الذكاء العقلي (IQ) والذكاء العاطفي (EQ)

هل تنفجر غضباً على أي شخص كان، ولأي سبب كان؟ هل تندفع إلى القيام بأعمال مكلفة مادياً ومعنوياً وأنت في غنى عن ذلك؟ هل تعيش مضطرباً متوتراً ليومين؛ وذلك لأنَّ أحدهم وجَّه ملاحظة قد لا تكون معنياً بها؟ سنتحدث في هذه المقالة عن الذكاء العقلي والذكاء العاطفي.



الفرق بين الذكاء العقلي والذكاء العاطفي:

إنَّنا نملك دماغين يتمثلان في نصفي الكرة المخية: الأول انفعالي عاطفي، والثاني منطقي؛ حيث ينظم القسم الأيسر العمليات المنطقية، بينما يتحكم الأيمن في المشاعر وعمليات التخيل والإبداع، وغالباً عندما نريد أن نقيِّم شخصاً ونقيس قدراته يتجه تفكيرنا تلقائياً نحو قياس ذكائه المنطقي على أنَّه ركنٌ من أركان النجاح والتميز لا يتمَّان إلا به.

وظل هذا المفهوم سائداً فترة طويلة من الزمن، إلى أن أثبتت الدراسات والتجارب الواقعية ما يجعلنا نشك في انفراد الذكاء المنطقي كسبب وحيد للتفوق والنجاح.

وبناءً على هذا ولدى تعريفنا للذكاء ينبغي ألا نركز على جانب الذكاء المنطقي الرياضي ونغفل الجوانب الأخرى كحال التعريفات المختلفة التي نقرأها هنا وهناك، ولعل التعريف الذي تصدَّر صحيفة "وول ستريت جورنال" ينسجم انسجاماً جيداً مع النظرة الجديدة، "الذكاء هو استعداد عقلي يستلزم وجود القدرة على إعمال الفكر واستباق الأمور وحل المشكلات والتفكير المجرَّد وفهْم الأفكار المعقَّدة والتعلُّم السريع والاستفادة من التجارب، وغيرها من الأمور، وتلك القدرة ليست قدرة على القيام بالواجبات المدرسية وحدها، ولا ملكة بالمعنى الأكاديمي الضيق، ولا جهوزية للنجاح في اختبارات الذكاء IQ؛ بل إنَّها تعكس قدرة أكثر اتساعاً وعمقاً على فهْم ما يحيط بنا، وعلى الإدراك الفوري وإعطاء المعنى للأشياء واستنباط الحلول العملية".

فهذا التعريف ينسجم مع ما نراه من نجاح بعضٍ ممَّن نعدُّهم متوسطي أو ضعيفي الذكاء نجاحاً مبهراً، وبلوغهم مصاف أصحاب الفعل والتغيير والتأثير، في حين يعجز كثيرون من الأذكياء وذوي الإمكانات العقلية الممتازة عن تحقيق الحد الأدنى من أهدافهم.

فالمقياس الحقيقي للذكاء لا يقتصر على معدل الذكاء المنطقي (IQ)؛ بل يتجاوزه إلى معدل الذكاء العاطفي Emotional (EQ).

ما هو قانون الذكاء العقلي؟

يقوم قانون الذكاء العقلي على مدى اكتساب المرء لمجموعة من القدرات الذهنية للمرء استخدامها من أجل استيعاب المعلومات التي ترد إلى المرء، وتحليل هذه المعلومات، والحصول على النتائج التي يمكن استخدامها خلال سير يوميات الحياة.

1. مفهوم الذكاء العقلي (IQ):

يقيس معدل الذكاء العقلي مقدرة الفرد على إجراء المعالجة البصرية والمكانية، والقدرة على اكتساب معرفة عن العالم، وامتلاك المنطق المرن، ومدى امتلاك المرء لذاكرة عاملة طويلة الأجل أو قصيرة الأجل، وامتلاك المرء للمنطق الكمي.

إقرأ أيضاً: ما هي أنواع الذكاء؟ وكيف تعرف نوع ذكائك؟

2. أهمية الذكاء العقلي:

للذكاء العقلي أهمية كبيرة وخاصة بما يتعلق بموضوع التحصيل العلمي والأكاديمي، والقدرة على اكتساب مهارات مادية جديدة كتعلم اللغات أو تعلم مهنة ما، وكذلك تأتي أهمية الذكاء العقلي في تلقي المعلومات وتحليلها من أجل استخلاص أفضل النتائج التي يمكن استخدامها خلال الحياة اليومية.

3. كيفية قياس الذكاء والقدرات العقلية:

الذكاء العقلي (IQ) هو عبارة عن مقدار مادي يمكن حسابه من خلال معادلة تقوم على المبدأ التالي:

قسمة العمر العقلي للمرء على العمر الزمني له، ومن ثم ضرب الناتج في 100 فعلى سبيل المثال إن كان العمر العقلي لفرد ما 20 عام وعمر الزمني ال30 عام فيكون حساب معدل الذكاء العقلي كالتالي:

(20/30) * 100 = 66.66

ما هو قانون الذكاء العاطفي؟

1. مفهوم الذكاء العاطفي (EQ):

أما عن معنى الذكاء العاطفي وكما يقول "جيل آزوباردي" في كتابه "اختبر ذكاءك العقلي والعاطفي" فهو يشمل ما يلي:

