الذكاء التواصلي: مفتاح نجاحك الاجتماعي والعائلي والمهني

لا بدَّ أنَّك سمعت أنَّ فلاناً يتمتَّع بالذكاء في الرياضيات أو فلاناً ذكي موسيقياً، لكن هل سمعتَ أنَّ فلاناً يتمتَّع بالذكاء التواصلي؟ نعم لا تستغرب من ذلك، يوجد اليوم نوع جديد من الذكاء يُطلق عليه "الذكاء التواصلي"، وهو من ضروريات النجاح الشخصي والمهني والاجتماعي، دعونا نتعرَّف في هذا المقال إلى مفهوم الذكاء التواصلي، وما هي أنواعه، وأهميته.



أولاً: نظرية الذكاء التواصلي

  1. يعود مصطلح الذكاء التواصلي إلى العالم هاوارد جاردنر الذي قدَّم نظرية "الذكاءات المتعددة"، أو نظرية "الذكاء التواصلي"؛ والتي أشار فيها إلى أنَّ الشخص يمتلك ذكاءً مُركباً؛ أي عدة أنواع من الذكاء في نفس الوقت وهي: الذكاء العاطفي، والذكاء الاجتماعي، والذكاء الفُكاهي، والذكاء اللغوي، وكل هذه الذكاءات تندرج تحت اسم "الذكاء التواصلي".
  2. توصَّل جاردنر إلى نظرية "الذكاءات المتعددة أو الذكاء التواصلي" من خلال تجربة قام بها على الأطفال، ولاحظ فيها أنَّ كل طفل يتمتَّع بمهارة تُميِّزه عن طفل آخر؛ إذ وجد طفلاً ماهراً في العلاقات والصداقات مما يعني أنَّه يتمتَّع بذكاء اجتماعي، وطفلاً آخر يبرع في الرياضيات مما يعني أنَّه يتمتَّع بذكاء رياضي، وآخر يتمتَّع بذكاء موسيقي، وآخر فني.
  3. أشار جاردنر إلى أنَّ الأطفال يولدون بقدرات ذهنية مختلفة في مجالات مختلفة.
  4. رفض جاردنر الجزم بأنَّ الشخص يمتلك نوعاً واحداً من الذكاء، وأنَّه يوجد شخص ذكي وشخص غبي؛ بل آمن بوجود أنواع مختلفة من الذكاءات، وأنَّ كل شخص يتميَّز بنوع ذكاء معيَّن، وهذا ما يُميِّز الأشخاص عن بعضهم بعضاً، فنجد شخصاً لديه ذكاء اجتماعي، وآخر ذكاء رياضي، وأخر موسيقي.
  5. كما رفض جاردنر اختبارات الذكاء الـ IQ، كونها تحصُر الذكاء في الرياضيات وحل الأُحجيات، وتتجاهل أنواع الذكاء الأخرى، وتصدر الأحكام على الأشخاص بالغباء أو الذكاء بمجرد اختبارهم في هذا المجال فقط.
  6. تُشجِّع نظرية الذكاءات المُتعددة على توظيف الذكاء التواصلي في التعليم، فلا يعتمد الذكاء على مستوى التحصيل الدراسي فحسب؛ بل يساعد المُعلِّم على اكتشاف أنواع الذكاء المتعددة التي يتمتع بها كل طالب من طلابه، والتعامل معه حسب نوع ذكائه.
  7. يشرح جاردنر الذكاء التواصلي في عدة أمور وهي:
  • يُقاس كل نوع من أنواع الذكاء التواصلي وحده بشكل مُنفصل عن باقي أنواعه؛ وذلك باستخدام مقياس ذكاء الأطفال الذي يُطبَّق على الطفل في سنوات طفولته المُبكرة والمُتأخرة.
  • يحدث كل نوع من أنواع الذكاء التواصلي بالصدفة وبشكل مُنفصل عن باقي أنواعه.
  • حسب جاردنر فإنَّ كل شخص يمتلك نوعاً أو أكثر من أنواع الذكاء التواصلي.

ثانياً: مفهوم الذكاء التواصلي وفوائده ومُعوِّقاته

الذكاء التواصلي: هو ذكاء مُركَّب يشمل عدة أنواع من الذكاء، والتي تُؤثِّر في قدرة الشخص على التواصل؛ سواء تواصله مع نفسه أم مع الآخرين من حوله.

فوائد الذكاء التواصلي:

يُحقق الذكاء التواصلي للشخص العديد من الفوائد، مثل:

  1. المرونة الفكرية، والتفكير خارج الصندوق، والقدرة على الإبداع.
  2. تفهُّم الآخرين والتعاطف معهم، وتكوين علاقات اجتماعية ناجحة معهم.
  3. التمتُّع بالرضى عن الذات، وزيادة الثقة بالنفس.
  4. القدرة على اتخاذ القرارات بحكمة وعقلانية.
  5. التفكير الإيجابي والإقبال على الحياة.
  6. النجاح في العلاقات الأسرية.
  7. امتلاك مهارة التفاوض والإقناع.
  8. المشاركة في النشاطات المختلفة، واكتساب الخبرات.
  9. الخيال الواسع، والقدرة على الوصول إلى الأهداف بأقل جهد ووقت ممكن.

مُعوِّقات الذكاء التواصلي:

توجد مُعوِّقات تعوق تواصل الشخص مع نفسه أو مع الآخرين، ولو كان يتمتع بالذكاء التواصلي، مثل:

  1. اختلاف اللغة بين الشخص ومن يتعامل معه.
  2. عدم مصداقية الآخر.
  3. الحكم الخاطئ على تصرفات الآخرين في بعض الأحيان.
  4. الاختلاف الحاد في الآراء.
  5. عدم فهمه لذاته تماماً.

شاهد: خمس مكونات رئيسة للذكاء العاطفي

ثالثاً: أنواع الذكاء التواصلي

توجد عدة أنواع للذكاء العاطفي، وهي:

1. الذكاء الاجتماعي:

يُشير الذكاء الاجتماعي إلى قدرة الشخص على فهم شخصيات الآخرين على اختلافها، والتعامل معهم بسلاسة والتأثير فيهم، والتمتع بشخصية قيادية، وحسن التصرف، وسهولة تكوين العلاقات، والمشاركة في المناسبات الاجتماعية، وحل المشكلات بطريقة عقلانية.

مقياس الذكاء الاجتماعي:

يُمكنك قياس ذكائك الاجتماعي من خلال: تقييم مدى نجاحك في تكوين العلاقات، والتواصل مع الآخرين، ومدى جودة هذه العلاقات واستقرارها واستمراريتها.

كما يُمكنك قياسه إلكترونياً من خلال المقياسين الآتيين:

  1. Social Intelligence Test
  2. The Social Intelligence Quiz

2. الذكاء اللغوي:

يُشير الذكاء اللغوي إلى قدرة الشخص على صياغة أفكاره سواء بالطريقة الشفهية أم الكتابية، بالإضافة إلى مهارة استخدام الكلام، والقدرة على طرح الأسئلة والحفظ والتذكر، وانتقاء الكلمات والألفاظ المناسبة للموقف، وإيصال المعنى بشكل دقيق، والخروج باستنتاجات ذكية، وترتيب الرسائل اللفظية بطريقة  منطقية، واستخدام التشابيه والمجازات بشكل جيد.

مقياس الذكاء اللغوي:

يُمكنك قياس ذكائك اللغوي من خلال تقييم عدد اللغات التي تتكلم بها، ومدى قدرتك على الكلام بانسيابية وطلاقة، ومخزون الكلمات والألفاظ لديك.

3. الذكاء الانفعالي "العاطفي":

يُشير الذكاء الانفعالي إلى قدرة الشخص على التحكم بحالته النفسية وتنظيمها، والتمتع بالتفكير الإيجابي والسيطرة على انفعاله وغضبه، والتفاؤل وتجاوز الألم والأسى، والتروِّي قبل الإقدام على أي شيء، والتفكير الواعي، والمرونة والتعامل مع الآخرين بانفتاح، والتعاطف معهم وفهم مشاعرهم وردود فعلهم.

مقياس الذكاء الانفعالي:

يُمكنك قياس الذكاء الانفعالي لديك من مدى قدرتك على فهم مشاعرك، وضبط انفعالاتك، وتفهُّم مشاعر الآخرين والتعاطف معهم.

كما يُمكنك قياسه إلكترونياً من خلال المقاييس الآتية:

  1. Emotional Intelligence Test
  2. Emotional Intelligence
  3. Emotional Intelligence Quiz
  4. How Emotionally Intelligent Are You
  5. EQ Test

4. الذكاء الذاتي:

يُشير الذكاء الذاتي إلى قدرة الشخص على معرفة وفهم ذاته وعلاقته مع الآخرين، والتمتُّع بالتفكير المُستقل، والاستماع للآخرين، ووضع أهداف شخصية للوصول إليها، ومعرفة نقاط القوة ونقاط الضعف.

مقياس الذكاء الذاتي:

تقيس ذكاءك الذاتي بشكل شخصي من خلال تقييم وعيك بذاتك ونقاط قوتك وضعفك وأهدافك.

كما يُمكنك قياسه من خلال مقياس إلكتروني؛ إذ يمكنك الإجابة عن اختبار إلكتروني مُكوَّن من 7 أسئلة باللغة الإنجليزية؛ وذلك خلال مدة محددة.

5. الذكاء الفُكاهي:

يُشير الذكاء الفُكاهي إلى قدرة الشخص على صنع الفُكاهة وإضحاك الآخرين، وسرد القصص بطريقة مرحة وممتعة.

مقياس الذكاء الفكاهي:

قياس ذكائك الفكاهي سهل جداً؛ وذلك بمجرد تقييمك لمدى قدرتك على إسعاد الآخرين، ومدى استمتاعهم بمجالستك ومحادثتك.

شاهد أيضاً: ما هي مهارات التواصل الفعال؟

ثالثاً: مميزات من يتمتع بالذكاء التواصلي

توجد مجموعة من المميزات التي تميز الشخص المُتمتِّع بالذكاء التواصلي، وهي:

  1. يتمتع بحضور شخصي قوي ولافت.
  2. يتميَّز بمرونة في التفكير.
  3. يمتلك قدرة على الاستماع للآخرين، وعدم التحدُّث بغير فهم.
  4. يتمتع بالقدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية الناجحة والمحافظة عليها.
  5. التفكير والتروِّي قبل التكلُّم والإجابة.
  6. يتميز بالدقة والحكمة والعقلانية عند اتخاذ القرارات.
  7. يمتلك القدرة على الإبداع المتنوع.
  8. يستخدم جميع حواسه للوصول إلى ما يريد.
  9. يستفيد من تجارب وخبرات الآخرين.
  10. يمتلك روح الدعابة والمرح.
  11. يُتقن مهارة استخدام وفهم لغة الجسد.
  12. يتمتَّع بمناعة نفسية قوية.
  13. يتحلى بالكاريزما وكسب إعجاب الآخرين.
  14. يتمتع بقدرة عالية على تحمل المسؤولية.
  15. يتمتع بقدرة على التحفيز الذاتي، وتحفيز الآخرين.
  16. يتمتع بقدرة على التعامل مع الضغوطات الحياتية بمرونة وصبر.

رابعاً: أهمية الذكاء التواصلي

تكمن أهمية تمتع الشخص بالذكاء العاطفي في:

  1. قدرته على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة وكسب قبول ومحبة الآخرين، والقدرة على إقناعهم والتأثير فيهم، وخاصة أنَّ التواصل مع الآخرين أحد أهم جوانب حياتنا اليومية، فنحن نتعامل يومياً مع عائلاتنا وأصدقائنا وزملائنا في العمل، وأشخاص غرباء نصادفهم في أي مكان، وفشل الشخص في التواصل ينعكس سلباً على كل جوانب حياته.
  2. يعزز الذكاء التواصلي دافعاً لدى الشخص؛ وذلك ليُطوِّر نفسه، ويُقدِّم أفضل ما لديه لتحقيق مزيد من النجاح، وكسب احترام ومحبة الآخرين.
  3. يجعل الذكاء التواصلي من الشخص شخصاً قيادياً مناسباً لإدارة فريق من الأشخاص والتأثير فيهم، والتواصل معهم بنجاح، والسيطرة على مشاعرهم.
  4. يحث الذكاء التواصلي الشخص على الإيجابية والتفاؤل ونبذ الأفكار السلبية والإحباط، وتقبُّل الفشل وعدِّه فرصة للتعلم.
إقرأ أيضاً: 6 نصائح نحو علاقات اجتماعية أفضل

خامساً: هل يُمكن اكتساب الذكاء التواصلي وتنميته؟

نعم، يُمكن للشخص اكتساب الذكاء التواصلي وتنميته من خلال:

1. الوعي الذاتي:

أن يفهم الشخص ذاته ومشاعره تماماً ويمتلك القدرة للتعبير عنها والتحكم بها، وتحديد أهدافه، وما هي نقاط قوته الشخصية ليُعززها، وما هي نقاط ضعفه لترميمها.

2. اتِّباع الكورسات والقراءة في مجالات:

  1. تعلُّم مهارات التواصل الاجتماعي وفهم لغة الجسد.
  2. اكتساب مهارة الذكاء العاطفي، والتدريب على التحكم بمشاعره وردود فعله، وفهم شخصيات الأشخاص والتحكم بردود فعلهم والتعاطف معهم والتأثير فيهم.
  3. تعزيز مهارات القيادة والخطابة، واتِّخاذ القرار وحل المشكلات بحكمة وعقلانية.
  4. الانفتاح وتقبُّل الآخر مهما كانت درجة اختلافه.
  5. التفكير الإيجابي، والتفكير خارج الصندوق، والسيطرة على الأفكار والمشاعر السلبية.
  6. المرونة في تقبُّل الانتقاد والآراء المختلفة والاستفادة منها.
  7. التدريب على اكتساب مهارة الاستماع الجيد للآخرين.
  8. التفكير جيداً قبل التحدث أو الإجابة.
  9. اكتساب مهارة إدارة الوقت.
  10. تعلُّم أكثر من لغة لنجاح التواصل مع الآخرين بلغاتهم.
إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتعزيز مهارات التواصل مع الآخرين

في الختام:

الذكاء التواصلي مفتاح نجاحك الاجتماعي والعائلي والمهني:

تتمتَّع الشخصيات المؤثِّرة حول العالم بالذكاء التواصلي؛ لذا إيَّاك أن تستهين بهذا النوع من الذكاء، فقد أصبح ضرورة حياتية لكل شخص منا وخاصة إن كنتَ تطمح إلى التميُّز وتواصل ناجح مع الآخرين وشغل مناصب عُليا والتحدث أمام جمهور والتأثير فيهم، فالذكاء التواصلي هو مفتاح نجاحك الاجتماعي والعائلي والمهني، وتذكَّر دائماً أنَّه وإن لم تكُن تتمتع به بالفطرة، فلا ضير في ذلك؛ إذ يُمكنك اكتسابه.

المصادر: 1،2،3،4




مقالات مرتبطة