الأمراض النفسية: أسبابها، وأنواعها، وكيفية التعامل مع المريض النفسي

يقول الطبيب النفسي الأمريكي كارل مينينجير: "لا تصيب مشكلات الصحة النفسية اثنين أو ثلاثة من كل خمسة أشخاص بل تُصيب الجميع؛ لذا فإنَّ سلامة الصحة النفسية يجب أن تكون أولوية في كل المجتمعات"، إذن لأهمية هذا الموضوع أفردنا هذا المقال للحديث عن كيفية التعامل مع المريض النفسي سواء كان من أحد أفراد العائلة، أو من الأصدقاء، أو المعارف، تابعوا معنا السطور القليلة القادمة.



متى نقول عن شخص أنَّه مريض نفسي؟

نقول عن الشخص أنَّه مريض نفسي عندما تبدأ تصرفاته بالتغير بشكلٍ مفاجىءٍ وسلبي، وتبدأ أفعاله وسلوكاته بالانحدار والتراجع نحو الأسوأ، عندها يمكن أن نعتقد بأنَّه قد أصيب بأحد الأمراض النفسية؛ إذ إنَّ أي إنسان معرض للإصابة بالمرض النفسي نتيجة لأسبابٍ مختلفة متعلقة إمَّا بأوضاع وظروف حياته، وإمَّا بسبب مروره بتجربةٍ أو حادثٍ قاسٍ، جعلاه لا يستطيع التحكم بتصرفاته وردات أفعاله تجاه المواقف المختلفة التي يتعرض لها، ومن الجدير بالذكر هنا: أنَّ درجة شدة المرض النفسي تتراوح بين البسيطة إلى الشديدة، كما أنَّ المريض النفسي يمكن أن يُشفى من مرضه بشكل تام في حال غياب مُحفِّزات المرض ومُسبِّباته؛ لذا يجب أن يكون التعامل مع المريض النفسي حَذِراً ودقيقاً لمساعدته على الشفاء بشكلٍ تام.

ما هي أسباب الإصابة بالمرض النفسي؟

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بأحد الأمراض النفسية، ومن هذه الأسباب نذكر:

1. الأسباب البيئية:

هناك بعض العوامل البيئية الموجودة في البيئة التي يعيش فيها الإنسان يمكن أن تكون سبباً مباشراً في إصابته بمرض نفسي، ونذكر لكم عدداً من هذه العوامل:

  1. الشعور بالعجز نتيجة الإخفاق بالقيام بأمرٍ ما، ويمكن أن ينعكس ذلك بشكل سلبي ومرَضي على نفسية الشخص.
  2. إصابة الشخص بصدمةٍ نفسيةٍ قوية.
  3. العيش ضمن عائلة مُفكَّكة خالية من الروابط الأسرية، أو عدم حصول الشخص على الرعاية الكافية في مرحلة الطفولة، أو التربية القاسية الخالية من الحنان والرحمة.
  4. أزمة يمكن أن يمر بها الفرد مثل: موت شخص مقرَّب إليه وعزيز عليه جداً، أو خسارة مالية كبيرة جداً.

2. أسباب وراثية:

وهي الأسباب التي تنتقل من خلال الجينات الوراثية في العائلة الواحدة، وتؤثر بشكلٍ مباشر في الجهاز العصبي للإنسان، وتجعله يعاني من المرض العصبي نفسه الذي عانى منه أحد أفراد العائلة فيما مضى.

شاهد بالفيديو: 8 أسباب وراء إصابة طفلك بمرض نفسي

أنواع الأمراض النفسية:

توجد العديد من الأمراض النفسية التي يمكن أن يعاني منها المرء، ولكلٍ منها أعراض معينة، وطريقة علاج مختلفة عن غيرها، ومن هذه الأمراض نذكر لكم:

1. الاكتئاب:

هو مرض نفسي ينتج عنه فقدان النشاط، واليأس، والانهيار في البكاء، كما يفقد المصاب به المتعة والاهتمام في معظم الأنشطة اليومية المعتادة أو جميعها، بالإضافة إلى الأرق أو كثرة النوم، كما يخيل للمريض بأنَّه شخص مُخفق لا يمكنه القيام بأي شيءٍ مفيد له ولمن حوله.

