التعامل مع المخاطر في المشاريع الجديدة: خطوات، وأمثلة، واستراتيجيات

هل تساءلت يوماً كيف يمكن للمشاريع الجديدة أن تتجاوز التحديات التي تواجهها وتحافظ على نجاحها؟ في عالم الأعمال، المخاطر ليست فقط تهديداً؛ بل فرصة للتعلم والتطور، وتعتمد نجاحات المشاريع على مدى جودة إدارة مخاطر المشاريع، التي تكشف العقبات مبكراً ووضع استراتيجيات فعالة لتحويلها إلى فرص نمو مستدامة.



ستتعرف في هذا المقال على أفضل استراتيجيات إدارة مخاطر المشاريع، وأنواع المخاطر التي قد تواجهك، وكيفية بناء خطة إدارة مخاطر فعالة تحمي مشروعك من الفشل، وهدفنا أن تخرج من هنا قادراً على تقييم المخاطر واتخاذ القرارات بثقة واحترافية.

ما هي المخاطر المحتملة في المشاريع الجديدة؟

تواجه روَّاد الأعمال عند إطلاق مشروع جديد مجموعة متنوعة من التحديات التي يمكن أن تتحول إلى عوائق حقيقية، إذا لم يُتعامل معها باحترافية، وإدارة مخاطر المشاريع تبدأ أولاً بفهم وتصنيف أنواع المخاطر التي قد تواجه المشروع في مراحله الأولى؛ إذ يُعد هذا التصنيف حجر الأساس لأية خطة وقائية فعالة.

1. المخاطر المالية

تشير إلى المشكلات المتعلقة بالتدفق النقدي، أو تجاوز الميزانية، أو سوء التقدير في التكاليف، وهذه المخاطر قد تؤدي إلى توقف المشروع أو تعثره، مما يبرز أهمية التخطيط المالي السليم في خطة إدارة المخاطر.

2. المخاطر التشغيلية

تنشأ من داخل المشروع نفسه، مثل ضعف في العمليات أو نقص الموارد أو الأعطال الفنية، والمخاطر التشغيلية قد تؤثر في كفاءة تنفيذ المشروع وجودته، ما يستوجب أن تكون مستعداً بحلول مرنة ومسبقة.

3. المخاطر القانونية والتنظيمية

غالباً ما تكون نتيجة عدم الامتثال للوائح المحلية أو الدولية، مثل التأخُّر في استخراج التراخيص أو مخالفة قوانين حماية البيانات، وتجاهل هذا النوع من المخاطر قد يؤدي إلى غرامات قانونية أو حتى إغلاق المشروع.

4. المخاطر السوقية

مرتبطة بتقلبات السوق وتغير سلوك المستهلكين أو ظهور منافسين جدد؛ إذ تساعدك استراتيجيات إدارة المخاطر على مواجهة هذه التحديات بتوقع السوق والتحليل المسبق.

تعد عملية تصنيف المخاطر وفقاً لدراسة نشرت في (Project Management Institute PMI)، خطوة محورية للانطلاق إلى خطة إدارة مخاطر المشاريع فعالة، والكيفية المتَّبعة تشمل تقسيم المخاطر إلى أنواع واضحة، مثل المخاطر التشغيلية، والمخاطر الاستراتيجية قصيرة الأمد، والمخاطر الاستراتيجية طويلة الأمد، مع تحديد نطاق كل منها بناءً على أهداف المشروع ومخرجاته المتوقعة.

تشمل المخاطر في المشاريع الجديدة أنواعاً متعددة، مثل المخاطر المالية والتشغيلية والقانونية، مما يستدعي تحليلها بدقة لضمان استدامة المشروع.

أهمية إدارة مخاطر المشاريع منذ البداية

تعد إدارة مخاطر المشاريع خطوة أساسية لنجاح المشروع منذ بدايته، وتطبيق إدارة مخاطر المشاريع مبكراً يقلل التهديدات المحتملة ويحقق أهداف المشروع بكفاءة، وفيما يأتي أبرز الأسباب التي تبرز أهمية هذه الخطوة:

1. تجنب الخسائر المالية

من خلال تحليل المخاطر المحتملة، مثل تجاوز التكاليف أو نقص التمويل، يمكن وضع خطة إدارة المخاطر تساعد على تجنب الانزلاقات المالية المفاجئة.

2. رفع جاهزية المشروع لمواجهة الأزمات

تساعد الاستعدادات المسبقة على تحسين قدرة المشروع على الاستجابة للطوارئ، مما يقلل مخاطر المشاريع في الجوانب التشغيلية أو التسويقية.

3. بناء ثقة المستثمرين وأصحاب المصلحة

يعزز اتباع استراتيجية واضحة في إدارة المخاطر للمشاريع الجديدة ثقة الشركاء والمستثمرين، ويعكس وعياً إدارياً بمخاطر العمل واستعداداً للتعامل معها.

أكدت دراسة منشورة في (PwC) لعام 2019 أنَّ 76% من قادة الأعمال، يرون أنَّ طريقة إدارتهم للمخاطر في رحلتهم الرقمية فعالة، سواء كثيراً (20%) أم إلى حد ما (56%)، وهذا يعكس كيف أنَّ تجنُّب المخاطر في المشاريع منذ البداية، تؤدي دوراً عالمياً في تعزيز قدرة المؤسسات على مواجهة التحديات الرقمية والتقنية بثقة أكبر.

تعد إدارة المخاطر ضرورية منذ بداية المشروع لتقليل التهديدات وتحقيق أهداف المشروع بكفاءة.

شاهد بالفيديو: 8 طرق تعزيز مهارة إدارة المشاريع

خطوات إدارة المخاطر في المشاريع الجديدة

تُعد الخطوات العملية في إدارة مخاطر المشاريع أمراً أساسياً لتقليل المخاطر وضمان استقرار المشروع؛ إذ يحوِّل اتباع خطوات منهجية ومدروسة التحديات المحتملة إلى فرص للتطوير، وفيما يأتي الخطوات الأساسية التي ينبغي اتباعها:

1. تحديد المخاطر

حدِّد جميع أنواع المخاطر التي قد تؤثر في المشروع، سواء كانت مالية أم تشغيلية أم قانونية أم سوقية؛ إذ يمكن استخدام أدوات، مثل العصف الذهني أو تحليل (SWOT) لتحديد نطاق المخاطر.

2. تقييم درجة الخطورة والتأثير

قيِّم مدى احتمالية وقوع كل خطر وتأثيره المحتمل في أهداف المشروع بعد تحديد المخاطر، وهذه الخطوة ترتب الأولويات وتحدد المخاطر التي تستدعي تدخلاً فورياً ضمن خطة إدارة المخاطر.

3. وضع خطة إدارة المخاطر

تشمل هذه الخطة تحديد الاستراتيجيات المناسبة للتعامل مع كل خطر بناءً على درجة التأثير، سواء من خلال تقليله، أم تجنبه، أم نقله، أم قبوله مع إجراءات احترازية، وهذه الخطوة تمثل أساساً في استراتيجيات إدارة المخاطر.

4. تنفيذ الخطة ومراقبتها

تبدأ هذه المرحلة بتنفيذ الإجراءات المخططة ومتابعة فعالية الخطة دورياً، مما يضمن تحسين الأداء والتعامل مع أية تغيرات قد تطرأ، فالمراقبة المنتظمة هي جزء أساسي من عملية إدارة المخاطر للمشاريع الجديدة.

نُشِرت دراسة تحليلية وُجد فيها أنَّ مشاركة المقاولين في المراحل التصميمية المبكرة وورشات العمل المتعلقة بالمخاطر، تُحسِّن الأداء المالي للمشاريع كثيراً، واستُنِد إلى ذلك من خلال تحليل أكثر من 200 مشروع، فتقلصت التغيرات المفاجئة في التكاليف المتوقعة وارتفعت درجة التأكُّد المالي للمشروع بفضل تطبيق أنظمة إدارة المخاطر المبكرة.

تتضمن خطوات إدارة مخاطر المشاريع تحديد المخاطر، وتقييمها، ووضع خطة للتعامل معها، ثم المراقبة المستمرة للتأكد من فعاليتها.

إقرأ أيضاً: 7 أخطاء قاتلة في إدارة المشاريع يجب ألا ترتكبها أبداً

استراتيجيات تقليل المخاطر وتحويلها لفرص

لا يقتصر الهدف في سياق إدارة مخاطر المشاريع على تجنب الفشل؛ بل يحوِّل التحديات المحتملة إلى فرص للتحسين والتطوير، واختيار الاستراتيجية المناسبة للتعامل مع المخاطر يعتمد على مدى خطورة كل خطر واحتمالية وقوعه، وفيما يأتي أبرز الاستراتيجيات المتبعة:

1. تجنُّب المخاطر

يتمثل في تعديل الخطة أو إلغاء نشاط معيَّن لتفادي وقوع الخطر من الأساس، ويُستخدم هذا الخيار غالباً عندما يكون الخطر عالي التأثير ولا يمكن التخفيف من عواقبه.

2. تقليل التأثير

يُعنى بتقليص احتمال وقوع الخطر أو تخفيف تأثيره السلبي، ويشمل ذلك إجراءات وقائية، مثل تدريب الفريق أو تحسين العمليات الداخلية.

3. نقل المخاطر

يتضمن تحويل المسؤولية لطرف آخر، مثل شركات التأمين أو المتعاقدين الخارجيين، وهذه الاستراتيجية مفيدة في الحالات التي يصعب التحكم فيها داخلياً.

4. قبول المخاطر مع خطة بديلة

يكون من الأنسب أحياناً قبول الخطر والاستعداد له بخطة بديلة، خصيصاً إذا كانت تكاليف المعالجة أعلى من الخطر نفسه، ويُعد هذا جزءاً من التفكير الاستراتيجي طويل الامد في استراتيجيات إدارة المخاطر.

طبقاً لما أوضحه خبير إدارة مخاطر المشاريع الدكتور "هاني العمري"، فإنَّ اختيار الاستراتيجية المناسبة، يجب أن يستند إلى تحليل دقيق لاحتمالية وقوع الخطر وتأثيره المحتمل، مع مراعاة أهداف المشروع وموارده.

تشمل استراتيجيات تقليل المخاطر تجنبها أو نقلها أو تقليل تأثيرها أو قبولها وفقاً لطبيعة المشروع.

أمثلة عملية عن مخاطر المشاريع الجديدة وحلولها

من أكثر الوسائل فعالية في فهم إدارة مخاطر المشاريع هي دراسة أمثلة على إدارة المخاطر توضِّح كيفية التعامل مع التحديات في بيئات الأعمال الناشئة، وهذه الأمثلة تسلط الضوء على تطبيق الاستراتيجيات عملياً، مما يسهِّل على أصحاب المشاريع اتخاذ قرارات مبنية على خبرات سابقة.

مثال عن المخاطر المالية

تواجه كثير من المشاريع الناشئة تحديات في السيولة أو سوء توزيع الموارد المالية، مما يؤدي إلى تعثرات غير متوقعة، وإحدى الطرائق الفعالة لتقليل هذه المخاطر المالية هي استخدام جدول تدفق نقدي دقيق يضمن توازن الإيرادات والمصروفات على مدى زمني واضح، وهذا يندرج ضمن خطة إدارة المخاطر التي تعزز استدامة المشروع وتفادي الأزمات المالية.

مثال عن المخاطر السوقية

يعد دخول السوق دون فهم كافٍ لاحتياجات العملاء أو المنافسين من الأخطاء الشائعة، وقد يؤدي ذلك إلى فشل في تسويق المنتج أو الخدمة؛ إذ يمكن تقليل هذه المخاطر السوقية من خلال إجراء أبحاث سوق مسبقة تتضمن تحليل الاتجاهات، وسلوك المستهلكين، والفجوات التي يمكن استهدافها، وهذه الخطوة تُعد جزءاً أساسياً من خطوات إدارة المخاطر للمشاريع الجديدة.

أوضحَ (Tom Eisenmann) في مقال نشره بمجلة (Harvard Business Review) (مايو–يونيو 2021)، بعنوان "Why Start‑ups Fail" أنَّ قرابة ثلثي الشركات الناشئة، لا تدرُّ عائداً إيجابياً لأصحابها غالباً بسبب قلة أبحاث السوق وتسرع إطلاق المنتج دون اختبار احتياجات المستخدمين الحقيقية.

المخاطر السوقية

يُظهر هذا مثالاً عملياً على المخاطر السوقية؛ إذ إنَّ تجاهل أبحاث السوق، يؤدي إلى فشل المنتج في تلبية احتياجات المستهلكين، ومن هنا تأتي أهمية دمج أبحاث السوق المسبقة في خطة إدارة المخاطر، كما ورَدَ في فقرتك، لتفادي هذا النوع من المخاطر وتعزيز فرص النجاح.

تساعد الأمثلة العملية على فهم كيفية تطبيق إدارة المخاطر، مثل تقليل المخاطر المالية بالتدفق النقدي المخطط، والمخاطر السوقية بأبحاث السوق.

الأسئلة الشائعة

1. ما هي أكثر أنواع المخاطر شيوعاً في المشاريع الجديدة؟

تشمل أكثر أنواع المخاطر في المشاريع الجديدة المخاطر المالية، مثل ضعف التدفق النقدي، والمخاطر التشغيلية المتعلقة بسير العمل والموارد، والمخاطر السوقية الناتجة عن تقلبات الطلب، إلى جانب المخاطر القانونية والتنظيمية التي قد تؤثر في استمرارية المشروع، بالتالي يعد تحليل أنواع المخاطر في المشاريع خطوة أساسية ضمن خطة إدارة المخاطر.

2. كيف يمكن إعداد خطة إدارة مخاطر فعالة؟

يبدأ إعداد خطة فعالة بتحديد المخاطر المحتملة، ثم تقييم درجة خطورتها وتأثيرها، يليها تصميم استراتيجيات للتعامل معها، مثل التجنب أو التخفيف أو النقل، وأخيراً، يجب مراقبة تنفيذ الخطة بانتظام، وهذه هي خطوات إدارة المخاطر المعتمدة في أدلة مثل (PMBOK Guide).

3. ما الفرق بين تقليل المخاطر وتجنبها؟

يعني تجنب المخاطر اتخاذ قرارات تمنع وقوع الخطر من الأساس، مثل إلغاء مشروع عالي الخطورة، أمَّا تقليل المخاطر فيتعلق بإجراءات تقلل من احتمال وقوع الخطر أو حدته، كتحسين الإجراءات أو توسيع نطاق التدريب، وكلاهما من استراتيجيات إدارة المخاطر.

4. هل إدارة المخاطر هامة فقط للمشاريع الكبيرة؟

لا، إدارة المخاطر ضرورية لجميع المشاريع بغض النظر عن حجمها، فالمشاريع الناشئة أكثر عرضة للفشل في حال تجاهلها؛ لذا تعد أهمية إدارة المخاطر أكبر كلما كان المشروع في مراحله الأولى أو محدود الموارد.

5. ما الأدوات المستخدمة في تحليل مخاطر المشاريع؟

من الأدوات الشائعة: تحليل (SWOT)، ومصفوفة تقييم المخاطر (Probability & Impact Matrix)، وخرائط الحرارة (Heat Maps)، وبرمجيات مخصصة لإدارة المخاطر؛ إذ تساعد هذه الأدوات على اتخاذ قرارات دقيقة في إدارة المخاطر للمشاريع الجديدة.

إقرأ أيضاً: 6 استراتيجيات فعالة لإدارة المشاريع

في الختام

هل أنت مستعد لتطبيق إدارة مخاطر المشاريع تطبيقاً احترافياً يضمن استقرار مشروعك الجديد؟ فهم المخاطر وتحويلها لفرص هو مفتاح النجاح في بيئة الأعمال المتقلبة، فلا تترك مستقبلك للمصادفة؛ بل خطِّط، وراقِب، وحقِّق أهدافك بثقة.

شارِك هذا المقال مع فريقك أو حمِّل دليل إدارة المخاطر المخصص بنا لتطبيقه مباشرة على مشروعك القادم.




مقالات مرتبطة