الابتكار أهم من المنافسة

إذا كنت تعتقد أنَّك مضطر إلى التنافس لنيل وظيفة أفضل أو حصة أكبر في السوق، فأنت مخطئ ولست وحدك كذلك، فإنَّ فكرة المنافسة محفورة في عقولنا، فترانا نؤمن بحتمية المنافسة على الوظائف نفسها كالآخرين، وإذا ظفر أحدهم بعمل ما؛ فهذا يعني أنَّنا خسرنا فرصة الحصول على العمل نفسه، وإذا كان لشركة ما حصة معينة في السوق علينا أن ننافس "لنفوز" بجزء من حصتهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب: داريوس فوروكس (Darius Foroux)، يُحدثنا فيه عن تشجيع الابتكار بدلاً من المنافسة.

هذا ما تنص عليه النصيحة التقليدية على الأقل، وهو أيضاً ما نتعلَّمه في كلية إدارة الأعمال؛ إذ تكون كلُّ البرامج التعليمية قائمة على مفهوم التنافس مع الشركات الأخرى، كما تفترض كتب الأعمال والمشاريع جميعها أنَّ عالم الأعمال قائم على المنافسة، وهذا أبعد ما يكون عن الصواب.

عندما تفترض أنَّك مجبر على التنافس مع باقي الشركات والناس على المال أو الوظائف أو الاهتمام، فإنَّ تفكيرك محدود وأفقك ضيق، وعلينا بدلاً من ذلك أن نعتمد عقلية الوفرة، فكما يقول والاس دي واتلز (Wallace D. Wattles) أحد أشهر كُتَّاب التنمية الشخصية: "عليك أن تتخلص من فكرة المنافسة، وأن تبتكر بدلاً من أن تنافس على ما سبقك إليه الآخرون، وليس عليك أن تسلب أيَّ شيء من أيِّ أحد".

إنَّ أكبر خطأ يقترفه مفكرو الأعمال التقليديون هو عدُّهم الفرص أو العروض أو الأعمال محدودة، لكنَّ هذا لا يحدث دائماً، وإن كان الأمر على هذا النحو فمن المؤذي اعتماد هذه العقلية؛ لذا أعتقد أنَّ معظم الناس ورجال الأعمال والموظفين يخافون أن يسبقهم أحد إلى الفرصة.

نحن نخاف أن نخسر عملاءنا وأعمالنا وصفقاتنا والاهتمام بنا، وبالنتيجة نخسر كلَّ شيء عملنا بجد للحصول عليه، وهنا تكمن المشكلة بالتحديد ويتعاظم الخوف، وإنَّك لن تنجح ما دمت خائفاً من الخسارة.

الحياة مليئة بالفرص:

يكفي أن تلقي نظرة خاطفة إلى التاريخ لتعرف أنَّ البشرية استمرت في المُضي قُدماً، وعلى الرَّغم من أنَّنا شهدنا بالطبع حروباً وأزمات اقتصادية، فإنَّنا دائماً ما تجاوزناها وازدهرنا من جديد؛ ومن ثَمَّ عندما تتوقع أنَّ الاقتصاد العالمي لن ينمو؛ فرهانك خاسر.

هذا مستحيل، فمن عادتنا نحن البشر أن نجد طريق النجاة والازدهار، هذه ببساطة طبيعتنا؛ لذا يجب أن تؤمن أنَّنا نعيش في عالم وفير يحوي ثروات وفرصاً تكفي الجميع؛ ولذلك إياك أن تسمح لنفسك بالتفكير بأنَّك غير قادر على النجاح؛ لأنَّ هذا لن يفيدك بشيء.

شاهد: تعزيز الإبداع والابتكار في فريق عملك

إذا لم تكن قادراً على إيجاد مهنة مناسبة فابتكر واحدة:

أنت تعلم أنَّ الحياة ليست سهلة، وأنَّه ليس من السهل إيجاد مهنة ترضيك كلياً على الصعيدين المالي والنفسي؛ إذ يواجه ملايين الناس هذا التحدي، ويقيِّد معظمهم أنفسهم بالاعتقاد أنَّهم لا يستطيعون ابتكار مهنة، لكن وبشكل مشابه للطريقة التي يجب أن يجد فيها رجال الأعمال والشركات حصة في السوق، فإنَّه على الأفراد أن يبتكروا مهنهم.

بالبحث قليلاً في وظيفة "كبير مسؤولي السعادة" التي تبدو أمراً غريباً إلى حدٍّ ما، يتبين أنَّ المدعو رونالد ماكدونالدز (Ronald McDonald) كان أول من شغل منصب كبير مسؤولي السعادة (CHO) عام 2003، وبدأت شركات التقنيات من ذلك الحين اعتماد هذا اللقب الوظيفي.

إنَّ صاحب هذه الوظيفة مسؤول عن عافية الموظفين وسعادتهم، وإنَّ رجل الأعمال طوني شاي (Tony Hsieh) المدير التنفيذي السابق لشركة الأحذية والملابس زابوس (Zappos) من أشد داعمي سعادة الموظفين، إلا أنَّ الشركات التقليدية تعتقد أنَّ هذا سخيف، وفي البداية اقترحت الشركة آنفة الذكر الفكرة، وبالطبع لم يكن لديها اللقب الوظيفي "كبير مسؤولي السعادة" فاضطرت أن تبتكر هذه الوظيفة.

اعتقد المديرون في الماضي أنَّ الراتب هو السبب الوحيد الذي يجعل الناس يعملون لحسابهم، فكلَّما عرضت مالاً أكثر استقطبت عدداً أكبر من الكفاءات والموهوبين، ربما يكون هذا التفكير واقعي بالنسبة إلى بعض الأشخاص؛ ولكنَّ المال ليس دائماً الحل.

إقرأ أيضاً: المنافسة في العمل: أنواعها، وأشكالها، وإيجابياتها وبعض سلبياتها

يولي معظم الناس اهتماماً أكبر بالمرح والسعادة وتقدير جهودهم في العمل، وهذا بالضبط ما يعمل منصب كبير مسؤولي السعادة على تحقيقه، وخلاصة الأمر لا يهم ما يعتقده الآخرون، وفي حال أنَّك تؤمن بشيء وتستطيع إنشاء قيمة، فاسعَ في سبيله ستجد دائماً من يخبرك أموراً من قبيل:

  1. "لا أحد يحتاج هذا العمل".
  2. "عملك تافه لا قيمة له".
  3. "إنَّك تهدر وقتك".

لا تُعر اهتماماً لهؤلاء المشككين، ودعهم يغرقون في مستنقع معتقداتهم البالية، وبدلاً من ذلك ابتكر فقط.

إقرأ أيضاً: ما هي فوائد الابتكار؟

في الختام:

توجد فرص كافية للجميع، والمشكلة أنَّ معظم الناس لا يغتنمونها، فإذا أردت مهنة معينة، فابتكرها، وكذلك يجب أن تفعل الشركات؛ لذلك إياك أن تركز اهتمامك على المصادر التي تقدم لك معلوماتٍ محدودة أو المنتقدين أو أي سبب آخر يثنيك عن فعل ما تفعل؛ بل اعتمد عقلية الوفرة، وعندها ستحظى بفرص عديدة لدرجة أنَّك لن تعرف أيُّها ستختار، وهذا ما نسميه في هولندا "مشكلة ترف"، صدِّقني إنَّها المشكلة الوحيدة التي يجب أن تعانيها.




مقالات مرتبطة