التنمية المهنية للمعلمين: مفهومها وأهميتها وبرامجها

في ظل التطورات الكثيرة التي يشهدها العالم الحالي وخاصة التطور التكنولوجي، وانعكاس هذه التحولات على نواحي كافة الحياة، والتي تعتمد جميعها على عقل الإنسان بالدرجة الأولى؛ أصبحت التنمية المهنية للمعلمين أمراً ضرورياً جداً.



وذلك لأنَّ كل هذه التطورات تُحمِّل النظم التربوية أعباء ثقيلة لمواكبة التحولات في العالم، والمعلم هو الركيزة الأساسية لعملية التعليم، ومن ثمَّ من الضروري إعداد المعلم إعداداً يمكِّنه من أداء مهمته وتطويره تطويراً مستمراً للارتقاء بالمستوى التعليمي.

مفهوم التنمية المهنية للمعلمين:

هي عملية مستمرة يُخطَّط لها تخطيطاً منظَّماً، وتُنفَّذ من أجل الارتقاء بمستوى المعلم؛ وذلك من خلال تزويده بالمهارات اللازمة وتطوير أدواته وتنمية قدراته في الممارسات المهنية وطرائق التدريس؛ وذلك لتحقيق التقدم المهني ورفع كفاءته في حل المشكلات التي تواجه العملية التعليمية والتربوية؛ وهذا يساهم في تحسينها المستمر، ومن ثمَّ النهوض بالمجتمع وتطويره بما يتناسب مع تطورات العالم المحيط.

مجالات التنمية المهنية للمعلمين:

  1. التنمية والتطوير والتجديد في مجال تخصُّص المعلم الأكاديمي.
  2. تطوير المعلم في مجال العلاقات الإنسانية والتواصل والتفاعل وطريقة تعامله مع المواقف التي قد يتعرَّض لها في أثناء أدائه لوظيفته التعليمية.
  3. التحديث في مجال البحث العلمي وفي مجال الإشراف الأكاديمي أيضاً.
  4. التطوير في مجال استخدام المعلمين لتقنيات المعلومات والاتصالات وتوظيفها توظيفاً مفيداً في العلمية التعليمية والتربوية.
  5. تطوير المعلم في مجال تحديث المناهج التربوية القديمة وتصميم مناهج تربوية حديثة مناسبة للواقع الحالي والتغيرات الطارئة على العالم.
  6. تطوير المعلم في مجال طرائق التدريس والأداء التدريسي؛ وذلك من خلال استخدام الأساليب الحديثة في إيصال الأفكار والمعلومات للمتعلمين.
  7. مجال التطوير والتقويم الذاتي والالتزام بأخلاقيات مهنة التعليم.

أهمية التنمية المهنية للمعلمين:

تهيئة الجيل الحاضر ليواكب العالم المحيط فيه من واجبات النظم التعليمية بشكل رئيس، وأيضاً من مبررات التنمية المهنية للمعلمين ما يأتي:

  • التطور الكبير الذي حصل في مجال المعلومات والاتصالات والذي يمكن تسميته بالثورة؛ وذلك لأنَّه أدى إلى جعل العالم قريةً صغيرة تنتقل فيها المستجدات بسرعة قصوى.
  • التطور المعرفي في مختلف مجالات العلوم نتيجة الأبحاث العلمية الكثيرة، والتي ساعدت على انتشارها الكبير ثورة الاتصالات.
  • التجدد الدائم والمتسارع في مجال استراتيجيات التدريس، الذي يجب على المعلم مواكبته؛ لأنَّ طرائق التدريس القديمة قد لا تتناسب مع الواقع الحالي، ومن ثمَّ، لا يمكنها تحقيق الأهداف المرجوَّة من العملية التربوية والتعليمية.
  • تزايد مسؤوليات المعلم وتعدُّد أدواره بعد تطور طرائق التدريس؛ إذ كانت وظيفة المعلم في البداية تلقين الطلاب المعلومات الموجودة ضمن المنهاج الدراسي المحدَّد فقط، لكن تبعاً لطرائق التدريس المعاصرة أصبحت وظيفة المعلم أيضاً مساعدة الطالب على استكشاف المعلومات بنفسه.
  • العمل على مواكبة كل جديد في العملية التعليمية، ومن ثم تطبيقه وفقاً للمعايير الدولية.
  • وجود أساليب تطوير ذاتي وأنظمة تعليمية متعددة ومتنوعة يجب على المعلم مواكبتها.
  • يتوجه العالم بأكمله باتجاه التقيد بالجودة الشاملة للعملية التعليمية.

أما بالنسبة إلى الأهداف التي تُحققها التنمية المهنية للمعلم نذكر ما يأتي:

  1. تساعد المعلم على مواكبة جميع المستجدات في مجال نظريات العلم والتعليم؛ وهذا يساهم في تحقيق الفاعلية في التعلم عند العمل على تطبيقها.
  2. تساعد المعلم على مواكبة جميع المستجدات في مجال تخصُّصه بشكل محدَّد؛ وهذا يفيد في تطوير معلوماته السابقة.
  3. تساهم في تعميق الرابط بين النظرية والتطبيق العملي في مجالات التعليم.
  4. تساهم في مواكبة المعلم لتقنيات التعليم المعاصرة، التي يساعد استخدامها على زيادة فاعليته بإيصال المعلومات للمتعلم.
  5. تساهم في حل المشكلات التي تواجه العملية التعليمية والتربوية بطريقة متطورة وعلمية.
  6. التنمية المستمرة ترسِّخ مبدأ التعلم طوال الحياة لدى المعلمين وتزيد من اعتمادهم على أساليب التعليم الذاتي، كما أنَّها تساهم في تطوير كفاءات التقييم ومهاراته وخاصةً مهارات التقييم الذاتي.
  7. تساهم في تعميق التزام المعلمين بقواعد وأخلاقيات مهنة التعليم من أجل التقيد بها بشكل أكبر.
  8. تزيد من مهارات استخدام المعلمين لمصادر المعلومات والبحث المستمر عن كل المستجدات.

بالإضافة إلى ما سبق، فإنَّ التنمية المهنية للمعلمين تترك فوائد كثيرة للطالب، منها:

  1. تزيد من حماسة الطالب للدراسة؛ وذلك بسبب التنوع في وسائل التعليم وفي مصادر التعلم؛ وهذا يحفِّزه تحفيزاً كبيراً؛ وذلك لأنَّ الطالب ينفر من التعلم نتيجة الروتين التقليدي في وسائل التعليم وأساليبه.
  2. سدُّ الفجوة الموجودة بين التقدم العلمي وبين واقع الطلاب في المدرسة الذي يحدُّ من قدراتهم على التفوق والإبداع.
  3. اختلاق روح المنافسة بين الطلاب في إعداد الوسائل التعليمية المختلفة.
  4. رفع مستوى التعليم والتقدُّم في مختلف نواحي العملية التعليمية؛ وهذا يساعد على تكوين مجتمعات متعلمة ومتطورة تُحقق الازدهار في المجتمع لما تقدمه من خدمات فاعلة.

شاهد بالفديو: 8 طرق تساعد المعلم على أداء مهنته بنجاح

برامج التنمية المهنية للمعلمين:

توجد عدة نقاط هامة تُراعى عند وضع برنامج التنمية المهنية للمعلمين؛ إذ يجب معرفة مستوى المعلم؛ وذلك بسبب وجود اختلاف بين المعلم الجديد والمعلم القديم، وأيضاً تختلف البرامج باختلاف الهدف المراد منها؛ لذلك يمكن تصنيفها كالآتي:

1. برامج التأهيل:

هذا النوع من برامج التنمية المهنية مخصَّص للمعلمين الجدد أو المعلمين ممن يحملون مؤهلات غير تربوية، فيتم إعداد هذا النوع من البرامج بهدف مساعدتهم على الاطلاع على كافة طرائق التدريس وأساليب الأداء كي يبدعوا فيما بعد في أداء مهمتهم بإيصال المعلومات للطلاب.

2. برامج العلاج:

هذا النوع من البرامج يهدف إلى علاج نقاط الضعف الموجودة لدى المعلم لتلافي القصور في أدائه، أو في شخصيته، أو في الناحية الإدارية لديه، أو حتى التربوية.

3. برامج التجدد:

هذا النوع من البرامج ضروري جداً من أجل تعريف المعلمين بكافة المستجدات من نظريات تربوية حديثة أو معلومات ومعارف متطورة في مجال تخصُّصهم العلمي والتربوي، ويتم إعداد هذا النوع من البرامج بشكل دوري عادةً.

4. برامج الترقية:

هذا النوع من البرامج مخصص فقط للمعلمين ممن سيُرقَّون إلى مناصب جديدة؛ إذ يتم تعريفهم بمتطلبات العمل الجديد وتهيئتهم للمسؤوليات الجديدة المترتبة عليهم كي يقوموا بأداء واجبهم على أكمل وجه.

إقرأ أيضاً: أهم مهارات المعلّم الناجح وصفاته الأساسيّة

أساليب التنمية المهنية للمعلمين:

يوجد العديد من الأساليب التي تفيد في تنمية المعلمين مهنياً منها ما يأتي:

1. الزيارات الصفِّيَّة:

تتم زيارة المعلم في صفه في أثناء إعطائه للدرس بهدف معين يُحدَّد قبل الزيارة، وأما خلال الزيارة فتتم ملاحظة أسلوب المعلم في شرح المعلومات وإيصالها للطلاب وكيفية استخدامه للوسائل والتقنيات التربوية، وتتم ملاحظة علاقته بالطلاب والتعرف إلى نتائج تعليمه لهم من أجل اكتشاف الإيجابيات والسلبيات ونقاط القوة والضعف لديه؛ وذلك ليتم مناقشته فيما بعد بكل الملاحظات والمشكلات التي تم اكتُشِفَت كي يستفيد المعلم من خبرة الزائر وملاحظاته، ويعمل على تطبيقها ليتغلب على المشكلات التي تواجهه؛ وهذا يحسِّن من مستوى أدائه.

2. تبادل الزيارات بين المعلمين:

وتتم هذه الزيارات بين المعلمين المشتركين بنفس الاختصاص أو ممن يقومون بتدريس نفس المنهج الدراسي؛ وذلك ليتعرف كل منهم إلى طريقة الآخر في التدريس وأساليبه المتَّبَعة في إيصال المعلومات وتسجيل الملاحظات ليتم مناقشتها بعد الزيارة؛ إذ يمكن بهذه الطريقة تبادل الخبرات بين المعلمين وتلافي بعض المشكلات.

3. إعداد الدروس النموذجية:

يتم التنظيم لهذه الدروس على مستوى المدرسة فقط أو على مستوى مدارس المدينة جميعها؛ وذلك لتُناقَش أساليب الأداء وطرائق التدريس المختلفة وكيفية استخدام الوسائل التعليمية؛ وذلك من أجل الإبداع أكثر في الأداء والتنويع في الأساليب التعليمية.

4. تشكيل حلقات نقاشية:

يتم دعوة عدد من المعلمين من ذوي الاختصاص الواحد؛ وذلك ليتم تبادل الآراء والأفكار المختلفة، ومناقشة المشكلات الموجودة، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها، والتعرُّف إلى طرائق التدريس المبتكَرة من قِبل بعضٍ من المعلمين؛ وذلك كي يستفيد الآخرون منها في تسهيل أدائهم لمهامهم التربوية والتعليمية.

5. الاجتماعات الإدارية:

ويقيمها عادةً رئيس القسم أو مدير المدرسة مثلاً كي يناقش كل ما يتعلق بالعملية التربوية مع المعلمين، ولإنشاء جو من التعاون بينهم لتحقيق الأهداف المرجوة ولحل كافة المشكلات الميدانية لديهم، وكثرة هذا النوع من الاجتماعات ضروري ليبقى الجميع على تواصل دائم؛ وهذا يؤدي إلى نجاح العملية التربوية والتعليمية.

6. أسلوب العروض العلمية:

يقوم المعلم بتصوير تجربة ما من ابتكاره عند تطبيقها مع الطلاب، ومن ثم عرضها على المعلمين ضمن اجتماع لتقديم نموذج معين، أو لتعريفهم بنشاط تعليمي، أو لتعريفهم بطريقة جديدة للتدريس؛ وهذا يساعد على تطوير مهاراتهم نتيجة نقل الخبرات لهم بشكل عملي، ومن ثمَّ يساعد على رفع المستوى التعليمي للمدرسة من خلال تطبيق هذه التجربة الجديدة فيما بعد بشكل أوسع.

7. التنمية المهنية الذاتية:

يقوم كل معلم بتنمية خبراته تنميةً ذاتيةً؛ وذلك من خلال القراءة والاطلاع المستمر على كل المستجدات في مجال تخصصه أو في مجال طرائق التدريس والتعرُّف إلى الطرائق التربوية الحديثة؛ وهذا يساعد على تنمية مهاراته ومعلوماته، بالإضافة إلى تنمية الجانب الشخصي لديه.

8. استخدام الإنترنت:

استخدام الانترنت في التعليم

يُعَدُّ استخدام الإنترنت وسيلة هامة لتطوير المعلم لنفسه؛ وذلك من خلال متابعته للمواقع التعليمية والتربوية التي تقدِّم له كل ما هو جديد في هذه المجالات، والأهم من ذلك أنَّ المعلم يستطيع إعداد موقع خاص به أو إعداد موقع خاص للمدرسة يشترك فيه كل أقسامها، ويقوم كل قسم بإضافة الإنجازات أو الطرائق المبتكرة؛ وهذا يفيد في تطوير العملية التربوية والتعليمية للمدارس الأخرى من خلال متابعتهم، فبذلك يمكن أن تعم الفائدة على الجميع ونرتقي بالمستوى التعليمي إلى أفضل حال.

إقرأ أيضاً: استخدام برنامج زوم Zoom لإجراء محادثات فيديو في العمل والتعليم عن بعد

معوقات التنمية المهنية للمعلمين:

كل عمل في أي مجال من مجالات الحياة له معوقات تحدُّ من نجاحه وتقدُّمه وازدهاره، لكن لا يجب الاستسلام لهذه المعوقات؛ إنَّما يجب العمل على تجاوزها قدر الإمكان.

من معوقات عملية التنمية المهنية نذكر ما يأتي:

  1. برامج التنمية المهنية ضعيفة المستوى.
  2. معارضة التغيير والخوف من نتائجه.
  3. عدم وجود معلومات كافية عن برامج التنمية المهنية للمعلمين.
  4. عدم وجود دعم معنوي لتطبيق أساليب التنمية المهنية وضعف الدعم المادي أيضاً.
  5. غياب التعاون وعدم وجود رغبة لدى المعلمين في العمل الجماعي.
  6. عدم وجود رؤية مستقبلية لدى المسؤولين عن التخطيط وتنظيم برامج التنمية المهنية للمعلمين.

في الختام:

في الماضي كان الاهتمام الأكبر يتعلق بكيفية إعداد المناهج الدراسية المناسبة؛ وذلك لإعداد الطلاب وتزويدهم بالخبرات العلمية التي تفيد في إنشاء مستقبل جيد لهم دون الاهتمام بإعداد المعلمين واستعدادهم الكافي للقيام بوظيفتهم بشكل مناسب، ولكنَّ المعلم هو حجر الأساس في العملية التعليمية والتربوية أيضاً؛ لذلك من الضروري الاهتمام أيضاً بالمعلم وتنمية مهاراته وطريقته بالتدريس واستخدامه للوسائل التعليمية، والهدف من ذلك هو انتقال الاهتمام للمتعلم لتحقيق الفائدة التعليمية المرجوة.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة