استثمر الأشياء لتحقّق المزيد بالمجهود نفسه

قال أرخميدس: "أعطني رافعة طويلةً كفاية، ونقطة ارتكاز، وسأتمكّن من رفع الكرة الأرضية".

إنّ استخدامك للاستثمار في رفع جسم ثقيل هو أمر عائد إليك، فبإمكانك أن تُجرّب رفعه مباشرةً مُعرضاً نفسك لخطر الإصابة أو أن تستخدم "العتلة" كالرافعة أو لوح طويل من الخشب، لتخفف عنك الوزن وترفع الجّسم.

أيُّ الأسلوبين هو الأذكى؟ وهل كنت ستنجح لولا الاستثمار؟



قد تنجح فعلاً، لكن بوساطته سيكون بمقدورك رفع المزيد، والقيام بذلك بسهولة أكثر. لذا كم من الإنجاز الذي ستحققه إن استخدمت الاستثمار في حياتك الشخصية والمهنية؟ "الكثير طبعاً".

إذاً ما الذي سيفعله الاستثمار في حياتك على الصعيدين المهني والشخصي؟

الجواب هو أنّك بإضافة مفهوم الاستثمار إلى نجاحك المهني والعملي، وبالقليل من التفكير سيكون بإمكانك إنجاز أكثر بكثير ممّا قد تقوم به من دون الاستثمار، فقد تعمل جاهداً للغاية من دونه، لكنّ إنتاجك سيبقى مرهوناً فقط بالساعات التي تقضيها في العمل، ولكن بالاستثمار، لن تكون بهذا الصّدد، بل ستنجزُ أكثر بكثير مع مرور الوقت.

ملاحظة: لا نشير هنا إلى التحسُّن على المستوى المالي. فالتحسن المادي باستثمار "أموال الآخرين" في تنمية عملك، قد يكون استراتيجية تنمية ناجحة. لكنه ومع ذلك، خارج نطاق مقالتنا هذه.

اقرأ أيضاً: كيف تكون ناجحاً في حياتك؟ 8 نصائح ستجعل النجاح حليفك

الأشياء التي باستطاعتك استثمارها لتحقيق النّجاح:

كيف بإمكانك إضافة الاستثمار إلى حياتك المهنية؟ وكيف تستطيع تحقيق المزيد، مع التقليل من ساعات العمل؟

لكي تقوم بذلك، تحتاجُ إلى تعلُّم "استثمار" ما يلي:

  • الوقت (وقتك أنت ووقت الآخرين).
  • المصادر.
  • المعرفة والتعلم.
  • التكنولوجيا.

استثمار الوقت:

إنّ استثمار الوقت هو الاستراتيجية الأكثر جوهرية على طريق النجاح. فهناك عدد محدد من الساعات التي تعمل فيها خلال اليوم. فإن استخدمتها فقط، سيكون بإمكانك تحقيق الكثير. لكنّك إن استثمرت وقت الآخرين، تستطيع زيادة إنتاجيّتك فوق الحد الطبيعي.

استثمر وقتك الشخصي:

  • تدرّب على إدارة الوقت بفاعلية وإلغاء النشاطات غير الضرورية، وركّز مجهودك على الأشياء التي تهمُّك فعلاً.
  • إنّ تعلّم ترتيب أولوياتك جزء أساسي من هذا المحور، لذا ركّز طاقتك على الأنشطة التي تعطيك أكبر عائدٍ من الوقت المُستثمر.
  • استخدم وضع الأهداف للتفكير في الأشياء التي تهمُّك على المدى البعيد، واجعل هذه الأهداف واضحة، وحفّز نفسك من أجل تحقيقها.

استثمار وقت الآخرين:

  • تعلّم كيف تفوّض الأعمال للآخرين.
  • درّب الآخرين وفوّض إليهم المهام (من خلال بناء فرق العمل).
  • استعن بالخبراء والاستشاريين لتغطية جميع المهارات والفجوات المعرفية لديك.
  • استعن بخبراء من خارج الشركة للقيام بالمهام الغير أساسية بكفاءة أعلى.

واعلم أنّك ستُنفق الوقت والمال اللذان توظفهما لاستثمار أوقات الآخرين في مكانهما الصحيح، شريطة أن تقوم بالأشياء على نحوٍ صحيح أيضاً. وتذكّر أنّك على الرّغم من ذلك قد يتوجّب عليك أن "تدفع الثمن" وتستمر بدفعه، وذلك لكي تحصد فوائد الاستثمار على المدى البعيد.

نصيحة (1): إنّ التفويض هو مهارة هامّة للغاية، فإن لم تستطع القيام به بشكل فعّال، لن تتمكّن أبداً من زيادة إنتاجيّتك التي تستطيع الوصول إليها من خلال العمل. هذا يعني أنّك تعرقل مشوارك المهني، وفي الوقت الذي تكون فيه أنت محلَّ تقدير الجميع بسبب عملك الجاد، لن تستطيع أن تنجح.

من الأسباب التي تجعل التفويض هاماً هي أنّ إدارة بعض الأمور الثانوية ليست إلّا نقصاً، فإنك تنفق الكثير من الوقت في إدارة شؤون بعض الأشخاص وتحدُّ من الاستثمار الذي يمكنك الحصول عليه من خلالهم.

نصيحة (2): إن تعلمت استثمار هذه الأشياء، ستجدُ أنّ استخدامها يتطلّب منك بعض التكاليف الأوليّة. تماماً كاستثمار الوقت واستثمار الموارد، فسوف تحتاج إلى العثور على شخص مارس قبلك العمل الذي تحتاج القيام به الآن.

ومن الطبيعي أن تحفظ جمل كهذه "ليس لديّ الوقت لأدرّبهُ، يجب أن ينتهي العمل الثلاثاء القادم"، فما لم تقم باستثمارها، فإنّك ستقوقع نفسك في الطريقة القديمة للقيام بالأشياء، وهذا ما يجعلك تحقق فقط الأشياء العادية التي تستطيع القيام بها بمفردك.

اقرأ أيضاً: كيف تحقق النجاح في حياتك العملية والشخصية

استثمار الموارد:

تستطيع استثمار الأشياء من خلال العمل على الكثير ممّا هو لديك أصلاً، والحصول على أفضلية كاملة من خلال نقاط قوّتك أنت.

لديك نطاق واسع من المهارات والمواهب والأفكار والخطط، والتي يجب أن تُستخدم في أفضل مزيج معاً. فما هي المهارات المتعلقة بالعمل ونقاط القوة لديك التي لا يمتلكها الآخرون؟ وكيف باستطاعتك استخدامها لتحقيق أفضل النتائج؟ وكيف بإمكانك أن تحسّنها لكي تصبح جديرةً بالملاحظة؟ ما الأشياء التي هي متأصلة لديك وليست لدى الآخرين؟ وهل تستطيع استثمارها؟ هل لديك قدرةٌ على التواصل لا يمتلكها الآخرون؟ أو موارد ماليّة؟ أم لديك شيء ثمين آخر تستطيع استخدامه للحصول على نتائج أعظم؟

إنّ القيام بتحليل شخصيتك طريقة جيدة للتفكير في هذا الأمر، والتركيز على تحديد نقاط القوّة وما هو لديك أصلاً (ما تمتلكه أنت) والتوسُّع فيها إلى أن تُمنحك الفُرص التي تحتاجها. 

نصيحة: أثناء قيامك بذلك، فكّر كيف بإمكانك أن تساعد الآخرين من خلال نقاط قوّتك ومصادرك. وتذكّر أنّك عندما تتمكّن من دعم الآخرين فمن المحتمل أن تحصل على أشياء أكثر بالمقابل.

استثمار العلم والمعرفة:

استثمار آخر ذو أهمية كبيرة لتحقيق النجاح، وهو دمج التعليم والعمل، التعلُّم بالتجربة بطيءٌ ومؤلم. فإذا كان بمقدورك إيجاد طرق عملية أكثر للتعلُّم، فسوف تتقدُّم بسرعة أكبر. بل ليس هذا فحسب، فإن قُمت بدورات جيدة سيصبح لديك أساس متين من المعرفة، ولن يكون لديك فجواتٍ معرفية خطيرة. ولهذا السبب يحتاج الأشخاص الذين يعملون في مجال الحياة أو الموت إلى تدريب طويل وشامل (كالمهندسين المعماريين والطيارين والأطباء). وبعد هذا كله، لا أعتقد أنّك تودُّ إجراء عمليّة جراحية على يدِ جرّاحٍ غير مؤهّل!

القليلون منا فقط يعملون فوراً على المجالات الهامّة لديهم، من خلال تحديد احتياجاتهم المعرفية، ومن ثمّ اكتساب تلك المعرفة، فهذه الطريقة تمكّنك من تجنّب الكثير من سنوات البطء والتجارب المؤلمة والتعلم من الأخطاء.

سيكون من الخطأ أن يتعلّم أشخاص كثيرون في الشركة بطريقة التجربة والخطأً. فالطريقة المُثلى لاكتساب المعرفة بالنسبة للشركات، هي جعل القليل من الأشخاص يتعلّمون بطريقة ما ومن ثمّ جعلهم يعلّمون الآخرين.

مفاتيح الاستثمار الناجح للعلم والمعرفة هي:

  • أولاً: معرفة الشيء الذي تحتاج تعلُّمه.
  • ثانياً: معرفة المرحلة التي تحتاج الوصول إليها من خلال تعلُّمك لهذا الشيء.
  • ثالثاً: أن تكون مُركزاً للغاية وانتقائياً في خياراتك (أن تنتقي الأفضل دوماً).
  • رابعاً: أن تأخذ الوقت اللازم لاكتساب المؤهلات التي تحتاجها.

وحتى ذلك الحين لن يشكّل حصولك على المزيد من التعلُّم أو المعرفة ورقة ضغط عليك. فسوف تشكّل هذه المعارف مزاياك الخاصة عند تطبيقها مباشرةً على أهدافك المهنية وتطلُّعاتك، أي عندما تستخدمها بذكاء وبشكل عملي للقيام بشيء مفيد.

بتوظيفك لأشخاص جدد واستشارتهم واستعانتك بمصادر خارجية لأشخاص آخرين، سوف تستثمر علومهم ومعارفهم بالإضافة إلى مواردهم، وهذا سيجدي نفعاً فقط باختيارك للأشخاص المناسبين، لأنّ غير المناسبين منهم يجعلونك أبطء ويعيقون نجاحك فلا تسمح بحدوث ذلك.

استثمار التكنولوجيا:

إنّ الاستثمار التكنولوجي يتعلّق بالتفكير في طريقة عملك، ومن ثمّ استخدام التكنولوجيا في أتمتة أكبر قدر ممكن من هذه الأعمال.

إنّ أبسط شيء في الاستثمار التكنولوجي أنّ كلُّ ما يلزمك لكي تبقى على تواصل مع العمل وأنت في منزلك هو حاسوب محمول. لكنّ مساعداً شخصياً رقمياً بإمكانه مساعدتك على الحصول على نظام مناسب لإدارة الوقت ومزوّد بنسخة احتياطية. بالإضافة إلى الهواتف النقالة المزودة بالبريد الالكتروني ومتصفح الانترنت والتي تعدُّ أدوات يدوية تضبط وقتك بشكل صحيح أثناء ساعات العمل أو خلال السفر. وإذا كنت بطيئاً في الطباعة، يساعدك برنامج التعرّف على الأصوات في كتابة الوثائق وتوفير الوقت.

في مرحلة متطورة أكثر ستجد أنّ بمقدورك استخدام قواعد بيانات مكتبية مثل "Microsoft Access" لأتمتة الإجراءات البسيطة. إذا كنت تقوم بمعالجة الكثير من البيانات التقليدية (كالعمل على الكثير من المشاريع المتشابهة مثلاً) فسوف تجد أنّ هذه الأتمتة توفّر عليك قدراً كبيراً من الوقت. بل وأكثر من ذلك، ستحتاج فقط تنفيذ العملية مرة واحدة بوساطة هذه الأدوات، وتنفّذ العملية بعد ذلك بشكل تلقائي وبنفس الطريقة في كلّ مرة، حيث أنّه يمكن لأيّ شخص أن يبدأ بها. وهي كذلك تقلل من الحاجة للتدريب، أي أنّ أعضاء الفريق الجدُد سيكونون مُثمرين وسريعين أكثر، أي أنّك تستطيع توسيع نطاق عملياتك ونجاحاتك بشكل أسرع.

هناك خيارات واسعة من الحلول البرمجية للشركات والتي بإمكان بعضها أتمتة أو تبسيط المهام التي قد تستغرق وقتاً طويلاً. فيمكن لمعلومات معينة عن إدارة العلاقات مع العملاء أن تعود بفوائد هائلة لقسمَي المبيعات وخدمة الزبائن لديك. كما يمكن لأنظمة الجَرد (PoS) أن تكون بمثابة نقطة بيع بالنسبة للشركات التي تحتاج إلى متابعة مخزونها وإدارته. كذلك بإمكان المواقع وقوائم الشراء الالكترونية أن تسهّل على الزبائن الوصول إلى المنتجات حال صدورها، وتقديم طلبات الشراء ببساطة وسهولة. وتساعد المدوَّنات والجرائد الالكترونية النّاس على البقاء على تواصل مع آلاف الأشخاص بسرعة وسهولة.

جميع هذه الأشياء تستخدم التكنولوجيا لتوفّر لنا استثماراً كبيراً.

النقاط الرئيسة:

إنّ الاستثمار هو علم وفن تحقيق إنجاز أكبر في العمل وبنفس المجهود أو أقل، وأبسط شيء يقدمه الاستثمار لك، هو أنّه يحرّر وقتك لكي تركّز على الأشياء الأكثر أولوية. وعلى صعيد أكثر تطوراً، يساعدك على تحقيق أعلى مستوى من الإنتاج.

عندما توظّف الوقت والموارد لاستثمار التكنولوجيا، وبنفس الجودة التي تستثمر فيها الوقت والموارد والمعرفة (لك وللآخرين) فسيكون لديك الوصفةً التي ستحقق من خلالها نجاحاً غير مسبوق. استثمر ما لديك وما لدى الآخرين لصالحك أنت، وشاهد إلى أيِّ مدى سيأخذك هذا الاستثمار.

أضف هذه الأمور إلى حياتك:

  • حلّل شخصيتك: فتحليل الشخصية يساعد على إعطائك الأشياء التي تبرع فيها والأمور التي قد تُفيدك، ومن هنا سيكون بإمكانك البدء في بناء استراتيجية استثمار لتحقيق أعلى أداء وأعلى إنتاجية.
  • ابحث عن معلمٍ يفهم الاستثمار جيداً ويمارسه: تعلّم من خبراته/ها. فهذا مثالٌ واضح عن استخدام الاستثمار لتعلّم المزيد عن الاستثمار، ولهذا السبب فإنّ عامل التضاعف (تضاعف المعرفة) سيلعب دوره مجدداً.
  • اجعل تطلعاتك الشخصية أكبر: ألقِ نظرةً على أهدافك الحالية، واسأل نفسك إلى أين ستصل بها إن استخدمت الاستثمار بشكل ثابت. فقد تفوق أهدافك التي كانت قبل الاستثمار حالما تلتزم العمل بذكاء.
  • أحط نفسك بالأشخاص العُظماء: وهم أشخاص يمتلكون المهارات والمعرفة والخبرات التي لا تمتلكها أنت. ابحث عن الفرص لكي تحقق التعاون بين الأفراد، واستثمر مواهب كل فرد. فعندما تعملون معاً سيكون بإمكانك إنجاز ما هو أكثر بكثير ممّا قد تقوم به بمفردك.

المصدر: Leverage




مقالات مرتبطة