العادات: كيف تكتسب عادات جيدة وتتخلص من السيئة؟

نحن نقوم غالباً - في إطار جهودنا لنصبح أكثر إنتاجية - بتحميل تطبيقات جديدة، وتحسين جداولنا الزمنية، والقضاء على عوامل التشتيت، وتجربة مجموعة من الأشياء المنتجة الأخرى؛ ومع ذلك هل فكرت يوماً في الدور الذي تؤديه عاداتك اليومية الأساسية في نجاحك؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن فانيسا فان إدواردز (Vanessa Van Edwardz)، وتخبرنا فيه عن تجربتها في كيفية اكتساب عادات جيدة، والتخلص من السيئة منها.

العادات هي أدوات إنتاجية قوية؛ لأنَّها يمكن أن تقلِّل تقليلاً كبيراً من الوقت والجهد الذي علينا استثماره في أداء مسؤولياتنا الروتينية؛ ويسمح لنا هذا بتكريس مزيد من الاهتمام بالنشاطات التي تضيف معنى لحياتنا.

تساعدك العادات على محاربة قوة الإرادة المحدودة:

العامل الأول الذي يحد من قدرتنا على تحقيق أهدافنا – من أيِّ نوع – ليس قدراتنا أو مواردنا المالية أو ظروفنا؛ بل هو قوة إرادتنا، فإذا كان لديك قوة إرادة غير محدودة، فلن تعوق مسارَك أيُّ تحديات تواجهها؛ لأنَّك تملك القوة للتغلب عليها أو إيجاد الحلِّ البديل.

المشكلة هي أنَّ لا أحد لديه إرادة غير محدودة؛ فقد أظهرت عدة دراسات، ومن ذلك عدة مراجع رسمية أنَّ قوة الإرادة مثل العضلات، كلَّما استخدمتها أكثر، أرهقتها أكثر، وفي النهاية ستصل إلى نقطة الانهيار، فلن يبقى لديك طاقة لمواصلة بذل الجهد؛ فترفض حينها فعل أيِّ شيء لتستلقي أمام التلفاز.

يمكنك تعزيز قوة إرادتك مع مرور الوقت أيضاً - مثل العضلات - ويحدث هذا في أثناء تكوين عادات من شأنها أن تكون أداة قوية؛ وذلك لأنَّ اكتساب العادات يقلِّل من اعتمادك على مستويات قوة إرادتك؛ لأنَّه يحد من كمية القرارات التي تحتاج إلى اتخاذها للقيام بالأشياء التي تجعلك ناجحاً؛ فكلَّما كان لديك عادات أكثر، وفَّرت مزيداً من قوة الإرادة للمهام التي لا يمكن تحويلها إلى عادات، مثل: حلِّ المشكلات الخاصة، والاهتمام بعلاقاتك.

فكِّر في جميع المهام المتنوعة التي تقوم بها بانتظام يومياً؛ فبمجرد أن تحصل على قائمة بهذه المهام، اتخذ إجراءاتٍ لتنفيذها بنفس الطريقة في كلِّ مرة حتى تصبح عادات؛ إذ تُعدُّ هذه الطريقة نقطة انطلاق رائعة لروتينك الصباحي؛ فاتبعه كلَّ يوم حتى لا تهدر وقتك أو قوة إرادتك في أمورٍ بسيطة.

كيف تكتسب عادات جديدة تدوم؟

اكتشفت الأبحاث التي تستند إلى حد كبير على قدرات تكوين العادات عند مرضى فقدان الذاكرة أنَّ أدمغتنا لديها آلية بسيطة، ولكنَّها قوية لتطوير عادات جديدة؛ واتَّضح أنَّ العادات تُشبه كثيراً في أدائها الذاكرة، فعندما تحثك إشارة على ممارسة عادة ما؛ فإنَّ عقلك وجسمك ينفذها بقليل من التفكير الواعي.

إليك فيما يأتي كيفية تكوين عادات بسرعة:

1. اختيار دافع بسيط ويومي:

على سبيل المثال: إذا كنت تريد أن تبدأ بممارسة عادة الجري في الصباح، فاجعل الدافع اليومي هو النهوض من السرير، ورؤية حذاء الجري الخاص بك في انتظارك بجانب سريرك.

2. منح نفسك مكافأة:

قد تكون مكافأتك مرتبطة ارتباطاً أساسياً بالنشاط أو بشيء تمنحه لنفسك بعد الانتهاء من تطبيق هذه العادة، على سبيل المثال: يشعر معظم الناس أنَّ هرمون الإندورفين الذي يحصلون عليه من الجري هو بمنزلة مكافأة بالنسبة إليهم؛ ويستخدم بعضهم الآخر المكافأة الجسدية، مثل: الحصول على وجبة خفيفة صحية أو القليل من الاسترخاء حتى يكون لديهم هدف يتطلعون إليه عند انتهاء الجري، وبصرف النظر أنت بحاجة إلى شيء ما يحفِّزك على التمسك بهذه العادة.

3. وضع خطة لإدارة الأزمات:

العادات هشة؛ فيمكن أن يتسبب أخذ يوم عطلة أو التعامل مع الضغوطات في الوقت الذي من المفترض أن تكمل عادتك بسهولة في خروجها عن مسارها؛ فقد تكون ملتزماً بممارسة التمرينات الرياضية لأشهر متتالية، ثمَّ تأخذ إجازة ليوم واحد لمتابعة الأعمال المنزلية بدلاً من ذلك، وهذا يؤدِّي إلى يوم عطلة آخر، ثمَّ يوم آخر، وينتهي بك الأمر بكسر هذه العادة.

يمكنك أن تمنع حدوث ذلك بوجود خطط للتعامل مع السيناريوهات التي قد تتسبب في  كسر عادتك؛ وأحد الأمثلة التي استخدمها الصحفي الأمريكي تشالرز دوهيغ (Charles Duhigg) في كتابه قوة العادة (The Power Of Habit) تضمن مجموعة من مرضى جراحة العظام.

فمعظم الناس لا يتعافون تماماً؛ لأنَّهم غير قادرين على تجاوز الألم الناتج عن المثابرة على عادات إعادة التأهيل البدني، وتوجد مجموعة من المرضى الذين تعافوا معافاة كاملة أكثر من أيِّ مجموعة أخرى، وبعض المرضى وضعوا خططاً - من دون أن يُرشدوا - للتعامل مع اللحظات الأكثر إيلاماً في روتين إعادة التأهيل الخاص بهم.

السبب نفسه الذي جعل الآخرون يكسرون عاداتهم، وغالباً ما تضمنت خطط المرضى تذكير أنفسهم بالمكافأة التي سيحصلون عليها مباشرة بعد تمرينات إعادة التأهيل.

إذاً للحفاظ على العادات أنت بحاجة إلى الالتزام، وإلى خطط لفعل كلِّ ما يتطلبه الأمر لتحقيق ذلك؛ لكن توجد مشكلة أخرى؛ إذ يكشف بحث دوهيغ أنَّه بصرف النظر عن مدى اتباعك لقواعد إنشاء عادات جديدة، فلن تتمكن من القيام بذلك إلا إذا كنت مؤمناً بإمكانية التغيير، فإذا كنت لا تؤمن أنَّ عاداتك سوف تتغير، فإنَّ هذا الرادع النفسي سيمنع العادات الجديدة من التشكل.

شاهد بالفديو: كيف تتعلم العادات الإيجابية؟

كيف تتخلص من عادة سيئة؟

تحتاج في كثير من الأحيان لكسب عادات جديدة وتحقيق أهدافك إلى استبدال عاداتك السيئة، ولاحظ كيف قلت استبدال، وليس إنهاء؛ فمن الصعب للغاية إنهاء العادات السيئة بقرار للقيام بذلك لأنَّه سواء كان ذلك عقلانياً أم لا؛ فإنَّ أدمغتنا تتوق إلى المكافأة التي يوفِّرها اتباع العادة السيئة؛ ففي اللحظات التي تكون فيها قوة إرادتك منخفضة يؤدِّي شغفك إلى عودتك لاتباع العادات السيئة.

لذا عليك أن تقلِّل من شغفك لاستبدال عاداتك السيئة عن طريق الحد من تعرضك للأشياء التي تحفِّزها، والعثور على مكافأة بديلة ترضي نفس الرغبة التي ترضيها العادة السيئة.

على سبيل المثال: إذا كانت عادتك السيئة هي التوجه مباشرة لتناول الوجبات السريعة عندما تصل إلى المنزل من العمل، يمكنك تقليل هذه الرغبة الشديدة بتناول وجبة خفيفة صحية في منتصف النهار، وتناول وجبة خفيفة صحية أخرى بنكهة مماثلة لنكهة الوجبات السريعة المفضلة لديك - حلوة ومالحة وما إلى ذلك - والتي تنتظرك في المنزل.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات لتغيير عاداتك السيئة

دور العادات في العلاقات بين أعضاء الفريق:

لا تؤثِّر العادات في الأفراد فقط؛ إذ يصف دوهيج في الكتاب كيف يمكن أن تتشكل العادات مع مرور الوقت عبر الفرق، وحتى المنظمات بكاملها؛ فإذا كنت قائداً، فمن الهام أن تكون على علم بكلِّ شيء حتى تتمكن من مراقبة العادات التي تحكم سلوك فريقك.

أحد الأمثلة التي يستخدمها دوهيغ هو ثقافة مكان العمل السيئة في مستشفى؛ إذ كانت العلاقات بين الممرضات والأطباء متصدعة لدرجة أنَّ الممرضات طوروا عادات ترميز أسماء الأطباء على اللوحات البيضاء بناءً على مدى صعوبة التعامل مع الطبيب، وطرائق أخرى في إرسال الرسائل واتخاذ الإجراءات من دون علم الأطباء.

بعد تعرُّض المستشفى لهجوم من الصحافة، وغراماتٍ بمئات الآلاف من الدولارات في أعقاب سلسلة من حالات سوء الممارسة بسبب إهمال الأطباء، تدخَّلت الإدارة لإصلاح عادات الفريق، وشمل ذلك ترسيخ جميع العادات الجديدة بواسطة قوائم التحقق والكاميرات الإضافية وغيرها من عمليات المراقبة؛ وذلك لضمان تنفيذ موظفي المستشفى لهذه العادات.

في حين أنَّ العادات السيئة لفريقك قد لا تكون متطرفة، إلا أنَّها تؤثِّر في إنتاجية كلِّ فرد ومستويات أدائه.

عندما يتعلق الأمر بتغيير عادات مجموعة من الناس؛ فإنَّ المفتاح لذلك هو التركيز على العادات الأساسية التي تؤثِّر في سلوك الناس بطرائق متعددة؛ لذا فكِّر في المهام التي يجد فريقك صعوبة في إكمالها؛ بسبب التوتر أو الافتقار إلى التنظيم، واستبدلها بعادات تقضي على هذه المشكلة أو تحد من تأثيرها.

إقرأ أيضاً: 3 عوامل تؤدي إلى تراجع أداء الفريق

في الختام:

أنشئ حلقة عادة بعد تحديد العادات الأساسية التي ستستهدفها؛ من أجل أن يتصرف موظفوك وفق العادة الإيجابية عدة مرات حتى تصبح استجابتهم تلقائية؛ فكما هو الحال مع الأهداف الأخرى تتبع التقدم المحرز من عادات كلٍّ من الفرد، والفريق؛ لتتمكن من تحديد مجالات التحسين باستمرار.

المصدر




مقالات مرتبطة