الشخص المتسرع: صفاته، ونتائجه السلبية، وكيفية التعامل معه

مَن منَّا لم يُصادف في حياته شخصاً يُعاني من التسرع، سواء في الردود، أم في اتخاذ القرارات، أم في ردات الفعل، ومن سلبيات الشخصية المتسرعة التقلُّب الشديد في العاطفة، والتغير في المواقف لأتفه الأسباب؛ لذا نجد حياتهم غير مستقرة، كما نجد صعوبةً في التعامل معهم.



ما هو التسرّع؟

يُعرَف التسرع على أنَّه التصرف بسرعة وعجلة، دون تفكير، أو تدقيق في عواقب الأمر، أو المفاضلة بين الخيارات، واختيار الأنسب، وغالباً ما ينطوي التسرع على التهور والمجازفة، وفي بعض الأحيان قد يصل لارتكاب الحماقات.

صفات الشخص المتسرع:

  • غالباً ما نجد الشخص المتسرع صاحب علاقات مؤقتة.
  • يُعاني الشخص المتسرع من نفاد صبره بسرعة.
  • يُغيِّر صاحب الشخصية المتسرعة، مواقفه بسرعة، وذلك بناءً على الأحداث اليومية، والأخبار المتناقلة، دون التأكد من صحة الموضوع، أو التثبت والتحقق.
  • يضع صاحب الشخصية المتسرعة في حسبانه ما يقوله الآخرون، والقيل والقال، ويبني آراءه بناءً على ذلك.
  • يكون الشخص المتسرع شخصاً شديد الانفعال؛ وبالتالي تكون قراراته مبنية على المزاجية الانفعالية، وليس على العقلانية والموضوعية.
  • من صفات الشخص المتسرع الأنانية، وحب الظهور، ومحاولة لفت الانتباه، والمبالغة في الكلام.
  • يتسرع صاحب هذه الشخصية في الإجابات والكلام، دون التفكير قبل التكلم، وغالباً ما يقع في الأخطاء، وتكون العواقب وخيمةً.
  • لا يتحمَّل الشخص المتسرع مسؤولية كلامه أو أفعاله، لأنَّه لا يُقدِّر النتائج، فيتفاجأ بها، ويتهرب من مسؤوليتها، ويخشى المواجهة بالأدلة والحجج.
  • يُصاب الشخص المتسرع بالملل بسرعة شديدة؛ لذا نجده كل يوم في عمل، فعند أيَّة مضايقة أو مشكلة صغيرة، يأخذ قراراً مُتسرعاً بتركه دون التفكير بالعواقب، حتى دون وجود وظيفة بديلة.
  • متسرعٌ في اتخاذ قراراته، وفي إطلاق أحكامٍ عشوائية، وغالباً ما يندم بعد ذلك، ويتمنى لو يعود به الزمن، ليُغيِّر ما قرر وما حكم.
  • في حال حصول سوء تفاهم مع أحدهم، يُسارع الشخص المتسرع إلى قطع العلاقة دون إعطاء الفرصة للطرف الثاني بشرح وجهة نظره، أو تقديم تبريراته.
إقرأ أيضاً: الشخصية المستسلمة: تعريفها، صفاتها، أسبابها، وطرق معالجتها

التعامل مع الشخص المتسرع:

عندما نتعامل مع الشخص المتسرع، نشعر وكأنَّنا نسير في حقل من الألغام، ونخشى انفجار أحدها في أيَّة لحظة، لأنَّه قد يُفاجئنا بقرار غير متوقع، أو بإصدار حكمٍ على أحدهم قبل ثبات الدليل؛ لذا هناك بعض الاستراتيجيات للتعامل مع الشخص المتسرع:

  • عند الحديث معه وتبيان تأثير التسرع فيه، والتعبير عن استيائنا من هذه الصفة في التعامل معه.
  • محاولة تغيير هذه الصفة لدى الشخص المتسرع؛ وذلك بمساعدته على التخلص منها، كأن نطلب منه التفكير والتروي قبل اتخاذ قرار ما، ففي الحالات التي تتطلب قراراً ما، نُحاول أن نطلب منه عدم التسرع والتفكير ملياً، كأن نقول له: "لا تُقرر الآن، خذ مهلةً للتفكير".
  • في حال كان الشخص المتسرع مديرنا في العمل ويطلب السرعة في تسليم الأعمال، يكون من المفيد هنا إظهار ضيقنا من هذا الأمر، كأن نقول له: "نحن نشعر بالتوتر عندما تطلب منا الإسراع في العمل، وهذا المشروع يحتاج لبعض الوقت حتى يُنجَز بالشكل الصحيح، فهل يمكِن منحنا الوقت الكافي له؟"
  • يجب تجنُّب استخدام كلمات مثل: "اهدأ، أنت شخص متسرع"، لأنَّها قد تدفعه لرد فعل أكبر.
  • البحث عن تأثير التسرع بالصحة وإخباره بذلك؛ إذ غالباً ما يترافق التسرع بالتوتر، مما يُؤثر سلباً في صحة الإنسان.
  • لا نأخذ كلامه ووعوده على محمل الجد؛ إذ إنَّها غالباً ما تكون آنيَّةً وقابلة للتغيير في أيَّة لحظة.
  • الحذر عند التعامل معه، خاصةً في الأمور المصيرية، كالارتباط، أو تعاملات البيع والشراء.
  • أن ننصح الشخص المتسرع، بممارسة تمرينات التنفس العميق، حيث أثبتَت هذه التمرينات فاعليتها في تهدئة النفس والتحكم في الانفعال والتسرع.
  • يُعَدُّ العد التنازلي من العادات التي تُساعد في التخلص من طبع التسرع؛ لذا عندما نكون برفقة شخصٍ مُتسرعٍ وكان مطلوب منه اتخاذ قرار، أو إبداء رأي، من المفيد أن نطلب منه العد التنازلي؛ أي العد بطريقة معاكسة قبل التكلم.
  • تدريب الشخص المتسرع على الاستماع؛ إذ إنَّه من تسرُّعه يُسارع إلى المقاطعة ولا ينتظر حتى يُنهي الشخص المتكلم حديثه؛ لذا نُحاول دائماً الطلب منه الاستماع والانتظار لنهاية الحديث، ثمَّ التكلم والرد.

