العبقرية الكامنة في تكليف الموارد البشرية بإدارة متاجر شركة آبل

في الخامس من شباط/ فبراير، أعلنت شركة "آبل" (Apple) انتقال رئيسة قسم البيع بالتجزئة "أنجيلا أريندتس" (Angela Ahrendts)، بعد أن أمضت خمس سنوات في هذا المنصب. لم تكن هذه الأخبار صادمةً كثيراً بحد ذاتها، مع الأخذ في الحسبان أنَّ متوسط فترة عمل المدير التنفيذي الأعلى (C-suite) يبلغ نحو 5 سنوات.



الأمر الأكثر إثارةً للاهتمام في هذه القصة هو أنَّ بديلة "أريندتس" هي مديرة الموارد البشرية في شركة "آبل" (Apple) "ديدر أوبراين" (Deirdre O’Brien)، والتي ستعمل في منصب موسَّعٍ كنائبة الرئيس الأول للبيع بالتجزئة وللموظفين على حدٍّ سواء.

إنَّ دمج هذه المجالات التي تبدو تابعةً لأعمالٍ منفصلة عن بعضها، قد يتسبب في حيرة بعض الناس، لكنَّها خطوةٌ ذكيةٌ للغاية من قِبل فريق قيادة شركة "آبل"؛ إذ إنَّ إدراكهم أنَّ الناس في الخطوط الأمامية مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بنجاح استراتيجيات البيع بالتجزئة الخاصة بهم، وتمكين قائدٍ واحدٍ من التنفيذ بناءً على رؤيةٍ مترابطة، سيضعهم في وضعٍ يُحسَدون عليه لنقل مبادرات "تجربة العملاء" (customer experience) إلى مستوىً جديد تماماً.

يعزز موظفو الخطوط الأمامية الدخل الصافي للشركة:

على الرغم من كون تجربة العملاء واحدةً من أهم الموضوعات في مجال البيع بالتجزئة في الوقت الحالي، إلا أنَّ العلامات التجارية ما تزال تواجه تحدياً في فهمها بالشكل الصحيح.

وفقاً لمؤشر تجربة العملاء في الولايات المتحدة لعام 2018 من شركة "فوريستر" (Forrester) (مؤشر تجربة العملاء)، فقد ظلَّت جودة تجربة العملاء لبائعي التجزئة متعددي القنوات ثابتةً، وانخفضت درجات 36% من تجار التجزئة الرقميين انخفاضاً ملحوظاً منذ العام الماضي.

وفقاً لـ "كليف كوندون" (Cliff Condon) رئيس قسم الأبحاث والإنتاج في شركة "فوريستر": "شعرت بعض الأعمال بالاضطراب، مثل البيع بالتجزئة، في حين اختار العديد منها المسار الخطأ للمضي قدماً؛ لأنَّهم لا يركزون على الدوافع التي تعمل على تحسين تجربة العملاء حينما كان ذلك هاماً".

يتمثل أحد محركات تجربة العملاء الرئيسة، في تفاعل العميل مع موظف مبيعات المتجر؛ إذ إنَّه، في بيئة البيع بالتجزئة متعددة القنوات اليوم، عندما يختار العميل الدخول إلى متجرٍ فعلي؛ فذلك لأنَّه يريد أن يكون هناك.

يُعَدُّ موظفو مبيعات المتجر الذين يلتقون بهم مفتاحاً لتوفير تجربةٍ رائعةٍ تجعلهم يعودون طلباً للمزيد. إذا لم يشعر موظفو الخطوط الأمامية بالمشاركة في تقديم استراتيجيات تجربة العملاء إلى العلامة التجارية، فإنَّهم يواجهون مشكلةً كبيرة.

وهنا تكمن المشكلة؛ إذ وفقًا لشركة "غالوب" (Gallup)، يقول فقط 34% من الموظفين في الولايات المتحدة إنَّهم مشاركون في عملهم. وتزيد قضايا التوظيف والاحتفاظ بالموظفين من تفاقم هذا النقص في المشاركة.

