العلاج المعرفي السلوكي للاضطرابات الجنسية

"جون" مواطن بريطاني من أصل أفريقي، يبلغ من العمر خمسين عاماً، يعمل أستاذاً للرياضيات في أحد المعاهد الحكومية، وهو متزوج من "سارة" ولديهما خمسة أولاد. يتمتع "جون" بصحة جسمانية جيدة، ولا يأخذ أي دواء في الفترة الحالية.



بدأت مشكلة الانتصاب لديه عندما تسلَّم منصب مدير المعهد منذ خمس سنوات؛ إذ أصبح "جون" يعاني من مشكلة ضعف الانتصاب، أو بوضوح أكثر، لديه مشكلة في الوصول إلى مرحلة الإثارة الكاملة، كما شعر "جون" بأنَّه يفقد الانتصاب خلال اللقاء الجنسي؛ الأمر الذي أثَّر تأثيراً سلبياً كبيراً في نفسيته، وأصبح يشعر بالخجل، وهو يلتقي بزوجته جنسياً مرتين في الأسبوع.

قبل بداية هذا الاضطراب وصف "جون" علاقته الجنسية بزوجته بأنَّها علاقة جميلة، تجلب لهما السعادة والرضى، ومع استمرار مشكلة الانتصاب لديه، اقتصر اللقاء الجنسي على مرة في الأسبوع، ثم مرة في الشهر؛ ذلك لأنَّه يخاف من المحاولة. في بداية المشكلة اعتقد "جون" أنَّ السبب هو المسؤوليات التي تسلَّمها في منصبه الجديد، والضغط والتوتر الذي تسببه تلك المسؤوليات.

كانت زوجته "سارة" متقبِّلة للموضوع في البداية، لكن سرعان ما خيَّم التوتر، وبدأت بينهما الشجارات بشأن الأولاد ومصروف البيت وغيرها، وكان سبب ذلك نقص المودة بينهما؛ لذا علم "جون" أنَّ عليه وضع حدٍّ للمشكلة لا أن يهرب منها؛ فجرَّب "الفياجرا"، ولكنَّه لم يحب الآثار الجانبية لهذا الدواء؛ لذا توقف عن تناوله، ثم زار اختصاصياً نفسياً، وكانت هذه أهم خطوة يقوم بها، ربما في حياته كلها.

ما هو الاضطراب الجنسي الوظيفي؟

يُعرَّف الاضطراب الوظيفي الجنسي على أنَّه خلل في الرغبة الجنسية، وفي مراحل الدورة الفيزيونفسية للعملية الجنسية، عند الرجل والمرأة، ويمكن أن يصيب أي مرحلة من مراحل الاستجابة الجنسية، وقد يؤثر في الرغبة الجنسية أو الاستثارة أو النشوة الجنسية، أو قد يصيب خليطاً مما سبق.

أنواع الاضطرابات الجنسية:

تُقسَم الاضطرابات الجنسية إلى قسمين؛ أولية وثانوية:

  1. تتصف الاضطرابات الجنسية الأولية بظهورها عند أول لقاء جنسي؛ وتعني أنَّ المريض يحتاج إلى علاج طوال حياته.
  2. أما الاضطرابات الجنسية الثانوية؛ فتعني أنَّ الخلل حدث بعد فترة من النشاط الجنسي الطبيعي والسليم، ويكون سببه تناول الكحول والمشروبات الروحية، أو قد يكون نتيجة لأمراض مزمنة، مثل السكري، وقد يكون مرافقاً للاضطرابات النفسية، مثل القلق أو الاكتئاب، كما حدث مع صديقنا "جون" الذي كان يتمتع بحياة جنسية طبيعية قبل استلامه للمنصب الجديد وتأثُّره بتوترات العمل.

مدى انتشار الاضطرابات الجنسية عند الرجال والنساء:

