الإدارة الإلكترونية وتأثيرها على العمل الإداري

أصبحت الدول اليوم تتنافس في تحفيز منظماتها ومؤسساتها لمواكبة التطورات العالمية الأخيرة، وذلك عن طريق سعيها المستمر إلى التحول إلى مجتمع واقتصاد المعرفة الذي كان نتيجة طبيعية للثورة التقنية والمعلوماتية الهائلة التي غزت العالم مؤخراً، هذه الثورة التي أحدثت تحولات جذرية في العمل الإداري وساهمت في تطويره وتطوير أساليبه وتوفير المعلومات في الوقت المناسب وبأقل جهد وأخفض تكلفة ممكنة.



لقد غزت تكنولوجيا المعلومات مختلف جوانب العمل الإداري وفي جميع المنظمات على اختلاف النشاط الذي تمارسه، فأصبح من الصعب أن نجد أيَّة مؤسسة أو منظمة خالية من قاعدة بيانات للوظائف المختلفة فيها، ولقد أصبحت من ضرورات العمل الإداري للمؤسسة المتحضرة التي تواكب التغيرات العصرية؛ ونتيجة هذا التحول انتقل العمل الإداري من أساليب العمل التقليدية القائمة على المعاملات الورقية والإجراءات الروتينية إلى اتباع الأساليب الإلكترونية في الإدارة التي تمثل استجابة طبيعية ومنطقية لظهور تلك التطبيقات الإدارية ومفاهيمها الجديدة المرتبطة بها.

إنَّ ظهور القيم والمعايير الحديثة الإدارية الجديدة هو أبرز سمات العصر الحالي التي أصبحت تمثل عامل ضغط كبيراً على المنظمات العاملة اليوم، فقد أصبح من الواجب عليها أن تعي أهمية هذه التغيرات الحاصلة في العالم وضرورة السعي باتجاه مواكبة التقدم العلمي عموماً والتقدم التقني خصوصاً إذا كانت ترغب في تحقيق أهدافها والمحافظة على بقائها وضمان نموها وحصدها النجاح.

إذا ما رغبت في تحقيق التميز واكتساب الميزة التنافسية عليها أن تكون سباقة في الاكتشاف وطرح الأفكار الجديدة من قبلها، فالاهتمام بالمعرفة وتطويرها وتوليدها وتوظيفها في العمل ونشرها وإتاحتها للجميع هو مرتكز وأساس نجاح المنظمات وتبوئها المكانة المرموقة في المجتمع.

مفهوم الإدارة الإلكترونية وتعريفاتها:

تُعَدُّ الإدارة الإلكترونية ثورة في عالم الإدارة الحديثة نتيجة لما قدمته وما زالت تقدمه وأحدث آثاراً إيجابية في العمل الإداري وكذلك الاقتصادي؛ إذ أصبحت الحاجة إلى استخدام الأوراق قليلة ومتراجعة وأصبح الموظف يستطيع متابعة عمله من أي مكان وبكفاءة أفضل مما كانت عليه في الأساليب التقليدية.

يُقصد بالإدارة الإلكترونية تحويل الأعمال الورقية إلى أعمال إلكترونية من خلال اتباع مجموعة من الخطوات تبدأ بأتمتة أعمال المنظمة وتنتقل إلى الخطوة الثانية وهي العمل بما يسمى (النافذة الواحدة) أو استخدام التكنولوجيا للاستغناء عن الأعمال الورقية والتحول إلى المكتب الإلكتروني، ومهما اختلفت التعريفات في الشكل، إلا أنَّها متفقة في المضمون، وفيما يأتي بعض التعريفات التي أوضحت معنى الإدارة الإلكترونية والهدف من وجودها واستخدامها في العمل الإداري:

1. البنك الدولي يعرِّف الإدارة الإلكترونية:

مصطلح حديث يشير إلى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل زيادة كفاءة وفاعلية وشفافية ومساءلة الحكومة فيما تقدمه من خدمات للمواطنين ومجتمع الأعمال، وتمكينهم من المعلومات بما يدعم كافة النظم الإجرائية الحكومية، ويقضي على الفساد وإعطاء فرصة للمواطنين للمشاركة في كافة مراحل العملية السياسية والقرارات المتعلقة بها التي تؤثر في كافة مناحي الحياة.

2. عونية طالب أبو سنينة:

هي الإدارة التي تُستخدم فيها التقنيات الحديثة مثل الحاسوب وشبكة الاتصالات المحلية والشبكة العالمية والإنترنت في أثناء أداء المهام الإدارية والتواصل بين الإدارة في مستوياتها الإشرافية والتنفيذية.

3. نجم عبود نجم في كتاب (الإدارة الإلكترونية الاستراتيجية: الوظائف والمشكلات):

قال إنَّها العملية الإدارية القائمة والإمكانات المتميزة للإنترنت وشبكات الأعمال في التخطيط والتوجيه والرقابة على القدرات الجوهرية للمؤسسة دون حدود من أجل تحقيق أهداف المؤسسة.

4. علاء عبد الرزاق السالمي في كتابه (نظم إدارة المعلومات):

قال إنَّ الإدارة الإلكترونية هي عملية أداء جميع مهام ونشاطات المؤسسة الإدارية؛ وذلك بالاعتماد على جميع تقنيات المعلومات الضرورية للوصول إلى تحقيق أهداف الإدارة الجديدة في تقليل استخدام الورق، وتبسيط الإجراءات، والقضاء على الروتين والإنجاز السريع والدقيق للمهام والمعاملات؛ لتكون كل إدارة جاهزة لربطها بالحكومة الإلكترونية لاحقاً.

شاهد بالفديو: ما هي مبادئ الإدارة؟

فوائد استخدام الإدارة الإلكترونية في العمل الإداري:

  1. تسهل الإدارة الإلكترونية من عملية التخطيط من خلال ما توفره من معلومات وبيانات دقيقة وما تحققه من اتصالات سريعة وفعالة داخلية وخارجية.
  2. استخدام تكنولوجيا المعلومات في توحيد أجزاء التنظيم وجعلها نظاماً واحداً متكاملاً، إضافة إلى المرونة التي تمنحها الإدارة الإلكترونية للهيكل التنظيمي وبالشكل الذي يجعله أقدر على التكامل والتنسيق بين وحداته المختلفة.
  3. تبسيط الإجراءات داخل المنظمات وتسهيل الاتصال بين دوائرها، وهذا ينعكس انعكاساً إيجابياً على جودة العمل داخلها وعلى جودة الخدمة المقدمة لعملاء المنظمة.
  4. تسهيل عملية الرقابة ومتابعة تنفيذ القرارات وسير العمليات كافة في المنظمة وتحديد مكامن الأخطاء التي تحصل.
  5. التخفيف من مركزية السلطة وحدَّة البيروقراطية وتضخُّم الهيكل الإداري.
  6. إنجاز الأعمال والمعاملات الإدارية وإتمامها بكفاءة عالية وفي أسرع وقت وأقل جهد.
  7. ضمان الدقة والموضوعية في إنجاز الأعمال.
  8. تلافي المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الورقيات من ضياع أو احتراق أو تلف أو أي شي آخر يصعِّب استعادتها.
  9. إنشاء وتعزيز قنوات الاتصال بين المستويات التنظيمية داخل المنظمة من جهة وبين المنظمة والجهات الحكومية الأخرى من جهة أخرى.
  10. الحصول على المعلومات بسرعة وضمان توفيرها وتدفقها لمن يريد بالسرعة القصوى وبأي زمان ومكان، إضافة إلى المحافظة عليها وتخزينها وحمايتها من الكوارث والعوامل الخارجية.
  11. تحسين معدلات الإنتاجية من خلال تقليل التكاليف.
  12. المساهمة في تحديد حاجة المنظمة الفعلية من الموارد البشرية وكذلك الحاجات التدريبية وفي رسم المسار الوظيفي لجميع العاملين وكل ما يتعلق بعمل الموارد البشرية.
  13. تسهيل عملية تقييم الأداء سواء للعاملين أم للمنظمة، وذلك بالاعتماد على شمولية المعلومات التي يمكن الحصول عليها.
  14. التقليل من الأخطاء المرتبطة بالعامل الإنساني وتحسين مستوى أدائه ومواكبة التطور الحاصل في بقية دول العالم المتقدمة وزيادة التنافسية.
  15. تحسين كفاءة المنظمة والزيادة في فاعلية أدائها لأعمالها من خلال القيام بالأعمال المطلوبة بالطريقة الصحيحة وزيادة التنسيق بين مختلف الأقسام والإدارات، إضافة إلى تمكينها من استغلال مواردها المادية والبشرية لإنتاج المخرجات المطلوبة بأقل تكلفة ممكنة.
  16. المساهمة في تقديم الخدمات الميسرة للعملاء وتخفيف حدة المشكلات الناجمة عن تعامل العملاء مع موظف واحد تنحصر مهمة تقديم الخدمة المطلوبة به الذي قد يكون محدود الخبرة سواء في الوظيفة أم في التواصل الفعال.
  17. تحقيق المرونة في عمل الموظف من خلال إتاحة الفرصة أمامه للعمل من أي مكان، إضافة إلى تسهيل عقد الاجتماعات بين الإدارات المتباعدة وعدم الاضطرار للوجود في نفس المكان لإتمام الاجتماعات.
  18. المساعدة على دفع المنظمة باتجاه التركيز على أهدافها طويلة الأمد والمرتبطة بتوسيع نشاطاتها ونموها واستمرارها.
إقرأ أيضاً: الإدارة المباشرة، و الإدارة عن بعد

متطلبات الإدارة الإلكترونية:

توجد مجموعة من العناصر والمكونات التي ينبغي توفرها إذا ما أرادت المنظمات التحول إلى استخدام الإدارة الإلكترونية في إنجاز أعمالها الإدارية، وبتعبير أبسط المتطلبات هي جميع المستلزمات المرتبطة بالعناصر البشرية والجوانب الإدارية والتقنيات الإلكترونية والأمور المادية اللازمة للمضي في تطبيق الإدارة الإلكترونية وهذه العناصر هي:

1. التقنيات:

تتمثل في وجود الحواسيب وعتادها من أنظمة وشبكات وملحقات أخرى وكذلك برامج (Software) بأنواعها، وبرامج النظام مثل نظم التشغيل ونظم إدارة الشبكة، وأيضاً برامج التطبيقات مثل التطبيقات العامة مثل مستعرضات الويب والبريد الإلكتروني، وبرامج التطبيقات الخاصة التي تختلف باختلاف ما تقدمه المنظمة من خدمات مثل البرامج المحاسبية، ومن ضمن التقنيات توجد أيضاً شبكات الاتصال مثل الإنترانت والإكسترانت والإنترنت.

2. الموارد البشرية:

تمثل الكوادر البشرية العاملة العنصر الأهم والأساسي في منظومة الإدارة الإلكترونية والمتمثلين بالمديرين ومحللي الموارد المعرفية وأصحاب التخصصات التقنية المختلفة.

إقرأ أيضاً: ما هو دور الموارد البشرية في تطوير الشركات والمنظمات؟

3. الموارد المالية:

توجد ضرورة ملحة إذا ما أرادت المنظمات تطبيق الإدارة الإلكترونية في أعمالها، وهي أن تعمل على توفير التمويل المناسب والكافي سواء أكان من أجل شراء المعدات والتجهيزات اللازمة أم من أجل توظيف الكوادر البشرية المؤهلة بشكل جيد في مجال التقنية واقتصاد المعرفة للعمل لديها وتطبيقها بشكل فعال.

4. الأنظمة والقوانين:

تمثل الأنظمة والقوانين ضوابط العمل اللازمة لتنفيذ أعمال الإدارة الإلكترونية والسيطرة على مجريات الأعمال ومنع أي تجاوز من قِبل أي فرد.

5. المجتمع:

ينبغي على الإدارة الإلكترونية أن تراعي في أساليبها وطرائقها المجتمع الذي تعمل فيه، وأهم الأشياء التي ينبغي أن تراعيها هي ثقافة المجتمع وقيمه وعاداته وتقاليده وضرورة المحافظة على تماسكه وتعاضده وكذلك المحافظة على التكامل بين عناصره المختلفة.

في الختام:

بالنظر إلى التطورات الكبيرة في مجالات الحياة التي انعكست بدورها على تطور الجانب الإداري، نجد أنَّه أصبح لزاماً على الإدارة الحديثة أن تعتمد على استخدام التقنيات الحديثة في إنجاز أعمالها وتحقيق أهدافها والغايات التي تصبو إليها بأقل جهد وتكلفة ممكنة.

تمثل الإدارة الإلكترونية مدخلاً حديثاً في الإدارة يقوم على استخدام المعلومات والمعرفة المتقدمة وأنظمة البرامج والتطبيقات المتطورة والاعتماد على الاتصالات وشبكات الإنترنت في تقديم خدماتها وسلعها، إضافة إلى تبادل المعلومات داخل المنظمة وخارجها بما يخدم تقديم أعمالها بأفضل جودة ممكنة، فتكنولوجيا المعلومات حالياً أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية بكل تفاصيلها.




مقالات مرتبطة