نظراً إلى أنَّ معدل البطالة في الولايات المتحدة يتراوح نحو معدل 4%، وهو أدنى مستوىً له منذ ما يقارب العقدين، فإنَّ جذب المواهب يُعَدُّ صراعاً بالنسبة إلى جميع تجار التجزئة، حتى للعلامات التجارية الناجحة للغاية مثل "آبل".

أفادت الشركة الاستشارية "كورن فيري" (Korn Ferry) أيضاً، أنَّ 29% من محترفي الموارد البشرية والمكافآت في 53 من كبار تجار التجزئة، قد شهدوا زيادةً في معدل الدوران منذ بداية عام 2018، لا سيَّما بين عمال المتاجر بدوامٍ جزئي بالساعة، بمعدل 81% وسطياً، مقارنةً بـ 76% في عام 2017.

شاهد بالفديو: أهم مهارات مدير الموارد البشريّة

المشاركة هامة:

ستعمل هنا عقلية "أوبراين"، بصفتها نائبة رئيسٍ للموظفين في السنوات القليلة الماضية في شركة "آبل"، على تطوير تجربة العملاء للعلامة التجارية.

لقد كانت تركز كل طاقاتها على مشاركة الموظفين وتوظيفهم والاحتفاظ بهم، وهذا يضعها في موقف تُحسَد عليه، من خلال تسليط الضوء على العامل الأساسي عند وضع استراتيجيات البيع بالتجزئة الخاصة بها.

تعني إضافة البيع بالتجزئة إلى مهامها القيادية المتعلقة بالموظفين، أنَّها تشعر بما يحدث مع الموظفين؛ لذلك يمكن لفريقها أن يتفاعل بسلاسةٍ إذا ظهرت مشكلات تهدد بتقويض خطط تجربة العملاء للعلامة التجارية. ستكون المشكلات قليلةً ومتباعدةً إذا كان فريق "أوبراين" يحافظ على أداء الموظف ومشاركته في مقدمة اهتماماته.

ونظراً إلى الصعوبة المتزايدة في جذب المواهب، من الضروري الحصول على موظفين جدد لبدايةٍ قويةٍ، مع تأهيلٍ إيجابيٍّ يجعلهم يشعرون بالثقة بالوفاء بوعود العلامة التجارية من اليوم الأول. ولكنَّ الدعم ينبغي ألَّا يتوقف فجأةً بمجرد الانخراط في العمل.

من الهام الاستمرار في تعزيز المعلومات الأساسية، وصقل مهارات الموظفين من خلال التدريب المستمر الذي يسهل فهمه وتذكره. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر نقل رسائل ثابتةٍ عبر موظفي خطوط أمامية منتشرين جغرافياً تأثيراً عميقاً في تعزيز شعورهم بالتوافق مع رؤيةٍ أكبر للعلامة التجارية، وكيف تُحدِث مساهماتهم فرقاً.

أخيراً، يُعَدُّ بناء التقدير والمكافآت طريقةً رائعةً للحفاظ على مشاركة الموظفين وتحفيزهم على الأداء؛ إذ تبحث العلامات التجارية الذكية عن تقنيةٍ تتيح لها القيام بكل ذلك عبر منصةٍ واحدة.

يجب أن يولي قادة الموارد البشرية في كل مكان اهتماماً وثيقاً لما يحدث في متاجر "آبل" التقليدية خلال الفترة القادمة. مع تركيز "ديدر أوبراين" المزدوج على البيع بالتجزئة وعلى الموظفين، من المتوقع أنَّهم سيستمرون في الازدهار؛ إذ يسعد العملاء بالتفاعل مع منتجاتهم بدعمٍ من موظفي الخطوط الأمامية الذين يتمتعون بالقدرة على جعل التجربة لا تُنسى أبداً.

المصدر




مقالات مرتبطة