القيادة اليقِظة: طريقة بسيطة لقيادة أفضل

عاشت "جانيس مارتورانو" (Janice Marturano)، خلال عملها كنائبة الرئيس ونائب المستشار العام في شركة الصناعات الغذائية "جنرال ميلز" (General Mills)، حياةً من الضَّغط والنشاط المفرط ؛ حيث بحثَت في أثناء مرورها بوقت عصيب عن وسائل لاستعادة توازنها، حينها اكتشفَت تأمل اليَقَظَة الذهنية، ولِدهشتها سرعان ما تداخلَ دورها القيادي مع اليقظة الذهنية.



خلال أسابيع من بدئها التأمل بشكلٍ منتظم كلَّ صباح، زاد وعي مارتورانو (Marturano) لتصرفاتها وردَّات فعلها في العمل؛ فراحت تستغل تلك اليقظة للتركيز خلال النقاشات وفي أثناء اتِّخاذ القرارات ونتيجةً لذلك ارتفعَت إنتاجيتها خلال اليوم وأصبح بمقدورها إنجاز كافَّة أولوياتها، وكان للقيادة اليَقِظة أثرٌ إيجابي في جودة عملها.

أهمية القيادة اليقظة:

المشاركة في القيادة اليقظة ضرورية اليوم أكثر من أيِّ وقت مضى، وليس ذلك لأنَّها مجرد توجُّه عصري يمارسه الجميع؛ بل لأنَّها ستساعد على زيادة فاعليَّتك.

نحن نظنُّ غالباً بأنَّنا سننجز عدداً أكبر من المهام حين نعمل بشكلٍ آلي، مشتَّتي الانتباه متَّبعي الروتين المعتاد. وهذا الأسلوب ليس سيِّئاً بالضرورة، لكنَّ الاعتماد الدائم عليه دون تفكير مُضِر، وقد تتساءل عن السبب، ذلك لأنَّه حين نكون مُشتَّتي الذهن نفوِّت الفرص ونقع في الأخطاء، ومن الخطير أن نسترخي تماماً ونتوقف عن الانتباه لِمَا يحصل في اللَّحظة الراهنة، ونشرد بدلاً من ذلك بما قد حصل في الماضي أو سيحصل في المستقبل، والتركيز على الحاضر ضروري لمنع القلق واجترار الأفكار وتحسين قدرتنا على التأقلم، وينطبق ذلك خصوصاً على العالم المتسارع والمعقَّد الذي نعيش فيه اليوم.

قد يبدو التمهل معرقلاً لوصولك إلى الهدف، لكنَّه في الحقيقة يساعدك على رؤية ما يحصل حولك بشكل أوضح والتعامل معه بدلاً من اعتمادك على آراء مُسبقة قد تكون صحيحةً أو خاطئة. تساعدك القيادة اليقظة على امتلاك هدف في حياتك سواء، في العمل أم في المنزل، وتعزيز قدرتك على التواصل مع نفسك والآخرين، إضافة إلى الارتقاء بقدرتك على القيادة بصورةٍ فاعلة.

شاهد بالفيديو: 12 عادة لتعزيز القوة الذهنية

تولِّي زمام يومك من خلال اليقظة الذهنية:

لم يكن التأمُّل جزءاً من حياة مارتورانو (Marturano) المهنية عندما بدأت بل منفصلاً عنها، حيث تقول: "كنتُ أعمل، وكنت أتأمَّل"

لكن سرعان ما أدركتُ أنَّها تستطيع دمج القيادة اليقظة في يومها، وأنَّها بذلك ستؤثِّر إيجاباً في أسلوب عملها مع فريقها، فتقول: "بدأتُ أرى بشكلٍ أوضح الطريقة التي أقضي بها يومي، حيث كنتُ أركز على الأمور الثانوية وليس على المهام الأهم، واستطعتُ التخلِّي عن كل ما هو غير ضروري، مما سمح لفريقي بالتحلِّي بمسؤولية أعلى، وكوَّنت مقدرة جديدة على استثمار الأمور الغامضة".

"قبل ذلك، كانت تمرُّ أيام عديدة أنظر في نهايتها إلى ساعتي أنَّ المساء قد حلَّ دون أن ألحظ ذلك؛ فقد كنت أظلُّ مشغولة طوال اليوم، لكن لا أذكر في نهايته ما الذي أنجزتُه".

في أحد الأيام بعد بدئها ممارسة التأمُّل ألقت مارتورانو (Marturano) نظرةً على الساعة وأدركَت أنَّها لم تعاني من تلك المشكلة منذ فترة طويلة، حيث "أثارت العلاقة بين تدريب الذهن والنجاح في القيادة فضولي، وفكَّرت أنَّ معرفة المزيد من الأشخاص عنها سيساعدهم، ويفيد الشركة وربما المجتمع بأكمله".

الخطوة الأولى كانت مشاركة مارتورانو (Marturano) تجربتها مع أحد زملائها، وفي النهاية ساعدت في بناء برنامج تدريب القيادة اليقظة في شركتها، حيث أصبحت القيادة اليقظة نمطاً للحياة بالنسبة إليهم.

إقرأ أيضاً: التفكر الذاتي: 5 طرق للتأمل والعيش بسعادة

4 مهارات جوهرية للقيادة اليقظة:

تتطلب القيادة اليقظة، تبعاً لمارتورانو (Marturano)، المهارات الأربع التالية:

  • التركيز: الذي يمنع تشتت انتباهنا في أثناء حلِّنا للمشكلات، وخلال تدريبات اليقظة الذهنية، يتعلَّم المشاركون التركيز على أمرٍ معيَّن مثل: تنفُّسِهم وملاحظة متى يتشتت انتباههم والعمل على إعادة توجيهه.
  • الوضوح: وهو يساعدنا على رؤية الوقائع بدلاً مما نتمنى أن يحصل، وفي أثناء التدريب على القيادة اليقظة يعمل المشاركون على التعرف إلى تحيُّزاتهم ومنظورهم وعاداتهم.
  • الإبداع: الذي يتطلَّب مساحة خاصة لتنميته، وحين نكون منهمكين بالمهام المتراكمة التي علينا إنجازها، يتقلَّص حجم المساحة التي يمكِن أن يشغلها الإبداع، ولكن تَخلق اليقظة الذهنية المساحة اللازمة للوصول إلى الإبداع والابتكار.
  • التعاطف: فهو يساعدنا على اتخاذ القرارات آخذين بالحسبان أنَّنا جميعاً نخوض المصاعب، ذلك يعني تفهُّم الآخرين ويشمل المواضيع المعقَّدة والقاسية التي تسبب المعاناة في حياتنا ولمجتمعنا المحيط. وحين تبدأ التغيُّر سيلاحظ من حولك أنَّ هنالك شيئاً مختلفاً في ردات فعلك وقدرتك على تخطي الأمور وشجاعتك في التحدث عن الأمور الهامَّة حقاً.

تقول مارتورانو (Marturano): "حين تكون حاضراً لتقدِّم أفضل ما باستطاعتك، وتكون قوياً ومقداماً، وتعمل على ما يجب إنجازه في تلك اللحظة، سيكون أثر كلُّ ذاك أعظم بكثير مما قد تتخيل، وسيلاحظه الناس".

المصدر




مقالات مرتبطة