  • في الحقيقة، لم يكن "جون" وحده مَن يعاني من هذه المشكلات؛ إذ إنَّ ضعف الانتصاب شائع الحدوث كثيراً عند الرجال، وخاصةً الكبار منهم؛ فهو موجود بنسبة 40% من الإناث، و30% من الذكور.
  • تتمتع النساء بفيزيولوجيا خاصة تختلف عن مثيلتها عند الرجال؛ إذ تخف الاضطرابات الجنسية لديهن مع التقدم بالعمر، بالإضافة إلى المشكلات التي تتعلق بالإفرازات، وعلى العكس تماماً، فإنَّ الرجال يعانون أكثر من ضعف الانتصاب وغيرها من الاضطرابات الجنسية كلَّما تقدَّم بهم العمر.
  • إنَّ الرجال والنساء الذين ينتمون إلى طبقة اجتماعية متدنية ثقافياً وتعليمياً، لديهم مستويات عالية من القلق الجنسي، ومن ثَمَّ تكثر لديهم الاضطرابات الجنسية؛ ذلك لجهلهم بها.
  • وجد العلماء أنَّ الاضطرابات الجنسية أكثر حدوثاً عند غير المتزوجين؛ وهذا يعني أنَّ الزواج عامل وقائي في وجه الاضطرابات الجنسية.

الاضطرابات الجنسية من وجهة نظر العلاج المعرفي السلوكي:

ينتاب "جون" الخوف، وربما الهلع الشديد من فكرة فشله في القيام بالعملية الجنسية الطبيعية، ومع أنَّه يرى نفسه إنساناً طبيعياً، لكنَّه يخاف من المشكلات والأعراض التي قد تؤثر في تعبيره عن فحولته؛ إذ إنَّه كان مستريحاً ومسترخياً في دوره الناجح فيما قبل؛ فقد كان الرجل الصلب والقوي والواثق الذي يحمي أسرته ويدعمها.

ومن أهم أدوار الرجل قدرته على تلبية رغبات زوجته وإشباعها، وقدرته على الانخراط في العلاقة الزوجية في أي وقت يريده هو، وفي حال لم يتم الأمر على ما يرام، فإنَّه سيبدأ بالشعور بالقلق والتوتر، ثم الإحباط، والغضب في حال عدم حدوث الانتصاب الكافي؛ لذا يحاول أن يحفز نفسه بشدة، أو الدفع خلال العلاقة؛ وهذا يجلب مزيداً من التوتر، ومن ثَمَّ مزيداً من الفشل والإحباط.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح صحيّة للحصول على علاقة جنسية ناجحة

استراتيجية تعديل الموقف والانتباه في العلاج المعرفي السلوكي للمشكلات الجنسية:

يُعَدُّ النشاط الجنسي، من العمليات ذات الطابع الغريزي أو الفطري، وهي استجابة أولية ارتقائية؛ لذا هي لا تحتاج إلى أي تدريب مُسبق.

إنَّ العملية الجنسية بطبيعة الحال استجابةٌ لمجموعة من المثيرات الجنسية، وهذه الاستجابة من الممكن ضبطها أو تعديلها أو إيقافها في أيَّة لحظة حين يتطلب الأمر تحويل الانتباه تجاه أمور أخرى.

على سبيل المثال: تقوم الحيوانات بالتوقف عن نشاطها الجنسي توقفاً فورياً وسريعاً، عندما يقترب منها حيوان مفترس، فهذه القدرة على إيقاف النشاط الجنسي من خلال إعادة تركيز الانتباه على مثيرات غير جنسية، يمكن عدها قدرة تكيفية ارتقائية تطورية؛ إذ إنَّه في حال لم تتم عملية تحويل الانتباه هذه، فمن غير الممكن أن يبقى هذا الكائن على قيد الحياة. نستنتج من هذا الكلام أنَّ شرود الذهن المعرفي من الممكن أن يعوق سير العملية الجنسية.

في حال وجود ضعف في الانتصاب، يقوم الرجل الذي ينتابه قلق الأداء، بتفحُّص دقيق وناقد لكل سلوكاته، متقمصاً شخصية المحقق، وإنَّه من خلال هذا السلوك يعيد توجيه انتباهه من المثيرات الجنسية إلى عناصر القلق الذي يعيشه، متأثراً بحقيقة أنَّ الرجال يكونون أكثر عرضة لتأثيرات القلق حيال الأداء الجنسي ومتطلباته.

ويؤدي أيضاً السياق الذي يرافق العلاقة الزوجية دوراً محورياً، فمن الممكن أن تستثير إضافة المثيرات الجنسية انتباه وتركيز الفرد، مثل الأضواء والموسيقى الهادئة والشموع؛ فكلها تعمل كمركزات للاستثارة الجنسية، ومن ثَمَّ قد تعززها، وقد تخفف من الشرود الذهني.

دور التربية النفسية في العلاج السلوكي المعرفي للاضطرابات الجنسية:

إنَّ معظم الناس، وخاصةً الرجال، يكون لديهم مفاهيم خاطئة عن ماهية الجنس، وكيف يجب أن يكون، وتكثر لديهم المعلومات الخاطئة عن الآليات الأساسية لوظيفة الانتصاب، وفي أغلب الحالات ينظر الرجال إلى العملية الجنسية على أنَّها إثبات للذات أو مكان للسعادة المثالية؛ لذا لا بدَّ من تصحيح المعلومات الخاطئة عن الجنس، وتَزَوُّد الجميع بالمعلومات المنطقية والصحيحة.

دورة إعادة البناء المعرفي في العلاج السلوكي المعرفي للاضطرابات الجنسية:

توجد العديد من العوامل التي تؤثر في إحداث الضعف الجنسي، منها أسباب قريبة مثل الخوف من الفشل وقلق الأداء ونقص الاستثارة، وأسباب بعيدة مثل التوجه الجنسي، والهوية الجنسية، والعادات الثقافية والاجتماعية والدينية.

في حالة صديقنا "جون" من الواضح أنَّه يتبنَّى وجهة نظر تقليدية جداً عن الجنس؛ فهو يصرُّ على النظرة الذكورية للجنس، ويرى نفسه مسؤولاً عن كل المواقف التي تحصل خلال العلاقة، فيعتقد أنَّه يجب أن يكون قادراً على ممارسة الجنس في أي وقت يريد، وإذا لم يستطع أن يفعل ذلك في أي وقت فهو ليس رجلاً.

استراتيجية الاستثارة الكافية في العلاج السلوكي المعرفي للاضطرابات الجنسية:

إنَّ المعتقدات الخاطئة عند "جون" عن الرجولة الجنسية، أبعدته عن اختبار طرائق وأساليب جديدة من الممكن أن تعزز وتقوِّي وتزيد خبرة المتعة لديه خلال العلاقة الزوجية، فعلى سبيل المثال: يقتصر مفهوم النشاط الجنسي عنده على الجماع فقط؛ وهذا أسهم في تضييق أفق التفكير لديه، ومن ثَمَّ قلَّت الخيارات والحلول الممكنة.

إقرأ أيضاً: 5 أطعمة تحسن من أدائك الجنسي

حقائق هامة يجب معرفتها عن الجنس:

  1. إنَّ احتمالية حدوث هزة الجماع عند الذكور هي أكثر بكثير من مثيلتها عند الإناث؛ 75% مقابل 30%.
  2. إنَّ الإثارة الكافية للبظر هي أمر ضروري من أجل وصول المرأة إلى هزة الجماع، ومع ذلك، يمكن للمرأة الوصول إلى مشاعر قوية من النشوة عن طريق إثارة أجزاء أخرى من الأعضاء التناسلية. ويقسِّم بعض العلماء هزة الجماع عند الأنثى، إلى هزة جماع مهبلية، وأخرى خاصة بالبظر.
  3. إنَّ هزات الجماع المتكررة خلال دقائقٍ نادرةُ الحدوث عند الرجل؛ إذ إنَّه يحتاج إلى نصف ساعة فترة نقاهة بعد القذف ليصبح قادراً على الوصول إلى هزة الجماع مرة أخرى.
  4. إنَّ الأنثى قادرة على الوصول إلى هزات جماع متكررة عدة خلال دقائق.
  5. إنَّ الوقت الطبيعي للقذف عند الرجل الطبيعي هو أربع إلى عشر دقائق بعد الإيلاج، إلا أنَّ الأمر يختلف حسب كل شخص، أما أن يستمر إلى أكثر من عشرين دقيقة فهو أمر نادر جداً. ونقول إنَّ هناك سرعة قذف عندما يتم القذف بعد حوالي دقيقة من الإيلاج.

في الختام:

يستطيع الرجل من خلال إجراء نقاش صريح مع زوجته عن تغيير الأساليب القديمة التي اعتادوا عليها، واتباع أساليب جديدة لم يختبروها من قبل، أن يتجاوزا معاً المشكلة الجنسية عند أحدهما، ولكنَّ هذا يحتاج إلى صراحة مطلقة في الحديث مع المعالِج النفسي أولاً، ومن ثَمَّ صراحة مطلقة في الحوار بين الزوجين؛ إذ يكون النقاش مبنياً على احتياجات كل طرف، وما هي الطريقة الأمثل من أجل علاجها.

المصدر: كتاب العلاج المعرفي السلوكي المعاصر لـ "هوفمان اس جي".




مقالات مرتبطة