الشعور بالندم: أسبابه وعلاماته وطرق التخلص منه

يقال: "الندم على ما فعلتَ أفضل من الندم على ما لم تفعل"، ولكن هل حقاً هذه العبارة صحيحة؟ في هذا المقال سنحدِّثكم عن أسباب الندم، وعلاماته، وطرائق التخلص منه؛ لذا تابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.



ما هي أسباب الشعور بالندم؟

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى شعور المرء بالندم، ومن أبرز هذه الأسباب نذكر لكم ما يلي:

1. أسباب عملية:

يمكن أن يندم المرء إما لتقاعسه في السعي إلى الحصول على وظيفةٍ أفضل، أو لعدم اتخاذه مساراً مهنياً معيَّناً، أو لعدم قبوله الترقيات، أو فرصة عمل أفضل في إحدى الوظائف.

2. الزواج:

يمكن أن يندم المرء على اتخاذه قرار الزواج، أو موعده، أو الندم على اختيار الشريك غير المناسب.

3. أسباب عائلية:

يمكن أن يندم المرء على عدم تمضية أوقاتٍ جميلة مع أفراد عائلته والأصدقاء المقرَّبين، أو على عدم تسوية النزاع مع أحدهم، خاصةً إذا تعرَّض الطرف الآخر لأمرٍ خطير أو فقد حياته.

4. الحياة اليومية العامة للمرء:

يمكن أن يكون ندم المرء ناجماً عن شرائه منزلاً قد عُرِضَ للبيع أمامه ولم تكن مواصفاته كما يرغب بها، أو يمكن أن يكون ناجماً عن انتقاله إلى بلدٍ أو مدينةٍ ثانية.

ما هي علامات الندم؟

من أهم علامات الندم، لوم المرء لذاته على الأشياء التي فعلها، والتمني بأنَّه لم يقم بها، فيوجِّه لنفسه الكثير من الأسئلة التي تجعله يشعر بالخجل والإحباط والغضب، مثل:

  • ليت الأيام تعود بي إلى الوراء ولن أفعل هذا الأمر.
  • يا إلهي لماذا قلتُ هذا الكلام؟

ما هي أضرار الندم؟

من أهم الأضرار الناتجة عن مشاعر الندم نذكر لكم ما يلي:

1. أضرار الندم على الصحة الجسدية:

يجعل الندم الإنسان قلقاً ومتوتراً، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة إفراز هرمون الكورتيزول، والذي ينعكس مباشرةً على صحة الجسم وجهازه المناعي، ومن هذه الأضرار نذكر لكم ما يلي:

  1. ارتفاع معدل ضربات القلب.
  2. الشعور بالتعب الشديد والإرهاق.
  3. عدم انتظام مستوى السكر في الدم.
  4. المعاناة من الصداع النصفي، أو الصداع.

2. أضرار الندم على الصحة النفسية:

  1. الاضطرابات العاطفية.
  2. الشعور بالعجز والتقاعس.
  3. الشعور بالقلق والتوتر والعصبية.
  4. الاكتئاب.
  5. قلة التركيز.
  6. فقدان المتعة والشغف بالأشياء التي يحبها المرء.
  7. التغيرات السلوكية، مثل: التدخين، وتناول كميات كبيرة من الطعام والشراب.

شاهد بالفيديو: 20 أمراً يندم عليها المرء في حياته

ما هي طرائق التخلص من الندم؟

هناك عدد من الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها للتخلص من الندم، من أهمها نذكر لكم ما يلي:

1. فهم الندم:

1. 1. يجب أن تعرف ما هي حقيقة الندم، وهل هو ندم إيجابي أم سلبي؛ حيث إنَّ:

  • الندم الإيجابي: هو ما يساعد المرء على تعلُّم كيفية تغيير تصرفاته في المستقبل.
  • الندم السلبي: هو ما يجعل المرء يلوم ذاته ويحمِّلها الكثير من التوتر والضغط والقلق، الأمر الذي ينعكس سلباً على نفسيته وحياته العملية والاجتماعية.

