إنتاجية هايكو: كيف تزيد القيود الزمنية من تركيزك وترفع إنتاجيتك؟

قبل عقد من الزمن كتبتُ عن إنتاجية "هايكو" (haiku) وكيف يمكن أن تجعلنا القيود أكثر إنتاجية وتركيزاً وقدرة بشكل أفضل على تحديد الأولويات والتبسيط.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب والمدوِّن "ليو بابوتا" (Leo Babauta)، والذي يُحدِّثُنا فيه عن قوة القيود الزمنية في جعل تركيزنا أعلى ورفع إنتاجيتنا وتحسين مجالات الحياة كافة.

تأتي الفكرة من شِعر "الهايكو"؛ حيث يقتصر الشاعر على ثلاثة أسطر؛ أي 17 مقطعاً لفظياً وعلى الرغم من أنَّ المقاطع تكون قصيرة جداً، إلَّا أنَّ الشعر يكون قوياً جداً، والسر هو أنَّ الشاعر يكون مجبراً على الاختيار والتبسيط وإيجاد جوهر الرسالة.

تُعَدُّ القيود أمراً قوياً للغاية؛ حيث إنَّها تفرض عليك نوعاً من الالتزام، وتفهم أنَّه بالنظر إلى وجود ضوابط تتحكم بعملك، إلَّا أنَّه يجب أن تولي كل عنصر من العناصر التي تمتلكها أهمية فائقة ولا يمكنك أن تضيع الكلمات.

كنت أنسى هذه الحكمة خلال سنين طويلة ولكنَّني أعود إليها من حين إلى آخر وأتذكَّر أنَّه عندما لا يكون لديك ضوابط، فإنَّك ستفعل ما يحلو لك، لكن عندما يُفرَض عليك نوع من القيود، فإنَّك ستكون أكثر حرصاً وتعطي مساحتك المحدودة تقديراً أكبر وستكتشف الأشياء الهامة بالنسبة إليك بتمعن أكبر، وهذا ينطبق على جميع جوانب الحياة:

الإنتاجية المحدودة بالوقت:

إذا كانت لديك قائمة طويلة من المهام التي يجب إنجازها وأسبوع بأكمله للقيام بها، فإنَّك لا تشعر بأنَّك على عجلة من أمرك، وغالباً ما تقضي وقتك في القيام بأشياء سهلة مثل الرد على رسائل البريد الإلكتروني أو تصفُّح الإنترنت واستعمال مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن عندما يكون لديك القليل من الوقت لتنجز خلاله مشروعاً على درجة كبيرة من الأهمية، فإنَّك تجد نفسك أكثر تركيزاً بشكل تلقائي.

شاهد بالفديو: كيف تتقن فن إدارة الوقت؟

وهذه بعض جوانب الحياة التي يمكن أن تجعلها القيود أفضل إذا عرفتَ كيف تستغلها:

1. التشتُّت بين الكثير من الخيارات:

عندما يكون لديك عدد أقل من الملابس، فإنَّك تختار بينها بسهولة ووعي، وينطبق هذا على كل شيء تمتلكه؛ فعندما تمتلك كمية أقل من أي شيء، فإنَّك تكون قادراً على اختيار الأشياء التي تحبها، والتي ترى ضرورة استعمالها.

2. المشاريع:

يميل معظمنا إلى قبول كل مشروع جديد يُطرَح علينا، ونرى أنفسنا غارقين في كومة من الأعمال، ولكنَّنا لا نؤدي أي عمل منها بطريقة جيدة، ولكن عندما نختار القيام بمشروع واحد أو مشروعين، فإنَّ تركيزنا يزداد وتقل التعقيدات ونؤدي عملاً رائعاً.

3. العلاقات:

بعض الأشخاص يحبون بناء علاقات جديدة باستمرار، ولا شك بأنَّ تكوين علاقات جديدة أمر لطيف، ولكن عندما ندرك أنَّ لدينا وقتاً محدوداً لبناء علاقات عميقة، يصبح ضرورياً أن نفكر في الأشخاص الذين نرغب في قضاء الوقت معهم والحفاظ على علاقاتنا.

إقرأ أيضاً: فن صناعة العلاقات المميزة !!!

4. الحياة:

الحياة محدودة وجميعنا نعلم هذه الحقيقة، ولكنَّنا نتصرف كما لو كانت حياتنا ستستمر إلى ما لا نهاية.

نهدر أيامنا على الأشياء التافهة ولا نُقدِّر قيمة كل لحظة كما يجب، ولا نستفيد من الفرص التي يمنحها لنا كل يوم جديد، والقائمة تطول أكثر من ذلك بكثير، ولكنَّ ما أريد أن أتحدث عنه هو القوة التي تمنحها لنا القيود في زيادة تركيزنا في العمل الهادف الذي نريد القيام به؛ سواءً كان العمل فنياً أم تجارياً أم جعل أعضاء فريق العمل يشعرون بالسعادة أم حتى العمل على شيء ذي معنى في حياتنا الشخصية.

5. القيود والتركيز:

خلال رحلة إلى "اليابان" (Japan) و"غوام" (Guam) كان وقتي بأكمله تقريباً مُكرساً للعائلة والأشياء الأخرى، وكان عليَّ فعلها؛ مما يعني أنَّ الوقت الذي تبقَّى لديَّ للعمل كان محدوداً للغاية ولم يكن لديَّ سوى أقل من ساعة للقيام بالعمل.

وكان تأثير هذا مُذهلاً في تركيزي؛ فلم أُهدر الكثير من الوقت في عوامل التشتيت، وعندما كنت أحتاج إلى كتابة شيء ما، كنت أفعل ذلك دون تأخير، كما كنتُ أعلم أنَّ وقتي كان محدوداً، وعلمتُ مدى أهمية استعمال هذا الوقت المحدود بحكمة، فعلى الرغم من أنَّنا نثور ضد القيود ولا نُحبها، إلَّا أنَّها تفيدنا.

قيِّد نفسك والتزم بتغيير عادة واحدة في كل مرة، وستكون أكثر تركيزاً وستنجح في ذلك، وقيِّد نفسك بمشروع واحد هام في كل مرة، وستكون أكثر تركيزاً، وعلى الأرجح ستؤدي عملك بطريقة رائعة، وقيِّد نفسك بمهمة واحدة في كل مرة، وستكون قادراً على استعمال طاقتك كاملةً لإنجازها؛ مهمة واحدة في كل مرة؛ حيث ستكون مقيداً بزمنٍ محدود للقيام بها وسيكون تركيزك في أعلى درجاته مع تقديرك لمدى أهمية الوقت المحدود الذي تملكه.

إقرأ أيضاً: 9 طرق لتحسين التركيز وزيادة الإنتاجية

في الختام، إليك طريقة يمكنك تجريبها:

اختر مهمة واحدة للقيام بها خلال الساعة التالية من وقتك، واجعل الموعد النهائي دقيقاً من خلال الالتزام بتسليم المهمة في الوقت المحدد، وأَعطِ موعداً آخر لشخص آخر بعد انتهاء هذه الساعة مباشرةً؛ وبهذه الطريقة لن تتمكن من تمديد الموعد النهائي.

والآن راقب ما يطرأ من تغييرات على تركيزك ولاحظ ما إذا كنت تضيع الكثير من الوقت أم لا ولاحظ إذا ما كنت تقدِّر الوقت الذي تملكه أكثر، فهذه هي قوة القيود وأودُّ أن تطبقها على بعض مجالات حياتك.

المصدر




مقالات مرتبطة