الحاسة السادسة في علم النفس

الحاسة السادسة هي من الحواس التي تعكس الفطنة والذكاء، وتركز على قدرة الإنسان على استقراء باطن الأشياء وخفاياها، وفهم الإيماءات والمعاني غير الظاهرة، ظاهرة من ظواهر الإدراك الحسي التي تعمل على استقبال الحس العميق، وإدراك الأشياء غير الموجودة إدراكاً ملموساً وواقعياً، هذا المقال سيعرِّفك الحاسة السادسة وطبيعتها.



ما هي الحاسة السادسة؟

تُعَدُّ الحاسة السادسة إحدى الظواهر الخارقة التي يعالجها علم النفس الموازي المعروف عالمياً باسم الباراسيكولوجي، ويطلق عليها مصطلح طبي آخر هو "استقبال الحس العميق"، كما تسمى "الإدراك فوق الحسي"، أو "اسبير" وهي ظاهرة ذات قيمة استثنائية؛ وذلك لأنَّها نادرة ولا يملكها جميع الناس، وتعبِّر في مضمونها عن إحساس لا إرادي، وإدراك فطري لأشياء يتجاوز إدراكها حواسنا الخمس المعروفة: الشم، التذوق، السمع، البصر، اللمس. وسنعرض أبرز التعريفات التي تناولت الحاسة السادسة:

  • الحاسة السادسة هي: قدرة عقلية عليا تتجلى تلقائياً عند الأفراد الموهوبين، وتتضمن الحصول على معلومات ليس عن طريق الحواس أو الاستنتاج أو التحليل المنطقي، ودون تحديد للمسافة أو الزمان أو المكان.
  • "جوزيف راين" (Rhine) الذي تناولها في كتابه "الإدراك الحسي الفائق" وعرَّفها بأنَّها: دراسة التفاعل بين الأحياء وبيئتها، ذلك التفاعل غير المنقول بالوسائل الحسية والحركية المعروفة لدينا، وتشمل قدرات التخاطر والجلاء البصري والتنبؤ بالمستقبل.
  • الحاسة السادسة الإدراك فوق الحسي: هي "إدراك دون واسطة حسية، وتتكون من التخاطر والجلاء البصري والتنبؤ بالمستقبل".
  • يعرفها "مايكل ثالبورن" (Thalbourne 1983): هي معرفة فوق حسية واكتساب معلومات عن حدث خارجي أو شيء أو أي تأثير ذهني أو فيزيائي أو ماضٍ أو حاضر أو مستقبل دون استعمال القنوات الحسية المعروفة.

قدرات الحاسة السادسة:

تشمل الحاسة السادسة حسب علماء النفس قدرات أساسية هي "التخاطر، الرؤية الواضحة أو الجلاء البصري، الاستبصار أو التنبؤ بالمستقبل".

1. التخاطر:

أول مَن استعمل هذا المصطلح هو "فريدريك مايرز" عام 1882، وهو انتقال أو تحويل فكرة أو رسالة ذهنية، سواء كانت هذه الرسالة عواطف أم كلمات أم حتى تخيلات من إنسان لآخر دون الاستعانة بأي وسيلة حسية أو حركية، بمعنى قدرة العقل البشري على التواصل مع عقل بشري آخر دون استعمال أي وسيلة حسية معروفة.

تعريف التخاطر عند علماء النفس:

عرَّف "جيمس دريفر" (Driver) أول أستاذ في علم النفس في جامعة اسكتلندية التخاطر بأنَّه "تواصل ذهني بين عقل وآخر دون مساعدة أي من الحواس الخمسة، يقوم فيه العقل المستلم باستلام الأفكار والمعلومات من العقل المرسل على هيئة صور ذهنية تخص واقعاً حالياً أو أحداثاً ماضية أو أحداثاً مستقبلية".

"مايكل ثالبورن": اكتساب فوق حسي لمعلومات تخص أفكاراً أو مشاعر أو نشاط كائن واعٍ آخر.

شاهد بالفديو: 12 عادة لتعزيز القوة الذهنية

2. الرؤية الواضحة "الجلاء البصري":

هي نوع من الإحساس أو القدرة فوق الحسية على رؤية الأشياء غير الملموسة أو غير المنظورة، دون تدخُّل أي من الحواس، وعلى خلاف التخاطر الذي يشترط فيه وجود شخصين، فإنَّ الرؤية لا تتطلب ذلك وتحدث من طرف واحد.