  1. القدرة على تمالك الذات.
  2. التحكم بالاندفاعات العاطفية.
  3. الاستماع إلى صوت العقل.
  4. المحافظة على الهدوء في جميع الظروف.
  5. التفاؤل على الرغم من المصاعب والمحن.
  6. القدرة على فهْم المشاعر الشخصية.
  7. القدرة على قراءة مشاعر الآخرين.
إقرأ أيضاً: اختبار الذكاء العاطفي (الانفعالي)

2. أهمية الذكاء العاطفي:

تأتي أهمية الذكاء العاطفي من كونه أنه يعدّ واحداً من أهم معايير النجاح في الحياة، وعلى مختلف أصعدتها، فعلى سبيل المثال بات امتلاك مهارات الذكاء العاطفي واحدةً من أهم معايير القبول الوظيفي، كما باتت مهارات الذكاء العاطفي من معايير النجاح والأداء العالي، إذ تدل كل الدراسات أن 80% من أصحاب مهارات الذكاء العاطفي مؤهلين للنجاح في عالم الأعمال في مقابل 20% فقط من أصحاب الذكاء العادي، كما للذكاء العاطفي أهمية كبيرة في الحياة العامة والعلاقة مع الآخرين سواء العائلة أم المحيط الخارجي، لما له من دور كبير في تمتين العلاقات وتقوية أواصر التعاطف مع الآخرين.

شاهد بالفيديو: 6 صفات تدلّ على صاحب الذكاء العاطفي

3. مكونات الذكاء العاطفي:

وحدد "توماس هاتش" و"هوارد غاردنر" أربع قدرات منفصلة بوصفها مكونات الذكاء المتفاعل بين الأفراد، وهي:

  1. تنظيم المجموعات: وهي القدرة التي يتمتع بها المخرجون والعسكريون والقادة المؤثرون في العاملين معهم.
  2. الحلول التفاوضية: وهي الموهبة التي يتحلى بها الوسيط الذي يمنع وقوع المنازعات ويستطيع إيجاد الحلول لها مرضياً جميع الأطراف.
  3. العلاقات الشخصية: وهي فن العلاقات بين البشر، والتي تعني إقامة علاقات طيبة مع كل الناس، وبث روح السعادة والتفاؤل فيهم.
  4. التحليل الاجتماعي: يتمثل في القدرة على اكتشاف مشاعر الآخرين ببصيرة نافذة، والتعرف إلى اهتماماتهم ودوافعهم، وسهولة إقامة العلاقات والمحافظة عليها.

إنَّ الهالة التي أُحيط بها الذكاء العقلي بدأت تفقد بريقها، وبدأ الذكاء العاطفي يأخذ مكانه الطبيعي، ففي الولايات المتحدة الأمريكية بدأت المدارس تخصص دروساً للتربية الانفعالية والعاطفية من أجل الحد من العدوانية والعنف عند المراهقين.

كما راج مؤخراً الشعار التالي: "الذكاء العقلي يمكِّنك من الحصول على الوظيفة، أما الذكاء العاطفي فيجعلك ترتقي نحو الأفضل"، فالحاضر يشهد نهوض قيم جديدة هي الحدس والرقة والتعاطف والتشاور والمشاركة الواعية، ولا شك أنَّ العقل وحده لا يقود الإنسان، فالعاطفة أيضاً تقوده وتتحكم بقراراته، وخصوصاً عندما يكون الإنسان مقتنعاً بعكس ما يفعله.

وقد طلب معهد بيل لابس (Bell Labs) في مؤسسة AT&T's عملاق تكنولوجيا الاتصالات في الولايات المتحدة الأمريكية من دانييل غولمان – عالم نفس من جامعة هارفرد ومؤلف كتاب الذكاء العاطفي - أن يُجري فحصاً لكبار الخبراء في المؤسسة، وكانت النتيجة أنَّ أفضل الباحثين لم يكونوا أولئك الذين يتمتعون بأفضل معدل للذكاء العقلي والذين يحملون أرفع الشهادات؛ وإنَّما كان المتفوقون أولئك الذين أهَّلتهم مزاياهم الشخصية لاحتلال مكانة هامة ضمن زملائهم في الشركة، وخاصة في مراحل الأزمات أو الابتكارات الجديدة بحيث كانوا محبوبين وقادرين على اجتذاب الدعم والمساندة من الجميع.

وأُجرِيت دراسة أخرى في الولايات وأوروبا من قِبل (Center Of Creative Leadership) لفهم أسباب فشل الكثير من الشبان والشابات ذوي المؤهلات العبقرية الواعدة، وقد توصَّلت هذه الدراسة إلى النتائج ذاتها: سبب الفشل هو تدنِّي معدل الذكاء العاطفي وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين، فالفشل في العمل غالباً ما ينشأ عن أسباب عاطفية أكثر مما ينشأ عن نقص في المؤهلات التقنية، فالذكاء بدون حس تواصل وجاذبية وتعاطف ليس كافياً.

في الختام:

نحن لا نهمِّش الذكاء العقلي ولا ننكر أهميته الكبيرة؛ ولكن ربما ركزنا على الذكاء العاطفي وضخَّمنا أهميته من باب لفت النظر إليه؛ نظراً لتجاهله وتهميشه في معظم المجتمعات، فالإنسان إنسانٌ بعقله وعاطفته في كلٍّ متناغم.

المصدر: برينيكور




مقالات مرتبطة