أيهما أفضل الاستقالة أم إنهاء الخدمة؟
لا يتسنى لنا دائماً اختيار طريقة تركنا للوظيفة، ولكن عندما ترى مؤشرات سلبية في شركتك، فعليك مراجعة خياراتك. ربما تكون قد وصلَتك معلومات عن مديونية الشركة، أو سمعتَ عن مستجدات غير مُبشِّرة في اجتماعات الشركة، أو علمتَ أنَّ التسريح أصبح وشيكاً، أو ربما تكون قد وصلتَ إلى نقطة اللاعودة مع رئيسك في العمل وأصبحتَ مستعداً للعمل في مكان آخر. أنت الآن على مفترق طرق، فهل تستقيل بشروطك الخاصة؟ أم تنتظر لترى ما إذا كان رب العمل سيسرحك أم يطردك؟
للخيارين كليهما عواقب وخيمة، فطريقة تركك للوظيفة، أو طريقة إنهاء عقد عملك، قد يكون لهما آثار مضاعفة في سمعتك المهنية والمزايا المالية المستقبلية؛ لذا إليك ما تحتاج إلى أخذه في الحسبان عندما تقرر ترك العمل بمشيئتك أو تنتظر طردك من العمل.
إيجابيَّات الاستقالة من العمل:
1. تُجنِّبك الاستقالة مرارة خسارة الوظيفة فجأة:
إحدى الميزات الكبيرة للاستقالة هي أنَّك تتحكم بمسألة ترك الوظيفة بدلاً من انتظار مصيرك المحتوم؛ حيث يقول "فيكتوريو ميليان" (Victorio Milian) مستشار الموارد البشرية في شركة "هوماريسو" (Humareso) إنَّه يجد من خلال خبرته التي تزيد عن 15 عاماً أنَّ إنهاء الخدمة يثير المشاعر أكثر من الاستقالة.
يقول "ميليان": "حتى عندما تكون علاقتك غير طيبة مع رب العمل، وحتى لو كنتَ تعلم أنَّ كل العقوبات التأديبية موجَّهة ضدك، وعلى الرغم من أنَّهم حذَّروك أنَّ ارتكاب أي خطأ إضافي سيؤدي إلى إنهاء خدمتك، فإنَّك لن تنجو من الصدمة العاطفية في حال طردك من الخدمة، وحسب رأيي، يمكنك تجنُّب ذلك بأخذ زمام المبادرة واختيار الطريقة التي ستترك بها عملك"، وإذا كنتَ تكره وظيفتك، فقد تشعر بارتياح كونك ستترك وراءك رؤساء وزملاء عمل بغيضين، ولن تعاني إلى أمد غير محدد.
شاهد بالفديو: 5 نصائح قبل تقديم الاستقالة
2. إذا استقلتَ بإرادتك، فلن تعاني من خطر تشويه السمعة الذي يترافق مع الطرد من العمل:
يتفهَّم أرباب العمل عموماً مسألة خسارتك لوظيفتك بسبب التسريح، خاصةً في ظل الجائحة، لكنَّ طردك من العمل بسبب الأداء قد يُلطِّخ سمعتك ويضطرك إلى تبرير ذلك في مقابلات التوظيف مع محاورين غير متعاطفين.
يقول "ميليان": "هناك تحيُّز متأصل من جانب معظم مديري التوظيف عندما يصادفون مرشحاً مطروداً من منصب سابق"، وأشار إلى أنَّه اعتماداً على المنصب والبلد، قد يكتشف أرباب العمل المستقبليون سبب طردك من خلال الرجوع إلى معارفك والتواصل مع ربِّ العمل السابق وطرح أسئلة عليه من قبيل: "هل كان هذا الموظف حسن السلوك؟ وهل كان هناك أي إجراءات تأديبية في الأشهر الماضية؟".
بالطبع، لا يعني طردك من العمل دائماً أنَّ لدى أرباب العمل فرصة للتشهير بك؛ حيث يقول محامي العمل والتوظيف "ريان ستيغر" (Ryan Stygar) في "كاليفورنيا" (California): يمكن التفاوض على الرجوع إلى أشخاص محايدين في اتفاقيات إنهاء الخدمة أو في اتفاقيات التسوية بخصوص ادعاءات الإنهاء الجائر؛ مما يضمن عدم قدرة رب العمل على التحدث عنك سلباً.
سلبيَّات الاستقالة من العمل:
1. قد تؤدي الاستقالة إلى صعوبة الحصول على إعانات البطالة وتعويضات نهاية الخدمة:
سيكون الحصول على إعانات البطالة أصعب عموماً إذا تركتَ الوظيفة بمحض إرادتك مقارنةً بطردك، يقول "ستيغر": "إذا كنتَ عاطلاً عن العمل لأنَّك اخترتَ الاستقالة، فأنت تواجه مهمة شاقة؛ إذاً، إحدى سلبيَّات الاستقالة هي أنَّ الفترة التي تقضيها دون عمل ستكون أصعب"، وعلى الرغم من أنَّه أشار إلى حالات يمكن فيها الحصول على المزايا بعد الاستقالة، مثل الحالة التي يُجبَر فيها الموظف على تحمُّل ظروف عمل غير آمنة، فإنَّه استأنف: "يكفي أن تعلم أنَّ الأمر أصعب".
تُحدِّد كل دولة الأسباب الموجبة للاستمرار في تلقِّي إعانات البطالة، ولكنَّها تتضمن عموماً تقديم أسباب شخصية مقنعة، مثل الحاجة إلى رعاية فرد مريض من الأسرة أو الهروب من العنف المنزلي، أو إذا تخلَّف رب العمل عن دفع الراتب في الموعد المحدد.
تنبيه: قبل أن تنتظر حتى إنهاء خدمتك، عليك حساب المبلغ الذي ستحصل عليه من تعويضات نهاية الخدمة وإعانات البطالة، لترى ما إذا كان إنهاء الخدمة بدلاً من الاستقالة يستحق انتظارك.
ما لم ينص عقد الموظف على تعويض نهاية الخدمة، فعادةً لا توجد ضمانة للحصول عليه، ففي استطلاع في عام 2019، اشتمل على أكثر من 1500 متخصص في الموارد البشرية من الولايات المتحدة وخارجها، أفاد 44% أنَّ جميع الموظفين حصلوا على تعويض نهاية الخدمة بعد الفصل غير الطوعي، لكنَّ معظمهم قالوا إنَّ المبلغ يعتمد على مدة عمل الموظف وراتبه.
لا تُقدِّم بعض المهن تعويض نهاية الخدمة على الإطلاق، يعمل "ميليان" مع أناس في التدريس والعلاج، وأشار إلى أنَّه من النادر جداً أن يتلقى المتخصصون في هذه المجالات تعويض نهاية الخدمة؛ حيث قال: "لا يستفيدون مالياً سواء من التسريح أم الاستقالة".
2. تجعل الاستقالة متابعة الإجراءات القانونية أمراً صعباً لاحقاً:
أشار "ستيغر" إلى أنَّه إذا كنتَ ترغب في رفع دعوى إنهاء خدمة جائر على رب العمل، فسوف يكون من الصعب جداً القيام بذلك إذا استقلتَ بملء إرادتك، ويقول: "إذا تركتَ العمل بمشيئتك، في الكثير من الحالات، فإنَّك تخسر مستحقاتك؛ إذ لا يمكنك رفع دعوى إنهاء خدمة إذا لم يكن هناك إنهاء خدمة أصلاً".
تدرك معظم الولايات أنَّ الموظفين قد يضطرون إلى الاستقالة بسبب ظروف العمل التي لا تطاق، مثل المضايقة والتمييز، بناءً على ما يُعرَف قانوناً باسم "التسريح البنَّاء"، وأشار "ستيغر" إلى أنَّ "التسريح البنَّاء" يسمح لك بتقديم دعوى إنهاء خدمة جائر أو تمييز أو مضايقة، ولكن من الصعب جداً إثبات ذلك، يقول ستيغر: "إذا استطعتَ الصمود وطلب المساعدة عندما تحتاج إليها وطُرِدتَ من عملك، فسوف تكون دعوى إنهاء الخدمة الجائر أكثر حظاً في النجاح".
في الختام:
يجب أن يكون اختيارك لطريقة ترك عملك مدروساً بعناية، بصرف النظر عما تفضِّله، يقول "ستيغر" الذي يوصي بالتشاور مع أحد محامي التوظيف إذا كان لديك أسئلة عن تعويض نهاية الخدمة وإعانة البطالة: "إذا كان عليك الاختيار بين الاستقالة والطرد، فعليك التفكير ملياً بفوائد إنهاء الخدمة التي لا تحصل عليها في حالة الاستقالة، وبالتأكيد لا تتسرع في الاستقالة فقط لحفظ ماء الوجه؛ بل فكِّر فيما تفعله، فهذا قرار عمل".
يختلف "ميليان" مع وجهة النظر هذه؛ إذ يقول إذا كان لديك الخيار، فهو يعتقد أنَّ تركك العمل بإرادتك هو الأفضل حتى تتمكن من إدارة حياتك المهنية بنفسك، لكنَّه ينصح: "بصرف النظر عن السيناريو، كن أنت المبادِر ولا تبنِ قراراتك على قرارات الآخرين، فإن احترتَ بين إنهاء الخدمة والاستقالة، فعليك دراسة إيجابيَّات وسلبيَّات كلٍّ منهما في ضوء الظروف التي تمرُّ بها، والنتيجة ستحدِّد أفضل إجراء تتخذه".