البحث عن مركز التوازن في الحياة

قال رجل حكيم ذات مرة: إنَّ الحياة مثل الدائرة، وفي حين أنَّني لا أعرف مَن كان ذلك الرجل أو حتى ما إذا كان هذا الاقتباس حقيقياً، ولكنَّني أراه منطقياً، فالحياة تتسم بالدورية مثل كل شيء في هذا العالم الطبيعي؛ إذ إنَّها دائماً ما تعود إلى المركز.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، ويُحدِّثنا فيه عن مركز التوازن في الحياة.

تتحرك الحياة دائماً نحو مركز معيَّن:

كلما ابتعدنا عن مركزنا الطبيعي، حاولنا بشدة الرجوع إلى الوراء، وعندما يتحدث الناس عن "النظام الطبيعي للعالم" أو "الدورية"، فهذا ما سيقولونه: يوجد توازن طبيعي لكل شيء، وبصرف النظر عما إذا كنتَ إنساناً أو أي كائن آخر، فهذا التوازن هو ميلك الطبيعي إلى العودة إلى المركز، لكن ما هو مركزك؟ والأهم من ذلك، أين يكمن؟

تحديد مركزك هو الخطوة الأولى لتحديد نجاحك:

قد يكون من السهل أن تعرف أين يقع مركزك، فإذا نظرتَ إلى الوراء في حياتك، فسترى أنَّها ليست خطاً مستقيماً بقدر ما هي حلقة تدور حول نقطة مركزيَّة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى النجاح، فعلى الرغم من أنَّ حياتك تتقدم صعوداً باستمرار، إلَّا أنَّها تدور حول مركز معيَّن.

وبدلاً من اتِّخاذ النجاح مساراً خطيَّاً، يتَّخذ النجاح لدى أولئك الذين لديهم فهم عميق لمركزهم مساراً حلزونيَّاً: فهو تلك الحركة التصاعدية التي تدور حول مركزنا المتوازن، الذي يقود إلى حياة ناجحة تعطي معنى عميقاً للشخص الذي يعيشها، بدلاً من الشخص الذي يبدو "ناجحاً" وفقاً لمعايير المجتمع ولكنَّه ابتعد كثيراً عن مركزه المتوازن إلى الحد الذي جعل نجاحه لا يوفر له أي هدف عظيم.

إذا كنتَ قد انتقلتَ بعيداً عن مركز التوازن الخاص بك أو لم تتمكن من التعرُّف إليه، فإنَّ ذلك سيودي بحياتك إلى دوامة خارج نطاق سيطرتك بلا تناغم أو هدف، في حين أنَّه إذا كنتَ تتحرك صعوداً بشكل مستمر حول مركزك، فإنَّك ستُكافَأ بحياة مليئة بالهدف والعاطفة.

إقرأ أيضاً: كيف أحقق التوازن بين عملي وحياتي الخاصة؟

حدد مركزك من خلال النظر إلى الوراء:

عند تحديد مركز التوازن الخاص بك، سيكون الأمر أشبه بعملية النظر إلى الوراء نحو حياتك بحثاً عن مؤشرات رئيسة لشيء تدور حوله حياتك.

وبالنسبة إليَّ، فلقد أحببتُ دائماً أن أكتب؛ إذ تخصصتُ في الصحافة، لكن سرعان ما أدركتُ أنَّ الكتابة كانت شغفاً بالنسبة إليَّ أكثر من كونها اختياراً مهنياً، وفي نهاية المطاف، لم أكن أريد أن أعيش حياتي مثل بعض كُتَّاب الأخبار الرياضية؛ لذلك، عندما ضغط عليَّ مَن حولي من أجل الحصول على "تخصُّص أكثر عملية"، انتقلت إلى الدراسات المالية وحصلتُ أيضاً على شهادة في الاقتصاد.

انتهى بي المطاف بالعمل في مكتب، وفي الواقع، أنا الآن جالس في مكتبي بينما أكتب هذا المقال، لكن بصرف النظر عن الوظيفة التي اتخذتها أو المدينة التي قررت العيش فيها، تراءى لي دائماً أن أكتب، وبصرف النظر عن الكتابة، فلقد كان توليد الأفكار والروابط التي اكتشفتها خلال تعزيز محتوى مدونتي هو الذي دفعني إلى الأمام.

هذا هو مركز التوازن الذي دفع حياتي إلى الأعلى، فلو امتلكتُ كل أموال العالم، لكنتُ سأستمر في الاستيقاظ في وقت مبكر والتوجُّه إلى مقهى ثم المباشرة بالكتابة، وبصرف النظر عن المكان الذي كنت فيه أو إلى أين أنا مُتَّجه، أعود دائماً إلى الكتابة وما يمثلها بالنسبة إليَّ.

شاهد بالفيديو: 10 نصائح للموازنة بين الحياة والعمل

حدد مركز توازنك من خلال النظر إلى ما تدور حوله حياتك:

هل لديك شغف محدد تسعى إليه طوال حياتك؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فهل يوجد أمر مشترك يربط بين عواطفك المتطورة؟ هذا الأمر أو القيمة الجوهرية هو مركز حياتك والسبب الجذري لنجاحك، أما الابتعاد عن هذا المركز فهو السبب الجذري لإخفاقاتك.

تحديد المركز الخاص بك هو الخطوة الأولى لتحقيق التوازن واتخاذ الملكية الحقيقية لحياتك، لكن لكل توازن ثقل، وسأكون مقصراً إذا توقفت دون الإشارة إلى ذلك؛ ففي بعض الأحيان المفتاح الحقيقي لبلوغ المركز هو أن يميل التوازن في اتجاه واحد، وأن يميل الثقل بمحاذاته في الاتجاه المعاكس.

باستخدام المثال المذكور آنفاً؛ إذا كانت الكتابة هي مركزي الحقيقي، فربما بدلاً من السعي إلى إنشاء مشروع تجاري بدوام كامل، يمكنني إنشاء عمل تجاري يمنحني الوقت لكتابة المحتوى الذي أحب أن أكتب عنه؛ وذلك كثقل لتوازن مركزي المتمثل في الكتابة.

وباستخدام مثال مختلف؛ إذا كان شغفك هو تسلُّق الصخور، فلا تبنِ شركة تبيع معدات لتسلُّق الصخور، وبدلاً من ذلك أسِّس العمل الذي سيسمح لك بحرية تسلُّق الصخور وقتما تشاء، فالشيء الهام هو تحديد مركزك؛ لذلك، وبصرف النظر عن الاستراتيجية التي تستخدمها للبقاء متوازناً، فأنت تعرف أنَّك تدور وصعوداً بشكل دائم حول مركزك المتوازن.

إقرأ أيضاً: الرحلة إلى التوازن النفسي: سعي إلى كسر القوالب الجاهزة

في الختام:

هل تعرف مقولة: "الرحلة هي الوجهة"؟ أولاً هذا القول صحيح بنسبة 100%، وثانياً فإنَّ العثور على المركز الخاص بك، ومن ثم البحث عن طرائق لتعزيز وزيادة توازنك هو الرحلة الحقيقية، فبقاؤك متوازناً طوال حياتك هو الوجهة الحقيقية.

وعندما تكون قادراً على العثور على توازنك والبقاء في مركز هذا التوازن، ومن ثم زيادة حجم وتوازن مركزك من خلال التجارب، فأنت تحوِّل شغفك إلى هدف حقيقي، وعندها فقط سوف تعمل وتنجز دافع الثقة التي تتخلل كل جزء من حياتك.

المصدر




مقالات مرتبطة