الطفل المتمرِّد: صفاته وأفضل طرق التعامل معه

تختلف المشكلات السلوكية التي يعاني منها أطفالنا، وتمرُّد الطفل ليس إلَّا سلوكاً من هذه السلوكات التي يعاني منها الأهل، فتكثُر التساؤلات عن الطفل المتمرِّد: صفاته وأفضل طرائق التعامل معه.



على الرغم من أنَّ تمرُّد الأطفال قد يكون أمراً عادياً؛ بل وحتى أسلوباً يقوم به الطفل للمطالبة باستقلاليته والتعبير عن نفسه - وهذا حقيقة ما يجب أن تسعى إليه كل أسرة تبحث عن بناء طفل ذي شخصية مستقلَّة وليس بناء إنسان خاضع وخانع ومنصاع إلى الأوامر مهما كانت - إلَّا أنَّ الأمر موضع الكثير من الجدل والتساؤلات، كما أنَّه يصبحُ مزعجاً جداً في حال زاد عن حدِّه؛ ولذلكَ نجد أنَّ كل أسرة تعاني من تمرُّد أحد أطفالها تحاول جاهدة إيجاد حل، ففي الكثير من المرات نحتاج إلى أن يكون الطفل مضبوطاً وتحت السيطرة إلى حدٍّ ما، وإلَّا وقعنا نحن وهو في مشكلات نحن بغنى عنها.

عزيزي القارئ يؤسفنا أن نخبرك أنَّ هذا الطفل ليس إلَّا نتاجاً لتربيتك أنت، وليس إلَّا انعكاساً لطريقتك وأسلوبك في التعامل معه، لكنْ هل يعني هذا أن نفقد الأمل في تحسين وتعديل سلوكه؟ بالطبع لا.

مَن هو الطفل المتمرِّد وما هي صفاته؟

الطفل المتمرِّد أو العنيد هو طفل لا يتقبَّل الأوامر أو الطلبات كأقرانه، ودائماً ما يحاول فرض رأيه وقراره هو، ويلجأ في سبيل ذلك إلى استخدام طرائق وأساليب ضاغطة على الأهل كالبكاء أو الصراخ، وفي المقابل الطفل المطيع هو طفل ضعيف غير قادر على الإمساك بزمام الأمور بنفسه، وغير قادر على اتِّخاذ القرارات بشكل مستقل.

نحن بصفتنا مربِّين لا نسعى أبداً إلى بناء أيٍّ من الشخصيتين السابقتين؛ بل يجب أن يكون الهدف بناء طفل قوي ذي شخصيَّة قوية ومستقلَّة، وعندما يطيعك؛ فهو يفعل هذا لأنَّه يحترمك لا لأنَّه ضعيف وعاجز عن اتِّخاذ أي قرار وحده.

يبدأ سلوك التمرُّد عند الطفل في عمر صغير، فقد يَظهَرُ عند الكثيرين من الأطفال من عمر السنة والنصف، وفي الحالات العادية تزداد هذه الحالة في عمر الأربع سنوات؛ إذ تبلغ ذروتها لتبدأ بالاختفاء تدريجياً ولتنتهي نهائياً في عمر السبع سنوات.

صفات الطفل المتمرِّد:

تُوجَدُ العديد من الصفات التي تظهر على الطفل المتمرِّد وسنذكر منها:

  1. الامتناع عن تنفيذ الأوامر ورفضها دائماً حتى ولو كانت بهدف تسليته أو تحقِّقُ له راحةً أو فائدة معيَّنة؛ وهذا يعني الرفض لمجرَّد الرفض بصرف النظر عن الشيء الذي يرفضه.
  2. استخدام كلمة "لا" بشكل كبير، وحتى عندما يريدُ شيئاً ما سيقول لك بأنَّه لا يريده، وإذا ما ذهبتما في رحلة أو نزهة وسألته عن مشاعره؛ كأن تقول: "هل استمتعت بالنزهة؟" سيجيبك مباشرةً "لا".
  3. الانفعال والتعبير عن مشاعره بغضب وصراخ.
  4. رمي الأغراض هو من السلوكات المرافقة للتمرُّد، والعنف في بعض الأحيان، وعدم إظهار المشاعر الحقيقية.

شاهد بالفيديو: كيف تتعاملين مع الطفل العنيد؟

أسباب تمرُّد الطفل:

في الوقت الذي نسعى فيه جاهدين إلى تغيير سلوكات أبنائِنا غير المرغوب فيها، نتناسى البحثَ في أسبابها، ونغفلُ عن الدورِ الكبير الذي نؤديه نحن أولاً في تنشِئَتهم وإظهارهم بالشكل الذي يبدون فيه؛ فمثلاً توجد العديد من الأسباب التي تقف وراء تمرُّد الطفل، وفي الحقيقة فإنَّ أغلب هذه الأسباب إن لم نقُلْ جميعها تتعلَّق بطريقة تعاملنا معهم، ومن هذه الأسباب:

1. إهمال الوالدين للطفل:

هذا ما يدفعه إلى التمردُّ عليهما والخروج عن سيطرتهما كمحاولة لإثبات نفسه أو للفتِ انتباههما إليه؛ فمثلا إذا كنتَ مشغولاً دائماً عن طفلك بالعمل وحتى داخل المنزل، فستلاحظ أنَّهُ لن يستجيب إلى أوامرك بشأن تخفيف صوته وأنت تعمل، أو التقليل من الضجة أو خفض صوت التلفاز؛ بل على العكس تماماً ستجده يتمرَّد على طلباتك، وبدلاً من الاستجابة إليها سيتصرف بالعكس تماماً.

2. قضاء الطفل أوقات طويلة وحده:

يجعله هذا يشعر بنوع من الاستقلالية التي يعبِّر عنها برفض أي طلب من والديه مهما كان بسيطاً؛ وذلك لاعتقاده بأنَّه أصبح كبيراً وقادراً على التصرُّف بما يحلو له ويجده مناسباً.

3. تغييب الطفل عن المشاركة في الاجتماعات العائلية أو المناسبات:

كأن تترك الأم دائماً طفلها مع جدته عند ذهابها إلى الاجتماعات أو الزيارات العائلية أو حتى المناسبات والاحتفالات، وهذا ما يُشعِرُ الطفل بأنَّه غير مقبول ووحيد؛ فيتمرَّد على أمه احتجاجاً على وضعه.

4. الرغبة في إثبات الذات:

ربما يَظهَرُ هذا السبب أكثر في المراحل العمريَّة الأكبر؛ إذ يبدأ الطفل بمحاولة فرض رأيه والخروج عن آراء أهله؛ وذلك رغبة منه في إظهار شخصيته وإثبات نفسه بصفته كائناً مستقلاً وحده وغير تابع إلى والديه.

إقرأ أيضاً: تنمية تقدير الذات لدى الطفل

طرائق التعامل مع الطفل المتمرِّد:

عليك بدايةً أن تضع في حسبانك بصفتك وليَّ أمرٍ أنَّ الطريقة التي تتعامل بها مع طفلك تؤدي دوراً كبيراً في تخليصه من هذا التمرُّد أو في زيادة الوضع سوءاً، فكلَّما كنتَ هادِئاً وصبوراً، وكلَّما كانت لديك الحنكة والذكاء للبحث في الأسباب وعلاجها واحداً تلو الآخر، ساهمتَ في تقليل التمرُّد عند طفلك.

سنذكر فيما يأتي أهم الطرائق التي يجب أن تضعها في حسبانك عند التعامُل مع طفلك المتمرِّد:

1. الهدوء ثم الهدوء:

فكما ذكرنا أكثر من مرة هو من أهم الطرائق التي يجب أن تعامل بها الطفل المتمرِّد، فمهما بلغت درجة انفعالك؛ فعليك أن تحاول قدر الإمكان التخفيف منه وضبط أعصابك والتحكُّم بها أمام طفلِك، وعليك أن تتحلى بالصبر، وتذكَّر دائماً أنَّك لست في حلبة مصارعة مع طفلك وأنت في نهاية المطاف لا تبحث عن طريقة لإجبار طفلك على تنفيذ أوامرك والخضوع إليك؛ بل تريدُ حلَّاً للتخفيفِ من تمرُّده، فإذا انفعلتَ وخرجتَ عن طورك، فلن تزيد الوضع إلَّا سوءاً وبدلاً من التخفيف من حالة التمرُّد الموجودة لديه ستزيدها وتفاقمها.

2. البحث عن طريقة أخرى ألطَف وأقرَب إليه بدلاً من الاعتماد على الأوامر كأسلوب في التعامُل مع طفلك:

كإشراكِه في أي قرار داخل المنزل واعتماد أسلوب الخيارات، فبدلاً من أن تأمر الطفل بغسل يديه؛ من المُمكِن أن تقول له ما رأيك أن تذهب لتغسلَ يديك، وبدلاً من أن تجبره على تناول الطعام؛ يمكن أن تسأله ماذا تحبُّ أن تأكل اليوم، وعندها سيتعلَّم أن يكون مسؤولاً عن قراره.

إذا كان الجوُّ بارداً وطلبتَ منه ارتداء قبَّعة صوفية ورفض، فلا تجبره لأنَّه وحده عندما يخرج ويبرد سيطلُب منك في المرة القادمة ارتداء القبعة، وعندما تريد أن يحلَّ وظائفه، فاسألْه؛ كأن تقول له: "هل تفضِّلُ كتابة واجبك الآن أم بعد تناول الغداء؟"، وهكذا سيشعر الطفل بأنَّ قراره بيده وبأنَّه حرٌّ ومستقلٌّ وهو مَن يختار ولستَ أنت مَن تفرض عليه أوامرك؛ وهذا ما يجعلك أقرب إلى طفلك وفي نفس الوقت تكون كلمتك مسموعة أكثر.

3. محاولة امتلاك زمام الأمور بنفسك قدر الإمكان:

فيجب أن تكون الحلول دائماً من طرفِك؛ فمثلاً إذا أردتَ من طفلِكَ ارتداء ملابس مُحدَّدة دون غيرها؛ فضعْها في خزانته وأَبعِد تلك الملابس غير المناسبة، وإذا أردتَ أيضاً أن تبعد طفلك عن اللَّعب بالأشياء المؤذية، فالحلُّ هو إبعاد هذه الأشياء عن طريقه وليس وضعها أمامه وقول "لا"، حتى عليك أن تتجنَّبَ كلمة "لا" قدر الإمكان؛ ففي كلِّ مرةٍ تقولها لطفلك؛ تخسر جزءاً من قيمتها لديه حتى تفقد في النهايةِ كل تلك القيمة وتصبح بلا أي معنى عند الطفل.

4. الحوار والنقاش بعيداً عن الإجبار والفرض:

فمن خلالِ ذلكَ يشعرُ الطفلُ بأهميته وقدرهِ ويشعرُ بأنَّهُ قد كبرَ وأصبح رأيه مسموعاً من قِبَل والديه.

5. المكافأة وتعزيز السلوك الإيجابي:

فكلَّما رأيتَ طفلك قد تصرَّف بشكل جيِّد، فعليك مكافأته والثناء عليه حتى يكرِّرَ التصرُّف والسلوك الذي قام به، وحاوِلْ قدر الإمكان تجنُّب تذكيره بسلوكه الخاطئ أو وصفه به؛ كأن تقول وأنت تتحدث عنه مثلاً أمام إخوته: "أخوكم متمرِّد لا تحاولوا معه، هو طفل عنيد لا يقبل النصيحة" أو أيَّة عبارة بهذا المعنى تركِّز في السلوك السلبي، والأفضل هو التركيز في السلوك الإيجابي لتكراره.

6. الانتباه جيداً إلى الطريقة التي تطلُبُ فيها من طفلك أمراً ما:

فمثلاً عندما تريده أن يساعدك بأمر ما، فاتَّبِع الطريقة ذاتها التي تتَّبعها مع الكبار؛ فمثلاً يُمكِنُكَ أن تقول له: هل لديك الوقت لمساعدتي على توضيب المنزل؟ وعند الرفض اسأله عن سبب الرفض، ولا تنسَ أن تشكره دائماً عندما يقدِّم لك أيَّة مساعدة.

7. عدم مقارنة طفلك بطفل آخر بوصفها محاولة منك لتشجيعه:

لأنَّ لهذا مفعول عكسي كبير على شخصية ابنك وثقته بنفسه؛ لذلكَ ابتعِدْ عن المقارنة دائماً، كما وإيَّاكم من السخرية والاستهزاء من تصرفاته وأفعاله.

إقرأ أيضاً: 6 حلول فعّالة للتعامل مع الطفل العنيد

في الختام:

في النهاية ظاهرة التمرُّد عند الأطفال هي ظاهرة شائعة ومنتشرة، ولا تعني أبداً أنَّ طفلك يعاني من خطب ما أو مشكلة؛ بل على العكس هي عارض طبيعي جداً لعمليَّة النمو التي تمرُّ بها شخصيته وأحد المؤشرات على قوة طفلك ومحاولته للبحث عن فرصة لتأكيد نفسه واستقلاليته، وفي حال زادت الأمور عن الحدِّ الطبيعي لها، وشعرتَ بأنَّ طفلك يتمرَّد فقط لمجرد التمرُّد؛ فعليك بالهدوء والصبر أولاً، ثم البحث في الأسباب للبدء بعلاجها بالطريقة المناسبة لمصلحة طفلك.




مقالات مرتبطة