1. 2. تمييز مشاعر الندم:

حيث إنَّ مشاعر الندم تجعل المرء يشعر بتأنيب الضمير، والحزن، والخجل، والغضب، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ الشعور بالندم والتفكير المستمر به يسبب للمرء الجزع والقلق؛ مما ينتج عنه التردد في اتخاذ القرارات المستقبلية.

1. 3. اكتشاف المصدر الذي ينبع منه الندم:

فيجب أن يبحث المرء عن الأسباب التي نتج عنها ندمه، وأن يعالجها بحكمة.

2. العلاج السلوكي المعرفي:

2. 1. استخدام العلاج السلوكي المعرفي للتخلص من مشاعر الندم والتغلب عليها:

الهدف من العلاج السلوكي المعرفي هو خفض مستوى مشاعر القلق والندم واستبدالها، من خلال تعليم المرء كيفية تغيير أساليب تفكيره، وعاداته، وكيفية تجنب الوقوع تحت تأثير الندم.

2. 2. كتابة وتدوين مشاعر الندم:

إنَّ المرء عندما يقع تحت تأثير مشاعر الندم غالباً ما يكون سؤاله الأساسي لنفسه هو: "لماذا كان تصرُّفه على هذا النحو؟"، أو لماذا لم يقم بفعل أمرٍ معيَّن، وهنا ينحصر تفكيره السلبي؛ لذا يُنصَح بكتابة مشاعر الندم، وكتابة أي أسئلة ناتجة عن هذه المشاعر.

2. 3. الاستفادة من الدروس التي يتعلمها المرء في الحياة:

 إنَّ المرء يستخلص الدروس والعِبر من التجارب والمواقف التي يمرُّ بها في حياته، ويُعَدُّ الندم وسيلة تعليم هامة جداً للمستقبل، خاصةً إذا كان المرء متصالحاً مع تجاربه.

2. 4. تطبيق المرء لما يتعلمه:

إنَّ الأشياء التي قد يندم عليها المرء، قد تكون أشياء تعلَّمها عن نفسه، أو عن الأشخاص الآخرين؛ لذا فإنَّ وجود هذه المعرفة في الحياة المستقبلية سوف يُقلِّل من فرص قيامه بالقرارات والخيارات غير الصحيحة نفسها، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّه يجب على المرء دائماً تطبيق الحكمة المُكتسَبة على ما يمرُّ به من مواقف أخرى في حياته.

2. 5. السيطرة والتحكم بتأثير مشاعر الندم في المستقبل:

إنَّ المرء غير قادر على تغيير ما حدث في الماضي، ولكن يمكنه السيطرة على الكيفية التي تؤثر بها حوادث الماضي في الحاضر والمستقبل.

2. 6. ضرورة تمييز نوع الندم:

يجب على المرء أن يميز نوع الندم الذي يعاني منه، وكما قلنا آنفاً إنَّ هناك نوعان من الندم أحدهما إيجابي وهو يعني استغلال المرء لجميع تجارب ومشاعر عدم الرضا على أقواله وأفعاله في الماضي، بهدف بناء شخصيته بشكلٍ أفضل والتصرف بحرصٍ وذكاء تجاه المواقف المستقبلية كافةً، والآخر سلبي وهو ليس فقط ندم عديم الفائدة؛ بل ويحمِّل الإنسان أعباءً إضافية ثقيلة جداً.

3. تجاوز الندم:

3. 1. الشعور بالتعاطف مع الآخرين:

يجب على المرء التذكر دائماً أنَّ التعاطف يساعد على فهم مشاعر الأشخاص الآخرين بطريقةٍ أفضل، كما يجب التذكر دائماً أنَّنا لسنا الوحيدين الذين يشعرون بالأسف والندم على شيءٍ ما.

3. 2. التفكير في الماضي بشكلٍ مختلف واستبدال مشاعر الندم بالامتنان:

عندما يندم المرء تتوارد في ذهنه أفكار عدة، ويمكن أن يقول لنفسه عبارات لومٍ قد تكون مؤلمةً، مثل: "لا أصدق أنَّني قد أقدمتُ على هذا العمل"، أو "ليتني لم أفعل ذلك"، أو "كان في إمكاني فعل ذلك"، ولكي يتخلص من الندم السلبي الذي ينتابه، يجب أن يحوِّل هذه العبارات إلى عبارات امتنان وعرفانٍ بالجميل وشكر على التجربة والحكمة المكتسَبة، عندها سيبدأ الإنسان التفكير في الماضي بشكلٍ مختلف وستبدأ مشاعر الندم بالتغير.

3. 3. التمرين على مسامحة النفس:

من أهم الأمور التي تساعد على التقليل من مشاعر الندم، وتُعزز من ثقة المرء بنفسه، وترفع ثقته بذاته "التصالح مع النفس والتسامح معها"؛ لذا من الأفضل الاعتراف بالخطأ ومسامحة النفس.

3. 4. التمرن على التأكيدات النفسية اليومية:

الكلمات ذات تأثير في الإنسان، خاصةً إذا كانت كلمات تبعث الطمأنينة والتسامح مع الذات؛ لذا من أهم الخطوات للتغلب على الندم والتخلص منه "التمرن على التأكيدات النفسية اليومية"، كأن يقول المرء لنفسه وبشكلٍ يومي مستمر:

  • على الرُّغم من كل أخطاء الماضي إلا أنَّني شخصٌ جيد وأستحق الأفضل.
  • من الطبيعي أن أُخطئ، فلا يوجد إنسانٌ معصوم عن الخطأ.
  • ليس لديَّ أدنى شك بأنَّني أستحق الأفضل، فلقد تعلَّمتُ الكثير من تجارب وأخطاء الماضي.
إقرأ أيضاً: 21 طريقة للتَّعامل مع النَّدم

حكم وأقوال عن الندم:

  1. من يجعل المعروف في غير أهله، يكن حمده ذماً عليه ويندم.
  2. السلو عن الإثم لا يكفي لمحوه، وإنَّما الندم وحده هو الذي يطهر القلوب ويهيئ النفوس للتوبة النصوح.
  3. تمرُّ ساعاته كسنين تعتصرنا بين قطب الندم ووحي الانتقام.
  4. لو ندمنا على الماضي وخشينا المستقبل، لما تبقَّى لدينا وقت لنعيش الآن.
  5. الندم هو الإبصار الذي يأتي متأخراً.
  6. وما أسوأ الندم على أشياء لم نفعلها وكلمات لم نقلها لأحباب فرَّقتنا عنهم الحياة أو الموت.
  7. لا يوجد ما يستحق الندم غير ما يضيع من العمر في هذا الندم.
  8. الندم على السكوت خير من الندم على القول.
  9. تكلَّم وأنت غاضب وسوف يكون أفضل كلام تندم عليه طوال حياتك.
  10. الندم هو الإرث الطبيعي لكبر السن.
  11. من لعب بعمره ضيَّع أيام حرثه، ومن ضيَّع أيام حرثه ندم أيام حصاده.
  12. غريبة هي الأيام عندما نملك السعادة لا نشعر بها ونعتقد أنَّنا من التعساء، ولكن ما إن تغادرنا تلك السعادة التي لم نقدِّرها حق قدرها احتجاجاً ربما علينا حتى تعلن التعاسة عن وجودها الفعلي، فنعلم أنَّ الألم هو القاعدة وما عداها هو الشذوذ عن القاعدة ونندم ساعة لا يفيد الندم على ما أضعنا وما فقدنا.
  13. لا يندم على فعل الجميل أحد ولو أسرف، وإنَّما الندم على فعل الخطأ وإن قلَّ.
  14. لا نفقد دون أسف حتى أسوأ العادات التي هي ربما تلك التي نندم عليها أكثر من غيرها.
  15. زخارف الدنيا أساس الألم        وطالب الدنيا نديم الندم
    فكن خليَّ البال من أمرها فكلُّ ما فيها شقاءٌ وهمٌّ

وبذلك نكون قد قدَّمنا لكم أهم أسباب الندم وأضراره وعلاماته وطرائق التخلص منه.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة