الشخصية العصبية وكيفية التعامل معها

الشخصية العصبية من الشخصيات المنتشرة في عصرنا الحالي، ربَّما بسبب الضغوطات والمشكلات والتوتر، حيث أصبحت هذه الأسباب سمةً من سمات هذا العصر؛ لكن، ما تعريف الشخصية العصبية؟ وما صفاتها؟ وكيف يُمكننا التعامل معها؟ وهل هناك علاج لمثل هذه الشخصيات؟



سنطرح كلَّ ذلك في هذا المقال، فتابعوا معنا.

تعريف الشخصية العصبية:

الشخصية العصبية هي الشخصية التي يكون الشعور السريع بالغضب من أهمِّ سماتها، ويكون هذا الغضب ناتجاً عن:

  • مشكلات في التواصل مع الآخرين، مثل: سوء فهم الأشخاص الآخرين لها، أو معاملتهم لها بسلوك خاطئ.
  • مشكلات نفسية أو شخصية.
  • الشعور بالعجز عن التصرف في بعض المواقف.
  • الشعور بالاستياء من الأشخاص المُحيطين أو الذات.
  • الشعور بقلة الحيلة أو النقص أو الاضطهاد.
  • محاولة إخفاء نقاط ضعفهم وعدم إظهارها للآخرين.
  • الرغبة في تحقيق غايةٍ معينة.

يمكن أن تُسبِّب العصبية المُبالَغ فيها الكثير من المشكلات مع الأشخاص المحيطين.

صفات الشخصية العصبية:

1. يصعب التواصل أو التحدث معها بشكلٍ إيجابيٍّ وهادف:

يصعب على الشخصية العصبية أن تتقبَّل وجهات نظر الآخرين وأفكارهم، وأن تتنازل أو تتخلى عن وجهة نظرها ورؤيتها الخاصة وأفكارها، حتَّى لو لم تكن صحيحة؛ كما أنَّها لا تتقبَّل أيَّ محاولة للتعاون أو فهم الأفكار الصحيحة والمنطقية المطروحة؛ كما من أهمِّ ميزات الحوار معها أنَّها سرعان ما تنتقل من الحوار إلى رغبةٍ شديدة في التمسك برأيها، وإثبات أنَّهُ الأصح بغضب وقوة.

2. يصعب أن تعترف بمشاعرها وتُعبِّر عنها بصدق:

إنَّ من صفات الشخصية العصبية أنَّ لديها العديد من الأفكار المُتناقضة والمشاعر المُختلطة، والتي تعجز عن الاعتراف بها، ونذكر منها:

  • عدم صدقها مع نفسها، وعدم قُدرتها على الاعتراف بالمشاعر العاطفية التي تشعر بها مثل: تأنيب الضمير، أو الخوف، أو الذنب؛ فتلجأ إلى إخفائها والهرب منها عن طريق العصبية والغضب وإثارة المشكلات وعكس المواقف، وذلك بهدف أن تظهر هذه الشخصية بشكلٍ قوي وشديد أمام الأشخاص الآخرين، وأن تفرض سيطرتها.
  • تنظر إلى المواقف على أنَّها تحدٍّ شخصي، ومنافسة يجب عليها أن تثبت نفسها من خلالها؛ كما أنَّ الأفكار والآراء التي يطرحها الآخرون ما هي إلَّا مُحاولات لتهديد سيطرتها، والحدِّ منها.

3. تعكس غضباً جسدياً مُبالغاً فيه:

تُعاني الشخصية العصبية من مشكلة الغضب الجسدي المُبالغ فيه، والتي تؤثر فيها وفي الأشخاص المُحيطين بها بشكلٍ سلبيٍّ كبير، ونذكر من هذه المظاهر:

  • يمكن أن تتصرَّف الشخصية العصبية بغرابة كبيرة في بعض المواقف، فيتحول الغضب المسيطر عليها إلى نوبة ضحك هيستيرية.
  • يمكن أن تُعاني الشخصية العصبية من عدة مشكلات اجتماعية ونفسية وجسدية، وذلك بسبب قضاء الكثير من الوقت بالعصبية والغضب؛ أي أنَّ غضبها ليس حالة مؤقتة وعابرة.
  • تلجأ إلى السلوكات السلبية والعنف عندما تشعر بالاضطهاد، أو عندما يعتدي أحدهم على مُمتلكاتها؛ مثل تكسير الأشياء.
  • ليس لديها القدرة على ضبط انفعالاتها، فيمكن أن تلجأ إلى الصراخ أو القتال.

4. تتميز بمجموعة من الصفات الجسدية الأخرى:

  • عدم القدرة على التصرف بشكلٍ هادئ ومُتوازن، وعدم القُدرة على الاسترخاء؛ وذلك بسبب القلق والتوتر الدائم.
  • توتر العضلات، والتعرق الشديد، وارتفاع الحرارة أحياناً، والرجفان.
  • فقدان روح الدعابة والقُدرة على المُزاح مع الآخرين.
إقرأ أيضاً: الغضب – أنواعه – أسبابه - أهم الطرق لتخفيف من حدته

التعامل مع الشخصية العصبية:

1. اختيار الوقت المناسب للتحدث معه:

إنَّ من أهم الأمور التي تُمكِّنك من التعامل مع الشخصية العصبية: اختيار وتحديد الوقت المناسب للكلام والنقاش حول الموضوعات المختلفة.

2. تجنُّب رفع صوتك في حالة غضب الشخصية العصبية:

حاول قدر المُستطاع ألَّا ترفع صوتك في حالة غضب هذه الشخصية، والتزم الهدوء قدر المُستطاع، والتمس الأعذار، وإلَّا سيسوء الوضع بشكلٍ كبير؛ وإن لم تستطع فعل ذلك، فالحلُّ الأمثل في هذه الحالة هو المغادرة.

3. عدم توجيه الانتقاد للشخصية العصبية، خاصةً أمام الآخرين:

لا يحب الكثير منَّا اللوم أو الانتقاد، أو حتَّى الاعتراف بالأخطاء أمام الأشخاص الآخرين؛ لذا احذر كلَّ الحذر من أن توجِّه أيَّ انتقادٍ أو لومٍ إلى أيِّ شخصيةٍ عصبيّةٍ تعرفها؛ لأنَّ هذا يُعدُّ بداية نهاية علاقتكما.

4. محاولة تفهُّم سبب غضب الشخصية العصبية والاهتمام بحديثها:

يجب أن تكون مُصغياً جيداً إلى الشخصية العصبية، وأن تحاول الشعور بما تشعر به والتفاعل معها.

5. تأجيل العتاب إلى وقتٍ لاحق في حال أخطأت الشخصية العصبية بحقك:

تتصف الشخصية العصبية بطيبة القلب، فعندما تخطئ هذه الشخصية بحقك، لا تُعاتبها مباشرةً، إنَّما انتظر حتى تهدأ، وتحرَّى الوقت المُناسب؛ وستجد عندها أنَّها ستعتذر منك، وتتحول إلى شخصية لطيفةٍ جداً.

6. اعتماد الابتسامة في التعامل مع الشخصية العصبية:

يمكن أن يكون للابتسامة بوجه الشخصية العصبية تأثيرٌ كبيرٌ في كسر حدة حالة الغضب التي تعيشها؛ ولكن يجب أن تكون حكيماً، وألَّا تتحول الابتسامة إلى سُخرية؛ ذلك لأنَّ هذا سيُفاقم الوضع بشكلٍ سيئ.

7. محاولة تغيير وضعية جسم الشخصية العصبية:

يمكن أن يكون لهذا دورٌ جيد في تخفيف حِدّة الغضب، مثل: التنفس بعمق، والمشي قليلاً، وتغيير المكان؛ ولكن يجب الانتباه إلى عدم طلب ذلك بشكلٍ مباشر من هذه الشخصية، لأنَّ ذلك سيُفاقم الوضع.

8. التوقف عن مناقشة الشخصية العصبية إذا شعرت بأنَّ النقاش سيُصبح حادّاً:

إذا شعرت بأنَّ نقاشك مع الشخصية العصبية سيذهب إلى مكانٍ أكثر تعقيداً، ويصبح أكثر حِدةً؛ فحاول بكلِّ حكمةٍ وذكاء أن تغير الموضوع، وأن تُلطِّف الأجواء؛ فعند التعامل مع الشخصية العصبية، يجب أن تمتلك القُدرة على تتبع حالة الغضب لديها.

9. اختيار الكلمات بحكمة قبل نُطقها:

يجب عليك انتقاء كلماتك في أثناء حديثك مع الشخصية العصبية؛ لذا اختر العبارات المُهذبة والكلمات اللطيفة، وحاول تجنب النقاش الحاد والعبارات غير اللائقة، أو تذكير هذه الشخصية بالمواقف التي تُسبب لها الإزعاج.

10. تجنُّب نُصح الشخصية العصبية في حالة غضبها:

عليك الاحتفاظ بنصائحك، ومحاولة تقديمها بوقتٍ مُناسب، لتتمكَّن الشخصية العصبية من تقبُّلها؛ إذ لن يزيد نُصحك لها في وقت الغضب الأمر إلَّا سوءاً.

إقرأ أيضاً: 6 طرق ذكية للتعامل مع الشخص العصبي

ما الأسباب التي تجعل الشخص عصبياً؟

  1. سيطرة البؤس الداخلي على الشخص، والانفعال والغضب على أتفه الأمور وأبسطها؛ وذلك بسبب الحزن الكبير الذي يمكن أن يكون نتيجةً لفقدان شخص قريب جداً منه.
  2. الغضب، وعدم الارتياح، بسبب القلق والتوتر الناتجان عن خلافات العمل والمشكلات والضغوطات اليومية.
  3. تعرُّض الشخص إلى بعض المواقف التي من شأنها الإساءة إليه، الأمر الذي يُثير غضبه ويؤذي مشاعره، مثل: الانتقاد السلبي، أو الشتائم، أو الرفض من قبل الأشخاص الآخرين.
  4. المناخ، والظروف البيئية، والأحوال الجوية المزعجة، فمثلاً: يمكن أن يُسرِّع ارتفاع درجات الحرارة بشكلٍ كبيرٍ ومزعج من الحالة الانفعالية للشخص.
  5. الإحساس بالإحباط أو الفشل أو الخسارة والاستياء الذي يمكن أن يُسبِّبه فقدان الشخص فرصةً لتحقيق أهدافه التي يطمح لها، والتي يمكن أن تجعل الشخص سريع الغضب وعصبياً.

علاج الشخصية العصبية:

1. محاولة تعلُّم تقنيات الاسترخاء:

إنَّ من أهم المهارات التي يُمكنك من خلالها التغلب على الإجهاد والتوتر: مهارة الاسترخاء، وهي مهارة يمكن لأيِّ شخصٍ أن يكتسبها ويتعلّمها، وتُعدُّ تمرينات التنفس العميق من أسرع التمرينات التي يمكن لها أن تُخفِّف من حدة التوتر، ويمكن مُمارستها بأي وقتٍ وفي أيِّ مكان، ومن هذه التقنيات:

  • قضاء بعض الوقت مع حيوان أليف.
  • تمرينات اليوغا.
  • العلاج العُطري.
  • مُمارسة التمرينات الرياضية.
  • المساج والتدليك.
  • التأمل.

2. الاستعداد للمواقف المختلفة:

إنَّه لمن المعروف أنَّه لا يمكن التخطيط والتنبؤ بكلِّ الأحداث التي يمكن أن تقع في الحياة، ولكن من المُستحسن أن يستعدّ الشخص العصبي مُسبقاً للمواقف المُختلفة التي يمكن أن تواجهه، فهناك بعض المواقف الاجتماعية ومواقف العمل التي يمكن للشخص العصبي أن يتهيأ لها مُسبقاً، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر:

  • مُصاحبة أحد أفراد العائلة أو أحد الأصدقاء إلى مناسبةٍ أو موعد.
  • إذا كان لدى الشخص العصبي اجتماعٌ أو عرض تقديمي، فيجب عليه التدرب جيداً.

3. تقبُّل الشعور بالعصبية:

على الشخص العصبي أن يُذكِّر نفسه دائماً بأنَّ العصبية أمرٌ طبيعي، وأنَّ كلَّ شخصٍ مُعرَّضٌ إلى الشعور بالعصبية عند مواجهته التحديات والظروف الصعبة التي قد تواجهه؛ كما سيكون لتخلّي الشخص العصبي عن خوفه والتسليم والقبول بأنَّ العصبية أمرٌ طبيعيٌّ جداً، دورٌ كبيرٌ في مُساعدته على مُراقبة أعصابه والتحكم بها.

4. التفكير بإيجابية:

إنَّ الأسباب التي تدفعك إلى العصبية غالباً ما تكون نتيجة عدم الثقة أو القلق من أنَّك ستفسد الأمور؛ لكن، عندما تبدأ الشعور بأنَّك ستفقد السيطرة على أعصابك، فكّر مباشرةً بشكل عقلاني وإيجابي، وابتعد عن التفكير بسلبية، وتصور النتيجة المرجوة مُحققة.

5. تواصل الشخص العصبي مع شخصٍ مُقرب منه:

سيساعد تواصل الشخص العصبي مع شخص مُقربٍ منه -مثل: الوالد، أو الوالدة، أو أحد الأصدقاء الذين يثق بهم- ومُشاركته مشاعره معهم، على وضع الأمور في نصابها، وتُمكِّنه من السيطرة على عصبيته والتفكير بشكلٍ أكثر إيجابية، ويُقلل من التوتر والقلق لديه.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة