الأسباب الحقيقية وراء مغادرة المواهب الشابة للعمل

من المنطقي أن تكون الشركات مغرمةً بتعيين موظفين من جيل الألفية؛ إذ تتغير طبيعة الموظفين التقليديين بسرعةٍ حول العالم، وتُعَدُّ أصغر فئات القوى العاملة مسؤولةً بشكلٍ أساسيٍّ عن هذا الاضطراب، ومع بلوغ متوسط أعمار الشركات الكبيرة 15 عاماً، فإنَّنا نستثمر جميعاً بنشاطٍ في الموارد لجذب جيلٍ جديدٍ من المواهب التي ستحافظ على بقاء شركاتنا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن النائب التنفيذي لرئيس قسم الموارد البشرية "ديفيد سوانسون" (David Swanson)، يُحدِّثنا فيه عن تجربته في اكتشاف أسباب مغادرة الموظفين الشباب شركاتهم.

فكِّر في كيفية قيادة العمال الشباب:

يوجد فرقٌ بين استثمار الموارد والفهم الحقيقي لكيفية الحفاظ على إدماج المواهب الشابة؛ إذ يحدث هذا الانهيار لأنَّ مجموع افتراضاتنا عن جيل الألفية تستند استناداً كبيراً إلى خرافات وليس إلى الواقع، ومن ذلك المعدلات العالية لدوران القوى العاملة، والمسؤولية الاجتماعية الأعلى، والحاجة المستمرة إلى الموافقة، وقد اكتشفنا العديد من هذه الخرافات من خلال دراسةٍ أجريناها مع شركة "أوكسفورد إيكونوميكس" (Oxford Economics).

إنَّ معظم الشركات تعطي أولويةً أعلى لتوظيف جيل الألفية، لكنَّها لا تغيِّر أساليب قيادتها للاستفادة من تأثيرهم، وقد يهتم الموظفون اليوم أكثر ممَّا كانوا يهتمون مسبقاً، لكنَّ العديد من الشركات ما زالت لا تفهم ذلك.

إذا كنت تريد أن تجعل مكان عملك جذاباً للمواهب الشابة على الأمد الطويل، فأنت بحاجةٍ إلى التفكير تفكيراً نقديِّاً في كيفية قيادة عمَّالك الأصغر سناً ليكونوا أكثر تفاعلاً وإنتاجيةً.

فيما يأتي ثلاثة أسبابٍ لترك المواهب الشابة شركتك، وكيف يمكنك تغيير أسلوب قيادتك وفقاً لذلك:

1. غياب فرصة التغيير:

من الخرافات الشائعة المتعلقة بجيل الألفية، أنَّهم بحاجةٍ إلى عمل تهيمن شخصيتهم عليه، والحقيقة أنَّ جميع الأجيال - ومن ذلك "الجيل واي" جيل الألفية - تضع قيمةً أكبر بكثير للتعلُّم والنمو على الأمد الطويل، ويتحقق تعزيز النمو من خلال منح الموظفين فرصةً للتأثير في الأعمال الأوسع للشركة، لغرس الإحساس بالعمل الجماعي من أجل هدفٍ مشترك.

يبدأ ذلك بالتفاعل الأول؛ فبدلاً من إجراء مقابلةٍ تقليديةٍ مع بعض المديرين التنفيذيين، تسمح الشركات الذكية للموظفين المحتملين بتجربة مكان العمل طوال اليوم، فاجعلهم يجلسون في اجتماعٍ للموظفين، أو في جلسة عصفٍ ذهني تتيح لهم فهم كيفية إحداث تأثيرٍ واسع النطاق في العمل من اليوم الأول.

يجب أن تمتد هذه الرؤية عبر سلسلةٍ من خبرات التعلُّم والنمو، ثم بعد أن تتعلم وتتدرب على الشكل الناجح للعرض التقديمي، اسمح للموظف الأصغر سناً بإجراء اجتماعٍ أو أن يقدِّم الأشخاص إلى رئيسك في العمل، ودرِّب موظفيك على المواقف المحفوفة بالمخاطر واسمح لهم بالنمو عند التعرض للمواقف الصعبة؛ والنتيجة النهائية، هي عملية تعلُّمٍ حقيقي يمكن لجميع الموظفين تذكُّرها وتقييمها.

إقرأ أيضاً: 6 طرق لاستقطاب المواهب المتميزة عندما تكون الميزانية محدودة

2. إحداث التأثير طويل الأمد بالأهداف والغايات قصيرة الأمد:

أحد التصورات الشائعة عن جيل الألفية يتمثل في حاجتهم المستمرة إلى التغذية الراجعة، وأكثر من الآخرين من غير جيل الألفية بنسبة 20%؛ وذلك وفقاً لدراستنا؛ لذلك بينما يمكن لقادة الشركة توفير فرصٍ للنمو، تكمن النقطة الأهم في تحديد أهدافٍ وغاياتٍ يمكن التحكم بها، ومن ثم تقديم التغذية الراجعة وفقاً لذلك.

يرتكب العديد من القادة خطأ تحديد أهدافٍ بعيدة الأمد في المستقبل، ولا يستطيع الموظفون عندها معرفة ما إذا كانوا يحرزون تقدماً في عملهم أم لا، فيجب أن تتطابق التغذية الراجعة مع هذه الأهداف، وإلا فقد يكون من الصعب على الموظف تحديد جودة أدائه.

شاهد بالفيديو: 7 أسباب تجعل الموظّف يكره عمله

3. الحاجة إلى إنشاء تواصلٍ صادقٍ وحقيقي:

يقدِّر جيل الألفية القادة الذين يشاركون ويتواصلون خاصةً بشكلٍ علنيٍّ ومنفتح، لكنَّ التواصل والتغذية الراجعة المنفتحة لا يكونان بالقوة الكافية إلا بقدر ثقة موظفيك بنصيحتك؛ إذ تتمثل إحدى طرائق إنشاء تواصلٍ حقيقي في مشاركتك تجربة تعليمية قد خضتها مثلاً.

يقع معظم القادة في فخ الشعور بأنَّهم بحاجة دائماً إلى أن يكونوا على صواب؛ غير أنَّه في كثيرٍ من الأحيان، وفي البيئات المكتبية مع العديد من الأشخاص الأذكياء ذوي الخبرة، يكون من المستحيل تقريباً أن تكون على حقٍّ طوال الوقت، فيمكن أن تكون المشاركة بصدقٍ وواقعية، والاعتراف بالخطأ، أفضل طريقةٍ لتأسيس شعورٍ بالثقة وإنشاء ثقافةٍ منفتحةٍ يشعر فيها الموظفون بالقدرة على التحدث ومشاركة تحدياتهم الخاصة.

في شركة "ساب" (SAP)، أنشأنا أيضاً هيكلاً؛ إذ يمكن لجيل الألفية والأجيال الأكبر سناً التعلم من بعضهم بعضاً، وإنَّ إنشاء برامج المنتورينغ العكسي، يمكن أن يسمح بإجراء حوارٍ مشتركٍ عن المجالات التي تكون فيها مجموعةٌ أخرى هي الخبيرة بالموضوع، كما يمكن لهذه البرامج أن تؤسس علاقةً مريحةً أكثر وذات قيمٍ متبادلة، التي يمكن بنهاية المطاف أن تمكِّن الموظفين الأصغر سناً، وتغرس الشعور بالانتماء في مكان العمل.

إقرأ أيضاً: استراتيجية إدخال المواهب المرنة إلى الشركات

لا يجب الإيمان بالقوالب النمطية:

من السهل إلقاء اللوم في مسألة مغادرة العمل على الصورة النمطية لدوران القوى العاملة في الوظائف التي يشغلها جيل الألفية، لكنَّ القيام بذلك غير دقيق، ويخفي خلفه مشكلات القيادة الأوسع التي يمكن أن تصبح مكلفةً للغاية إذا تُرِكَت من دون حل؛ إذ يُعَدُّ إنشاء تواصلٍ منفتحٍ ومرئيٍّ وصادقٍ مناسباً لجيل الألفية، فضلاً عن أنَّه يُعَدُّ ذا قيمةٍ لجميع الموظفين.

الخيار واضح: يجب تغيير العمليات التي تنمِّي المواهب الشابة وإلا ستفقد بسرعةٍ قيمتها بالنسبة إليهم، وحان الوقت للتوقف عن التخلي عن الصور النمطية والاستثمار في المواهب التي ستحدد نجاحك في المستقبل.

المصدر




مقالات مرتبطة