التمرينات التدريبية خلال تنفيذ الحقائب التدريبية وأمثلة عنها

لطالما اعتدنا على حالة المحاضرة النظرية الخالية من أي وسيلة تفاعل وترغيب، وعلى غياب الطالب عن المحاضرات لعدم وجود ما يجذبه إلى الحضور، فقد تبنَّى الصورة الذهنية التي تربط ما بين المحاضرة وحالة الملل والنعاس.



تأتي مسألة التدريب لتكسر هذه النظرة التقليدية عن التعليم، وتحوِّل مسائل التعلُّم إلى مسائل ممتعة وجميلة بدلاً من كونها مملة ومُنفِّرة؛ لذا يحتاج الطالب أو المتدرِّب اليوم إلى وسائل تدريبية تُرغِّبه في حضور الجلسة، وتساعده على ترسيخ المعلومة، وتنمِّي مهارات التحليل والنقد والاستنتاج لديه، وتُغيِّر قناعاته بخصوص موضوعات شتَّى، فكم عدد المتدرِّبين الذين تغيَّروا بعد حضور حقيبة تدريبية ما، وتبنُّوا قناعات جديدة وتوجهات جديدة في حياتهم؟ وكم من مدرِّب استطاع من خلال دورة تدريبية مساعدة الكثير من المتدرِّبين على الانتقال إلى بُعد آخر من حياتهم، كأن ينتقلون من السلبية إلى الإيجابية؟

ما هي التمرينات التدريبية التي تساعد المدرِّب خلال تقديم حقيبته التدريبية؛ مثار حديثنا خلال هذا المقال.

ما هي التمرينات التدريبية خلال تنفيذ الحقائب التدريبية؟

هي التمرينات التي يجتهد المدرِّب في ابتكارها وتصميمها لتحقيق استجابة قوية في عقل وقلب المتدرِّب، بحيث يتحفَّز إلى إجراء تغيير قوي في حياته، ويتحمِّس إلى تبنِّي أفكار جديدة قادرة على جعل حياته جنة.

أمثلة عن التمرينات التدريبية التي يقوم بها المدرِّب:

كما ذكرنا أنَّ الحقيبة التدريبية تتألف من أهداف واضحة ومن جلسات ووحدات، وتظهر التمرينات التدريبية ضمن خطة تحقيق أهداف الجلسة التي يطمح المدرِّب للوصول إليها، على سبيل المثال: في حال قيام المدرِّب بتصميم حقيبة تدريبية عن مخاطر استخدام الجوال في أثناء قيادة السيارة، وفي حال بناء أهداف الجلسة الأولى وهي:

  • إحصاءات عالمية ومحلية عن أخطار الجوال في أثناء القيادة.
  • ما هو البديل للتواصل مع الآخرين في أثناء قيادة السيارة.

وهنا قد يطلب المدرِّب من المتدرِّبين نشاطاً ما بالبحث بواسطة "غوغل" عن إحصاءات خاصة بالحوادث الناتجة عن استخدام الجوال في أثناء القيادة، وتترسَّخ المعلومة في ذهن المتدرِّب من خلال قيامه بالبحث الذاتي عن المعلومة، وكتابتها بطريقته وأسلوبه، وهذا هو جوهر الفائدة من التمرينات التدريبية، ومن ثمَّ على المدرِّب بعد الانتهاء من النشاط التدريبي المحدد المدة؛ استعراض الخلاصة العلمية للموضوع، كأن يُظهِر رسوماً بيانية تلخِّص أرقام الحوادث الناتجة عن استخدام الجوال في أثناء القيادة.

شاهد بالفيديو: أهداف التدريب

أن يقوم المدرِّب بصناعة أنشطة تدريبية تصب في هدف الجلسة، ومن ثم يظهر مادته العلمية، وفيما يخص الهدف الثاني الخاص بإنشاء بديل آخر للجوال في حال ضرورة التواصل مع الآخر في أثناء قيادة السيارة؛ يقوم المدرِّب بصنع نشاط تدريبي حيث يطلب من المتدرِّبين إعطاءه أفكار عن البديل، بحيث يعصف كل متدرِّب ذهنه ويعطي فكرة ما.

سيؤدي سيل الأفكار المتدفق من قِبل المتدرِّبين على ترسيخ الهدف التي يرغب المدرِّب في صنعه، وعلى تشجيع المتدرِّبين على ضرورة بناء رأي واقتراح فيما يخص قضية مجتمعية تُسبِّب الكثير من المعاناة والحزن، ويقدِّم المدرِّب بعد الانتهاء من التمرين التدريبي خلاصة المادة العلمية، كأن يقترح البديل المثالي للجوال في أثناء قيادة السيارة.

يستطيع المدرِّب التأثير في المتدرِّبين من خلال تقديم أنشطة تدريبية تؤثر في معارفهم ومن ثمَّ في سلوكهم وصولاً إلى تغيير قناعاتهم وتوجهاتهم في الحياة.

إقرأ أيضاً: 3 طرق لزيادة نقل المعرفة والمعلومات أثناء التدريب

يستطيع المدرِّب تحويل عقلية المتدرِّب إلى العقلية التحليلية من خلال النشاط التدريبي الذي حفَّزهم على البحث الذاتي وحصر ظاهرة استخدام الجوال في القيادة محلياً وعالمياً وتحديد آثارها على مستوى الفرد والمجتمع.

يستطيع المدرِّب التأكد من تحقيق الهدف المعرفي في أذهان المتدرِّبين من خلال اختبارهم في تذكُّر المعلومات التي حصلوا عليها من خلال بحثهم الذاتي، ومن ثمَّ يطلب من كل شخص صياغة المعلومة وفقاً لشخصيته، ومن ثمَّ تطبيق المعلومة على مواقع جديدة، كأن يطبِّق معلومة أعداد الحوادث على أعداد الأشخاص الذين لا يلتزمون بارتداء حزام الأمان، ولا يلتزمون بالسرعة الطبيعية.

ومن ثمَّ يطلب منهم تحليل الظاهرة من ناحية الأسباب الحقيقية الكامنة وراءها، فقد يكون إدمان مواقع التواصل الاجتماعي سبباً من الأسباب، أو قد يكون غياب قيمة الصحة وطغيان الاستهتار بين الأشخاص سبباً هاماً من أسبابها، ومن ثمَّ يقوم المتدرِّب بالربط ما بين المعلومات، كأن يربط ما بين حجم الظاهرة الكبير والآثار الكارثية على المجتمع والإنسان، وما بين الأسباب الكامنة وراءها، ليخرج بمقترح يعالج هذه الظاهرة.

وفيما بعد قد يكون للمدرِّب أهداف تتعلق بزرع المهارات يريد تطبيقها على المتدرِّبين، كأن يزرع فيهم ضرورة احترام القانون وتجنُّب الخسائر والتفكير بالبدائل المختلفة التي تساعدهم على التحرر من الندم، كبديل سماعة البلوتوث التي ترتبط مع السيارة بحيث يستطيع السائق الحديث دون إخراج الهاتف الجوال، ومن ثمَّ يسعون إلى تطبيق البديل المقترح وتكراره إلى حين التمكُّن من مهارة استخدامه.

من أجل ذلك يقوم المدرِّب بصنع نشاط تدريبي يهدف إلى تغيير اتجاه التفكير لدى المتدرِّب باتجاه التفكير بالحلول، كأن يطلب منهم رفع رؤوسهم والنظر إلى السقف لمدة 5 دقائق متواصلة، سيبدأ أغلب المتدرِّبين بالتذمر والرفض، وهنا يعرض المدرِّب صورة لرجل مشلول من جراء حادث سيارة بينما كان يتحدث في هاتفه؛ تبيِّن الصورة الرجل وهو نائم على سريره وينظر إلى السقف، ومن ثمَّ يقول المدرِّب لمتدرِّبيه: "هل تتخيلون أنفسكم مكانه؟"، "لم تتمكنوا من تحمُّل النظر إلى السقف لأكثر من خمس دقائق، فكيف لكم أن تتحمَّلوه طوال العمر؟".

إقرأ أيضاً: مراحل إعداد وتنفيذ الدورة التدريبية

أما الهدف الأهم والأكثر رقياً وهو تغيير القناعات، وهنا على المدرِّب القيام بزرع قناعة ثابتة في لاوعي المتدرِّبين وهي: الصحة أولوية، وضرورة الحرص على نعم الحياة، وعدم تبديدها، كأن يضعهم موضع الفعل، ويذهب معهم إلى زيارة المستشفيات ورؤية ضحايا حوادث السيارة الناتجة عن إدمان الجوال في أثناء القيادة.

التجربة العملية التي تحاكي حاستي السمع والرؤية والتي تضع المتدرِّب موضع الفعل والممارسة المباشرة؛ هي أفضل طريقة لزرع القناعة، كأن يُطلَب من المتدرِّب كتابة مقال عن الموضوع، أو المشاركة في مسرحية أو عرض تقديمي يهدف إلى إحداث يقظة حقيقية في ذهن المتلقي باتجاه الحرص على نعم الحياة وشكرها والحفاظ عليها.

الخلاصة:

تستطيع إبداع متدرِّب بعقلية جديدة من خلال إضافة قيمة الإبداع إلى حقيبتك التدريبية؛ أي من خلال ابتكار تمرينات تحاكي عقل وقلب المتدرِّب وتُحدِث الصدمة والتأثير في طريقة حياته وتوجهاته وصولاً إلى الغاية الحقيقية من التدريب.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة