الخيال: تعريفه، وفوائده، وعلاقته بالذكاء والإبداع

ما هو تعريف الخيال؟ وهل هناك علاقة بين الخيال والإبداع؟ وما هو الفرق بين الخيال وبين أحلام اليقظة؟ ومتى يصبح الخيال مرضاً؟ تعرَّف إلى كلَّ ما يتعلق بالخيال في هذا المقال.



تعريف الخيال لغةً واصطلاحاً:

الخيال لغة:

كما جاء في معجم اللغة العربية المعاصرة:

خيال: مفرد، جمعه: خيالات، وأخيِلة؛ وهو إحدى قوى العقل التي يُتخيَّل بها الأشياء في أثناء غيابها، وهو قوةٌ باطنيةٌ قادرةٌ على الخَلْقِ والابتكار، نتصوَّر الأشياء بها ونتمثل بها.

كما جاء في معجم الرائد:

الجمع: أخيِلة، وخيلان؛ ما تشبَّه للمرء في اليقظة، أو في المنام من صورة، وهي قوةٌ من قوى العقل تتخيل بها الأشياء.

الخيال اصطلاحاً:

  • هو نشاطٌ عقليٌّ، يُتخيَّل من خلاله أفكار وصور معيَّنة، غير موجودة في الواقع.
  • هو قدرةٌ ذهنيةٌ، على اختلاق أفكار ومشاهد في العقل، دون إشراك الحواس في ذلك.
  • يُعرِّفه "ورد زورت" أنَّه: "موهبة تمكِّن الشاعر من تأليف الصور الخيالية، والقدرة على مزجها ببعضها بعضاً، حتى لو كانت مختلفة، وغير مترابطة، فهو يستطيع الربط بينها".
  • ويعرِّفه "بولدير" أنَّه: "تلك القوَّة الخارقة، التي تُمكِّن الشاعر من التحليل والربط، كما له دور كبير في تعلُّم الإنسان".
  • يُعرِّفه "أرثرث ريبر" أنَّه: "عملية اتِّحاد الذكريات والخبرات السابقة والصور، التي كوِّنَت مسبقاً، ووُظِّفت داخل بنيةٍ جديدةٍ، وهو عبارةٌ عن نشاطٍ يقوم به الإنسان بكل إبداع، ويكون مبنياً على أساس رغبات الإنسان، أو الواقع الذي يعيشه، أو قصصٍ مستقبليةٍ، أو مراجعات عن ماضيه؛ فهو بذلك توقعات الحاضر، ومراجعة الماضي، وابتكار المستقبل".
  • تُعرِّفه "كيت إيجان" أنَّه: "تمرين العقل، وتنشيط وظائفه المختلفة".
  • يُعرِّفه "شاكر عبد الحميد" أنَّه: "عملية يقوم بها الإنسان بإرادته وبكل مرونةٍ، يستطيع من خلالها أن يتجول في عالمه الخاص بواسطة عقله، وتكوين الصور وتحريكها حتى يصل إلى ما يريد".

ما هو الفرق بين الخيال والتخيُّل؟

الخيال عملية تختلف عن التخيُّل؛ فالخيال كما ذكرنا هو السيناريو المؤلَّف من صورٍ ومشاهد وأحداثٍ، ولكن التخيُّل هو عملية تخيُّل هذا السيناريو، والتفاعل معه، واستشعاره بكل تفاصيله، كأنَّه أمرٌ واقع.

إقرأ أيضاً: 7 هوايات تُنمّي حس الإلهام والذكاء

ما هو الفرق بين الخيال وأحلام اليقظة؟

يُعَدُّ الخيال أو التخيُّل حالةً صحيةً واعيةً لدى الإنسان، وتستند إلى الواقع، وغالباً ما تُوصِلُه إلى الابتكار والإبداع، بينما تُعَدُّ أحلام اليقظة حالةً من شرود الذهن اللاإرادي، والتفكير بأمنياتٍ، وأحلامٍ مبالغٌ بها، ولا تستند إلى الواقع بشيء، وهي غالباً ما تؤثِّر في حياة الإنسان تأثيراً سلبياً؛ كونها تُلهييه عن عمله، وتفصله عن واقعه لساعاتٍ وساعات، وتكثر لدى الشباب المراهقين؛ كحلم المراهق بأن يصبح بطلاً رياضياً، أو ممثلاً عالمياً شهيراً.

متى يصبح الخيال مرضاً؟

يصبح الخيال حالةً مرضيَّةً عندما يتجاوز حدَّه الطبيعي؛ كأن يعاني الإنسان من حالة خيالٍ واسعٍ، وشرودٍ، وهروبٍ من الواقع طوال الوقت، ما يفصله عن واقعه تماماً، ويعوق متابعته لحياته المهنية والاجتماعية.

تأثير الخيال في الإنسان:

كما قلنا؛ فالخيال حالةٌ صحيةٌ وضروريةٌ ومفيدةٌ للإنسان، بشرط أن تبقى ضمن حدودها الطبيعية، ولا تتحوَّل إلى حالةٍ يعيش فيها الإنسان على مدار اليوم، وينفصل عن واقعه تماماً، وحينها تصبح حالة الخيال حالة مرضية وتحتاج إلى العلاج النفسي.

الشخص الذي يعيش في الخيال:

يعاني الشخص الذي يعيش في الخيال من صعوباتٍ كثيرةٍ في حياته، أوَّلُها؛ انعزاله عمَّن حوله من أشخاص، وتعطيل عمله وإنجازه، وانفصاله عن واقعه.

متى يبدأ الخيال عند الأطفال؟

وفقاً للعديد من الدراسات والأبحاث، فإنَّ الطفل يبدأ بالخيال والتخيُّل في الثانية من عمره، وتتطوَّر هذه العملية لديه بين الثالثة والخامسة من عمره تطوُّراً كبيراً. ويُعَدُّ الخيال من الأمور الهامة والمفيدة للطفل؛ وذلك لتنمية ذكائه وقدراته.

شاهد بالفديو: 6 وسائل لتنمية حس الخيال عند الأطفال

أنواع الخيال:

قُسِّمَ الخيال إلى أنواع عدة، وهي:

  • الخيال غير النشط: وهو الأفكار والصور التي تأتي إلى الذهن تلقائيَّاً، دون وعي من العقل.
  • الخيال النشط: وهو الحالة المعاكسة للنوع السابق؛ إذ تحصل إراديةً من الإنسان، ويبذل العقل جهداً في جمع الأفكار، والصور، والذكريات، ودمجها، وتكوين تخيُّلاتٍ جديدةٍ.
  • الخيال المعرفي: يتعلَّق الخيال المعرفي بالتعلم والمعرفة، وتُعَدُّ قصة سقوط التفاحة، واكتشاف "نيوتن" لقانون الجاذبية؛ أشهر مثال عن الخيال المعرفي.
  • الخيال التقديري: وهو الخيال الذي ينشأ عند قراءة روايةٍ، أو دراسة التاريخ، أو سماع الراديو؛ إذ يتصوَّر العقل الأحداث الموصوفة.
  • الخيال المتعلق بالذكريات: عندما يقوم الإنسان بمراجعة ذكرياتٍ مرَّت عليه في الماضي ويتخيَّلُها.
  • أحلام اليقظة: وهي الخيال الذي يتخيَّله الإنسان في عقله، ويكون بعيداً عن واقعه، وغالباً ما يأخذ شكل أمنياتٍ، وآمالٍ، يحلم الإنسان بتحقيقها، وغالباً ما يصاب بالحزن والإحباط عندما تنتهي هذه الحالة ويعود إلى الواقع.
  • الخيال الطيف: وهو الخيال الذي يستطيع الإنسان من خلاله استذكار مشاهد دقيقة معينة، كان قد رآها مسبقاً، ويستذكرها استذكاراً كاملاً كأنَّها أمامه بالفعل. وهو الخيال الذي يستعمله الطلاب في اختباراتهم؛ لاسترجاع المعلومة المطلوبة، من خلال استرجاع صورة الصفحة، وشكلها الذي يحتوي هذه المعلومة.
  • الهلوسة: وهي الخيال الذي ينجم عن الحرمان، فالإنسان المحروم من شيءٍ ما، يحاول تعويض هذا النقص والحرمان، من خلال تخيُّله والهلوسة به.
  • التخيل الإبداعي: وهو الخيال التأليفي والإبداعي، ويُعَدُّ نافعاً ومفيداً، فهو الذي يستعمله الكتَّاب والمؤلفون، لإنتاج الأفكار، والروايات، والقصص، والمهندسون لخَلقِ التصاميم.
  • الخيال الوهمي: من الأنواع غير المحبَّبة، كونه يجعل الإنسان يعيش في عالمٍ من الوهم، والابتعاد عن واقعه طوال الوقت.

