إرشادات مهمة للتخفيف من معاناة الغربة

إنّ الغربة أو الإنتقال من الوطن الأم للعيش في بلد آخر بغرض العمل أو الدراسة تعتبر تجربةً صعبة بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين لا يتحمّلون الظروف الصعبة التي تفرضها الغربة عليهم، كالعيش وحيدًا مثلًا والبعد عن الأهل والأصدقاء، وعن العائلة التي يشعر الإنسان ضمنها بالأمان والراحة النفسيّة، فيما يلي سنُسلّط الضوء على هذا الموضوع المهم، وسنُقدّم لك مجموعة من النصائح والإرشادات المهمة التي تساعد على التخفيف من معاناة الغربة.



تأثير الغربة على الإنسان:

قد يضطر الإنسان لعدة أسباب إلى الخروج من بلده والاغتراب في مكان آخر، وهذا له تأثير كبير على الإنسان، وهذه التأثيرات لها جانبين سلبي وإيجابي، فعلى الرغم من أن الغربة لها إيجابيات مثل التعرف على أناس جدد وثقافات جديدة بكل ما فيها من عادات وتقاليد، إلا أن للغربة تأثير سلبي أيضاً على الإنسان مثل تملك الإنسان شعور الضياع، إضافة إلى الاكتئاب، وقد يتطور الأمر إلى عدم الانسجام مع المحيط.

معاناة المغترب في الغربة:

توجد مصاعب عديدة تواجه المغترب في غربته، ومن أهم الصعوبات التي يمكن أن تقف في وجه المغترب هي:

  • صعوبة الاندماج مع المجتمع المحيط، مثل حاجز اللغة، وحاجز الثقافة، والعادات والتقاليد.
  • القلق والتوتر، والحنين للوطن والأهل.
  • الشعور بالضياع، وفقدان الهوية.
  • ضعف المناعة الجسدية، نتيجة تردي الحالة النفسية والتي تؤثر على الصحة.

أولًا: تعريف الغربة ومفهوم الإغتراب

الغربة هي البعد عن الوطن، وغالبًا تشير إلى المشاعر السلبية المرافقة للانقطاع عن الأهل والأجواء المعتادة، ويتغرّب الإنسان عادةً من أجل الدراسة أو كسب العيش والربح المادي الأفضل، أو قد يغترب بشكل قسري في حالات الحروب وانعدام الاستقرار الأمني والسياسي في بلدهِ الأم، وقد تكون الغربة قسرية إجبارية، كأهل فلسطين والشتات الفلسطني مثلًا.

أمّا المُغترب فهو ذلك الشخص الذي يُقيم بشكل مؤقت أو دائم في بلد غير بلده الأصلي، ويُشير الاستخدام الشائع لهذا المصطلح غالبًا إلى المهنيين والعمال المهرة، أو حصول الصنّاع المهرة على وظائف خارج وطنهم إمّا بشكل مستقل أو إرسالهم إلى الخارج من قبل أرباب أعمالهم الذين يمكن أن يكونوا شركات وجامعات وحكومات أو منظمات غير حكوميّة. وعادة مايكسب العمال والمهاجرون أكثر مما كانوا سيحصلون عليه في وطنهم وأكثر من الموظفين المحليين ومع ذلك فإنّ مصطلح المغترب يُستخدم أيضًا للمتقاعدين وغيرهم ممن اختاروا العيش خارج وطنهم الأصلي.  

ثانيًا: فوائد الغربة واضرارها

الغربة مثل أي شيئ في هذهِ الحياة لها العديد من الإيجابيات التي تعود على المغترب بالفائدة الشخصيّة، بالإضافة لبعض السلبيات، فمن إيجابيات الغربة أنها:

  1. تُساعد الإنسان على زيادة ثقتهِ بنفسهِ والإعتماد على ذاته فقط، دون انتظار المساعدة والعون من الأهل والمقربين.
  2. توسّع ثقافة الإنسان وقدرتهِ على التواصل مع مختلف الأفكار والعقول التي يُصادفها.
  3. تعلّم لغات جديدة تساعده على توسيع قدرتهِ في التواصل البناء مع الآخرين بسهولة ويُسر.
  4. تكوين قاعدة جديدة من الصداقات البعيدة عن وطنهِ ومجتمعهِ وطبقتهِ الثقافيّة.
  5. التطوّر الكبير الذي يُصيب الإنسان المغترب من الناحية الأكاديميّة، والوظيفيّة، والشخصيّة.
  6. تمنح الغربة الإنسان فرصةً مناسبة للعيش بنمط مختلف من أنماط الحياة.
  7. نقل ثقافة المغترب وتعاليم الدين إلى البلد الجديد.
  8. تحسين مستوى الإنسان المادي، والحصول على فرصة عمل مناسبة.
  9. زيادة العلاقة بين المجتمعات العالميّة المختلفة.

أمّا بالنسبة لسلبيات الغربة فهي:

  1. الشعور بالقلق وعدم الأمان بسبب البعد عن الوطن والأهل.
  2. الشعور بالوحدة في بداية شهور الغربة، والحاجة إلى العلاقات الإجتماعيّة.
  3. عدم القدرة على التأقلم مع ظروف البلد الجديد وقوانينهِ وتعليماتهِ.
  4. الشعور بضعف الثقة بالنفس وعدم القدرة على التأقلم في بداية سنوات الغربة.
  5. مصادفة الإنسان لبعض الشخصيات السيئة التي تزودهُ بأفكار سلبية عن الغربة.
  6. ضغط العمل، وافتقاد الإنسان للراحة.
  7. الخوف من الوضع الإقتصادي العام، وعدم توفر الأموال اللازمة للحياة اليوميّة.

ثالثًا: نصائح مهمة لتجنّب اكتئاب الغربة

يُعدّ اكتئاب الغربة أحد أكثر الأمراض النفسيّة التي يُعاني منها المغترب، والتي تعيقه عن التأقلم مع ظروف البلد الجديد، ومن بناء علاقات اجتماعيّة، والتأسيس لحياة عملية ومهنية جديدة، وتتلخص أعراض اكتئاب الغربة بـ:

  1. الشعور بالخوف والملل الدائم.
  2. عدم الرغبة في الاختلاط مع الآخرين وفتح أحاديث معهم.
  3. الشعور بالضياع والرغبة بالبكاء.
  4. عدم القدرة على النوم خلال الليل.
  5. فقدان الشهيّة لتناول الطعام، أو فرط الشهيّة.
  6. سيطرة الأفكار السوداوية السلبيّة على العقل.
  7. التفكير بترك الدراسة أو العمل والعودة إلى الوطن.
  8. الإصابة بأمراض متكررة بسبب تأثير الحالة النفسيّة على الجهاز المناعي.

ولكي يتخلّص الإنسان من اكتئاب الغربة، عليهِ أن يتقيّد بالنصائح التاليّة:

1- النوم الصحي، وتجنّب السهر:

لا شيئ من الممكن أن يُساهم في تراجع الحالة النفسيّة للإنسان وبشكل خاص خلال الأشهر الأولى من الغربة أكثر من قلّة النوم والسهر الطويل خلال الليل، وذلك لأنّ هذهِ العادة تنعكس سلبًا على صحة الدماغ والعقل وقدرته على العمل بشكلٍ سليم لتوليد الراحة وهرمون السعادة في الجسم، لها فإنّ الخبراء ينصحون الإنسان بتجنّب السهر خلال الغربة والنوم لمدة لا تقل عن 8 ساعات خلال الليل.

2- الاستيقاظ في الصباح الباكر:

إنّ شمس الصباح تساعد على زيادة تحريض الجسم لإنتاج هرمون السعادة الذي يبعث في نفس الإنسان مشاعر مليئة بالسرور والتفاؤل بعيدًا عن كلّ العوامل التي قد تصيبه بالإكتئاب والإحباط خلال سنوات الغربة، لهذا من الضروري أن يستيقظ الإنسان كل يوم مبكرًا وأن يقف على الشرفة لاستنشاق الهواء النظيف والاستمتاع بشمس الصباح.

إقرأ أيضاً: 7 إيجابيات كبيرة للاستيقاظ المبكر

3- ممارسة التمارين الرياضيّة:

تساعد الرياضة على تنشيط الدورة الدموية لسرعة وصول الأوكسجين إلى المخ والدماغ، وذلك لتحسين الحالة المزاجيّة العامة للإنسان، كما وتساعد على كسر الروتين الممل وتجديد النشاط والأمل داخل الإنسان، لهذا من الضروري أن يواظب الإنسان خلال فترة الإغتراب على ممارسة التمارين الرياضيّة اليوميّة ولمدة لا تقل عن النصف ساعة، ويُفضل ممارسة رياضة المشي في الطبيعة، أو الآيروبيك التي تساعد على إخراج الطاقة السلبيّة من الجسم.

4- تجنّب التدخين وشرب الكحول:

قد تدفع الغربة بالإنسان إلى تغيير نمط حياتهِ وتجربتهِ لبعض الأشياء الجديدة، كممارسة العادات الضّارة كالتدخين وشرب الكحول والمخدرات، وهذا ما يُساهمُ في تدمير حالتهِ النفسيّة وغرقهِ بنوبات حادة من الإكتئاب، ومن هنا ننصحك بأن تبتعد عن ممارسة مثل هذهِ العادات الضّارة، وعن التواجد في أي مكان يكثر فيهِ التدخين أو المشروبات الكحوليّة.

إقرأ أيضاً: الكحول وآثارها السلبيّة على صحة الفرد والمجتمع

5- تعزيز العلاقات الإجتماعيّة:

ليتجنّب المغترب الإصابة بكافة الأمراض النفسيّة بما فيها الإكتئاب النفسي، عليه أن يحاول اغتنام علاقات العمل وتطويرها لتتحول لعلاقات شخصيّة خارج العمل، وذلك لكي يُعزز من صداقاتهِ وعلاقاتهِ الاجتماعيّة، كما ويُمكنه أن يتعرّف على أصدقاء جدد عن طريق التسجيبل مثلًا في الأندية الرياضيّة، وحضور المناسبات الاجتماعيّة والندوات الثقافيّة.

6- الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي:

بالرغم من فوائد وسائل التواصل الاجتماعي، إلّا أنّ المبالغة في استخدامها والإنفصال عن الواقع الحقيق يؤدي إلى تدهور الحالة النفسيّة للمغترب، وازدياد شعورهِ بالغربة والإنعزال، لهذا عليك أن تكون معتدلًا في تصفح الإنترنت، وأن توجه اهتمامك للتفاعل مع العالم الواقعي لتكسب المزيد من الأصدقاء وتطوّر علاقاتك الاجتماعيّة.

إقرأ أيضاً: إيجابيات وسلبيات مواقع التواصل الاجتماعي

7- لا تنسى هواياتك:

يجب على الإنسان خلال سنوات الإغتراب أن يهتم بممارسة هواياتهِ الجميلة التي طالما ساعدته على تنيمة شخصيتهِ وصقلها، وطالما أبعدت عنه الروتين والشعور بالملل والإكتئاب.

رابعًا: نصائح وإرشادات للتخفيف من معاناة الغربة

1- التخطيط الجيّد:

من الضروري أن يحرص الإنسان المغترب على التخطيط للحياة اليوميّة التي سيعيشها في البلد الجديد، وأن يُحدّد طبيعة الأعمال اليوميّة الروتينيّة التي سيقوم بها، وذلك لأنّ الدراسات العلميّة أكدّت بأنّ العمل ضمن مخطط ونظام واضح يُقلل من شعور الإنسان بصعوبة الإغتراب ويُخفف من العشوائيّة.

إقرأ أيضاً: تعرّف على أهمية التخطيط في الحياة العملية

2- التخطيط للحالات الطارئة:

يشعر المغترب بالضيق والخوف أثناء التواجد في البلد الغريب لجهلهِ ببعض الأمور الضروريّة في البيئة الجديدة التي يعيش فيها، لهذا من الضروري أن يُخطّط للحالات الطارئة التي قد تحدث معه، وذلك لكي يشعر بارتياح نفسي عام، كالتعرف مثلًا على أماكن المستشفيات القريبة منه، عيادات الأطباء الموجودين في المدينة، ورقم الإسعاف والطوارئ.

3- الاستفادة من تجارب الآخرين:

قبل السفر إلى البلد الجديد، أو حتّى بعد الوصول إلى البلد الجديد بأيّام قليلة، يجب على المغترب أن يستشير أصحاب الخبرة والأشخاص الذين عانوا من الإغتراب قبلهُ بسنواتٍ عديدة، وذلك لكي يستفيد من خبراتهم، ومن كل التجارب التي مروا بها، كما ويُمكنهُ أن يقرأ بعض القصص التي تتحدث عن مغامرات المغتربين والإستفادة من كل الإرشادات الواردة فيها.

4- اختيار سكن وشريك سكن مناسب:

إنّ السكن هو وطن الإنسان في الغربة، لهذا يجب أن يختار الإنسان منزل مريح ونظيف، يُؤمّن له الراحة والأمان، بالإضافة لاختيار شريك سكن مناسب، ويتميّز بصفات جيّدة مثل:

  1. أن يكون نظيفًا، مهتمًا بنظافة المنزل بشكلٍ عام.
  2. الإلتزام بصفة الصدق والأمانة والإخلاق.
  3. التقارب في المستوى الإجتماعي والثقافي.
  4. وجود اهتمامات مشتركة كالرياضة، القراءة، ومشاهدة الأفلام.
  5. الكرم، وعدم البخل والإستغلال.
  6. الإلتزام بقواعد الشراكة في السكن.

5- ضبط المصروف والأمور المادية:

من المهم أن يُرتّب المغترب أموره الماديّة، وأن يضع بعض البنود من أجل الحفاظ على نقودهِ، والتصرّف بذكاء حيال هذا الموضوع لتجنّب الهدر، كأن يُقسّم الراتب الشهري إلى قسمين قسم يضعهُ في الحساب البنكي، وقسم لتغطية المصاريف الشهرية.

إقرأ أيضاً: نصائح مهمة تساعدك على توفير أموالك بعيدًا عن الإسراف

6- أجر الصبر على الغربة:

يجب على الإنسان خلال سنوات الغربة أن يتحلّى بصفة الصبر، هذهِ الصفة التي تُساعده على تخطّي كلّ مشاكل الغربة وصعوباتها، مع التذكّر دائمًا بأن أي مشكلة تمرّ في الغربة هي مشكلة مؤقتة سرعان ما ستنتهي في حال التمسّك بالصبر والقوة والإرادة.

7- العمل بإخلاص:

يجب على المغترب أن يُراعي ضميره في عملهِ كي يكسب ثقة صاحب العمل، وكل الأشخاص والمشرفين الذين يتعاملون معه، وكلّما كان الإنسان صادقًا في عمله كلّما نجح في تخطي مشاكل الغربة وتحقيق النجاح والتألق والسعادة.

8- التواصل اليومي مع الأهل في الوطن:

ليُخفف الإنسان من شعورهِ بصعوبة الغربة ومشقاتها، يجب عليهِ أن يواظب على الإتصال مع أسرتهِ وأصدقائهِ في الوطن، وذلك عن طريق الصوت والصورة، وذلك لأنّ هذه العادة تساهم في قتل إحساس الغربة والوحدة.

9- التعرّف على البلد الجديد:

يجب على المغترب أن يتعرّف جيدًا على البلد الجديد الذي يعيش فيهِ والإطلاع على الأماكن السياحيّة الموجودة فيهِ، بالإضافة للإطلاع على ثقافتهِ وإتقان اللغة المستخدمة فيهِ، وذلك لكي يندمج مع المجتمع الجديد ومع طقوسه وعاداته، وليشعر بأنّهُ أصبح جزء من هذا المجتمع وليس غريبًا عنه.

10- التخلّص من الخجل:

من الطبيعي أن يشعر المغترب بشيئ من الخجل والإرتباك خلال الفترة الأولى من السفر إلى البلد الجديد، ولكن من غير الطبيعي أن يسيطر هذا الخجل عليهِ ويمنعهُ من العيش بطريقةٍ طبيعية كغيرهِ من المواطنين والسكان، لهذا يجب على المغترب أن يتحرر منة خجلهِ، وأن يسعى وبشكلٍ دائم للتواجد في الحدائق العامة، والتسوق من الأماكن والمراكز التجاريّة التي ستجعلهُ أكثر انفتاحًا.

إقرأ أيضاً: كيف تقوّي شخصيتك وتتخلّص من الخجل

11- تعلّم القيادة:

من الأفضل أن يتعلّم المغترب القيادة وقوانين السير الخاصة بالبلد الجديد الذي يُقيم فيهِ، ومن الضروري أيضًا أن يوفّر النقود التي ستسمح لهُ بشراء سيارة صغيرة بدلًا من استخدام المواصلات العامة، وذلك لأنّ هذا سيُساعده في التعرّف على طرقات البلد والإندماج فيها اكثر.

وأخيرًا نتمنى عزيزي أن تكون قد استفدت من كل المعلومات المهمة التي وردت في هذهِ المقالة.

المصادر:




مقالات مرتبطة