التمويل: مفهومه وأنواعه وشروطه وأهم مصادره

يُعاني الكثير من أصحاب الأفكار الريادية والمشاريع التجارية من عدم القدرة على الحصول على تمويل لمشروعاتهم، وإن وجدوا ذلك المُمول فإنَّ كثيراً من الميزات سوف تذهب في شروط العقد لصالح المُمِّول؛ ولأنَّ أصحاب الأفكار الريادية والتجارية لا يعرفون أنَّهم يستطيعون الحصول على التمويل اللازم لمشروعاتهم، لذلك وجب علينا أن نخصص مقالاً كاملاً نتحدث فيه عن التمويل وماهيته، وأهمية التمويل للأفراد والمؤسسات والشركات، وكذلك أهميته بالنسبة للمُمول نفسه سواء كان رجل أعمال أم شركة أم مصرف.



كما أنَّنا سنتحدث عن أنواع التمويل وشروطه التي يجب توافرها كي يحصل الأفراد أو الشركات على ذلك التمويل، والمصادر التي يجب التوجه إليها من أجل عملية التمويل، وكما أنَّنا سوف نتطرق إلى أوجه الاختلاف بين التمويل الإسلامي والتقليدي، وإلى خصائص التمويل الإسلامي (خصوصاً في قسم التمويل في المصارف الإسلامية).

تعريف التمويل:

يُعرف التمويل بأنَّه نظام مالي يقوم على إدارة الأموال وتوجيهها بكفاءة وفعالية، من خلال دراسة الأفكار وإمكانية تطبيقها في الأسواق المُستهدفة، كما أنَّه يُصنف من أحد فروع الاقتصاد التطبيقي، ويشمل التمويل والقروض والاستثمار والخطط المالية والموازنات وغيرها من المواضيع التي تتعلق بإدارة الأموال.

يُفسر التمويل عند الكثير بأنَّه القدرة على الحصول على الأموال اللازمة بطريقة ما، وهذا التفسير مغلوط؛ فالتمويل أوسع وأشمل من عملية التمويل، فهو إدارة الأموال ومتابعتها ورسم الخطط اللازمة من أجل تحقيق الأهداف الموضوعة باستخدام أدوات الاقتصاد اللازمة وليس عملية إمداد المشاريع بالتمويل اللازم، فمهمته تتعدى هذا الأمر.

 يُمكن القول: إنَّ التمويل هو دراسة المشروع قبل تنفيذه وتتبعه في أثناء التنفيذ وتقييمه من فترة لأخرى، كما يهتم التمويل بالأخطار التي يمكن أن تشكل تهديداً على أنشطة المشروع أو الاستثمار، وتقدم إدارة التمويل الحلول اللازمة؛ إذ إنَّه مجموعة من الوظائف الإدارية تعمل بالتوازي مع بعضها بعضاً.

أهمية التمويل:

تكمن أهمية التمويل في القدرة والمساعدة في تحويل الأفكار إلى مشاريع على أرض الواقع، وذلك من خلال الدراسة الصحيحة للمشاريع المُراد تمويلها، ولا يقتصر الأمر على الأفراد والشركات، فالدول أيضاً قد تكون جهة مُموِّلة أو مُموَّلة؛ كما أنَّ التمويل يحدد ويحقق سياسة الدولة في تحقيق  التنمية وذلك من خلال:

1. جذب رؤوس الأموال من أجل تحقيق المشاريع التي تعم بالفائدة وذلك من خلال:

  • توفير وخلق فرص عمل للعاطلين عن العمل من خلال رفد الكوادر بالمناصب التي يحتاجها المشروع.
  •  تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية للبلاد التي تقام عليها المشاريع.
  • ملائمة الأهداف الموضوعة مع سياسة الدولة في خططها نحو التنمية.

2. تعد أهمية التمويل بالنسبة للأفراد كبيرة جداً من خلال تحقيق الرفاهية للأفراد وتحسين وضع المعيشة من خلال توفير المسكن واللباس والمأكل والمشرب الجيد.

يُمكن القول: إنَّ التمويل يُعدُّ عصب وحجر الزاوية لكل مشروع تجاري إدارياً ومالياً.

إقرأ أيضاً: نصائح مهمة لإدارة المشاريع الناشئة وإعداد الميزانيّة المناسبة لها

أنواع التمويل:

1. التمويل الشخصي:

يعدُّ هذا النوع من التمويل من التمويلات الصغيرة، حيث يقتصر على تمويل المشروعات الصغيرة، وذلك من خلال تحليل المشروع ودراسة جدوى المشروع وحالة الأشخاص طالبي التمويل من الناحية المالية، ويُمكن أن تكون أهدافه تجارية أو عقارية، وعادةً ما يكون هذا النوع من التمويل عن طريق المصارف، وذلك من خلال شروط معينة تطلبها إدارة التمويل والقروض.

شاهد بالفيديو: أفضل 5 أدوات لتمويل مشروعك الجديد

2. تمويل الشركات:

تُموَّل الشركات من خلال البحث عن المصدر المناسب من أجل عملية التمويل سواء من خلال طرح الأسهم أم القروض أم اصدار السندات، وكذلك قد يلجأ بعضها إلى أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة أو كِبار المُستثمرين، ليتم الاتفاق على نسبة معينة من الأرباح ومشاركة الطرف الثاني بإدارة مجلس الشركة حسب العقد المُتفق عليه.

3. التمويل العام:

يكون هذا النوع من التمويل في الغالب حسب سياسة الدولة في إصدار الديون والضرائب، ووضع الميزانيات التي تؤثر على تحديد مقدار التدخل في الخدمات التي تقدمها الحكومة في بلد ما. كما أنَّ هنالك أشكالاً متعددة للتمويل من مصادر مختلفة سيتم التعرف عليها وذلك من خلال ما يلي:

3. 1. التمويل المباشر وغير المباشر:

يقصد بالتمويل المباشر هو ذلك التمويل الذي لا يتدخل فيه وسيط مالي سواء كان مصرفياً أم غير مصرفي، إذ فقط يكون بين المُقرِض والمُقتَرِض، مثل المؤسسات التي تأخذ مباشرة من الأفراد الذين يريدون الاستثمار عن طريق توظيف أموالهم مع تلك المؤسسات، ويكون ذلك من خلال طرح الأسهم و السندات للاكتتاب العام، كما أنَّ الحكومة أيضاً تصدر في بعض الأحيان سندات وأسهماً من أجل زيادة الاستثمار مباشرةً دون وجود وسيط مالي.

أمَّا فيما يخص التمويل غير المباشر، فهو ذلك التمويل الذي يكون عن طريق طرف ثالث يسمى وسيطاً، مثل الأسواق المالية والبنوك، وتكون العملية من خلال الوسطاء، حيث إنَّهم يقومون بجمع  الأموال من الأشخاص والمؤسسات، بحيث تجمع ما بين الأشخاص الذين لديهم فائض من الأموال ويرغبون في الاستثمار، وبين الأشخاص أو المؤسسات التي تحتاج لمصادر تمويل من أجل الاستثمار.

3. 2. التمويل المحلي والتمويل الدولي:

يُقصد بالتمويل المحلي هو ذلك التمويل الذي يأتي من المؤسسات والأسواق المالية المحلية ضمن حدود دولة ما، ويُمكن أن يكون مباشراً أو غير مباشر.

التمويل الدولي أو الخارجي هو ذلك التمويل الذي يأتي من خارج الدولة مثل البورصات العالمية والهيئات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي والمؤسسات الإقليمية، كما أنَّ هناك برامج خاصة دولية كالمنظمات التي تقدم المنح على شكل إعانات واستثمارات وبرامج دعم لأصحاب الدخل المحدود، وتموِّل المشاريع متناهية الصغر.

شروط التمويل:

تختلف الشروط من جهة لأخرى ومن مُموِّل لآخر حسب سياسة الجهة التي تمنح التمويل، كما تختلف فيما إذا كانت الجهة المُموِّلة محلية أو دولية، ولكن هناك شروط عامة يجب أن تتوافر، مثل الالتزام بتنفيذ المشاريع بما هو مخطط له، ومعرفة ماهية المشاريع التي يتم الاستثمار فيها، وهل هي مشروعة أم لا، وتحديد الضمانات التي تقدم من قبل طالب التمويل.

مصادر التمويل:

هناك مصادر كثيرة يُمكن الاستعانة بها من أجل عملية التمويل، منها ما ينقسم إلى مصادر داخلية ومنها إلى مصادر خارجية تستعين بها المؤسسات والشركات في عملية التمويل، كما أنَّ هناك مصادر يلجأ إليها بعضهم، وهي كالآتي:

من حيث المصدر، إمَّا مصدر داخلي  كالأرباح المُحتجزة أو من خلال أصول الشركة، وإمَّا المصادر الخارجية مثل الاقتراض وإصدار السندات وطرح الأسهم.

أمَّا من حيث الزمن فمنها التي تكون قصيرة الأجل ومتوسطة الأجل وطويلة الأجل.

يُحدَّد المصدر بناءً على المعطيات التي تحددها الشركة أو المؤسسة التي ترى أنَّها تناسب الظرف الحالي، حيث إنَّها تأخذ الاعتبارات التالية المتمثلة بمقدار الأموال التي تحتاجها والمدة التي يجب أن يتوفر التمويل فيه، كما يؤخذ بعين الاعتبار ملاءمة مصادر التمويل وما هي الكلفة اللازمة من أجل التمويل بالمقارنة مع العائد المتوقع للاستثمار، والزمن الذي تحتاجه المؤسسة من أجل سداد المبالغ المترتبة عليها نتيجة التمويل.

إقرأ أيضاً: ما هو موقع التمويل الجماعي "باتريون" (Patreon)؟ وكيف يعمل؟

أوجه الفرق بين التمويل الإسلامي والتقليدي وأهم خصائص التمويل الإسلامي:

هناك فروقات بين التمويل الإسلامي والتمويل التقليدي من حيث المصطلحات، حيث يكون التمويل التقليدي على شكل قروض تُمنح أحياناً من أجل استهلاكها للأمور غير الضرورية، بينما يشترط التمويل الإسلامي بإعطاء التمويل على أساس العمل والمشاركة في نشاط تجاري أو استثماري ما.

كما يتم إعطاء المُموِّل في التمويل التقليدي نسبة ثابتة تُسمى فائدة، بينما يعتمد التمويل الإسلامي على المشاركة ويسمي ذلك الربح، وهناك فرق بين الربح والفائدة، كما يعد التمويل في البنوك الإسلامية من ناحية الإجراءات والتنفيذ أطول.

 تتميز عقود التمويل في البنوك الإسلامية بأنَّها عقود بيع وشراء خدمة أو منتج، بينما التمويل التقليدي في البنوك هو عبارة عن قرض تحسب عليه الفائدة، وتختلف أشكال التمويل الإسلامي حيث يوجد منها عقود المرابحة والمضاربة والاستصناع.

يُمكن اختصار ما قد سبق بأنَّ التمويل الإسلامي عقد لا تتغير فيه نسبة الأرباح، أمَّا في التمويل التقليدي فقد تتغير مع الزمن نسبة الفائدة وهذا يعني خسارة أكبر لطالب التمويل.

أمَّا فيما يخص خصائص التمويل الإسلامي فهناك مجموعة من الخصائص، سنذكر أهمها:

  1. اتباع أسلوب المخاطرة والمشاركة على عكس التمويل في البنوك التقليدية الذي يعتمد أسلوب الضمان والعائد الثابت.
  2. تعد الفائدة الثابتة من عملية التمويل عن طريق الاقتراض من البنوك التقليدية عملية ربا مُحرَّمة في الشرع الإسلامي.
  3. إنَّ المضاربة الآجلة من العمليات التي لا تنفذ في البنوك الإسلامية، وذلك لكونها مُحرَّمة شرعاً.
  4. تنوع أساليب التمويل كالشراكة والمضاربة والمزارعة والمغارسة أيضاً والكثير من الأساليب التي تناسب حاجة طالب التمويل.
  5. تقوم عملية التمويل في البنوك الإسلامية من خلال دراسة جدوى المشاريع المُقدمة من قِبل طالب التمويل، كما أنَّ المشاريع تُقبل على أساس الحلال من الناحية الشرعية.

تحدثنا في مقالنا هذا عن التمويل كمفهوم، وما هي أهميته بالنسبة للأفراد والشركات والمصارف أيضاً، كما تحدثنا عن أهم أنواع التمويل ومصادره، وما هي شروط التمويل التي تكون في الغالب موجودة في كل عملية تمويل، وأخيراً تحدثنا عن أوجه الفرق بين التمويل الإسلامي والتمويل التقليدي الذي يكون عن طريق البنوك التقليدية، وما هي الخصائص التي يتمتع بها التمويل الإسلامي.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة