التحفيز المغناطيسي للدماغ: أنواعه، واستخداماته، وآثاره الجانبية

لقد ظهرت في العقود الأربعة الأخيرة تقنية تُؤثر في الدماغ لمساعدته على تعزيز الخلايا العصبية، وهذه التقنية تعرف باسم "التحفيز المغناطيسي للدماغ"، وفي هذا المقال سنقدم لكم أعزاءنا القراء ماهية التحفيز المغناطيسي للدماغ؟ وما هي أنواعه، واستخداماته، وآلية عمله، وآثاره الجانبية ومخاطره، تابعوا معنا.



ما هو التحفيز المغناطيسي للدماغ؟

تعتمد فكرة هذه التقنية على تحفيز الدماغ بواسطة حقل مغنطيسي، كما تُعدُّ أحد أنواع العلاج غير الدوائي المستخدمة في علاج بعض الأمراض النفسية وخاصةً الاكتئاب؛ وذلك عندما لا تنجح العلاجات القياسية مثل الأدوية، والعلاج النفسي.

ويُعالَج الاكتئاب من خلال توصيل نبضات مغناطيسية مُتكررة؛ ولهذا السبب يُطلق على هذه التقنية أيضاً "التحفيز المغناطيسي المُتكرر عبر الجمجمة"، إذ توضع وشيعة كهرومغنطيسية على فروة رأس المريض بالقرب من جبينه، فيرسل المغنطيس الكهربائي نبضاً مغنطيسياً غير مؤلم فيحفِّز الخلايا العصبية في المنطقة المسؤولة عن التحكم في المزاج والاكتئاب في دماغ المريض، وتنشِّط هذه النبضات المغناطيسية مناطق الدماغ التي ينخفض نشاطها عند الإصابة بالاكتئاب؛ الأمر الذي يؤدي إلى تحسين الحالة المزاجية والتخفيف من أعراض الاكتئاب.

ومن الجدير بالذكر وجود تقنيات مختلفة لتنفيذ هذا الإجراء.

ممَّ يتكون جهاز التحفيز المغناطيسي؟ وما هي آلية عمله؟

يتكون جهاز التحفيز المغناطيسي المُتكرر من لفافة نحاسية واحدة أو اثنتين، توضع على المنطقة الخارجية المُستهدفة من فروة رأس المريض؛ إذ تقوم بإنتاج نبضات مغنطيسية قصيرة يُقدر عمقها حوالي (2- 2.5) سم، ويحاول المجال المغناطيسي إحداث تغييرات في التواصل والنشاط العصبي، ممَّا يؤدي إلى تغيير النشاط غير المرغوب فيه داخل الدماغ؛ كما أنَّ جهاز التحفيز هذا يمكن أن يعمل بوصفه مُثبطاً أو منشطاً للنشاط الدماغي، أو كليهما معاً، وتتأثر النتائج بقُدرة الخلايا العصبية للمريض، بالإضافة إلى المرونة العصبية له؛ كما أنَّ الملفات ذات الأحجام المختلفة، والنبضات المغناطيسية المختلفة لها تأثير واضح في النتائج.

يمكن أن نميز التأثيرات الناتجة عن جهاز التحفيز المغناطيسي كما يلي:

1. التأثيرات طويلة الأمد:

تعتمد على التغيرات المشبكية بين الخلايا العصبية القشرية، والتي تُعرف بالتعزيز طويل الأمد، أو الاكتئاب على المدى الطويل.

2. التأثيرات قصيرة الأمد:

تعتمد على التغيرات في استثارة الخلايا العصبية الناتجة عن التحولات في التوازن الشاردي للخلايا العصبية النشطة.

شاهد بالفيديو: 7 عادات خطيرة تؤذي الدماغ توقف عنها حالاً

متى يُستخدم جهاز التحفيز المغناطيسي؟

تُعدُّ تقنية التحفيز المغناطيسي للدماغ من أحدث الطرق المستخدمة حالياً في معالجة مختلف الأمراض والاضطرابات النفسية والعصبية، فهي تستخدم في الحالات العلاجية التالية:

  1. الصرع.
  2. الهلوسات السمعية أو الطنين.
  3. مرض الزهايمر (فقدان الذاكرة)، أو النسيان المتكرر.
  4. الإدمان على المخدرات، أو التدخين، أو الخمر.
  5. اضطراب الهلع، أو القلق العام.
  6. آثار الإصابة بالسكتة الدماغية، أو المصابين بالشلل.
  7. آلام الأعصاب من أصولٍ مختلفة، مثل: الألم الناتج عن اضطرابات الأعصاب الطرفية، والصداع النصفي، والآلام المركزية، والألم العضلي الليفي.
  8. مرض باركنسون.
  9. معالجة الأعراض السلبية للفصام، والوسواس القهري، والاضطرابات النفسية، والاضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب، والتعب.
إقرأ أيضاً: لماذا يمكن للصيام المتقطع أن يعزِّز صحة الدماغ؟

من الذي لا يستطيع الخضوع إلى التحفيز المغناطيسي للدماغ؟

إنَّ المريض الذي لديه أي نوع من المعادن غير القابلة للإزلة في رأسه عدا (حشوات الأسنان، أو الأقواس) لا يستطيع الخضوع لهذا الجهاز؛ إذُ يؤدي تعرضه لجهاز التحفيز المغناطيسي إلى تسخين الجسم، أو تعطيله، أو تحريكه؛ الأمر الذي يمكن أن ينتج عنه إصابة خطيرة، أو الوفاة، وسنذكر لكم فيما يلي أنواع الزراعات المعدنية التي تمنع المريض من التعرض لجهاز التحفيز المغناطيسي:

  1. مُحفزات عميقة للدماغ.
  2. مشابك أو لفائف تمدد الأوعية الدموية.
  3. شظايا رصاص في الرأس أو في منطقة قريبة منه.
  4. الدعامات في الدماغ أو الرقبة.
  5. وشم للوجه بحبر معدني أو حساس بالمغناطيسية.
  6. غرسات معدنية في العين أو الأذن.
  7. أقطاب كهربائية لمراقبة نشاط الدماغ.
  8. الأجهزة المعدنية الأخرى، أو الأشياء المزروعة في الرأس أو بمنطقة قريبة منه.
  9. المرأة الحامل أو التي توشك على الحمل.
  10. إذا كان لدى المريض تاريخ عائلي من الصرع، أو تاريخ من النوبات.
  11. إذا كان الدماغ يُعاني من التلف بسبب إصابة أو مرض، مثل: إصابة رضخية في الدماغ، أو ورم.

يجب إخبار الطبيب المُعالِج فيما إذا كان المريض يتناول أي أدوية، بما فيها المكملات الغذائية، أو مكملات عشبية، أو فيتامينات، أو أي أدوية موصوفة من قبل طبيب أو لا.

كيف تتم المعالجة بجهاز التحفيز المغناطيسي؟ وما هي مدته؟

إنَّ العلاج بجهاز التحفيز المغناطيسي لا يتطلب أي تخدير أو إجراء جراحي، ويمكن أن يُجرى في العيادات الخارجية؛ أي ليس بالضرورة أن تحدث المعالجة في المشفى.

والجدير بالذكر أنَّ المريض يبقى مُستيقظاً تماماً وبكامل إدراكه، كما أنَّ العلاج يمكن أن يتضمن سلسلة من الجلسات، وتستغرق كل جلسة عادةً فترةً زمنية تتراح ما بين (30- 40) دقيقة.

تختلف هذه الفترة الزمنية تبعاً لملف جهاز التحفيز المستخدم، وعدد النبضات المُطبَّقة، ويمكن أن يصل عدد الجلسات في الأسبوع الواحد 5 جلسات، وتتراوح الدورة النموذجية للعلاج ما بين (4 إلى 6) أسابيع؛ إذ تتوقف هذه الفترة تبعاً لاستجابة الفرد للعلاج، ويمكن للمريض العودة لأنشطته الطبيعية اليومية بعد كل جلسة.

وفيما يلي شرح كيفية حدوث جلسات التحفيز المغناطيسي:

  1. بدايةً وقبل كل شيء، يقوم الطبيب المُعالِج بتحديد أفضل مكان لوضع المغنطيس على رأس المريض، وتحديد أفضل مقدار من الجرعة المغناطيسية المناسبة له؛ لذلك فإنَّ أول جلسة غالباً ما تستمر لمدة ساعة كاملة.
  2. يُنقل المريض إلى غرفة العلاج، وهناك يجلس على الكرسي مستلقياً، ويُعطى سدادات للأذن يرتديها خلال فترة الجلسة.
  3. يوضع ملف كهرومغنطيسي على رأس المريض، وهذا الإجراء اسمه التخطيط؛ إذ سيُشغَّل الجهاز، ويوقف بشكلٍ مُتكرر بهدف إنتاج نبضات مُحفزة؛ الأمر الذي يؤدي إلى سماع صوت نقر يستمر لعدة ثواني، يتبعه توقف مؤقت يشعر فيه المريض بنقر على جبينه.
  4. مرحلة تحديد كمية الطاقة المغناطيسية المطلوبة، وتحدث بزيادة الجرعة المغناطيسية حتى ترتجف أصابع أو يدا المريض فجأة، وهذا ما يسمى بالعتبة الحركية، التي تُعدُّ النقطة المرجعية في تحديد الجرعة الملائمة لكل مريض خلال فترة علاجه. والجدير بالذكر أنَّ كمية التحفيز هذه يمكن أن تتغير تبعاً للآثار الجانبية والأعراض.
  5. الجلسات التي تلي الجلسة الأولى يمكن أن تستمر لـ 40 دقيقة فقط، والجدير بالذكر أنَّ المريض يمكن أن يشعر بعدم الراحة في منطقة فروة الرأس أثناء العلاج ولمدةٍ قصيرةٍ بعد ذلك.
  6. في حال تحسنت أعراض الاكتئاب لدى المريض، ثم عاد وتعرض لنوبةٍ جديدة عندها يمكن أن يخضع لتكرار العلاج والجلسات وهذا ما يسمى "بالتعزيز".

بعد استكمال جميع جلسات المعالجة، يمكن أن يوصي الطبيب باستكمال العلاج التقليدي بالأدوية والعلاج النفسي.

إقرأ أيضاً: زيارة الطبيب النفسي: جنونٌ أم توازن؟

الآثار الجانبية والمخاطر الناتجة عن العلاج بالتحفيز المغناطيسي للدماغ:

تكون الآثار الجانبية للعلاج بالتحفيز المغناطيسي للدماغ معتدلة إلى متوسطة يمكن تحملها، ونسبة صغيرة جداً من المرضى توقفوا عن إكمال العلاج بسبب هذه الآثار، ومن الآثار الجانبية الشائعة نذكر:

  1. الصداع، يقل الصداع بشكلٍ عام مع الاستمرار في الجلسات، ويمكن معالجته باستخدام مسكنات الألم التي لا تتطلب وصفة طبية؛ إذ إنَّ نصف المرضى الذين يُعالَجون بالتحفيز المغناطيسي للدماغ يُعانون من الصداع.
  2. إنزعاج في فروة الرأس من جهة التنبيه، أو الدغدغة، أو التشنجات، أو الارتعاش في عضلات الوجه، وكل هذه الأعراض تتقلص مع استمرارية العلاج، كما ويمكن التقليل منها من خلال إجراء تعديلات على وضعيات الملف، أو تقليل التحفيز.
  3. الدوخة.
  4. إنَّ العلاج بالتحفيز المغناطيسي لم يرتبط مطلقاً بالآثار الجانبية التي يمكن أن تتسبب بها الأدوية المضادة للاكتئاب، مثل: جفاف الفم، أو زيادة الوزن، أو الخلل الجنسي، أو اضطراب الجهاز الهضمي، أو التخدير.

توجد آثار جانبية ومخاطر نادرة الحدوث تُعدُّ خطيرةً جداً وهي:

  1. فقدان السمع: إذ يُنتج جهاز التحفيز المغناطيسي ضوضاء عالية، فإذا لم تكن هناك حماية كافية للأذن، يمكن أن يفقد المريض سمعه.
  2. النوبات: هي أخطر خطر يمكن أن يتعرض له المريض؛ ولكنَّه نادر الحدوث؛ إذُ يُعاني مريض واحد فقط من كل ألف مريض من نوبة استفزازية. والجدير بالذكر هنا أنَّ النوبات المتعلقة بالخضوع إلى جهاز التحفيز المغناطيسي قد تنتهي مباشرةً بعد انتهاء الجلسة؛ ولكنَّ المخاطر الناتجة عن بعض الأدوية المضادة للاكتئاب مثل (البوبروبيون) تكون أكبر بكثير.
  3. الهوس: يحدث بشكلٍ خاص لدى المرضى المُصابين باضطراب ثنائي القطب.

وبذلك أعزاءنا القراء نكون قد قدمنا لكم لمحة موجزة ومُبسطة عن التحفيز المغناطيسي للدماغ، وآليته، وآثاره الجانبية، ومخاطره، وغيرها من الأمور المهمة المتعلقة بالعلاج بهذه التقنية.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة