التهاب القصبات وذات الرئة

يُعَدُّ المرضان الآتيان من أشد وأشيع الإنتانات التي تصيب الطرق التنفسية والرئتين وهما التهاب القصبات وذات الرئة، والأمر الذي يميز هذين المرضين هو التشابه بين أعراضهما لدرجة صعوبة التفريق بينهما إلَّا بالفحوصات والتشخيص الدقيق، سنتحدث في هذا المقال عن هذين المرضين ونتبيَّن الفروقات بينهما؛ لذا تابعوا معنا.



التهاب القصبات:

التهاب القصبات أو ما يُعرف بالتهاب الشعب الهوائية الحاد هو مرض مُعدٍ يصيب الكثيرين من الأشخاص، ونادراً ما يكون قاتلاً، ومع ذلك في حال تحوُّله إلى التهاب مزمن؛ فإنَّه سيسبب تدهور وظائف الرئة تدريجياً ويصبح عندها مهدداً للحياة.

لهذا الالتهاب عدة أنواع تختلف حسب العامل المسبب وهي:

  1. التهاب القصبات الفيروسي: ويندرج تحت أشيع الإصابات.
  2. التهاب القصبات الجرثومي: تسببه عدوى بنوع ما من البكتيريا.
  3. التهاب القصبات الفطري: تسببه عدوى فطرية داخل الشعب الهوائية.
  4. التهاب القصبات الناتج عن التعرُّض للمواد المُخرشة والمُهيجة؛ كدخان التبغ والغبار والأبخرة وملوثات الهواء وغيرها، ويُسمى هذا النوع من الالتهاب بمرض الرئة الساد المزمن

أعراض التهاب القصبات:

تتشابه أعراض التهاب القصبات المزمن COPD مع أعراض التهاب القصبات الحاد، وهي:

  1. سعال منتج لقشع أبيض أو أصفر أو أخضر.
  2. حمى وقشعريرة.
  3. أزيز وخراخرٌ في الصدر نتيجة تراكم المفرزات.
  4. صعوبة في التنفس والضيق وخاصةً عند الاستلقاء.
  5. التهاب الحلق.

عادةً ما يستمر التهاب القصبات الفيروسي والجرثومي من بضعة أيام إلى بضعة أسابيع على الأكثر ويتظاهر بأعراض حادة ومزعجةٍ، بينما يستمر التهاب القصبات المزمن مدى الحياة مع فترات كمونٍ وتلاشٍ للأعراض، لتعاود الظهور بعد فترة.

علاج التهاب القصبات:

نظراً لأنَّ معظم حالات التهاب القصبات فيروسية؛ فلن تستجيب إلى المعالجة بالصادات الحيوية؛ لذلك قد تساعد الخيارات الآتية على التحسن والتماثل إلى العلاج:

  1. الراحة في السرير.
  2. تناول الكثير من السوائل الساخنة.
  3. أخذ مسكنات الألم وخافضات الحرارة المتاحة كالباراسيتامول.
  4. تناول الأدوية المضادة للسعال.
  5. إجراء جلسات إرذاذٍ أو استنشاق الأبخرة العشبية كالكينا أو النعناع لما لها من دور في تلطيف الطرق التنفسية وتمييع المفرزات وتهدئة السعال.

عندما يكون سبب التهاب القصبات جرثومياً، يوصف الطبيب الصادات الحيوية إضافةً إلى توصياته السابقة.

من ناحية أخرى يُعَدُّ التهاب القصبات المزمن غير قابل للشفاء، ومع ذلك يمكن لبعض التداخلات مساعدة المصابين على تحسين جودة تنفسهم؛ لذلك يُوصي الأطباء باستخدام أجهزة الإرذاذ والاستنشاق والأوكسجين المنزلي مع بعض تمارين التنفس، بالإضافة إلى أدوية موسعات القصبات وحالَّات البلغم.

يُعَدُّ التهاب القصبات المزمن أكثر شيوعاً عند المدخنين؛ لذلك يوصي الأطباء بالتقليل أو الإقلاع عن التدخين لتخفيف شدة الإصابة ومنع تفاقم الالتهاب وتدهور باقي الشعب الهوائية.

شاهد: أشهر الأمراض النادرة في العالم

عوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بالتهاب القصبات:

قد يسبب التهاب القصبات وخاصةً المزمن مضاعفات خطيرة تشمل الوفاة بسبب تلف القلب ووظائف الرئة؛ لأنَّه مع مرور الوقت لن يتمكن الجسم من الحصول على ما يكفي من الدم المؤكسج، وستبدأ الأعضاء بفقدان وظائفها والتلف ببطء، بالإضافة إلى الإصابة بالكثير من الأمراض الأخرى نتيجة نقص المناعة.

كذلك يزيد التهاب القصبات المزمن فرص الإصابة بذات الرئة، ويصبح من الصعب على جسم المُصاب مقاومته والشفاء منه بسهولة، وفي حين أنَّ التهاب القصبات الحاد لا يسبب عادةً مضاعفات خطرة، إلَّا أنَّ ضعيفي المناعة قد يعانون من مضاعفات تشمل ذات الرئة أو تعفُّن الدم.

ذات الرئة:

يُعَدُّ ذات الرئة حالة صحية خطرة للغاية ومهددة للحياة؛ وتسببها عدوى بكتيرية أو فيروسية أو فطرية.

تتعدد أسباب الإصابة بذات الرئة وتشمل المرضى المصابين بأمراض مزمنة كالضغط والسكري؛ إذ تتكرر إصابتهم بذات الرئة كثيراً، ويُعَدُّ شائعاً بين كبار السن وضعيفي المناعة بكثرة، وكذلك يُصاب العديد من الأشخاص بذات الرئة كمضاعفٍ بعد الإصابة بالتهاب القصبات الفيروسي أو الجرثومي أو الفطري.

تفيد بعض اللقاحات في تقليل خطر الإصابة بذات الرئة؛ إذ يمكن أن يساعد اللقاح ضد جرثومة المكورات الرئوية على الوقاية من الإصابة بذات الرئة بالمكورات الرئوية.

أعراض ذات الرئة:

تتشابه أعراض ذات الرئة مع أعراض التهاب القصبات، وتشمل هذه الأعراض ما يأتي:

  1. السعال الشديد المنتج لمفرزاتٍ بلغمية صفراء أو خضراء أو بيضاء أو مختلطة بالدم.
  2. حمى وعرواءات.
  3. صعوبة وضيق في التنفس.
  4. الألم الحاد في الصدر والإحساس بالتهيج والوخز فيه.
  5. التعب والإرهاق والخمول وفقدان الطاقة.
  6. التهاب الحلق.

تتضمن بعض الأعراض التي قد تساعد على التشخيص التفريقي والتمييز بين التهاب القصبات وذات الرئة ما يأتي:

  1. الارتباك والتهيج والتخليط عند بعض المصابين وخاصةً كبار السن.
  2. التنفس السريع والسطحي والسحب بين الأضلاع وعدم القدرة على أخذ نفس عميق.
  3. انخفاض الأكسجة الدموية تحت 90% نسبة إشباع الأوكسجين في الدم.
  4. فقدان الشهية.
  5. الغثيان والإقياء وخاصةً عند الأطفال والرضع.
  6. الآلام في المفاصل والعضلات.

علاج ذات الرئة:

يُعتمد في علاج ذات الرئة على العلاج النوعي؛ أي محاربة العامل المسبب له والذي يعاني منه المصاب؛ إذ تُعالج الإصابات الجرثومية بالصادات الحيوية، والإصابات الفطرية بمضادات الفطور، لكن لا يوجد علاج محدد لأنماط الإصابات الفيروسية؛ لذلك في حال الإصابات الجرثومية والفطرية وبالإضافة إلى المضادات الموصوفة لمعالجتها وكذلك الإصابات الفيروسية، توجد عدة استراتيجيات تساعد على تحسين جودة التعافي مثل:

  1. تناول مسكنات الألم وخافضات الحرارة لتخفيف الألم وتهدئة الحمى.
  2. تناول السوائل الساخنة بكثرة.
  3. تناول بعض أنواع الأعشاب الطبية، كالزوفة والزعتر وغيرها، مع الانتباه إلى عدم الإكثار منها، فالأعشاب كالأدوية لها منافع ولها مضار.
  4. أخذ قسط كبير من الراحة.
  5. استخدام جلسات الإرذاذ والمباخر للمساعدة على توسيع القصبات وتمييع المفرزات.
  6. تجنُّب التدخين.
  7. تناول مثبطات السعال، لكن بينما يرى بعض الأشخاص أنَّ السعال مزعج ومتعب ويأخذون الأدوية لكبحِه؛ فهو وسيلة هامة للجسم؛ إذ يساعد على طرد المفرزات وتنظيف الرئة والشعب الهوائية من المخاط والجراثيم المتراكمة؛ لذا يجب استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء لتثبيط السعال.
  8. بعض المرضى يحتاجون إلى القبول للإقامة في المستشفى، وتسريب السوائل الوريدية والأدوية النوعية وتحقيق الرعاية الداعمة المثلى في بيئة نظيفة ومُراقَبة لمساعدتهم على التعافي بشكل أسرع.

عوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بذات الرئة:

تتراوح شدة ذات الرئة بين المعتدلة نسبياً إلى المهددة للحياة؛ وذلك عندما يمسي التنفس صعباً للغاية، وتصبح الإصابة أشد خطورة، وخاصةً عند الرضع والأطفال الصغار وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة وضعيفي المناعة.

قد تؤدي الإصابة بذات الرئة إلى حدوث نقصان في الأكسجة الدموية، وضعف إمداد الدم المؤكسج ووصوله إلى الأعضاء، وعادةً ما يموت المصابون بذات الرئة نتيجة فشل في جهاز التنفس أو تلف في عضو ما، أو بسبب الإنتانات أو خراجات الرئة.

شاهد أيضاً: ماذا تفعل إذا أحسست بأعراض كورونا (كوفيد-19)؟

كيف يخلط الناس بين التهاب القصبات وذات الرئة؟

العوامل الممرضة التي تسبب التهاب القصبات تسبب ذات الرئة أيضاً، وعلاوةً على ذلك فإنَّ التهاب القصبات المزمن هو عامل خطر أيضاً في التسبب بذات الرئة.

عادةً ما يُصاب الشخص بالتهاب القصبات مرة إلى اثنتين سنوياً، ويختلف نوع العدوى المسببة لهذا الالتهاب؛ لذا يجب ومن الضروري الانتباه ومراقبة تغيير الأعراض أو تفاقمها؛ وذلك لنفي أو تأكيد حدوث ذات الرئة أم لا، وخاصةً لأنَّ أعراض هذين المرضين تكاد لا يمكن تمييزها عند معظم الإصابات؛ لذلك يجب استشارة الطبيب والخضوع إلى الفحوصات لتشخيص نوع الإصابة الحاصلة بدقة.

إقرأ أيضاً: 6 أعراض صحيّة يجب عليك ألَّا تتجاهلها أبداً

متى تجب زيارة الطبيب؟

كلٌّ من التهاب القصبات وذات الرئة يمكن أن يكون شديداً ومهدداً للحياة؛ لذلك من الهام جداً عدم التشخيص الذاتي لأيَّة من الحالتين، والتعامل مع كافة الأعراض التنفسية بجدية وعدم تناول الأدوية دون استشارة الطبيب.

يجب مراجعة الطبيب في حال ظهور واحد أو أكثر من الأعراض الآتية:

  1. صعوبة في التنفس.
  2. سعال شديد لا يمكن ضبطه أو تخفيف حدته.
  3. حرارة شديدة أعلى من 38,5 درجة مئوية.
  4. عدم التحسن على العلاج الموصوف سواء لالتهاب القصبات أم ذات الرئة.
  5. في حال التحسن لفترة ومن ثم معاودة الأعراض إلى الظهور بعد انتهاء العلاج.
  6. المصابين بالأمراض المزمنة كالضغط أو السكري أو غيره ويعانون من صعوبات في التنفس.
  7. الأطفال والرضع الذين يُشاهَدون وهم يلهثون بحثاً عن الهواء ويتنفسون بسرعة وسطحية وصعوبة.

يجب مراجعة الطبيب بأقصى سرعة عند ظهور أحد هذه الأعراض أو كلها؛ وذلك لأنَّ هذا النوع من المرض يتفاقم ويتطور بسرعة وفي غضون يوم واحد؛ لذلك يجب تدبيره بسرعة ومنع تطور نقص الأكسجة الدموية.

يمكن علاج التهاب القصبات وذات الرئة بشكل كبير وفعال، وخاصةً عند الإسراع في استشارة الطبيب وتطبيق العلاج بمجرد ظهور الأعراض وعدم الانتظار حتى تتفاقم.

كلتا الحالتين لهما أعراض متشابهة ولهذا يخلط الناس بينهما، وفي معظم الحالات لن يكون الشخص العادي قادراً على معرفة الفارق دون تشخيص الطبيب أو مقدم الرعاية الصحية.

إقرأ أيضاً: مرض ذات الرئة عند الأطفال

في الختام:

يمكن للرعاية الطبية العاجلة إنقاذ الأرواح، ومنح الوقت الإضافي في إمضائه مع من نحب، ومساعدة الناس على العودة إلى حياتهم الطبيعية في أسرع وقتٍ ممكنٍ؛ لذا لا تتهور ولا تحاول معالجة نفسك بنفسك ولا تستخف بالمرض، وكما قال تعالى في كتابه العزيز: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)، [سورة الشعراء، الآية: 80]؛ فالله تعالى وفر لنا السبل والعلم والأطباء والدواء لشفائنا ومساعدتنا، وقال تعالى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)، [سورة البقرة، الآية: 195]؛ أي ألَّا نحاول فعل ما يضرنا وألَّا نرمي أنفسنا بالخطر نتيجة قلة فهمنا وعدم اكتراثنا، فالمرض ليس بلعبة.

المصدر




مقالات مرتبطة