الذكاء الاصطناعي وتحسينات الأتمتة والإنتاجية الزراعية
منذ اكتشاف الإنسان للزراعة وانتقاله من نمط الحياة المتجول والصيد والتجميع إلى نمط حياة المزارعين، كانت الزراعة وربما ما تزال أكثر الأعمال بدائية وحيوية في جميع أنحاء العالم، ومنذ ذلك الوقت ازدادت الحاجة إلى الحبوب الغذائية باستمرار، وتحديداً في الوقت الحالي، ويواجه معظم منتجي الأغذية تحديات كبيرة في مجال الزراعة؛ فتتعرض المحاصيل للتهديدات والمخاطر المتزايدة من الآفات والأمراض الأخرى، لا سيَّما مع تغير المناخ والزراعة الأحادية، وانتشار استخدام مبيدات الآفات، وجميع هذه العوامل تشكل تحديات جديدة وصعبة بالنسبة إلى المزارعين.
لأنَّ الزراعة تعتمد قدرة الطبيعة في إنتاج الغذاء، وبسبب عدم اليقين في هطول الأمطار ونقص العمال المتاحين؛ فإنَّ المزارعين يواجهون ضغوطات شديدة لتحسين إنتاجيتهم، وبالنظر إلى هذه التحديات فإنَّ الصناعة الزراعية تحتاج إلى التوسع على نطاق واسع في السنوات القادمة، كما يجب العمل على تضخيم كفاءة المزارعة تقريباً لتحقيق إنتاجية أفضل، وهذا ما جعل الأنظار في العالم تتوجه نحو الذكاء الاصطناعي في محاولة لاستخدام تقنياته لتحسين وضع الزراعة.
عن الذكاء الاصطناعي وتحسينات الأتمتة والإنتاجية الزراعية أعددنا هذا المقال، لمعرفة مزيد من المعلومات تابع القراءة.
هل يمكن الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية الزراعية؟
تزداد الحاجة اليوم إلى طرائق زراعية جديدة لتلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة، ويمكن للتقنيات الرقمية وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي تحسين الإنتاجية وتوفير التكاليف؛ إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدخل في جميع مراحل الإنتاج الزراعي ومن ذلك تحضير التربة، وكشف الآفات والأمراض، والري الذكي، والحصاد، وغيرها؛ وبذلك يمكن الاستفادة من التقنيات الحديثة في الذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين الإنتاجية الزراعية، وتُستخدَم تقنيات الذكاء الاصطناعي في الزراعة في العديد من الجوانب، منها:
- تحضير التربة، فيمكن إجراؤه باستخدام أجهزة استشعار البيانات والصور الذكية، ويمكن لتطبيقات مثل "بلانتكس" وفارم بيتس" من شركة مايكروسوفت تحديد عيوب التربة وتقديم الحلول المناسبة للمزارعين، ويمكن تحسين الإنتاجية وجودة المحاصيل باستخدام التحليل الذكي للبيانات الزراعية التي تشمل تحديد الكميات المناسبة من المواد الغذائية والمبيدات الزراعية وتحديد أفضل الأوقات للري.
- تحليل البيانات الزراعية والتنبؤ بالمحاصيل وتوفير توصيات للمزارعين والمهندسين الزراعيين؛ لتحسين إنتاجيتهم.
- وضع البذور؛ إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد المزارعين على تحديد المناطق الأنسب لزراعة المحاصيل المناسبة؛ ذلك باستخدام تحليل الخصائص الجيوغرافية للحقل وتركيب التربة وغيرها من العوامل المؤثرة، ويكون ذلك من خلال تحليل الصور التي تقدمها الطائرات دون طيار، كما يستطيع المزارعون استخدام أدوات تخطيط المحاصيل، مثل "eAgronom"؛ لتحديد الكمية اللازمة من كل محصول في البيوت الزراعية، والوقت المناسب للزراعة وغير ذلك.
تتجاوز خطة المحاصيل الشاملة عملية زرع البذور، لكنَّ استخدام هذه الأدوات يمكِّن المزارعين من تقليل استهلاك المبيدات الحشائش والأسمدة بنسبة تتراوح بين 25% و35%، إضافة إلى زيادة المحصول بنسبة تصل إلى 4%.
- يستطيع الذكاء الاصطناعي فحص صور البذور ومقارنتها بالصور الصحية قبل بدء عملية الزرع، فتحدد خوارزميات التعلم الآلي الخاضعة للإشراف جودة البذور وتصنيف المحاصيل التي تراها، وباستخدام هذه البيانات يمكن توجيه آلات الزراعة الذكية، مثل آلة فرز البذور ذات الرؤية الحاسوبية التي طورتها خدمات البحوث الزراعية في وزارة الزراعة الأمريكية، لتصفية البذور التالفة وتحسين جودة المحصول.
- يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الجوية والتقلبات التي تحدث في الظروف الجوية والتنبؤ بذلك؛ ومن ثمَّ يمكن للمزارعين التخطيط للموسم المقبل على نحو أفضل وتحسين إنتاجيتهم، وتُعَد مساهمة الذكاء الاصطناعي في هذه الناحية هامة جداً لتحسين الإنتاجية الزراعية ومواجهة التحديات والمعوقات.
- التعلم الآلي (Machine Learning) والشبكات العصبية الاصطناعية (Artificial Neural Networks) لتحليل البيانات الناتجة عن المراقبة الزراعية؛ مثل تحديد متى يجب الري، وما هي الكمية اللازمة من المياه والأسمدة، وما هي الحشرات الضارة التي يجب مكافحتها.
- يمكن استخدام الروبوتات والأجهزة المزودة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة المزارعين في الحصاد والزراعة، وتحسين عمليات الفحص والفرز والتخزين للمحاصيل.
يمكن القول إنَّ استخدام التقنيات المتطورة في الذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعد على تحسين الإنتاجية الزراعية وزيادة الإنتاجية والربحية للمزارعين.
استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة المحاصيل:
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة المحاصيل، فقد استُخدِمَت التقنيات الحديثة في الذكاء الاصطناعي في تحديد الوقت المناسب للزراعة والري والتغذية والمكافحة من الأمراض والآفات؛ ومن ثمَّ تحسين جودة المحصول وزيادة الإنتاجية.
يساعد الذكاء الاصطناعي أيضاً على توفير توصيات دقيقة للمزارعين بشأن الممارسات المثلى في الزراعة، مثل نوع الأسمدة والمبيدات الحشرية التي يجب استخدامها، والوقت المثالي للحصاد، إضافة إلى ذلك يمكن استخدام الروبوتات والأجهزة المزودة بالذكاء الاصطناعي لفحص المحاصيل والكشف عن الآفات والأمراض والتشوهات، وهذا ما يجعل المزارعين قادرين على اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب لمنع انتشارها والحفاظ على جودة المحصول.
يمكن أن يساعد استخدام التقنيات المتطورة في الذكاء الاصطناعي على تحسين جودة المحاصيل وزيادة الإنتاجية الزراعية والربحية، وتحسين أوضاع المزارعين، والتقليل من مهامهم، والتخفيف من الأعباء التي كانت في السابق تقع عليهم وحدهم.
ما هي التحديات التي تقف أمام استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة؟
توجد عدة معوقات وتحديات تقف أمام استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأتمتة الإنتاجية الزراعية وتحسينها، ومنها:
- التكلفة: يعد استخدام التقنيات المتطورة في الذكاء الاصطناعي مكلفاً؛ إذ يتطلب تحديث المعدات والأجهزة وشراء الروبوتات وتدريب العمال على استخدامها، وهذا يمكن أن يكون تحدياً للمزارعين الصغار والمتوسطين.
- البنية التحتية: قد تكون البنية التحتية الزراعية في بعض المناطق غير ملائمة لاستخدام التقنيات المتطورة في الذكاء الاصطناعي، مثل عدم توافر الاتصال بالإنترنت أو الطاقة الكهربائية اللازمة.
- المعرفة التقنية: قد يواجه المزارعون صعوبة في فهم التقنيات الحديثة وتطبيقها في الذكاء الاصطناعي، وهذا يتطلب التدريب والتعلم الدائم والدعم الفني المناسب.
- الشرعية والأخلاق: يتطلب استخدام التقنيات المتطورة في الذكاء الاصطناعي احترام الشرعية والأخلاق في معاملة الحيوانات والبيئة والمجتمع، وهذا يتطلب التوعية والتدريب على السلوكات الأخلاقية المناسبة.
- التحديات القانونية: يجب على المزارعين التزام التشريعات والقوانين المحلية والدولية المرتبطة بالزراعة والبيئة والصحة والسلامة، وهذا يتطلب مساعدة المزارعين على فهم هذه التشريعات وتطبيقها.
إنَّ استخدام التقنيات المتطورة في الذكاء الاصطناعي يتطلب تخطي عدة معوقات وتحديات، ولكن يمكن تجاوزها من خلال التدريب والتعلم والتوعية والدعم المناسب.
ما هي الفائدة المتوقعة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة؟
توجد عدة فوائد متوقعة من استخدام التقنيات المتطورة في الزراعة، ومنها:
- زيادة الإنتاجية: تحدَّثنا غير مرة عن دور الذكاء الاصطناعي في زيادة الإنتاجية، فيمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي تحسين الإنتاجية الزراعية من خلال تحليل البيانات، وتوفير التوصيات الدقيقة للمزارعين بشأن الممارسات المثلى في الزراعة.
- تحسين جودة المحاصيل: يمكن استخدام التقنيات المتطورة في الذكاء الاصطناعي للكشف عن الآفات والأمراض والتشوهات في المحاصيل والحفاظ على جودتها.
- توفير الموارد: يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي تحسين استخدام الموارد الزراعية مثل المياه والأسمدة والمبيدات الحشرية؛ ومن ثمَّ توفير التكاليف وحماية البيئة.
- الأتمتة: يمكن استخدام التقنيات المتطورة في الذكاء الاصطناعي لأتمتة العمليات الزراعية؛ ومن ثمَّ تحسين كفاءة العمل وتوفير الجهد والوقت.
- تحسين التوزيع: يمكن استخدام التقنيات المتطورة في الذكاء الاصطناعي للتحكم في عمليات التخزين والتوزيع وتحسين سلسلة التوريد الزراعية وتقليل الفاقد.
- الاستدامة: يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي تحسين ممارسات الزراعة المستدامة وتحسين التكيف مع التغيرات المناخية وتحسين جودة البيئة.
أمثلة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الزراعة:
توجد عدة أمثلة على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الزراعة، ومنها:
- تحسين توزيع المياه: يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المياه وتحديد الكمية المثالية للري وتحسين توزيع المياه في الحقول.
- أتمتة العمليات الزراعية: يمكن استخدام التقنيات المتطورة في الذكاء الاصطناعي لأتمتة العمليات الزراعية مثل الحصاد والتخزين والتوزيع.
- تحسين التغذية: يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات التغذية وتوفير التوصيات الدقيقة بشأن الأسمدة والمواد الغذائية اللازمة لتحسين نمو المحاصيل.
- تحسين سلسلة التوريد: يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين سلسلة التوريد الزراعية وتحسين التوزيع وتقليل الفاقد.
الذكاء الاصطناعي وتحسينات الأتمتة الزراعية:
يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين الأتمتة الزراعية من خلال تطوير تقنيات تحليل البيانات والتعلم الآلي التي تُستخدَم في الزراعة، ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الزراعية، مثل البيانات المرتبطة بالتربة والمناخ والمحاصيل والموارد المائية، وتوفير توصيات دقيقة للمزارعين فيما يخص التخطيط الزراعي وإدارة المحاصيل والحفاظ على الموارد الطبيعية..
يمكن في السياق ذاته؛ أي الذكاء الاصطناعي وتحسينات الأتمتة والإنتاجية الزراعية، استخدام التعلم الآلي لتطوير أنظمة زراعية ذاتية التحكم تعتمد البيانات الزراعية وتتمكن من اتخاذ القرارات ذاتياً، مثل تحديد متى يجب ري المحاصيل وتحديد الكميات المناسبة من المواد الغذائية والمبيدات الزراعية التي يجب استخدامها، وباستخدام الروبوتات الزراعية يمكن تحسين الأتمتة الزراعية وزيادة الإنتاجية، فيمكن للروبوتات الزراعية القيام بمهام مثل الحرث والزرع والحصاد على نحو أسرع وأكثر دقة من المزارعين البشر.
يُستخدَم الذكاء الاصطناعي أيضاً لتحسين إدارة الموارد المائية في الزراعة، فيمكن استخدام البيانات الزراعية والمناخية لتحديد أفضل الأوقات للري وتحديد الكميات المطلوبة من الماء لكل محصول؛ وبناءً على ذلك كله يساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين الأتمتة الزراعية وزيادة الإنتاجية وتحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية في الزراعة.
في الختام:
يساعد استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة على أتمتة الزراعة، ويعود بصورة إيجابية على كثير من الجوانب الأخرى؛ كتحسين جودة المحاصيل وتحسين الإنتاجية الزراعية؛ ما يسهم في سد الحاجة المتزايدة للغذاء في العالم.