تعريف الجلاء البصري "الرؤية الواضحة" لدى علماء النفس:

  • "شيلي إليزابيث تايلور" (Taylor) أستاذة علم النفس في "جامعة كاليفورنيا" عرَّفت "الجلاء البصري" بأنَّه: "معرفة يكتسبها شخص ما بوقائع أو أشياء لا يمكن الحصول عليها بوسائل الإدراك الحسي العادية".
  • "مايكل ثالبورن": "اكتساب معلومات فوق حسية عن شيء أو حادثة مادية معاصرة خلافاً للتخاطر، من المفترض أن تستمد المعلومات مباشرة من مصدر مادي خارجي مثل صورة مخفية وليس من عقل شخص آخر؛ وذلك لأنَّه شكل من أشكال الإدراك فوق الحسي".

3. الجلاء السمعي:

قدرة الفرد على سماع أصوات لا يستطيع الناس عامة سماعها من خلال سمعهم الطبيعي.

4. الاستبصار والتنبؤ بالمستقبل:

الذي يعرف بالإلهام، وهو إحساس مجهول يقوم على قدرة الفرد على التنبؤ بأحداث مستقبلية أو ماضية بأساليب غير اعتيادية، ومن ضمن هذه الأساليب الأحلام بما فيها أحلام اليقظة.

تعريف الاستبصار لدى العالم "مايكل ثالبورن": "شكل من أشكال الإدراك فوق الحسي يكون فيه الهدف حدثاً مستقبلياً أو ماضياً، لا يمكن الاستدلال عليه من البيانات العادية المعروفة".

5. قراءة الأفكار:

تختلف الآراء فيما يخص هذه القدرة فهناك مَن ينسبها لعلم الباراسيكولوجي؛ أي علم الخوارق، وهناك مَن يؤكد أنَّ العلم فسر هذه الظاهرة بوجود منطقة تقع أسفل الدماغ مسؤولة عنها، وهناك مَن يسمي هذه القدرة بعلم الفراسة. وبجميع الحالات فإنَّ قوة قراءة الأفكار تُعَدُّ بمنزلة الدليل لمعرفة الناس وطبائعهم من خلال السمات التي يظهرون بها، ورؤية باطن الأفعال التي يقومون بها.

6. التحريك الذهني:

القدرة على تحريك الأشياء من مكانها ونقلها إلى مكان آخر باستعمال قوة العقل الخارقة.

إقرأ أيضاً: قراءة العقول!

العوامل التي تؤثر في الحاسة السادسة:

  1. الاتزان الانفعالي للفرد: وهو أحد أنماط تحديد شخصية الإنسانية وأسلوب حياتها، كما أنَّه جزء هام من تحقيق توافقه الشخصي، والتعامل بكفاءة مع المحيط الاجتماعي؛ فهو يتضمن ضبط الفرد لانفعالاته والتحكم بها بما لا يؤثر في العمليات العقلية الأخرى لديه.
  2. القدرة على تنظيم الذات لدى الفرد: وتتمثل بالجهود التي يقوم بها الإنسان لترتيب وتعديل أفكاره ورغباته لتحقيق أهدافه.
  3. توافر الصحة النفسية للفرد: التي تعني التوافق بين مختلف الوظائف النفسية للفرد بما يمكِّنه من مواجهة أي صعوبات قد تعترضه.
  4. صفاء الذهن: الذي يعني التأمل والتفكر في الله عز وجل بمخلوقاته.

حقائق عن الحاسة السادسة:

  1. استُعمِل مصطلح الحاسة السادسة منذ العشرينيات لكنَّه حقق رواجاً كبيراً في عام 1934 بعد نشر عالم النفس "جوزيف راين" كتابه "الإدراك الحسي الفائق".
  2. يرى علماء النفس أنَّ الفرد يمتلك حواس خفية موازية للحواس الخمس المعروفة، فكل حاسة توازيها حاسة؛ بمعنى أنَّه يمكن للفرد أن يتذوق طعم العسل من خلال حاسة التذوق، كما يمكنه أن يتذوق طعم العسل من غير وجوده بالاعتماد على الحاسة المخفية الموازية لحاسة التذوق وهكذا.
  3. الحاسة السادسة هي استشعار الأحداث المستقبلية بعيداً عن الحواس الخمسة.
  4. لا يُعَدُّ الذكاء شرطاً لوجود حاسة سادسة، فالذكاء هو نشاط معرفي عقلي قابل للقياس وله أنواع عدة، منها الذكاء الرياضي، والذكاء اللغوي، أما الحاسة السادسة فهي من القدرات الخارقة للطبيعة التي لا تقبل القياس.
  5. الفرد الذي يمتلك الحاسة السادسة يدرك أشياء لا يدركها الأفراد العاديون، وقد لا يصدِّقونها حتى.
  6. الحاسة السادسة غير مثبت وجودها علمياً فهي لا تخضع للتجربة والبرهان.
  7. يرى بعضهم أنَّ الحاسَّة السَّادسة ليست إلا منحة وهبة ربانية يهبها الله عز وجلَّ لعباده.
  8. هناك من يرى أنَّ الحيوانات تملك أيضاً حاسة سادسة تتمثل في قدرتها على التنبؤ بالأحداث القريبة، مثل تنبؤ الحيوانات بالزلازل قبل حدوثها.
  9. يرى علماء النفس أنَّ هذه الحاسة موجودة لدى كل البشر، لكن بنسب متفاوتة بينهم.

بطاقات "كارل زينر" لإجراء التجارب عن الحاسة السادسة وقدراتها:

تتألف بطاقات "كارل زينر" من خمس بطاقات وهي: "دائرة، صليب يوناني - خطين متقاطعين، أربع سطور - ثلاث خطوط عمودية متموجة، نجمة خماسية، مربع مجوف".

يختار المُختبر من عبوة تحوي على 25 بطاقة؛ أي 5 بطاقات من كل رمز، ويلاحظ الرمز، ومن ثم يسجِّل إجابة الشخص الذي يخضع للاختبار، وتستمر العملية نفسها حتى يختار الشخص الخاضع للاختبار البطاقات جميعها.

لكن وفقاً لرأي الكثير من علماء النفس فإنَّ طريقة "زينر" تفتقر إلى المصداقية بسبب الغش أو حتى التسرب الحسي أو كليهما معاً.

كيف تنمي الحاسة السادسة؟

عند شعورك بأنَّك تمتلك قدرات فوق الحسية؛ أي حاسة سادسة حتى وإن كانت بنسبة ضئيلة، ففي إمكانك تنميتها باتباع الطرائق الآتية:

  1. التركيز: ويعني قدرة العقل البشري على تركيز الانتباه على شيء ما يريده بشدة؛ وهذا يقوده لاكتشافات جديدة عن هذا الشيء.
  2. التخيل: هو القدرة على إنتاج أفكار جديدة أو مشاعر أو أشياء دون أي مداخلات للحواس الأخرى.
  3. الاسترخاء: هو حالة التخفيف من حالة التوتر أو القلق التي يعيشها الفرد بحيث تتوقف جميع التقلصات المسببة لهذه الحالة.
  4. التأمل: ويعني قدرة العقل البشري على السيطرة على تدفق الأفكار أو منع تدفقها.
  5. كما يمكن أن تكتب أحلامك وكذلك أحلام اليقظة، وتجمع بين النقاط التي تربط هذه الأحلام.
  6. ابدأ بتعلُّم التدقيق في تفاصيل الأحداث، فمن من خلال معرفة الأشياء أو الأحداث الصغيرة والسهلة يمكنك أن تتوقع الأحداث الكبيرة.
  7. ابدأ بكتابة الأفكار المميزة التي تطرأ على عقلك، ثم أوجد الروابط بينها.
إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة لزيادة قوة العقل

في الختام:

مع أنَّ الحاسة السادسة غير مثبت وجودها إثباتاً عملياً؛ أي من خلال التجربة والبرهان، إلا أنَّها اليوم وبفضل علم النفس الموازي أصبحت علماً قائماً بحد ذاته، كما أنَّه في كل يوم يتزايد عدد الأفراد الذي يؤمنون بوجودها وبقدراتها الخارقة للطبيعة.

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة