الإيجابية السامة: هل للإيجابية أضرار؟ (الجزء الثالث)

لقد تحدَّثنا في الجزء الثاني من هذا المقال عن 10 طرائق للتغلب على الإيجابية السامة، وسنكمل في هذا الجزء الثالث والأخير ونتحدَّث عن منشئها.



هل الإيجابية فعالة؟

السؤال هو: هل ينشر كونك إيجابياً المشاعر الإيجابية من حولك؟ قبل أن ندخل في التفاصيل يجب أن نفهم أسباب ذلك: الاعتماد المفرط للمشاعر "الإيجابية" أو الجيدة، والمقصود بها ما تشعر به حين تمر بيوم جيد وتكون محاطاً بأناس جيدين.

ظهر مصطلح "المشاعر الإيجابية" (good vibes) في بداية القرن التاسع عشر في كتاب للمؤلف جون بنينجتون (Jon Pennington)، ولاحقاً انتشر في أغنية في الستينيات لفرقة "ذا بيتش بويز" (The Beach Boys).

إقرأ أيضاً: كيف تحصل على السعادة والسلام الداخلي

بعدها أصبح المجتمع مهووساً بالسعادة، وخرجت حركة المشاعر الإيجابية عن السيطرة، وخلقت ثقافة سامة تخبرنا أنَّنا يجب أن نكون سعداء طوال الوقت، وأنَّ الوضع الطبيعي هو أن تكون سعيداً؛ فإمَّا أن تكون سعيداً أو مكتئباً، فأصبح مجتمعنا الآن يستخدم مشاعر السعادة ليغطي الحزن والأسى.

تتجلى الإيجابية السامة عادة في تعليقات بسيطة تُشعِر الآخر بالوحدة وبأنَّك لا تكترث لأمره؛ على سبيل المثال حين يمر الشخص بظرف صعب فبدلاً من دعمه تخبره بأن يتفاءل، لكن عادة لا يقصد الأشخاص الذين يتجاهلون مشكلات الآخرين ويغطون عليها بالإيجابية أن يكونوا لئيمين؛ فربما يحاولون فقط المساعدة.

صحيح أنَّ معظم الناس يظنُّون أنَّ الإيجابية أفضل من السلبية، لكن هل يمكن أن تخرج الإيجابية عن حدِّها؟

شاهد بالفيديو: 10 نصائح مهمة لتعيش بإيجابيّة في جميع الأوقات

هل الإفراط في الإيجابية سيئ؟

إذا بحثت عن "الشخص الأكثر إيجابية في العالم" على محرك البحث غوغل (Google)، ستظهر لك ديان بربريان (Diane Berberian) تتنافس في مسابقات التحمل وترفض الاستسلام، وهي كفيفة وناجية من مرض السرطان، وفوق ذلك تبلغ من العمر 60 عاماً، إنَّ ديان خير مثال على "البقاء إيجابياً" عندما تصبح الظروف صعبة.

التفكير بإيجابية أمر رائع، فقد وجدت مراجعة من عام 2012 لأكثر من 200 دراسة أنَّ السعادة تقلل أمراض القلب والأوعية الدموية وضغط الدم والالتهابات، كما أنَّها تفتح الأبواب لفرص جديدة، وتسمح لك بالتواصل مع الآخرين والشعور بالرضى.

لكن توجد نقطة تحول في مقياس السعادة هذا، ويحدث ذلك عندما تسبب لك السعادة أوهاماً عن الواقع، إليك طريقة سهلة لمعرفة ما إذا كنت سعيداً أكثر ممَّا هو صحي؛ اسأل نفسك: على مقياس من 1 إلى 10 الآن وخلال الأسبوع الماضي والشهر الماضي، فإذا كنت تجيب باستمرار فوق 8، فقد تعاني من إفراط في السعادة.

يرى الكوتش سكوت كرابتري (Scott Crabtree) أنَّ الرقم المثالي للسعادة هو 8 من 10، مع كون الرقم 10 سعيداً دائماً، ويوضح أنَّ الأشخاص الذين يشعرون بالسعادة المفرطة قد يكونون منفصلين عن الواقع؛ لأنَّ الشعور بالسعادة طوال الوقت ليست أمراً طبيعياً.

تُظهِر الدراسات أنَّ السعادة المفرطة يمكن أن تؤدي إلى الإنفاق المفرط وتعاطي المخدرات والكحول، ووفقاً للدكتورة جينيفر روبنسون (Jennifer Robinson)، فإنَّ كثيراً من الأشياء التي تُعدُّ "جيدة" تقليدياً يمكن أن تكون سيئة بالنسبة إليك، مثل:

  • قد يؤدي الإفراط في ممارسة التمرينات الرياضية إلى تلف المفاصل والأوتار والأربطة وحتى القلب.
  • يمكن أن يؤدي الإفراط في النوم إلى زيادة خطر الوفاة بسبب مشكلات القلب بنسبة 34%.
  • يمكن أن يؤدي تناول كثير من الطعام إلى ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري.
  • يمكن أن يجعلك السعي الحثيث إلى إرضاء الناس غير سعيد.
إقرأ أيضاً: التوكيدات الإيجابية والسلبية وتأثيرها على العقل الباطن

في الختام:

تذكَّر أنَّه لا يجب عليك تجنُّب الإيجابية، ولا بأس بأن تقول: "ابتهج" أو "يمكنك فعلها" إذا كان ذلك يفيدك أنت أو أي شخص آخر في التغلب على الضيق، ونتمنَّى أن تحقق هذا التوازن الصحي، بحيث تتمكَّن في النهاية من الشعور بالسعادة معظم الوقت في حين ما تزال تشعر بالراحة مع مشاعرك الأخرى؛ إذ تتعلق الإيجابية الحقيقية بقبول مشاعرك كلها.




مقالات مرتبطة