الثقة المفرطة بالنفس: أسبابها، وعلاماتها، وسلبياتها، وطرق تجنبها

تُعدُّ الثقة بالنفس أمراً محموداً وضرورياً لنجاح الشخص في جميع جوانب حياته، بينما تُعدُّ الثقة المفرطة بالنفس، أمراً مذموماً ومُدمراً لحياته.



ما هي الثقة الزائدة في النفس؟

الثقة بالنفس في حدودها الطبيعية هي الإيمان بالنفس وإمكانياتها وقدراتها، وهي أمر إيجابي وهام لتحقيق أفضل النتائج، في حين أنَّ الثقة بالنفس عندما تزيد عن الحد المعقول، تنقلب إلى الضد، وينتج ما لا يُحمد عُقباه!

الثقة المفرطة بالنفس أو الثقة العمياء، أو التباهي المفرط بالنفس، وهي الإيمان بالنفس الزائد عن الحد، والذي لا يتناسب مع القدرات والإمكانيات الحقيقية للشخص، وهي أمر سلبي، وتؤدي إلى كثير من الفشل والمشاكل لصاحبها، وذلك بسبب اندفاعه وتهوره من دون التفكير في العواقب، ومن دون الاستماع إلى نصيحة أحد.

أسباب الثقة المفرطة بالنفس:

توجد مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى إصابة الشخص بالثقة الزائدة، وهي كما الآتي:

  • التنشئة: تُعدُّ تنشئة الإنسان، وطريقة تعامل الأهل معه في طفولته، من أهم مُسببات الثقة المُفرطة بالنفس؛ إذ عندما يقوم الأهل بالمدح والثناء المبالغ فيه على الطفل، والتغاضي عن أخطائه، والتصفيق له لأتفه الأمور؛ يكبر ولديه شعور أنَّه مميز عن غيره، من دون أن تكون هناك أسباب موضوعية لذلك.
  • التفوق الوهمي: يُقصد بالتفوق الوهمي؛ اعتقاد الشخص أنَّه أفضل وأكثر تفوقاً من الآخرين، وأنَّ لديه قدرات تفوق قدراتهم.
  • وهم التحكم: قد يقع الشخص تحت تأثير ما يُعرف بـ "وهم التحكم"، أي أنَّه يمتلك قدرات خارقة في التحكم والتعامل مع الأمور، غير أنَّه في الحقيقة لا يمتلك أي قدرات.
  • سوء التخطيط: يقع بعض الأشخاص في مطب سوء التخطيط، فيُبالغوا بكمية العمل التي يستطيعون إنجازها، أو بتقليل الوقت الذي يحتاجون إليه للإنجاز.
  • التقدير الخاطئ للإمكانيات: قد لا يكون الشخص واقعياً أو موضوعياً في تقدير إمكانياته وقدراته، فيُبالغ في تقديرها؛ الأمر الذي يخلق حالة عدم توافق بين قدراته الحقيقية، وبين تصوراته عن قدراته.
  • إخفاء النقص: يعتقد بعض الباحثين في علم النفس، أنَّ منشأ الثقة المفرطة بالنفس مرتبط بشكل كبير، بوجود عقد نقص لدى الشخص؛ إذ غالباً ما يكون ذوو الكفاءات الأقل، هم من يُظهرون أعلى المستويات من الثقة الزائدة بالنفس.
  • الفروق الفردية: لكل شخص مِنَّا ميزة تُميزه عن غيره، ولكن هناك من يعتدُّ بنفسه كثيراً، ويقع في مطب الثقة الزائدة بالنفس بسبب ما يملكه من ميزة.
  • الدقة المفرطة: قد تأتي الثقة المفرطة لدى الشخص من اعتقاده بأنَّ عمله يتصف بالدقة مائة بالمائة، وفي حقيقة الأمر قد لا يكون عمله كذلك!

علامات الثقة المفرطة بالنفس:

هناك مجموعة من العلامات تظهر في سلوكات الشخص وتُشير إلى أنَّه يُعاني من الثقة المفرطة بالنفس، وهي:

  • التعدي على مجالاتٍ غير مجاله؛ إذ إنَّه يرى في نفسه القدرة على العمل في أي مجال.
  • تؤدي الثقة الزائدة بالنفس إلى بذل حد أدنى من الجهد، لاعتقاد الشخص بأنَّ المهمة سهلة وأقل من قدراته، ولا تحتاج إلى كثير من الجهد.
  • تجعل الثقة الزائدة بالنفس الشخص لا يستمع إلى رأي غيره، ولا يتقبل النصيحة أو المشورة.
  • من علامات الثقة المفرطة بالنفس، ألَّا يتقبل الشخص النقد، أو الملاحظات؛ ذلك لاعتقاده أنَّه لا يُمكن أن يُخطئ.
  • دائماً ما تترافق الثقة الزائدة بتفاؤل غير واقعي؛ إذ يعتقد الشخص أنَّه ناجح في كل أمر يُقدِم عليه، مهما كانت صعوبته، ولو كانت استعداداته وقدراته غير متناسبتين مع الأمر.
  • غالباً ما يُعاني الشخص ذو الثقة الزائدة بالنفس، من علاقات اجتماعية مضطربة وغير مستقرة، فهو يرى نفسه أذكى وأفهم الجميع، ويُريد من الجميع أن يستمع إليه، في حين أنَّه لا يسمع سوى نفسه.
  • اتخاذ قرارات غير مدروسة، بسبب تهور الشخص وثقته المفرطة بنفسه، فهو ينظر إلى ذاته على أنَّه العليم والمُسيطر على كل الأمور.

شاهد بالفديو: 8 طرق ذهبية لاكتساب الثقة بالنفس

أضرار الثقة الزائدة بالنفس:

ما هي سلبيات الثقة بالنفس؟ ينتج عن الثقة المفرطة بالنفس كثيرٌ من السلبيات والأضرار التي تلحق بالإنسان، من أبرزها:

  • ينتج عن الثقة الزائدة بالنفس، إهمالٌ للأخطاء وللإشارات التحذيرية؛ إذ يرفض الشخص فكرة كونه على خطأ.
  • عادةً ما يكون الشخص الواثق بنفسه أكثر من اللازم، شخصاً غير مرغوب في رفقته من قِبل الآخرين، وزوجاً غير ناجح لصعوبة التعامل معه، ولإلقائه اللوم دوماً على غيره، كونه يعتقد نفسه أنَّه الأفهم والأذكى.
  • إصابة الشخص بالغرور، وارتفاع صوت الأنا لديه، فيشعر أنَّه قادر على فعل كل شيء من دون أي رادع.
  • غالباً ما يفشل صاحب الثقة الزائدة بنفسه في تحقيق الأهداف؛ ذلك لأنَّه يعتقد أنَّ إمكانياته عالية، ولا حاجة به إلى الاستعداد والتحضير لها كما يجب.
  • يميل الشخص الواثق من نفسه بشكل زائد، إلى حب السيطرة وفرض نفسه، فتجده يتحدث بجرأة عالية، وبصوت مرتفع، ولا يُعطي فرصة لغيره بالكلام.
  • يُعدُّ العناد من علامات الثقة الزائدة بالنفس؛ إذ عادةً ما يكون صاحب الثقة المفرطة بنفسه، شخصاً عنيداً، مُتمسكاً برأيه، غير مرن في تقبل رأي غيره.
  • قد يلجأ الشخص الذي يُعاني من الثقة الزائدة بالنفس، إلى الاستخفاف بالآخرين، وعدم تقديرهم كما يجب.
  • يميل الشخص الواثق من نفسه بشكل زائد عن اللزوم إلى حب السيطرة، حيث يتصرف كما لو أنَّ لديه بعضاً منها، ولو كان لا يمتلكها بشكل حقيقي.
  • يتوهم من يُعاني من مرض الثقة الزائدة بالنفس، أنَّه شخص كامل وليس به أي عيوب.
  • كثيراً ما تؤدي الثقة المفرطة بالنفس إلى تضييع وخسارة الفرص، وذلك لاعتقاد الشخص أنَّه يستحق أفضل من ذلك، وأنَّ قدراته أكبر منها.
  • ينتج عن الثقة المفرطة بالنفس في بعض الأحيان، تحميل الشخص فوق طاقته، لأنَّه يقبل بأعمال ومهام كثيرة نتيجة ثقته المفرطة بإمكانياته، وفي الواقع تكون هذه الأعمال أكبر بكثير من قدراته.
  • أكثر سلبيات الثقة المفرطة بالنفس وضوحاً هي النرجسية، والأنانية المُفرطة، ممَّا يجعله شخصاً غير محبوب وغير مرغوب فيه.
  • التوقف عن التعلُّم؛ إذ غالباً ما يتوقف الشخص الواقع تحت تأثير الثقة المفرطة بالنفس عن التعلم؛ ذلك لأنَّه يرى في نفسه أنَّه يعرف كل شيء ولا يحتاج إلى التعلُّم.
  • ينسُب الشخص الذي يُعاني من الثقه الزايده بالنفس، النجاح إلى نفسه وحسب، بينما يُحمِّل فشله على الظروف والآخرين.
  • من سلبيات الثقة الزائدة بالنفس، جنون العظمة؛ إذ يرى الشخص نفسه شخصاً عظيماً، ومميزاً عن غيره في كل شيء.
  • تجعل الثقة المفرطة بالنفس الشخص يميل إلى أخذ المجازفات.
إقرأ أيضاً: الثقة التامة بالنفس: أسباب ضعفها، وطرق تقويتها

كيف أتجنب الثقة المفرطة بالنفس؟

هذه مجموعة نصائح، تُفيد في تجنب الوقوع في مطب الثقة الزائدة بالنفس:

  • استمع أكثر ممَّا تتكلم، فمن يريد التعلُّم والتطور يجب أن يستمع أكثر ممَّا يتكلم.
  • استمر في التعلُّم، حتى لو كنت واثقاً من مهاراتك في مجالك، لا تتوقف عن تطوير نفسك والبحث عن مزيد من المعرفة والخبرات.
  • انفتح على الآخرين، فقد يكون لديهم منظور جديد أنت لا تراه.
  • تقبَّل الخطأ، وتحمَّل مسؤوليته، وتوقَّف عن لوم الظروف والآخرين.
  • راقب مستوى الثقة بالنفس لديك، فإن لاحظت ظهور بوادر التعالي والكِبر عليك، اعمل وقفة مع النفس وذكِّرها بأهمية التواضع.
  • تذكَّر سلبيات الثقة المفرطة بالنفس، وحاول تجنبها بشكل دائم.
  • توقَّف عن مقارنة نفسك بالآخرين، سواءً كانت مقارنة إيجابية أم سلبية، وذلك حتى لا ترى نفسك أفضل من الآخرين، لما تمتلكه من مهارات ليست لديهم. وإن أردت أن تُقارن نفسك بأحد ما، فقارِن نفسك بما كنت أنت عليه في الأمس.
  • سلِّط الضوء دائماً على نقاط ضعفك وسلبياتك، وحارب فكرة أنَّك إنسان كامل.
  • لا تحتكر نجاحك لك وحدك، خاصة إن كان نتيجة عمل جماعي، بل احرص على مشاركة زملائك بنجاحك.
  • لا تُغالي في التوقعات، وضعْ توقعات واقعية، بحيث لا تقع في مطب الثقة الزائدة.
  • تقبَّل الانتقاد والملاحظات التي تُوجَّه إليك، وخاصةً تلك التي تصب في مصلحتك.
إقرأ أيضاً: كيف تكون متواضعاً دون أن تنتقص من قيمة نفسك؟

قصص فشل بسبب الثقة المفرطة بالنفس:

من أشهر قصص الثقة المفرطة بالنفس وأثرها السلبي في الإنسان وفي حياته وعمله:

قصة ستيف بالمر (المدير التنفيذي السابق لشركة مايكروسوفت)، والذي سببت ثقته العمياء بقدراته، والتشبث برأيه برفض التحديثات، والإصرار على التقنيات القديمة، خسارة الشركة لعائدات طائلة كان يُمكن أن تُجنيها، في حال لو وافق بالمر على الدخول في مجال أجهزة الهاتف النقال.

وفي قصة أخرى، قام عالم النفس جيمز ريزون في آواخر الثمانينات، بمُحاولة معرفة ما في أذهان مُرتكبي حوادث الطرق، فنزل ريزون إلى الشوارع في جميع أنحاء مانشستر في المملكة المتحدة، وطلب من 520 سائقاً، تقدير عدد المرات التي ارتكبوا فيها مخالفات، وذكر أخطائهم التي سببتها. وإلى جانب ذلك، طلب ريزون منهم، تقدير مدى قدرتهم على القيادة مُقارنة بالآخرين، وهل يرون أنفسهم أقل أو أعلى من المتوسط؟ فكانت النتيجة التي وجدها ريزون، أنَّ من بين الـ 520 سائقاً، خمسة منهم فقط هم الذين عدُّوا أنفسهم أقل من المتوسط، أمَّا الـ 515 البقية؛ فقد عدُّوا أنفسهم أعلى من المتوسط، وهذه الثقة العمياء بقدراتهم في القيادة، أدت بهم إلى قيادة محفوفة بالمخاطر والحوادث!

في الختام، التوازن هو الحل!

يؤكد علماء وباحثو علم النفس، أنَّ الثقة بالنفس هي مفتاح النجاح، والسلاح الذي نُواجه به الصعوبات ونتغلب عليها، ولكن يجب الانتباه لضرورة التوازن فيها، والتحلي بثقة واقعية بالنفس، مبنية على قدراتنا وإمكانياتنا الحقيقة، والتي تدفعنا إلى الأمام، والمترافقة بالرغبة الدائمة في تطوير أنفسنا. في أنَّهم حذَّروا كل الحذر من الثقة المفرطة بالنفس، والتي لا تستند إلى الواقع، وتُلحق بصاحبها كثيراً من المشاكل والخسائر، وتجعل الآخرين ينفضُّون من حوله.

المهارة الحقيقية هي أن تحمل هذه المفارقة؛ وهي الجمع بين التواضع والثقة بالنفس في الوقت نفسه، فالأشخاص الناجحون هم من يحملون هذه المفارقة.




مقالات مرتبطة