النتائج السلبية المترتبة على التسرع:

يعود التسرع بنتائج وخيمة على صاحبه، مثل:

  • الندم: يُعَدُّ الندم والبكاء على الأطلال نتيجةً طبيعية للشخص المتسرع؛ فالكلام واتخاذ القرار والتصرف دون تفكير أو رويَّة، حتماً سيُولِّد نتائج غير محمودة.
  • الفشل: غالباً ما يكون الفشل مصير الشخص المتسرع؛ إذ إنَّ كل عمل يتم بسرعة دون دراسته جيداً، وعدم معرفة أبعاده، ومقارنة الخيارات المتاحة، ستكون نتيجته الفشل حكماً.
  • خسارة الأصدقاء: وكما قلنا، يُسارع الشخص المتسرع في إصدار الأحكام، وقطع علاقاته بالأشخاص، لمجرد سماعه كلام عنهم دون التحقق منه، أو لسوء تفاهم حصل معهم دون الانتظار لمعرفة مبررات سلوكهم.
  • تضييع الفرص: كثيراً ما يُضيِّع الشخص المتسرع الفرص على نفسه، بسبب تسرُّعه، ولا يُدقِّق فيما يُعرض عليه، ولا يلتمس أنَّها كانت فرصةً إلا بعدَ فوات الأوان.
  • ابتعاد الناس عنه: لا يأخذ الناس كلام الشخص المتسرع على محمل الجد، وغالباً ما يتجنَّبون التعامل معه، أو الارتباط به بقصد الزواج؛ وذلك لعدم الشعور بالأمان والاستقرار معه لمواقفه وردَّات فعله المتسرعة دون التفكير بتبِعات الأمر.

قصة مؤثرة عن التسرع:

يروي أحد الأشخاص أنَّه كان راكباً في القطار، وكان الركاب جالسين بسكينة، منهم ما يقرأ الصحف، ومنهم من هو في حالة استرخاء، مستغرقاً في التفكير، وفجأة يصعد رجل مع أطفاله، وسرعان ما يملأ ضجيجهم عربة القطار؛ إذ بدؤوا بتبادل الصياح، وتقاذف الأشياء، وكان الأمر مُزعجاً للركاب.

كان والد الأطفال جالساً مُغلقاً عينيه، متغافلاً عن الموقف كله، فاستغربَ الركاب من تبلُّد الأب، والسماح لأطفاله بهذا الشغب وإزعاج الآخرين، دون أن يُحرِّك ساكناً، فنفد صبر أحد الركاب، وخاطبَ الأب مستنكراً: "إنَّ أطفالك يُسببون الإزعاج لنا، وإنِّي لأعجب أنَّك لا تضبطهم، فهل أنت عديم الإحساس؟!".

فتح الأب عينيه وقال بلطف: "نعم، إنَّك على حق، عليَّ أن أفعل شيئاً تجاه الأمر، - لقد خرجنا للتو من المستشفى - حيث لفظَت والدتهم أنفاسها الأخيرة منذ ساعة واحدة، إنَّني عاجز عن التفكير ولا أعلم كيف أقول لهم الخبر!".

يقول راوي الحكاية: "تخيَّلوا شعوري آنذاك، امتلأ قلبي بآلام الرجل، وشعرتُ بالإحراج من نفسي، ومن تسرُّعي بالحكم عليه بأنَّه عديم الإحساس".

تُبيِّن لنا هذه القصة، كم نُخطئ عندما نتسرع ونُطلق الأحكام على الآخرين، دون سماع أسبابهم وتبريراتهم.

إقرأ أيضاً: أغرب الشخصيات في علم النفس وصفاتها

اقضِ على تسرُّعك قبل أن يقضي عليك:

لن يُثمر عليك التسرع إلا المصائب والخسارات من فقدان عملك لهدم علاقة جميلة، أو بيتٍ سعيدٍ لضياع الفرص؛ لذا اقضِ على هذا المرض قبل أن يقضي على حياتك، وكن شخصاً متأنياً وصبوراً وصاحب قرارات حكيمة، ويتأمل قبل أن يتكلم، ويمتاز بالعقلانية وحسن الاختيار، وتحصيل نتائج مُرضِية وآمنة.

وتذكَّر دائماً المَثَل القائل: "في التأنِّي السلامة وفي العجلة الندامة".

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة