الضحك ودوره في تقوية الجهاز المناعي

على الرغم من الفوائد الهائلة للضحك، إلا أنَّنا غالباً ما نشعر بالتعب الشديد والتوتر لدرجة أنَّنا ننسى روعته، حتى إنَّ كثيراً منَّا لم يعد يضحك بعد أن أصبح بالغاً كما في السابق، بغضِّ النظر عن كم تستفيد أجسادنا وأذهاننا وأرواحنا من ذلك.



للضحك فوائد صحية أكثر ممَّا كنَّا نعتقد، على سبيل المثال: يمكن أن يساعد على تخفيف الألم وزيادة السعادة وحتى تقوية المناعة؛ إذ يخفض الضحك من مستويات هرمونات التوتر مثل هرمونات الكورتيزول والأدرينالين، بينما يرفع من مستوى الهرمونات التي تحسن الصحة مثل هرمون الإندورفين، ويزيد من عدد الخلايا المنتجة للأجسام المضادة التي تكوِّن جهاز مناعتنا، ويعزز فاعلية الخلايا التائية؛ وهذا يقوِّي نظام مناعتنا ويقلل تأثيرات التوتر في جسدنا، مثل الإرهاق والاكتئاب والأرق وزيادة الوزن.

يؤدي هرمون الدوبامين دوراً هاماً في تنظيم مراكز المكافأة والمتعة في الدماغ، ويمكن أن يؤدي الضحك والتمرينات الرياضية وأشعة الشمس وبعض الأطعمة إلى زيادة إفرازه.

يتكون مركز المكافأة من مناطق الدماغ التي تتأثر بكل النشاطات الممتعة، مثل التنزه مع الأصدقاء أو الحصول على مكافأة كبيرة في العمل، لكن عندما تكون مستويات الدوبامين منخفضة، تفقد حماستك للحياة وتبدأ بمواجهة صعوبة كبيرة في إنجاز المهام؛ لأنَّ هذا الناقل العصبي بالغ الأهمية للتحفيز وتوليد الاهتمام وامتلاك الدافع لتحقيق الأهداف.

نحن لا نعدُّ الضحك عادة هاماً للعافية؛ لكنَّ الباحثين وجدوا أدلة على ذلك، على سبيل المثال: وجد علماء النفس أنَّ المزاح والاستمتاع باللحظة، فضلاً عن المشاركة في شيء لا فائدة منه ولكنَّه ممتع، مثل الاستمتاع بصحبة الأصدقاء، أمر ضروري للتخفيف من التوتر وتكوين علاقات صحية والشعور بالعافية.

يزيد الضحك أيضاً من تأثيرات حمض الغاما-أمينوبيوتيريك في الدماغ، هو ناقل عصبي يخفف شعور الناس بالقلق والخوف والتوتر، كما يحجب إشارات معيَّنة في الدماغ تساهم في الشعور بالقلق؛ لذا يمكن أن يخلق إحساساً بالهدوء.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب علمية لكي تبتسم أكثر

من هذا المنظور البيوكيميائي، يُعَدُّ الضحك أحد أكثر الأشياء الإيجابية والصحية والسهلة التي يمكننا القيام بها لأنفسنا؛ إذ يمكن أن يقدم لنا فوائد كبيرة جسدياً وعاطفياً، فعندما تضحك، فإنَّك تشعر بنوع من التطهير الجسدي وتروِّح عن نفسك، كما أنَّه مفيد للقلب ويزيد مستويات الأوكسجين في جميع أنحاء الجسم.

يقوي الضحك علاقتنا بالآخرين، مثله مثل الابتسام والتصرف بلطف؛ إذ يبدأ معظم الناس بالضحك لمجرد أن يضحك أحد بالقرب منهم؛ لذا حين تضحك أكثر فأنت تشجع الناس الآخرين من حولك على الضحك أكثر والشعور بالسعادة أيضاً، وإذا حسَّنت مزاج مَن حولك، فيمكنك تخفيف توترهم؛ وهذا سيؤدي حتماً إلى تحسين جودة تفاعلاتك معهم ويقلل من مستوى التوتر لدى الجميع عموماً.

يُعَدُّ الضحك والابتسام والاستمتاع بوقتنا مع بعضنا بعضاً من أفضل الطرائق للتخفيف من حدة المواقف الصعبة أو المرهقة أو السلبية؛ إذ يصرف الضحك تركيزنا بعيداً عن الغضب والسلبية واليأس والمرارة والشعور بالذنب.

يمكن للضحك أن يساعدك على الاستمتاع باللحظة، وهو شيء نحتاج إليه بشدة؛ إذ غالباً ما تشغلنا جداول أعمالنا الصارمة وتجبرنا على التفكير دائماً في المهمة التالية التي يتعين علينا إنجازها، ونظراً إلى أنَّنا معتادون على التوفيق بين العديد من متطلبات الحياة في وقت واحد، نحن نشعر دائماً بمستويات عالية من التوتر؛ لكنَّنا نحتاج في بعض الأحيان إلى نسيان واجباتنا، والاستمتاع لحماية عافيتنا وإنتاجيتنا المستقبلية.

اللعب والضحك اثنان من الجوانب القليلة في حياتنا التي لا تتعلق بالنتيجة؛ بل بالنشاطات نفسها، وهذا مريح للغاية؛ لذا استمتع بصحبة الأشخاص من حولك واسمح لنفسك بضحكة من قلبك، تقوي نظامك المناعي وتخفض مستويات التوتر لديك، وتشجع من حولك على الضحك معك.

المصدر




مقالات مرتبطة