الخيال وعلاقته بالذكاء والإبداع:

يقول المؤلف الإيرلندي الشهير "جورج برنارد شو": "الخيال هو بداية الإبداع، تتخيَّل ما تريده، ثمَّ تفعل ما تتخيَّلُه، وفي النهاية تبدع ما تريد".

هنالك علاقةٌ قويةٌ بين الخيال، والذكاء، والإبداع؛ ولو نظرنا إلى الأعمال الأدبية، واللوحات الفنية العالمية، والمقطوعات الموسيقية، والأعمال السينمائية، وإلى عديدٍ من الاختراعات والاكتشافات، فإنَّنا نجد أنَّ الخيال هو من دفع أصحابها لإنجازها؛ إذ يقال "فلانٌ يتمتَّع بخيالٍ واسعٍ، أو بمخيلةٍ واسعةٍ" دليل على ذكائه وإبداعه؛ وذلك لأنَّ الخيال يحرِّر الإنسان من البيئة التي يعيش فيها، فلا يبقى حبيس مكانه وزمانه، ويتخيَّل أفكاراً، وأشياء غير مألوفة، وغير موجودة، ويحوِّلها إلى واقع. وكم من الاختراعات والإنجازات اليوم كانت في الماضي مجرَّد فكرة في خيال أحدهم؟

وهو ما يُعرَف في علم النفس بـِ "الخيال الإبداعي"، وقسَّمه علماء النفس إلى مرحلتين هما:

  1. وهي التفكير المتباعد: وهي التفكير بمجموعةٍ من الأفكار المتعلقة بموضوعٍ معين، وهو تفكيرٌ بديهيٌّ (طبيعي).
  2. وهي التفكير المتقارب: الذي يُقيم فيها الإنسان تلك الأفكار ومدى جدواها؛ وذلك حتى يختار الفكرة الصائبة.

أهمية وفوائد الخيال:

للخيال فوائد عديدة على الإنسان، مثل:

  • أثبتت الدراسات والأبحاث فوائد الخيال للصحة النفسية، والتعافي من الأمراض النفسية، من خلال تشجيع المرضى النفسيين على تخيُّل أشياء وتجارب تسعدهم؛ كأن يُطلَب من مريض يعاني القلق والخوف، أن يتخيَّل نفسه في مكانٍ جميلٍ ومريحٍ عندما يشعر بالقلق، فيشعر بالاسترخاء.
  • يُنمِّي الخيال قدرات ومواهب الإنسان، وهذا ما تُثبِتُه قصة الطيار الحربيِّ "جورج هول" الذي أُسِرَ في الحرب الفيتنامية؛ إذ وُضِعَ في صندوقٍ مظلمٍ لأكثر من 7 سنوات. ولكن ماذا فعلَ "جورج" حتى يحافظ على عقله خلال هذه التجربة القاسية؟ بقي "جورج" يستعمل خياله طوال فترة أسره، فيتخيَّل نفسه وهو يلعب الجولف مثلاً، ويعيش الخيال بكل تفاصيله كما لو كان حقيقةً. والمفاجأة كانت أنَّه بعد أسبوعٍ واحدٍ من فكِّ أسره، تمكَّن من المشاركة بمسابقةٍ عالميةٍ للجولف، وحصل على مركزٍ متقدم فيها.
  • يحفِّز الخيال الإنسان لتحقيق أهدافه وأحلامه، من خلال تخيُّلِها، والشعور ببهجة تحقيقها، وهذا يحفِّزه على العمل والاجتهاد لجعلها حقيقةً، وهذا ما يركز عليه قانون الجذب.
  • ينشِّط الخيال الذاكرة من خلال استرجاع ذكرياتٍ، وأحداثٍ ماضيةٍ.
  • يمنح الخيال التفاؤل، والأمل، وتهدئة نفس الإنسان، من خلال تخيُّل حياته القادمة بصورةٍ أفضل.
  • يمنح الخيال الإنسان القوة، من خلال تذكُّر أحداثٍ، وتجارب قاسيةٍ، مرَّ بها سابقاً، وتمكَّن من تجاوزها.
  • يحسِّن الخيال من حياة الإنسان، من خلال زيادة قدرته الإبداعية في حل المشكلات التي تواجهه.
  • الخيال تدريبٌ مسبقٌ لمواجهة موقفٍ ما؛ فتخيُّل الإنسان نفسه وهو يقف أمام الجمهور واثقاً من نفسه، يجعل أداءه أفضل عند حدوث الأمر في الواقع.
  • يحسِّن الخيال العلاقات الاجتماعية للإنسان؛ إذ يصبح أكثر تعاطفاً، وتفهُّماً لهم، فهو يتخيل نفسه مكانهم، ويشعر بشعورهم، ويعيش حالتهم.
  • يفتح الخيال الطريق أمام الإنسان للابتكار والإبداع والتصميم.
إقرأ أيضاً: 6 فوائد لقوة التخيّل – تعرف عليها

أضرار الخيال الواسع:

عندما تزيد حالة الخيال لدى الإنسان على الحدِّ الطبيعي، تتحوَّل إلى حالةٍ مَرَضيةٍ تُعرَف بـ "الخيال الفصامي"؛ وهو انفصال الإنسان عن واقعه، والعيش ضمن عالمٍ يرسمه في خياله، وهو وسيلةٌ دفاعيةٌ، يلجأ إليها الإنسان للهروب من الواقع. وأضرار هذه الحالة تتمثَّل في عزلة الإنسان، وانغماسه في عالم خياليٍّ لا يمتُّ للواقع بصلةٍ.

في الختام: قيل في الخيال

  • "سوف يحملنا الخيال إلى عوالم لم تكن موجودة، ومن دونه لن نذهب إلى أيِّ مكانٍ" - "كارل ساجان".
  • "ما هو ثابتٌ اليوم، كان يوماً محض خيال" - "وليام بليك".
  • "الرجل الذي ليس لديه خيال، ليس لديه أجنحة" - "محمد علي كلاي".
  • "الخيال أكثر أهميةً من المعرفة؛ فالمعرفة محدودةٌ، ولكنَّ الخيال يحيط بالعالم" - "ألبرت أينشتاين".
  • "إنَّ الخيال هو الحلم بشيءٍ أفضل من الواقع، والذين لا يُفكِّرون في غير واقعهم، لا يرون شيئاً غير أقدامهم، وعادةً ما يسقطون" - "فاروق جويدة".
  • "خيالك هو كل شيء، إنَّه معاينتك لحياتك القادمة" - "ألبرت أينشتاين".
  • "القيود تعيش فقط في أذهاننا، ولكن إذا استعملنا خيالنا، فإنَّ إمكاناتنا تصبح بلا حدود" - "جيمي باولينيتي".

المصدر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة