استراتيجيات لتعزيز الإنتاجية في عصر تشتت الانتباه

حذَّر الناس من "عصر التَّشَتُّت" منذ أوائل عام 2010؛ لكنَّ الأمر لم يعد مجرَّد تحذير؛ فها نحن نشهده بلا شك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُقدِّم لنا فيه نصائح لتحسين الإنتاجية بناءً على تجربته الشخصية.

لقد أظهرت لنا بداية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين كم هو مرهقٌ تجنُّب عوامل التَّشتيت، ومن الطبيعي أن يشعر معظمنا بالإرهاق المزمن؛ فهناك كمٌّ هائل من المعلومات علينا استيعابُها، والعديد من الأمور التي يجب التَّكيُّف معها.

بالإضافة إلى ذلك فثمة مزيد من الغموض يحيطُ بالأمور المتعلقة بالاقتصاد والرعاية الصحية وتكاليف المعيشة المتزايدة؛ لذلك فلنتجنَّب التطرُّق إلى أمورٍ لا نستطيع السيطرة عليها، ونركز على الشخص الوحيد الذي تستطيع التحكم به؛ وهو أنت.

سأشارك في هذا المقال الطريقة التي اتَّبعتها لتعديل استراتيجية الإنتاجية الحالية الخاصة بي.

كي تستفيد من هذه الأفكار لتُطوِّر نفسك في عصر تشتت الانتباه:

1. تحديد أهداف واضحة:

العالم مليء بالغموض والتعقيد؛ ممَّا قد يُسَبِّب الشعور بالقلق، فإذا كنت تجهل كيف ستتصرف أو من أين ستبدأ ستجد نفسك عاجزاً في الغالب، توجد طريقتان للتعامل مع ذلك: تستطيع إمَّا أن تتخلى عن كلِّ شيءٍ وتعتزل الناس، أو أن تضع أهدافاً واضحةً وتعمل بجدٍ على تحقيقها، أمَّا أنا فقد اخترت الأخير، وأظن أنَّك ستقوم بالمثل.

كلَّما ازداد العالم غموضاً وتعقيداً، زادت حاجتنا إلى تحديد أهداف واضحة؛ إذ تساعد أهدافك على تبسيط الأمور من حولك والحدِّ من حالة الغموض السائدة، أمَّا عندما تنقصك الأهداف وترفض اعتزال الناس أيضاً سينتهي بك الأمر كسفينةٍ هائمةٍ في البحر تقودها أهواء المحيط، لكن عندما تُحدِّد وجهتك ستتقدم تبعاً لهدفٍ واضح.

نحتاج في عالمنا المعاصر إلى تعزيز التركيز على أهدافنا، واعتماد الوضوح عند وضعها، والعمل عليها دون توقُّع أيَّة نتائج، وسيدفعكَ هذا قُدماً بطريقة لم يُسبق لها مثيل.

شاهد بالفيديو: 4 مواقع وتطبيقات رائعة تساعدك على زيادة الإنتاجية

2. تفضيل الاستمرارية على النتائج:

عندما تضع أهدافاً قد تنساق خلف التفكير في النتائج التي تريد تحقيقها لنفسك؛ مثل أن ترغب في كسب المزيد من المال، والحصول على جسم أكثر رشاقةً، والسفر إلى أماكن جميلة، وعيش تجارب رائعة، وعندما نسعى جاهدين خلف نتائج مذهلة، فإنَّنا نُضَحِّي ببعض الأمور خلال ذلك؛ فعندما نسعى خلف المال غالباً ما نُحقق ذلك على حساب علاقاتنا أو صحتنا العقلية.

نظراً لأنَّ الحياة تزداد تنافسيةً، فإنَّ السَّعي خلف ذلك النوع من النتائج المنشودة أمرٌ مغرٍ؛ لكنَّ ملاحقة هذه الدوافع لن تقودنا إلى تحقيق أهدافنا، فبدلاً من الرغبة في حصد النتائج ركِّز على الاستمرارية؛ فعلى سبيل المثال أُفَضِّل نشر مقال قصير أسبوعياً بدلاً من نشر دليل مُفصَّل عن موضوع معين؛ لأنَّ ذلك أفضل - من وجهة نظري - فيما يخص معايير تحسين محركات البحث.

كما أُفضِّل رفع الأثقال أربع مرات في الأسبوع، والمشي كل يوم، بدلاً من رفع الأثقال يومياً وممارسة الجري عدة مرات في الأسبوع فيُصيبني الإرهاق بعد عدة أسابيع، فعندما تُضطر إلى الاستسلام؛ لأنَّك لم تعد قادراً على تحمُّل المزيد عقلياً أو جسدياً، تكون قد فشلت في تطبيق فكرة الاستمرارية بأسلوبٍ صحيحٍ.

عندما تركز على أن تكون منتجاً بصورةٍ منتظمة ستصل إلى مستوى إنتاجية يناسبك تماماً، وهذا يعتمد على خبرتك وقدرتك الطبيعية على تحمل عبء العمل، فيمكنني الآن مثلاً كتابة مقال في غضون ساعة؛ لكنَّ هذا الأمر كان يستغرق عدة أيام عندما بدأت الكتابة.

3. الحدُّ من استهلاك المحتوى:

أظنُّ أنَّني لم أتابع كثيراً من الأخبار قط كما فعلت في عام 2020 وبداية عام 2021؛ كان هناك كثير من الأحداث حول العالم سواء فيما يتعلق بجائحة كوفيد19 (COVID-19) أو اللقاحات أو السياسة أو الاقتصاد لدرجة أنَّك لا تستطيع أن تُبعد ناظريك عن وسائل الإعلام.

تستحوذ هذه الأمور على انتباهنا ببراعة ولاحظت أنَّ الأمر بدأ يؤثر سلباً في عقلي وإنتاجيتي؛ لذا قمت ببعض التعديلات، وعدت إلى عادتي الطبيعية المتمثلة بعدم الاهتمام بالأخبار اهتماماً مبالغاً به، وإذا كان هناك خبر هام سأسمع به من العائلة أو الأصدقاء، لكن ما زلت أتابع الأخبار المتعلقة بالاقتصاد والشركات التي أستثمر فيها من حينٍ إلى آخر؛ لكنَّني لا أقوم بذلك يومياً وأكتفي بمرةٍ أو مرتين في الأسبوع.

إنَّ هذا يوفر في الحقيقة ساعةً أو ساعتين من وقتك يومياً، وبدلاً من استهلاك المحتوى قم بنشاطٍ ما، وأظنُّ أنَّ الحديث عن قضاء المزيد من الوقت في الطبيعة قد يبدو مبتذلاً؛ لكنَّ الجميع يُدرك فائدة ذلك، وأُفضِّل شخصياً القيام بنشاطات غير مرهقة جسدياً؛ لكنَّها تُنشِّط العقل كالكتابة وتعلم اللغات والرسم والتصميم وأمور كهذه.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح تساعدك على تعزيز الإنتاجية بعيداً عن إدارة الوقت

4. الاستمتاع بما تقوم به:

بوجود العديد من الفرص في العالم لم تعد مضطراً إلى ممارسةِ عملٍ لا تحبه بشرط أن تبذل جهداً لتعلُّم مهارات جديدة والتكيف مع الوضع الاقتصادي سريع الخطى، فيزداد التعليم أهميةً كلما ازدادت الحياة من حولنا صعوبة، فعندما تُخصِّص وقتاً لتعلُّم أمور مفيدة تستمتع بالقيام بها حقاً، ستحصد فائدةً مضاعفة، وستقضي وقتك في القيام بعملٍ تستمتع به، وتستطيع الاستفادة منه في حياتك المهنية كذلك.

لكن ليس عليك بالضرورة تغيير مهنتك للاستمتاع بعملك أكثر؛ إذ يمكنك جعل مهنتك الحالية أكثر متعةً من خلال تغيير أسلوب عملك، بالنسبة إلي لقد فقدتُ الإحساس بمتعة العمل في وقت سابق من هذا العام؛ لأنَّ ما كنت أفعله لم يكن ممتعاً بالنسبة إلي، وكنت أهدر كثيراً من الوقت على أمور لا ضرورة لها، والاستمتاع ليس أمراً يمكنك التظاهر به؛ فعليك حقاً أن تحب ما تفعله، ويجب أن تعلم أنَّ معرفة ما تحب تستغرق وقتاً، فلا تتوقع أن تجد الإجابة حالما تبدأ التركيز على هذه الأمور.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن تعزيز الإنتاجية بمنح نفسك الأولوية؟

في الختام:

يُعدُّ وضع أهداف جديدة طريقةً رائعةً لتبدأ عملية التغيير. الأمر كله يتعلق بإحراز تقدم، واكتشاف الجوانب التي تستمتع بها في أثناء ذلك، وستتوضَّح الأمور عندما تمضي قُدماً؛ لكنَّ الأهم أن تبدأ أولاً.

المصدر




مقالات مرتبطة