعضاً بأشكالٍ ونسبٍ وطرائق مختلفةٍ لتكوِّن آلاف الأنواع من المعادن، وتُرتب في مجموعاتٍ وهي:

1. معادنٌ تحتوي على الأوكسجين: وهذه المجموعة مؤلفةٌ من السيليكات، والكربونات، والأكاسيد.

  • السيليكات: هي المعادن التي تحتوي على أكثر عنصرين شيوعاً في العالم؛ وهما الأوكسجين والسيليكون، بالإضافة إلى عنصرٍ آخر أو أكثر، وترتبط هذه العناصر ببعضها على شكل هرمٍ رباعي الأوجه يسمى بهرم السيليكا؛ كمعدن الكوارتز والفلسبار.
  • الكربونات: وهي معادنٌ تتكوَّن من أيونات فلزٍ واحدٍ أو أكثر موجبة الشحنة ومتحدةٌ مع أيون الكربونات CO3-2؛ كالكالسيت والدولوميت، وتتوفر هذه المعادن في الصخور الرخامية والجيرية، وتتميز بألوانها المتعددة والمختلفة.
  • الأكاسيد: وهي مركباتٌ تتألف من اتحاد فلزٍ مع الأوكسجين، كالهيماتيت والماجنيتيت، وتُعَدُّ مصدراً جيداً للحديد، وكذلك اليورانيتيت؛ وهو معدنٌ يُعَدُّ المصدر الأساسي لعنصر اليورانيوم المشع الذي يُستخدم في المفاعلات النووية وإنتاج الطاقة النووية.

2. مجموعاتٌ أخرى وهي: الكبريتات، والكبريتيدات، والهاليدات، والعناصر الحرة.

  • الكبريتات: وهي مركباتٌ تتشكل من اتحاد عنصرٍ معينٍ مع أيون الكبريتات SO4-2؛ كالأنهيدريت.
  • الكبريتيدات: مركباتٌ تتشكل من اتحاد عنصرٍ معينٍ أو أكثر من عنصرٍ مع عنصر الكبريت، مثل البيريت.
  • الهاليدات: تتكوَّن من اتحاد أحد العناصر الآتية: صوديوم أو كالسيوم أو بوتاسيوم مع أيونات الكلوريد أو الفلوريد؛ مثل الهاليت أو كلوريد الصوديوم.
  • العناصر الحرة: وتوجد في الطبيعة بشكلها النقي والخام دون اتحادها مع أي عنصرٍ أو أيونٍ آخرٍ كالفضة والنحاس.

الخصائص الفيزيائية للمعادن:

للمعادن خصائصٌ فيزيائيةٌ متعددةٌ تتماشى مع تركيبها الكيميائي وبنية بلوراتها، ومن خلالها يمكن التفريق والتمييز بين المعادن المختلفة، وهذه الخصائص هي:

1. الخصائص البصرية للمعادن:

الخصائص البصرية هي الخصائص التي تعتمد على الضوء والعين المجردة، وهي:

  1. اللون: وهو لون المعدن الذي يُرى بالعين المجردة، لكن لا يُعتمد في الدراسات؛ وذلك نتيجة وجود الشوائب داخله، فمن الممكن أن تُغيِّر من لونه الحقيقي.
  2. البريق: وهو قدرة المعدن على عكس وكسر الأشعة الضوئية، ويُقسَم حسب قدرته على عكس الضوء إلى نوعين، بريقٌ لافلزيٌ كالكبريت، وبريقٌ فلزيٌ كالذهب.
  3. المخدش: وهو لون برادة المعدن أو مسحوقه، وهو لونٌ لا يتغير كما يتغير لون المعدن، ويُستخلص بواسطة حك المعدن على لوحٍ أبيضٍ خزفيٍ يسمى لوح المخدش.
  4. الشفافية: هي قدرة المعدن على تمرير الضوء، والعبور من خلاله وتسمى المعادن ذات هذه الخاصية بالمعادن الشفافة.

2. الخصائص التماسكية للمعادن:

هي الخصائص التي تعتمد على درجة تماسك المعادن ومرونتها وقوَّتها وتشمل ما يأتي:

  1. الصلادة: وهي قدرة المعادن على المقاومة لحالات الخدش أو التآكل، وتُحدَّد بسهولةٍ عن طريق حك سطح المعدن بشيءٍ كليلٍ، ومنها نفرق صلادة معدنٍ عن آخرٍ.
  2. الانفصام: ويعني انقسام أو تشقُّق المعدن بسهولةٍ ودون مقاومةٍ، ويحدث عند كسر الروابط الكيميائية الضعيفة في أجزاء منه.
  3. الانفصال: ويعني قابلية انكسار المعدن نتيجة تعرضه لعوامل كالضغط أو الضرب أو إجهاد الروابط الكيميائية.
  4. الطَّرْق والسحب: وهي مقاومة المعادن للطرق أو السحق أو الطي أو الانثناء.
  5. المكسر: هو سطحٌ من المعدن يتشكل نتيجة تعرض المعدن للكسر في مستوىً غير مستوى الانفصام، وله خمسة تصنيفات وهي:
  • المكسر المحاري: وهو سطح المعدن المكسور الذي يشبه صدفة المحارة، ويكون على شكل خطوطٍ وأقواسٍ نصف دائريةٍ، مثل مكسر معدن الكوارتز.
  • المكسر غير المنتظم (الخشن): وهو سطح المعدن المكسور الذي يكون غير منتظمٍ ومتشرذمٍ، مثل مكسر معدن البيريت.
  • المكسر المستوي: وهو سطح المعدن المكسور الذي يكون أملساً تماماً.
  • المكسر الترابي: وهو سطح المعدن المكسور الذي يكون غير منتظمٍ وترابي الملمس، مثل مكسر معدن البوسيت.
  • المكسر المسنن: وهو سطح المعدن المكسور الذي يكون حاداً ومدبباً ويحوي أسناناً متشظيةً، مثل مكسر معدن النحاس

3. الخصائص الكهرومغناطيسية للمعادن:

الخصائص الكهرومغناطيسية للمعادن، من اسمها تُعرَف بأنَّها قابلية المعادن على نقل الكهرباء، والمغنطة بفعل ذاتها أو بوجود عوامل محفزةٍ لها، ومن هذه الخصائص ما يأتي:

  1. الخاصية الكهربائية الحرارية: تتوضع هذه الخاصية على أطراف بلورات المعادن، وعند تسخين المعدن وتعريضه لحرارةٍ عاليةٍ تظهر شحناتٌ كهربائيةٌ على أطراف بلوراته، وتظهر هذه الخاصية لدى المعادن ذات البلورات غير متماثلة الشكل؛ كمعدن التورمالين؛ إذ إنَّ بلورة التورمالين غير متماثلةٍ وتملك طرفين أحدهما حاد الزاوية والآخر منفرج الزاوية.
  2. الخاصية الكهربائية الضغطية: تتوضع هذه الخاصية على أطراف محاور بلورات المعادن أيضاً، وتكوِّن شحناتٍ كهربائيةً لدى تعرضها للضغط، مثل معدن الكوارتز الذي يُستخدم في أجهزة الراديو واللاسلكي.
  3. المغناطيسية: توجد العديد من المعادن التي تنجذب إلى المغناطيس الكهربائي، بينما تتنافر معادنٌ أخرى، وتدعى المعادن المنجذبة بالبارا مغناطيسية، والمتنافرة بالديا مغناطيسية.

ويوجد العديد من الخواص الفيزيائية الأخرى للمعادن كالوزن النوعي الذي هو كثافة المعدن بالنسبة إلى كثافة الماء، والمذاق، والرائحة، والملمس، والنشاط الإشعاعي، والخواص الحرارية المتمثلة بحرارة التكون والتبلور، وقابلية الانصهار والذوبان والتمدد الحراري وغيرها.

إقرأ أيضاً: 10 علماء عرب معاصرين قدّموا إنجازات عظيمة

الخصائص الكيميائية للمعادن:

تملك المعادن العديد من الخواص الكيميائية، وتختلف بين كل معدنٍ وآخرٍ، ومن هذه الخواص ما يأتي:

  1. الروابط الأيونية: ترتبط المعادن الفلزية مع بعضها ومع المعادن اللافلزية بواسطة روابط أيونيةٍ، وتُعَدُّ هذه الروابط من أقوى الروابط الكيميائية؛ لذا من الصعب محاولة فصل ذرات المعادن عن بعضها.
  2. التفاعل مع الماء: تملك بعض المعادن ذات الحساسية العالية القدرة على التفاعل مع الماء، وقد يفضي هذا التفاعل إلى إنتاج الحرارة؛ مثلاً: يتفاعل معدن الصوديوم مع الماء بوجود وسيطٍ وهو الأوكسجين، وتنتج عنه حرارةٌ كبيرةٌ؛ لذا عند حفظ الصوديوم يوضع في الكيروسين؛ وذلك لتجنب تعرضه للهواء أو الرطوبة.
  3. التفاعل مع الأوكسجين: تتفاعل المعادن مع الأوكسجين، وينتج عنها مركبات أكاسيد المعادن بوجود وسيطٍ وهو الحرارة؛ مثلاً: يتفاعل المغنيزيوم مع الأوكسجين بفعل الاحتراق مكوناً مركب أوكسيد المغنيزيوم.
  4. التفاعل مع الأحماض: تتفاعل المعادن مع الأحماض، وينتج عنها مركباتٌ وعناصر أخرى مع غاز الهيدروجين؛ مثلاً: يتفاعل معدن الزنك مع حمض الهيدروكلوريك فينتج عن هذا التفاعل مركب كلوريد الزنك، بالإضافة إلى غاز الهيدروجين.
  5. التفاعل مع القواعد: تتفاعل بعض المعادن مع القواعد القلوية منتجةً أملاحاً معدنيةً، بالإضافة إلى غاز الهيدروجين؛ مثلاً: يتفاعل معدن الزنك مع هيدروكسيد الصوديوم، وينتج عنه ملح زنك الصوديوم وغاز الهيدروجين.
  6. التفاعل مع المحاليل الملحية: تتفاعل المعادن مع المحاليل الملحية عند إشراك معدنين أحدهما قليل الحساسية والآخر شديد الحساسية بوضعهما معاً في محلولٍ ملحيٍ؛ وهذا يؤدي إلى إزاحة المعدن الأشد حساسيةً وتفاعلاً للمعدن الأقل حساسيةً وتفاعلاً؛ مثلاً: يتفاعل معدن الزنك مع محلول كبريتات النحاس فينتج عن هذا التفاعل محلول كبريتات الزنك، بالإضافة إلى النحاس.
  7. الكهروسلبية: تفقد ذرات المعادن الفلزية إلكتروناتٍ عند التفاعلات الكيميائية ولا تقبل ضم إلكتروناتٍ أخرى لها، بينما تكتسب ذرات المعادن اللافلزية إلكتروناتٍ وتشاركها مع غيرها من الذرات.
إقرأ أيضاً: علم الفيزياء: تعريفه، وتخصصاته، ومجالاته، وأشهر علمائه

في الختام:

لقد تحدثنا في هذا المقال عن المعادن وأنوعها، وذكرنا أغلب خصائصها الفيزيائية والكيميائية، على أمل تحقيقه للفائدة المرجوة منه.

المصادر: 1،2،3،4،5،6،7




مقالات مرتبطة