2. الخجل:

يُعدُّ الخجل أحد الأمراض النفسية الواسعة الانتشار، وغير الخطيرة نوعاً ما، ولكن يمكن أن ينتج عنه قلة الثقة بالنفس، وعدم القدرة على التحدث مع الأشخاص الآخرين والتواصل معهم، الأمر الذي ينتج عنه إحساسُ المريض بأنَّه أقل قدراً وقيمةً منهم.

3- انفصام الشخصية:

إنَّ مرض فصام الشخصية يُعدُّ من أصعب الأمراض النفسية وأعقدها، والتي يمكن أن يُصاب بها المرء، ويكون هذا المرض مصحوباً بكثير من الاضطرابات في الانفعال والسلوك والتفكير؛ الأمر الذي يؤدي إلى عدم رؤية الواقع بشكلٍ واضح، ومن الأعراض الناتجة عن هذا المرض: (عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، والمظهر الخارجي، والعدوانية، وعدم المبادرة، وحدوث اضطراب في الكلام واللغة، وحدوث هلوسات وتوهمات، وفقدان المتعة تجاه أي شيء).

إقرأ أيضاً: انفصام الشخصية: أسبابه، عوامل الخطر، الملامح السريرية

4. التخلف العقلي:

إنَّ التخلف العقلي هو مرض يؤدي إلى انخفاض نسبة ذكاء الفرد بشكلٍ واضح، إلى درجةٍ لا يستطيع فيها تسيير أمور حياته الشخصية، ولا يمتلك أي طرائق تواصل فعالة مع الأشخاص الآخرين، وليس لديه إمكانية للتعلم.

5. توهم المريض:

في هذا النوع من الأمراض النفسية يشعر المريض بأنَّه مصاب بكل مرض يمكن أن يذكر أمامه، إلى درجة يظن فيها أنَّه يعاني أعراض المرض.

إقرأ أيضاً: الاضطرابات النفسية حسب تصنيف الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين

ما هي التصرفات التي يمكن أن يقوم بها المريض النفسي؟

1. تقلبات المزاج:

إنَّ المرضى النفسيين يمكن أن يعانوا من تقلبات المزاج الحادة والتي تترواح ما بين حماسٍ وهبوط شديد.

2. الفكر المشوش وغير مستقر:

يمكن أن يعاني المريض النفسي من تشويش في التفكير، وشرود دائم لا يمكن التخلص منه بسهولة، الأمر الذي يؤثر بشكلٍ سلبي في أداء واجباته وأفعاله اليومية المعتادة.

3. العزلة الاجتماعية:

من أكثر السلوكات التي يتميز بها المريض النفسي، هو حبه العزلة، ورفضه الوجود مع مجموعة من الناس ولو كانوا من الأشخاص المُقرَّبين، أو من أفراد العائلة.

4. نوبات الغضب القوية:

يعاني المريض النفسي من نوبات غضبٍ قوية غير مُسوَّغة، وتحدث في غير وقتها، ولأسباب وهمية أو غير مهمة على الإطلاق.

5. القلق المفرط والخوف:

يعاني المريض النفسي من تراكم الأفكار المختلفة في عقله، فيصبح خائفاً منها ومن نتائجها التي يتوقعها، والتي لا مكان لها في حقيقة الأمر، إنَّما موجودة فقط في عقله.

6. اضطرابات وتغييرات في عادات النوم والأكل:

تُعدُّ الاضطرابات والتغييرات في عادات النوم والأكل واحدة من أهم الدلالات على وجود مرض نفسي؛ ولكن تختلف هذه الاضطرابات من مريضٍ نفسي إلى آخر، فمنهم من يفقدد شهيته للطعام ويعاني من أرق في النوم، ومنهم بخلاف ذلك تماماً فيأكل بشراهةٍ لا حدود لها وينام كثيراً.

7. الهلوسة:

إنَّ المريض النفسي يمكن أن يعاني من الهلوسة، أي أنَّه يسمع ما لا نسمع، ويرى ما لا نرى، ويشم ما لا نشم، وكل ذلك أصلاً ليس موجوداً في الحقيقة ولكن لدى المريض النفسي هو واقعٌ مؤكد لا يمكنك مجادلته فيه.

8. الأفكار الانتحارية:

إنَّ الأفكار الانتحارية التي يمكن أن تراود المريض النفسي تعدُّ من أكثر الأمور خطورةً وتهديداً؛ لذا عندما يستخدم المريض النفسي تهديداته بالانتحار يجب على من يحيطون به، تهدأته وعدم إصدار الأحكام والعقوبات عليه، وإزالة أي أداة يمكن أن يؤذي نفسه بها.

9. الأوهام:

يمكن أن يعاني المريض النفسي من سيطرة الأوهام -التي لا أساس لها من الصحة- عليه، مثل: (أن يكون الأشخاص الآخرين يريدون إيذاءه، أو أنَّه يعاني من مرضٍ خبيث وهو معافى وصحته جيدة جداً، أو أنَّه إنسانٌ خارق وقادر على القيام بالمعجزات وبأمور لا يمكن للأشخاص الآخرين القيام بها)، والمشكلة هنا أنَّه يتصرف وفقاً لهذه الأفكار والأوهام التي تراوده، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى إيذاء نفسه، أو إيذاء الأشخاص الآخرين.

إقرأ أيضاً: النجاح في العلاقات: 6 نصائح للخروج من العزلة ولتكوين الصداقات

كيف يمكنك التعامل مع المريض النفسي؟

1. تقديم الدعم:

من الضروري تقديم الدعم للمرضى النفسيين، وإن لم تستطع فاطلب المساعدة من الأقارب، أو الأشخاص المقربين منه، أو أحد من أفراد العائلة، أو حتى عن طريق الإنترنت حيثُ يمكن أن تُتاح لك فرصة التعرف إلى أشخاص يتعاملون مع مرضى نفسيين لديهم نفس أعراض المريض الذي ترعاه.

2. تقبُّل وضع المريض النفسي ومشاعره:

إنَّ تقبُّل وضع المريض النفسي مهما كان سِنُّه يُعدُّ الخطوة الأولى لعلاجه بشكلٍ فعال، فهناك العديد من العائلات التي يعاني أحد أفرادها من مرضٍ نفسي معين، ولا تحاول تقبل العلامات التحذيرية للمرض عادَّةً ذلك بأنَّه وصمة عار للعائلة، وهذا من أكثر الأخطاء الشائعة والقاتلة والتي تزيد من حالة المريض النفسي سوءاً.

3. تحديد نوع المرض النفسي:

عند ظهور أي أعراض غير طبيعية على المريض يجب أن يؤخذ مباشرةً إلى الطبيب من أجل تحديد نوع المرض النفسي الذي يعاني منه، والمرحلة التي وصل إليها تفاقم هذا المرض، ومعرفة السبب وتحديد طرائق العلاج، وهل هناك ضرورة لدخول المريض إلى المستشفى أم أنَّ وضعه قيد السيطرة.

4. الالتزام بمواعيد وأوقات الدواء:

بعد تحديد نوع المرض النفسي ومعرفة السبب وتحديد طرائق العلاج، هنا يجب على الأهل إعطاء المريض الأدوية التي حددها الطبيب النفسي بأوقاتها، وعدم التهاون بذلك، إذ يمكن أن يتدهور وضع المريض ويتراجع، إذا كان هناك خلل في مواعيد أخذ الأدوية، كما يجب أن يُتابَع المريض في كل مرحلة؛ وذلك لتحديد الدواء المناسب لهذه المراحل.

إقرأ أيضاً: الأدوية النفسية: ما أهميتها؟ وكيف تستخدم؟

5. الاهتمام بتغذية المريض:

يجب الاهتمام بتغذية المريض تغذية صحية مناسبة، وتجنب إعطائه المشروبات الغازية، أو الأغذية غير الصحية، حفاظاً على سلامته الجسدية والعقلية.

6. احترام المريض النفسي:

يجب عدم مبالغة الأهل بمعاقبة المريض النفسي عند إحداثه المشكلات، وعند تعرضه لنوبات الغضب القوية، لأنَّ ذلك الأمر خارج عن إرادته وسيطرته؛ لذا يجب التعامل معه باحترامٍ، ولطفٍ، ولين، ذلك لأنَّ القسوة يمكن أن تؤثر بشكلٍ سلبي في صحته العقلية.

وبذلك أعزاءنا القراء نكون قد قدمنا لكم أهم النصائح الأساسية التي يمكنكم من خلالها التعامل مع المريض النفسي ومساعدته على تجاوز مرضه والسيطرة عليه.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة