إيجابيات وسلبيات الذكاء الاصطناعي في الطب (المخاطر والفوائد)

أصبح الذكاء الاصطناعي في الطب شائعاً كسائر قطاعات الصناعة الأخرى فهو يساعد الممارسين الصحيين في تبسيط المهام وتحسين الكفاءة التشغيلية وتبسيط الإجراءات المعقدة. لذا تستثمر شركات الكبرى المزيد من التمويل في ابتكارات الطب القائمة على الذكاء الاصطناعي، لكن يبقى الأمر محفوف بالمخاطر باعتباره تقنية جديدة نسبياً.



ومع توسع اعتماد الذكاء الاصطناعي في مختلف أنحاء قطاع الطب، زادت أهمية الأسئلة حول مخاطر وفوائد من التقنية أكثر مما مضى.

إيجابيات الذكاء الاصطناعي في الطب:

يعود استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب بالكثير من الفوائد أبرزها توفير البيانات مباشرة وتوفير الوقت، فأتمتة المهام الشاقة تحرر جداول الأطباء وتسمح بمزيد من التواصل مع المرضى، كما أنَّ إمكانية الوصول إلى البيانات تساعد متخصصي الرعاية الصحية لاتخاذ الخطوات الصحيحة للوقاية من المرض. 

إيجابيات الذكاء الاصطناعي في الطب

كما تساعد البيانات في الوقت الحقيقي في التشخيص بشكل أفضل وأسرع، إضافة إلى تقليل الأخطاء الإدارية وتوفير الموارد الحيوية. تكمن تلك الفوائد كما يلي:

1. يعطي البيانات في الوقت الحقيقي:

يعتبر عامل الحصول على معلومات دقيقة في الوقت الحقيقي أهم العناصر في تشخيص المشكلات الطبية ومعالجتها. لكن باعتبار أن استخدام الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء والمهنيين الطبيين للاستفادة من البيانات المباشرة والدقيقة لتسريع عملية اتخاذ القرارات السريرية الهامة وتحسينها. لذا فقد يحقّق نتائج أكثر سرعة وواقعية بهدف تحسين الخطوات الوقائية وتوفير التكاليف وأوقات انتظار المرضى.

كما تساعد التحليلات على تحسين العلاقات بين الطبيب والمريض، حيث أن بيانات المريض الحيوية عبر الأجهزة المحمولة تسمح إشراك المرضى في علاجاتهم، إذ يمكن للتنبيهات عبر المحمول إبلاغ كل من الأطباء والممرضات بالتغييرات العاجلة في حالات المرضى وحالات الطوارئ.

2. تبسيط المهام:

لقد غيّر الذكاء الاصطناعي في الطب ممارسات الرعاية الصحية في كل مكان، بما يتضمن: جدولة المواعيد، وترجمة التفاصيل السريرية، وتتبع تاريخ المرضى. إذ يعمل الذكاء الاصطناعي على تمكين مرافق الرعاية الصحية من خلال تبسيط المهام الأصعب والأدق. فمثلاً تستطيع تقنية الأشعة الذكية تحديد العلامات المرئية المهمة، لتوفر ساعات من التحليل المكثف، كما توجد أنظمة آلية أخرى لأتمتة جدولة المواعيد وتتبّع المرضى وتوصيات الرعاية.

أحد أبرز تلك المهام المحددة هي مراجعة التأمين، إذ استخدم الذكاء الاصطناعي لتقليل التكاليف الناتجة عن رفض مطالبات التأمين. كما يستطيع مقدمي الخدمات الصحية تحديد ومعالجة المطالبات الخاطئة قبل أن ترفض شركات التأمين دفع ثمنها، كما يوفر على موظفي المستشفى الوقت الكافي للتعامل مع الرفض وإعادة تقديم المطالبة.

فمن خلال تمكين المدفوعات بسرعة وزيادة دقة المطالبات، تكون المستشفيات أكثر ثقة فيما يتعلق الأطر الزمنية للسداد، فتصبح أكثر استعداداً لقبول أكبر عدد ممكن من خطط التأمين.

كما يسمح للمستشفيات بقبول مجموعة واسعة من الخطط، فهذا يفيد المرضى المحتملين والحاليين.

3. توفير الوقت والموارد:

تساعد أتمتة العمليات الحيوية على توفير الوقت لدى المتخصصين الطبيين المزيد من الوقت لتقييم المرضى وتشخيص المرض. إذ يسرّع الذكاء الاصطناعي العمليات لتوفير ساعات إنتاجية ثمينة للمؤسسات الطبي، ممّا توفّر التكاليف الباهظة.

فكما تدلّ الّتقديرات يوجد 200 مليار دولار تقريباً سنوياً في مجال الطب نتيجة الضغوط الإدارية كحفظ الحسابات ومراجعتها وحلّها. يحدث ذلك نتيجة الحاجة إلى ساعات من مراجعة تاريخ المريض ومعلوماته لتقييم الضرورة الطبية بشكل صحيح.

إذ تستطيع خوارزميات معالجة اللغة الطبيعية NLP والتعلم العميق DL الجديدة تساعد الأطباء في مراجعة حالات المستشفى وتجنب الإنكار.

فمن خلال تحرير ساعات الإنتاجية والموارد الحيوية، يُخصَّص المزيد من الوقت للمهنيين الطبيين لمساعدة المرضى والتواصل معهم.

4. المساعدة في البحث:

يساعد الذكاء الاصطناعي الباحثين على جمع كميات كبيرة من البيانات من مختلف المصادر. فالقدرة على الاعتماد على هيئة معلومات غنية ومتنامية تسمح بإجراء تحليل أكثر فعالية للأمراض الفتاكة. كما تستفيد الأبحاث من مجموعة واسعة من المعلومات المتاحة، شرط أن تُترجَم بسهولة.

كما تعمل هيئات البحث الطبي كمختبر بيانات سرطان الأطفال على تطوير برامج مفيدة للممارسين الطبيين للتنقل بشكل أفضل بين مجموعات واسعة من البيانات. إضافة إلى ذلك، استُخدَم الذكاء الاصطناعي لتقييم الأعراض واكتشافها في وقت مبكر من تطور المرض.

إذ تُنفّذ حلول الرعاية الصحية عن بعد لتتبع تقدم المريض واستعادة بيانات التشخيص الحيوية والمساهمة بالمعلومات السكانية في الشبكات المشتركة.

5. يقلل من إجهاد الطبيب:

تشير بعض التقارير البحثية الحديثة أن أكثر من نصف الأطباء الأساسيين يشعرون بالتوتر بسبب ضغوط المواعيد النهائية وظروف مكان العمل الأخرى. إذ يساعد الذكاء الاصطناعي على تبسيط الإجراءات، وأتمتة الوظائف، ومشاركة البيانات وتنظيم العمليات مباشرة ممّا يساعد على تخفيف عبء القيام بعدّة مهام على المتخصصين الطبيين.

مخاطر الذكاء الاصطناعي في مجال الطب:

يعود الذكاء الاصطناعي في الطب بالكثير من الفوائد لكنه لا يخلو من المخاطر وتتجلى تلك المخاطر أبرزها:

مخاطر الذكاء الاصطناعي في مجال الطب

1. قد يسبب البطالة:

صحيح أن الذكاء الاصطناعي قد يساعد في خفض التكاليف وتقليل الضغط على الأطباء، لكنه قد يحد من بعض الوظائف. بالتالي ينتج عن ذلك نزوح المهنيين الذين استغرقوا الوقت والمال في دراسة الطب فينتج عن ذلك خلل بالمساواة.

لكن رغم أن الذكاء الاصطناعي يعد بتحسين عدة جوانب في مجال الرعاية الصحية والطب، لكن يجب النظر في التداعيات الاجتماعية لدمج هذه التكنولوجيا.

شاهد بالفيديو: وظائف لا يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بها

2. حدوث معلومات غير دقيقة:

يعتمد الذكاء الاصطناعي الطبي بشكل كبير على بيانات التشخيص المتوفرة من ملايين الحالات المفهرسة، أحياناً تكون البيانات قليلة حول أمراض ما، أو التركيبة السكانية، أو العوامل البيئية، فيكون التشخيص الخاطئ ممكناً تماماً، فيصبح هذا العامل مهم عند وصف دواء معين.

لكن مهما كان النظام، يوجد جزء من البيانات المفقودة، ففي الوصفات الطبية قد تكون بعض المعلومات المرتبطة ببعض المجموعات السكانية وردود أفعالها تجاه العلاجات غائبة. كما قد ينتج عن ذلك مشكلات في تشخيص وعلاج المرضى الذين ينتمون إلى فئات سكانية ما.

كما يتطوّر الذكاء الاصطناعي ويتحسَّن باستمرار لمراعاة فجوات البيانات، لكن من المهم معرفة أن بعض المجموعات السكانية لا زالت مستبعدة من المعرفة الحالية.

إقرأ أيضاً: ما هي الوظائف التي تندرج تحت الذكاء الاصطناعي؟

3. عرضة للمخاطر الأمنية:

يعتمد الذكاء الاصطناعي على شبكات البيانات عموماً، بالتّالي فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي معرضة للمخاطر الأمنية. فمع ظهور الذكاء الاصطناعي الهجومي، تستدعي الحاجة إلى تحسين الأمن السيبراني لضمان استدامة التكنولوجيا. فبحسب بيانات شركة Forrester Consulting فإن 88% من صناع القرار في صناعة الأمن مقتنعون بأن الذكاء الاصطناعي الهجومي يشكل تهديداً.

باعتبار أنَّ الذكاء الاصطناعي يستخدم البيانات لجعل الأنظمة أكثر ذكاءً ودقة، ستدمج الهجمات الإلكترونية مع الذكاء الاصطناعي لتصبح أكثر ذكاءً في كل نجاح وفشل.

مما يزيد من صعوبة التنبؤ بها ومنعها، فبمجرّد أن تتفوّق التّهديدات الضارة على الدفاعات الأمنية، ستصبح معالجة الهجمات أصعب.

4. قلق جمع البيانات:

أبرز مخاطر الذكاء الاصطناعي في الطب هو عدم إمكانية الوصول إلى البيانات المرتبطة، فهناك حاجة لمجموعات بيانات ضخمة لنماذج ML و DL لتصنيف مجموعة واسعة من الوظائف أو التنبؤ بها بشكل صحيح.

إذ تواجه أعمال الرعاية الصحية مشكلة كبيرة تتعلق بإمكانية الوصول إلى المعلومات، باعتبار أن سجلات المرضى تعتبر سرية، يوجد إحجام طبيعي بين المؤسسات عن تبادل البيانات الصحية.

5. مخاوف تطورات الخوارزميات:

تحدث النتائج المشوهة المحتملة نتيجة التحيزات في عمليات جمع البيانات المستخدمة لإرشاد تطوير النموذج، إذ يحدث نقص تمثيل الأقليات نتيجة التحيزات العنصرية في تطوير مجموعة البيانات إلى نتائج تنبؤ دون المستوى.

كما يمثل تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تحدياً جديداً بعد جمع البيانات من هذه المخاوف:

 التركيب الزائد:

عندما تكتشف الخوارزمية ارتباطات غير مهمة بين سمات المريض ونتائجه، يحدث ذلك عندما يكون هناك رجل تؤثر على النتائج، مما يجعل الخوارزمية تقدم تنبؤات غير دقيقة. مما يجعل الخوارزمية تعمل ضمن مجموعة بيانات التدريب بشكل جيد، ولكنها تقدم نتائج غير دقيقة عند توقع الأحداث المستقبلية.

تسرب البيانات:

تتضاءل قدرة الطريقة على التنبؤ بالحوادث التي تتجاوز مجموعة بيانات التدريب إذا حققت الخوارزمية دقة متوقعة عالية جداً، بسبب كون المتغير المشترك داخل مجموعة البيانات قد يشير بشكل غير صحيح إلى النتيجة.

كما يوجد حاجة إلى مجموعة بيانات جديدة لتأكيد النتائج التي تم التوصل إليها لإصلاح تلك المشكلة.

الصندوق الأسود:

تفتقر خوارزميات التعلم العميق للقدرة على تقديم تفسيرات مقنعة توقعاتها، فعندما تكون التوصيات خاطئة، لا يوجد وسيلة أمام النظام للدفاع عن نفسه قانونيًا. كما يصعب على العلماء فهم كيفية ارتباط البيانات بتوقعاتهم، وفقدان الناس الثقة في النظام الطبي تماماً.

كما أن غالبية الأطباء ليس لديهم معرفة كافية بأدوات التصوير التشخيصي بما فيها التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي المحوسب.

6. مخاوف أخلاقية:

تتجلى أبرز المخاوف الأخلاقية بخصوصية البيانات وقضايا الأمان، لذا يحتاج محاسبة شخص ما عند اتخاذ قرارات سيئة. تقوم هيئة الخدمات الصحية الوطنية بصياغة معايير لإظهار فعالية الحلول المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

إضافة إلى إجراء محادثة عامة حول تلك المعضلات الأخلاقية بهدف التوصل إلى معيار أخلاقي عالمي يفيد المرضى.

7. مخاوف التنفيذ السريري:

يعتبر الافتقار إلى البيانات التجريبية التي تؤكد فعالية الأدوية القائمة على الذكاء الاصطناعي في التجارب السريرية المخطط لها عقبة رئيسية أمام النشر الناجح. بالتالي نفتقر إلى معلومات حول كيفية تأثيره على النتائج النهائية للمرضى.

حتى الوقت الحال، غالبية أبحاث الذكاء الاصطناعي أجريت في مجال الرعاية الصحية في أماكن غير سريرية، لذا تعميم نتائج الأبحاث أمراً صعباً. كما أن الدراسات ذات الشواهد غير قادرة على إثبات فوائد الذكاء الاصطناعي في الطب.

بالتالي نظراً لغياب البيانات العملية والجودة غير المتكافئة للأبحاث، جعل الشركات مترددة ويصعب عليها تنفيذ الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي.

إقرأ أيضاً: اجتياح الذكاء الاصطناعي

8. الخوارزميات المتحيزة والتمييزية:

يحدث عن سوء التصميم أو إدخال بيانات غير صحيحة أو غير متوازنة في الخوارزميات، بالتالي توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. كما يشكّل الافتقار إلى التنوع بين فرق التّطوير مشكلة، بسبب تحيز اتهم الثقافية و مفاهيمهم الخاطئة تصبح جزءاً أساسي من نسيج التّطور التّكنولوجي.

بالتّالي تتعرّض الشركات ض لخطر خلق خدمات أو سلع تستبعد شرائح كبيرة من السكان.

عيوب الذكاء الاصطناعي في الطب:

صحيح أن الذكاء الاصطناعي قد قطع شوطاً طويلاً في عالم الطب لكنه لا زال مقيّد نوعاً ما بأشياء معينة فلا زال يحتاج المراقبة البشرية، ويستبعد المتغيرات الاجتماعية، ويواجه فجوات في المعلومات السكانية، عرضة للهجمات الإلكترونية المحسوبة. تتجلى تلك القيود كما يلي:

عيوب الذكاء الاصطناعي في الطب

1. يحتاج مراقبة بشرية:

لا زالت المراقبة البشرية ضرورية عند استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب، فمثلاً تعمل الروبوتات الجراحية بطريقة منطقية بدل من التعاطف. فقد يلاحظ الممارسون الصحيون ملاحظات سلوكية حيوية قد تساعد في تشخيص المضاعفات الطبية أو الوقاية منها.

كما أصبح التفاعل بين المتخصصين في الرعاية الصحية وخبراء التكنولوجيا يحتاج مدخلات ومراجعة بشرية لتحقيق أقصى فائدة ممكنة.

2. تجاهل المتغيرات الاجتماعية:

تمتد احتياجات المريض إلى ما شيء أبعد من الظروف البدنية المباشرة، كما تلعب العوامل الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية دوراً في التوصيات المناسبة لبعض المرضى. 

إذ يستطيع نظام الذكاء الاصطناعي تخصيص مريض إلى مركز رعاية محدد بالاعتماد على تشخيص ما. لكن قد لا ينظر ذلك النظام القيود الاقتصادية للمريض وغيرها من التفضيلات الشخصية.

كما قد تصبح الخصوصية مشكلة عند دمج نظام الذكاء الاصطناعي، إذ تتمتع العلامات التجارية Amazon بالحرية عندما يتعلق الأمر بجمع البيانات والاستفادة منها.

من ناحية أخرى، قد تواجه المستشفيات بعض النكسات عند محاولة توجيه البيانات من أجهزة Apple المحمولة، على سبيل المثال.  قد تحد هذه القيود التنظيمية والاجتماعية من قدرة الذكاء الاصطناعي على تسهيل الممارسات الطبية.

في الختام:

استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب قادر على تحسين أنظمة الرعاية الصحية على مختلف الأصعدة، لذا تشارك الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير في تطوير الذكاء الاصطناعي، مما يجعل التكنولوجيا أكثر قابلية للتطبيق وأكثر استنارة، كما تستمر مواجهة القيود والتحديات والتغلب عليها.

لكن رغم تلك القيود يعد بفوائد كثيرة على القطاع الطبي، سواء على المريض أو الطبيب، تتحسّن الحياة في كل مكان بفضل الذكاء الاصطناعي.




مقالات مرتبطة