الأنظمة الخبيرة: المفهوم، المكونات، مبدأ العمل، أبرز التطبيقات، الميزات، العيوب

تعد الأنظمة الخبيرة أحد أهم فروع الذكاء الاصطناعي فهي تهدف إلى توفير إمكانية اتخاذ القرار المحوسبة كما يفعل الخبير البشري في مجال ما، إذ تصمم لحل المشكلات المعقدة عبر مجموعة من القواعد أو الخوارزميات تحاكي عمليات التفكير البشري.



نلقي أدناه نظرة عامة حول الأنظمة الخبيرة ومكوناتها وآليات عملها وأنواعها وعملية بناء النظام الخبير وأبرز تطبيقاتها مزاياها وعيوبها.

مفهوم الأنظمة الخبيرة:

الأنظمة الخبيرة هي عبارة عن برامج كمبيوتر تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) لمحاكاة سلوك إنسان أو منظمة لديها الخبرة والتجربة في مجال ما.

The concept of expert systems

تؤدي مهمة محددة بكفاءة تشبه كفاءة الخبراء من خلال تطبيق قواعد محددة مسبقاً لتحليل المعلومات واستخلاص النتائج. كما يمكنها تقديم المشورة المتخصصة أو أتمتة اتخاذ القرار، والمساعدة في حل المشكلات، والمساعدة في تحديد الأخطاء أو المخاطر.

فهي تتضمن قواعد وخوارزميات تسمح لها بأداء المهام واتخاذ القرارات بالاعتماد على قاعدة معرفية مليئة بالمعرفة المتخصصة والاستدلال وأنماط التفكير. تُستخدم الأنظمة المتخصصة على نطاق واسع في مختلف الصناعات، بما في ذلك: الرعاية الصحية والمالية والهندسة وغيرها الكثير، وتهدف إلى تكملة الخبراء البشريين وليس استبدالهم.

ظهور النظام الخبير:

ظهرت الأنظمة الخبيرة في السبعينيات من قبل عالم الكمبيوتر إدوارد فيجنباوم، أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة ستانفورد ومؤسس مختبر أنظمة المعرفة في ستانفورد.

عندما كان ينتقل من معالجة البيانات إلى "معالجة المعرفة"، كما أفاد في مخطوطة له عام 1988، إذ أوضح أن النظام الخبير يجعل أجهزة الكمبيوتر قادرة على القيام بشيء أكثر من مجرد العمليات الحسابية الأساسية فأصبحت قادرة على حل المشكلات المعقدة بفضل تكنولوجيا المعالجات الجديدة وهندسة الكمبيوتر.

مكونات النظام الخبير:

يتكوّن النظام الخبير من ثلاثة مكونات رئيسية تتجلى فيما يلي:

1. قاعدة المعرفة:

تعد قاعدة المعرفة جوهر النظام الخبير تحتوي مجموعة من القواعد والحقائق والاستدلالات التي تمثل معرفة الإنسان الخبير في مجال ما، إذ يمتلك الخبرة والتجربة المطلوبة بإنشاء قاعدة المعرفة يتم ترميزها بلغة رسمية يمكن للنظام الخبير فهمها.

حيث تُخزَّن المعلومات التي يعتمد عليها النظام الخبير، إذ يقدم الخبراء البشريون حقائق حول مجال الموضوع المحدد لنظام الخبراء، وتنظم في قاعدة المعرفة. تحتوي على وحدة اكتساب المعرفة تمكّن النظام من جمع المعرفة من مصادر خارجية وتخزّنها في قاعدة المعرفة.

2. محرك الاستدلال:

محرك الاستدلال هو الجزء المسؤول عن التفكير واتخاذ القرار، إذ يطبق القواعد والإجراءات المحددة في قاعدة المعرفة على بيانات الإدخال ليولد المخرجات المطلوبة. يستخدم محرك الاستدلال تقنيات تفكير مختلفة كالتسلسل الخلفي والأمامي، لاستخلاص النتائج من قاعدة المعرفة.

يسحب المعلومات ذات الصلة من قاعدة المعرفة لحل مشكلة المستخدم، فهو قائم على القواعد يعيّن المعلومات المعروفة من قاعدة المعرفة إلى مجموعة من القواعد ويتخذ القرارات بالاعتماد على تلك المدخلات.

غالباً ما تشتمل محركات الاستدلال على وحدة شرح توضح للمستخدمين كيفية وصل النظام إلى نهايته.

3. واجهة المستخدم:

هي قناة الاتصال بين المستخدم والنظام الخبير، تقدم الأسئلة والخيارات والتوصيات التي تم إنشاؤها من خلال محرك الاستدلال بسهولة. قد تكون نصية أو رسومية، يتفاعل معها المستخدمون النهائيون للحصول على إجابة لسؤالهم أو مشكلتهم.

كيفية عمل النظم الخبيرة:

تستخدم أنظمة المعرفة المتخصصة الحديثة التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لمحاكاة سلوك أو حكم خبراء المجال. كما تستطيع تحسين أدائها مع الوقت نتيجة اكتسابها المزيد من الخبرة، كما يفعل البشر تماماً.

تجمع الأنظمة الخبيرة المعلومات والحقائق وتضعها في قاعدة معرفية وتدمجها مع محرك الاستدلال، حيث يستخدم محرك الاستدلال طريقتين للحصول على المعلومات من قاعدة المعرفة:

1. في التسلسل الأمامي:

يقرأ النظام الخبير مجموعة من الحقائق ويعالجها للتنبؤ منطقياً بما سيحدث بعدها، كما هو الحال في التنبؤ بتحركات سوق الأسهم.

2. في التسلسل العكسي:

يقرأ النظام ويقيّم مجموعة من المعلومات بشكل عكسي للوصول إلى نتيجة منطقية حول الهدف، كما هو الحال في التنبؤ في نظام التشخيص الطبي.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن تعلم الذكاء الاصطناعي من الصفر

أنواع الأنظمة الخبيرة:

يوجد عدة أنواع من الأنظمة الخبيرة تستخدم في مختلف التطبيقات وفي عدة صناعات تتجلى فيما يلي:

1. الأنظمة الخبيرة القائمة على القواعد:

هي النوع الأكثر شيوعاً، تستخدم مجموعة من القواعد للتفكير في مشكلة معينة وتقديم الحلول أو التوصيات، أنشئت تلك القواعد من قبل خبراء بشريين ومنظمة في قاعدة معرفية.

2. النظم الخبيرة ذات المنطق الضبابي:

تستخدم المنطق الضبابي للتعامل مع عدم اليقين وعدم الدقة في البيانات، تجدها في أنظمة توصية المنتجات وتطبيقات التعرف على الصور.

3. الأنظمة المتخصصة القائمة على المعرفة:

تستخدم قاعدة معرفية تحتوي حقائق وقواعد حول مجال ما، تستخدم لتقليد قدرات الخبراء البشريين على حل المشكلات، كما يستخدمون محرك الاستدلال المعرفي لشرح المشكلة وتقديم الحلول.

4. الأنظمة المتخصصة للشبكات العصبية:

صُمَّمت للتعلم من البيانات عبر ضبط أوزان اتصالاتها بين الخلايا العصبية، تستخدم في التعرف على الكلام، وتصنيف الصور، اللغة الطبيعية، معالجة التطبيقات.

مراحل تطوير الأنظمة الخبيرة:

تدل هندسة المعرفة إلى بناء وصيانة نظام خبير، وتتجلى في الخطوات التالية:

  • أولاً، تكتسب الأنظمة الخبيرة المعرفة من خلال جمع المعلومات من الخبراء البشريين، تتضمن عدة تقنيات بما يتضمن: المقابلات والاستبيانات والملاحظة.
  • ثمّ تحوّل المعرفة المكتسبة إلى تنسيق يمكن للنظام فهمه واستخدامه، قد يكون بعدة أشكال بما يتضمن: القواعد، الإطارات، الشبكات الدلالية، الانطولوجيات، وفق طبيعة المعرفة ومتطلبات النظام.
  • ثم يتم التأكد من أن المعرفة الموجودة في النظام دقيقة وكاملة، بما يتضمن: اختباره على البيانات المعروفة أو مقارنة توصياته بتوصيات الخبراء البشريين، ثمّ تنفيذ النظام باستخدام محرك الاستدلال.
  • الحفاظ على القاعدة المعرفية لنظام الخبراء عبر تحديثها بانتظام بمعلومات جديدة، بما يتضمن: إضافة قواعد جديدة، أو تعديل القواعد الحالية، أو إزالة المعلومات القديمة.

شاهد بالفديو: وظائف لا يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بها

تطبيقات الأنظمة الخبيرة:

يوجد عدة تطبيقات للأنظمة الخبيرة في مختلف الصناعات، بما يتضمن: الرعاية الصحية والمالية والهندسة:

1. في مجال التشخيص الطبي:

يساعد النظام الخبير في تشخيص الأمراض وتحليل الأعراض وتوفير خيارات العلاج وفق التاريخ الطبي والأعراض ونتائج الاختبارات.

2. أمّا في مجال دعم العملاء:

يمكن للنظام الخبير مساعدة العملاء في استكشاف المشكلات الفنية وإصلاحها أو تقديم المشورة المتعلقة بالمنتج بالاعتماد على استفسارات المستخدم أو مدخلاته.

3. الخدمات المالية:

إذ تتخذ الأنظمة الخبيرة قرارات حول إدارة الأصول، كما تتنبأ بسلوك الأسواق والمؤشرات المالية.

4. الهندسة الميكانيكية:

تستكشف الأنظمة الخبيرة أخطاء الآلات الكهروميكانيكية المعقدة وإصلاحها.

5. الاتصالات:

تستخدم الأنظمة الخبيرة لاتخاذ القرارات حول تقنيات الشبكات المستخدمة وصيانة الشبكات الحالية.

6. الزراعة:

بحيث تتوقع الأنظمة الخبيرة تلف المحاصيل.

7. النقل:

تساهم الأنظمة الخبيرة في مجموعة من المجالات بما يتضمن: ظروف الرصيف، والتحكم في إشارات المرور، وتصميم الطرق السريعة، وجدولة الحافلات والقطارات والصيانة ومراقبة الحركة الجوية.

8. القانون:

يستخدم النظام الخبير لتقديم الخدمات القانونية، وإجراء تقييمات للقضايا المدنية وتقييم مسؤولية المنتج.

أبرز الأمثلة على الأنظمة الخبيرة:

من أبرز الأمثلة على الأنظمة الخبيرة:

  • نظام CaDet: أداة خاصة لدعم قرار السرطان لتحديد السرطان في مراحله الأولى.
  • نظام DENDRAL: أداة خاصة بالكيميائيين لتحديد الجزيئات العضوية غير المعروفة.
  • نظام DXplain: نظام دعم سريري يقوم بتشخيص مختلف الأمراض.
  • نظام MYCIN: لتحديد البكتيريا كتجرثم الدم والتهاب السحايا، ويوصي بالمضادات الحيوية والجرعات.
  • نظام PXDES: يحدد نوع وشدة سرطان الرئة.
  • نظان R1/XCON: أداة متخصصة في التصنيع المبكر يقوم تلقائياً باختيار مكونات الكمبيوتر وطلبها وفق مواصفات العميل.
إقرأ أيضاً: برامج الذكاء الاصطناعي المجانية

مميزات الأنظمة الخبيرة:

تتمتع الأنظمة الخبيرة بعدة فوائد بالمقارنة مع الخبراء البشريين:

1. الدقة:

الأنظمة الخبيرة ليست عرضة للخطأ البشري أو التأثير العاطفي، فهي تتخذ القرارات بالاعتماد على قواعد وحقائق محددة.

2. الدوام:

يترك الخبراء البشريون دورهم، وقد تذهب معهم الكثير من المعرفة المحددة، إذ توفر الأنظمة القائمة على المعرفة مستودعاً دائمًا للمعرفة والمعلومات.

3. الخصم المنطقي:

تستخلص الأنظمة الخبيرة استنتاجات من الحقائق الموجودة من خلال مختلف أنواع القواعد، بما يتضمن: قواعد إذا- ثم.

4. مراقبة الكلفة:

تعتبر الأنظمة الخبيرة غير مكلفة بالمقارنة مع تكلفة توظيف الخبراء البشريين، كما تستطيع المساعدة في التوصل إلى القرارات بشكل أكثر كفاءة، مما يوفر الوقت ويقلل التكاليف.

5. خبراء متعددون:

يساهم عدة خبراء في القاعدة المعرفية للنظام الخبير، مما يوفر المزيد من المعرفة للاستفادة منها ويمنع أي خبير من تحريف عملية صنع القرار.

عيوب الأنظمة الخبيرة:

تتجلى عيوب الأنظمة الخبيرة في النقاط التّالية:

Disadvantages of expert systems

1. التفكير الخطي:

يفتقر النظام الخبير إلى القدرة الحقيقية على حل المشكلات، على الجانب الآخر يتميز البشر بإمكانية التفكير بطرق غير خطية واستخدام المعلومات الإضافية لاستخلاص النتائج.

2. قلة الحدس:

يمكّن الحدس البشري الناس من استخدام الفطرة السليمة والمشاعر الداخلية لحل المشكلات. في حين لا تمتلك الآلة أو النظام الخبير الحدس، كما تستغرق محاكاة عملية صنع القرار الغريزي باستخدام المنطق الميكانيكي وقتاً أطول بكثير من استخدام خبير بشري للمعرفة الإرشادية الجوهرية للتوصل إلى نتيجة سريعة.

3. قلة العاطفة:

أحياناً تكون العاطفة الإنسانية مفيدة وضرورية كما في حالة التشخيص الطبي، إذ يحتاج الكشف عن معلومات طبية حساسة للمريض ذكاءً عاطفياً قد لا يقدر عليه النظام الخبير.

4. نقاط الفشل:

حيث تتمثل جودة النظام الخبير بجودة قاعدة معارفها فقط، فلو زودّت بمعلومات غير دقيقة، تتعرّض قراراتهم للخطر.

في الختام:

الجدير بالذّكر أنَّ الأنظمة الخبيرة قد أصبحت جزءاً أساسي من عدة صناعات لكونها توفر أتمتة سريعة ودقيقة ومتسّقة لاتخاذ القرار. كما أنها مرنة وسهلة الاستخدام، كما تتوفر في متناول غير الخبراء وتقلل الاعتماد على الخبراء البشريين.




مقالات مرتبطة