الروتين الممل للعمل وكيف تتعامل معه

تعود من عملك اليومي إلى منزلك وما إن تصل حتى تنهال عليك الأسئلة من عائلتك، كيف كان يومك؟ وماذا فعلت اليوم في عملك؟ وهل تناولت الطعام خلاله؟ وهل قابلت أناساً جدد؟ وهل كوَّنت صداقات جديدة؟ وهل سيمنحونك مكافأة مالية أو سيزيدون رابتك؟ وعادة ما تكون إجابتك واحدة لجميع تلك الأسئلة: "لا يوجد جديد"، وإذا ما خرجت في عطلة نهاية الأسبوع لتقابل أصدقاءك، تُطرح عليك نفس الأسئلة وكذلك تكون إجابتك: "لا يوجد شيء جديد أو أي تغيير يُذكر"، وأنَّك تمارس نفس المهام بشكل يومي.



فإذا كنت ممن يعطون تلك الإجابة، فلا بد أنَّك لم تَعُد تجد أي شيء مثيراً أو مختلفاً في عملك، ولا بد أنَّك تعاني من ملل روتين العمل اليومي.

ما هو روتين العمل؟

هو القيام بنفس المهام وتكرارها بشكل يومي؛ وهذا يدفع بالملل إلى نفوس العاملين، ويجعلهم يقومون بالمهام المطلوبة بشكل آلي لمجرد القيام بالدور المنوط بهم بعيداً عن طرح أي تغيير أو فكرة جديدة أو بذل المزيد من الجهد للارتقاء بذلك العمل وتحسينه، وهذا الروتين لا يضر فقط بالموظف نفسه؛ بل بالشركة أو المؤسسة التي يعمل لديها؛ إذ يؤثر ذلك في إنتاجيتها وجودة الخدمات والمنتجات التي تقدمها، وكذلك في استقطاب الزبائن والعملاء وفي سمعتها كذلك.

علامات الملل من العمل ووقوعك ضحية الروتين:

  1. عدم الرغبة في الذهاب إلى العمل.
  2. تراكم المسؤوليات وانخفاض أدائك بالمقارنة مع زملاء العمل الآخرين.
  3. الإحباط من عدم استثمار خبراتك العلمية في الوظيفة التي تعمل بها.
  4. البحث في إعلانات التوظيف بكثرة بهدف الحصول على وظيفة أفضل.
  5. غير مكترث لنتائج العمل وتأثيره في عمل المؤسسة أو الشركة وفي ربحها أو خسارتها.
  6. الاكتئاب النفسي: يقلل الروتين النشاط ويبدأ الفرد بالشعور بالفراغ الذي ينتهي في حلقة مفرغة تقوده إلى حالة من الاكتئاب النفسي.
  7. فقدان الحافز أو الدافع لممارسة ذلك العمل.
  8. غير مهتم بالمنصب الذي تشغله في الوظيفة ولا يعنيك فقده.

أسباب الملل من العمل (روتين العمل):

  1. عدم توافق خبرات الموظف ومؤهلاته العلمية مع الوظيفة التي يشغلها:
    قد يضطر أحد الأفراد للعمل في وظيفة لا تتناسب مع شهادته العلمية ولا خبراته، فيجد نفسه مرغماً على تأدية المهام دون أن يستطيع إحداث فرق في التعاطي معها، فيفقد الحافز والدافع للعمل، ويرى أنَّ واجبه ينحصر في تنفيذ التعليمات بحذافيرها فقط.
  2. عدم تناسب العائد الشهري من المال مع الجهد الذي يبذله الموظف؛ وهذا يدفعه لحصر تفكيره في أداء المطلوب بأقل جهد ممكن.
  3. ضعف الحوافز التشجيعية الممنوحة من الإدارة سواء المادية أم المعنوية وعدم تقديرها للعمل والجهد الذي يقدمه بعض الموظفين.
  4. الإحباط الذي يصيب الموظف نتيجة تفوق قدراته ومواهبه على متطلبات الوظيفة التي يشغلها.
  5. انتشار الفساد الوظيفي وانعدام النزاهة وتعارض ذلك مع أخلاقيات العمل لدى الموظف.

شاهد بالفديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

كيف تتغلب على روتين العمل الممل؟

  1. اترك القلق جانباً واعرف أنَّ الإنسان بطبعه كائن بشري يحب التغيير؛ لذا شعورك بالملل لفترة قصيرة وانخفاض الإنتاجية بشكل مؤقت لن يسبب مشكلة؛ بل تحدث المشكلة إذا استمر هذا الملل لفترة طويلة نسبياً وازدادت عواقبه.
  2. ضع أهدافك بشكل مسبق، فيجب أن يكون لكل تفصيل خاص بوظيفتك هدف، وتأكد من وصولك إليها؛ فعندما نضع هدفاً محدداً، نشعر بالحماسة ونريد بذل الطاقة لتحقيقه بنجاح.
  3. ابدأ اليوم بشكل جيد، فلا بأس بالقيام ببعض التمرينات الرياضية التي تعمل على تنشيط الجسم إن سمح لك الوقت بذلك، وتناول وجبة من الفطور، وحيِّ عائلتك وابتسم، وفكر في الأشياء الممتعة التي سوف تصادفها خارج المنزل كأصدقائك في العمل، وتعرَّف إلى أناس جدد يملكون خبرات مختلفة يمكن أن تستفيد منها.
  4. انظر إلى الوظيفة نظرة إيجابية، وفكر في أنَّ الوظيفة التي تعمل فيها تمثل حلماً بالنسبة إلى غيرك من الأفراد، وبأهمية هذه الوظيفة بالنسبة إليك ولعائلتك ولمجتمعك، وكيف ستكون حالتك دونها سواء المادية أم المعنوية.
  5. لا تبقَ جالساً مدة طويلة في مكان العمل، فخذ قسطاً من الراحة، وقم من كرسيك وتحرك قليلاً في أرجاء المكان، وأجرِ حديثاً بسيطاً ومختصراً مع زميل آخر لتنشط جسمك وعقلك.
  6. لا تفكر في الماضي والأخطاء التي قمت بها في أثناء العمل؛ بل يجب عليك أن تفكر كيف ستمنع حدوث تلك الأخطاء من جديد.
  7. لا تحرم نفسك من وجبة الطعام فيما إذا كنت تعمل عدد ساعات كبير، وتناول أشياء تحبها لتمنح جسمك الطاقة وتبقيه نشطاً وتبعده عن الكسل.
  8. أحدِث بعض التغييرات في مكان العمل إذا كان ذلك متاحاً لك، وغيِّر مكان الكرسي والمكتب، وأحضر بعض نباتات الزينة، وقم بأشياء بسيطة تبعث على البهجة في المكان.
  9. استمع للموسيقى التي تحبها، والتي تبعث بداخلك السعادة، فهي تكسر الروتين وتجعل من أدائك لمهامك عملية ممتعة دون أن تشعر بالوقت.
  10. ابحث عن عمل جديد؛ فإذا كنت ممن يرون أنَّ المؤهلات التي تملكها تستحق وظيفة أفضل أو مكان أفضل، فعليك بدء البحث عنها، فربما تجد طلبك، وإن لم يحدث ذلك، فسوف تصل إلى قناعة بأهمية العمل الذي تقوم به ويصبح لديك الحافز لبذل الجهد لتحبه وتعمل على تطوير ما يمكنك تطويره من مكانك هذا.
  11. غيِّر في طريقة الوصول إلى الوظيفة؛ فيمكنك مثلاً أن تنزل من الحافلة قبل مسافة من مكان العمل وتكمل الطريق مشياً على الأقدام، فذلك يبعث فيك النشاط والحماسة للعمل، ولا يكون ذلك بشكل دائم؛ إنَّما فقط في حالات كسر الروتين.
  12. تحدَّث إلى مديرك واطلب منه إسناد مهام مختلفة إليك أو انقل له رغبتك في تجربة أعمال جديدة أو العمل في مشاريع جديدة تتناسب مع الخبرات التي تمتلكها إن أمكن ذلك، ولا تقلق من فعل ذلك خوفاً من رفض المدير لذلك أو أن يكون رد فعله سلبياً جداً، فيجب عليك أن تكون على معرفة ودراية بطريقة تفكير مديرك، وعليك أن تجد سبيلاً لنقل فكرة أنَّك لست شخصاً كسولاً؛ وإنَّما أنت بحاجة إلى فرصة حقيقية تثبت فيها نفسك.
  13. انخرط في الدورات التدريبية التي تجريها المنظمات لعامليها لرفع كفاءتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم؛ أي مختلف دورات الموارد البشرية.
  14. اكتب قائمة بالمهام التي يجب عليك القيام بها، ورتِّبها من حيث حبك لها، وابتكر طرائق جديدة لتأدية كل منها لا سيما التي لا تفضِّل القيام بها عادة، وفكر ما الذي يجب فعله لتجعل النشاطات التي تحب القيام بها أكثر قيمة وخدمة للمنظمة.
  15. اضبط مواعيدك وأدِر وقتك إدارة جيدة؛ فعندما يبدأ الملل يتسلل إليك تميل لإنجاز المهام بشكل آلي وبطيء؛ لذا يجب عليك أن تعمل على إنجاز كل مهمة في وقت محدد كنوع من التحدي لكسر الروتين.
  16. تعرَّف إلى المزيد عن عملك وتابع كل التطورات المتعلقة به؛ فمثلاً إذا كنت تعمل مديراً للتسويق في إحدى المنظمات، يمكنك الطلب من الإدارة أن تلتحق بإحدى الدورات التدريبية لتطوير مهاراتك، كما يمكنك الاطلاع على الكتب التي تعنى بذلك وآخر استراتيجيات التسويق، وكل ذلك سيبدو جيداً من أجلك ومن أجل عملك وبنفس الوقت لكسر ذلك الروتين الممل، فأنت إنسان يجب أن تبحث عن التعلم في كل خطوة تقوم بها.
  17. خذ عطلة من العمل لعدة أيام أو أسبوع، وفكر في مشكلاتك بهدوء لتستطيع إيجاد الحلول المناسبة لها ومن ثم تعود إلى العمل مليئاً بالدافع لمتابعة حياتك بشكل سليم؛ فأحياناً يكون الملل من العمل بسبب القلق والضغوطات في حياة الفرد الشخصية وليس العمل بحد ذاته.
  18. بالنهاية أفضل نصيحة يمكن أن تُقدَّم لك بصفتك موظفاً يريد التخلص من الملل في العمل هي أن تضع خطة عامة لجميع جوانب حياتك الخاصة والعملية؛ أهدافك، ورغباتك، وطموحك، وما الذي تملكه لتحقيقها، وما الذي تحتاج إليه للتقدم نحوها، فارسم طريق حياتك بالشكل الذي تحبه أن يكون.

كيف تساعد بصفتك مدير منظمة ما على كسر روتين موظفيك؟

  1. وفِّر بيئة عمل مريحة للعاملين وأعطهم مساحة من الحرية لجعل تنظيم المكتب بطريقة محببة لهم، كما يجب إعطاءهم أوقات للاستراحة ليتسنى لهم تبادل الأحاديث والخبرات أيضاً وإنهاء حالة جمود العمل.
  2. اعتمد على مهارات القيادة في تعاملك مع موظفيك، فشخصية المدير المريحة وابتسامته تهوِّن من أعباء عمل الموظفين.
  3. أعد توزيع مهام العمل بين موظفيك لتساعدهم على تنشيط تفكيرهم بتعلم أشياء جديدة.
  4. اسعَ إلى إلحاق موظفيك بدورات تدريبية ببرامج مختلفة، بهدف صقل مهاراتهم وخبراتهم ومواكبة كل جديد في مجال العمل الذي يقومون به أولاً ومن أجل كسر الروتين ثانياً.
  5. حفِّز العاملين؛ فيجب عليك بصفتك مديراً أن تقدم التحفيز للعاملين سواء التحفيز المعنوي كالترقية في العمل أم منحهم شهادات تكريم، أم مكافآت مادية أم علاوة على الراتب بين فترة وأخرى.
إقرأ أيضاً: التحفيز وتأثيره الإيجابي على حياة الإنسان ونجاحهِ العملي

الخلاصة:

يجب على كل فرد يعاني من روتين العمل الممل أن ينظر إلى الجانب المشرق من حياته بأنَّه على الأقل يمتلك عملاً ويبدأ بالبحث عن الأنوار الموجودة فيه، وإنَّ أي تغيير بسيط في أداء مهامك ربما يفتح لك آفاقاً جديدة لم تتوقعها، فكل ما عليك فعله هو البدء بالتفكير في كيفية التغيير وجعل ذلك العمل هاماً ومبعث فرح لديك.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة