أهمية تدريب وتطوير الموظفين من حيث الاحتفاظ بهم

لسنوات عدة، كانت واحدة من المشكلات الواضحة لتدريب الموظفين وتطويرهم، أنَّه لم يكن لدى المديرين الوقت الكافي للقيام بذلك. ليس الأمر أنَّ المديرين لا يريدون للموظفين أن يتعلَّموا، إنَّ الأمر أنَّهم دائماً مُثقلون بأعباء، ومشغولون بالتحديات اليومية الضاغطة المتمثِّلة بالإشراف على فِرقهم وإنهاء قائمة المهام.



ملاحظة: هذه المقالة مأخوذة عن المدوِّن "جون هولون" (John Hollon)، ويُحدِّثُنا فيها عن أهمية التركيز على تطوير الموظفين للاحتفاظ بهم.

ينطبق هذا على الحال اليوم كما كان ينطبق قبل الجائحة؛ هذا لأنَّ "تقرير القوى العاملة" (Workforce Learning Report) لموقع "لينكد إن" (LinkedIn) وجدت أنَّ 93% من الموظفين قالوا إنَّهم سيعملون مع رب العمل لفترة أطول إذا أخذت الشركة الوقت الكافي لاستثمار حياتهم المهنية؛ والتي وصفتها مجلة "فوربس" (Forbes) بإيجاز على النحو الآتي: "سيخسر رب العمل الذي لا يركِّز على تدريب موظفيه أداءهم ومشاركتهم، ومن ثمَّ لن يتمكَّن من الاحتفاظ بهم".

لقد كان الاحتفاظ بالموظفين طوال مسيرتي المهنية أمراً هاماً دائماً، لكنَّني عملتُ في عدد من الشركات التي تحدثت عن ذلك، ولكن بعدها اتخذت إجراءات بدت متناقضة مع ما أعلنته؛ بعبارة أخرى، أعربوا عن تقديرهم لمفهوم الاحتفاظ بالموظفين؛ وذلك لأنَّهم شعروا أنَّه من الصعب للغاية الاحتفاظ بالموظفين، ومن الأسهل توظيف أشخاص جدد بدلاً من ذلك.

لماذا يُعَدُّ الاحتفاظ بالموظفين أمراً صعباً للغاية؟

مع أنَّ هذا يبدو سيئاً، فإنَّه كان يسير عموماً في العديد من المؤسسات؛ لأنَّه يبدو دائماً أنَّ هناك الكثير من المرشحين للوظائف أكثر من الوظائف الفعلية، ولكن اليوم في أعقاب الجائحة العالمية والحجر الصحي، يبدو الاحتفاظ بالموظفين أفضل بكثير لمعظم المؤسسات؛ لأنَّ تعيين وتوظيف موظفين جدد أصبح أمراً صعباً للغاية.

أين تكمن صعوبة الأمر؟ أوضح أربعة شركاء في "مجموعة استشارات بوسطن" (Boston Consulting Group)، في مقال نشرته مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review)، الأمر على النحو التالي: "تحدي (الاحتفاظ بالموظفين) خطير للغاية، أخبرنا بعض عملائنا أنَّهم يشهدون تناقصاً بنسبة 30% في فئات وظيفية معينة؛ إذ أخبرنا بعض العملاء الصناعيين أنَّ بعض مصانعهم لديها معدَّل دوران عمالة يزيد عن 100% منذ شهر آذار/ مارس من عام 2020.

في قطاعات أخرى، لا سيما التكنولوجيا وعلم البيانات، يصف أرباب العمل معدَّل دوران العمالة والتخبط بأنَّه "ثابت"؛ إذ توجد دائماً وظائف شاغرة؛ كما تُظهر بيانات من "بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس (Data from the Federal Reserve Bank of St. Louis) زيادات ثابتة وكبرى في "الاستقالات" الطوعية في أثناء الجائحة في مجموعة واسعة من القطاعات.

من غير المحتمل أن تهدأ الاضطرابات الحالية في سوق العمل في أي وقت قريب، وإنَّ 57% من الذين استُطلعت آراؤهم في أحدث استطلاع أجريناه من بين أكثر من 10000 من العاملين في مجال المعرفة في جميع أنحاء العالم، التي أجريت بالشراكة مع شركة "فيوتشر فوروم" (Future Forum)، قالوا إنَّهم سيفكِّرون في تولِّي وظيفة جديدة في العام المقبل".

يرى الشركاء في "مجموعة بوسطن الاستشارية" الأمر على النحو التالي: "يحتاج أرباب العمل إلى إدراك أنَّ توظيف شخص ما يستغرق وقتاً أطول بكثير ممَّا يستغرقه تقديم إشعار لمدة أسبوعين والمغادرة. الحل إذن، هو تعزيز الاحتفاظ بالموظفين الجدد فور توظيفهم. وللقيام بذلك، تحتاج الشركات إلى التواصل مع الموظفين من خلال إعادة تصوُّر معنى أن تكون جزءاً من مؤسستهم".

لستُ متأكداً من كيفية تعريف هؤلاء المستشارين "لإعادة التصور"، لكن بالنسبة إليَّ، إنَّها مجرد طريقة أخرى لقول ذلك للحفاظ على الأشخاص الجيدين الذين تحتاج إلى استثمارهم والعناية بهم من خلال مساعدتهم في بناء حياتهم المهنية.

شاهد بالفيديو: أهداف التدريب

إلى أي مدى يجب التركيز على تطوير الموظفين؟

لن يكون هذا سهلاً للعديد من المؤسسات؛ ويرجع ذلك أساساً إلى أنَّ تعيين أشخاص جدد يبدو أنَّه يحظى بالأولوية دائماً مقارنةً بالاحتفاظ، على الأقل خلال الثلاثين عاماً الماضية أو نحو ذلك. فجأة سيكون التركيز على الاحتفاظ بالأشخاص تحدياً لجميع تلك الشركات التي قضت الكثير من الوقت والجهد والموارد في توظيف أشخاص جدد بدلاً من ذلك.

تؤكِّد أحدث النتائج التي طرحتها شركة "فيول فيفتي" (Fuel50) على حاجة المنظمات لبذل المزيد من الجهد في الاحتفاظ بالموظفين، قائلين: "يتطلَّع الناس بنشاط إلى النمو والتطور، ويبحثون عن فرص للمضي قدماً في حياتهم المهنية، تحتاج المنظمات إلى تقوية قادتها ليكونوا مستعدين وراغبين وقادرين على دعم تعلُّم الموظفين وتطويرهم؛ وكلما زاد شعور الأشخاص بالدعم في أهدافهم الفردية، زادت مشاركتهم، وشعروا أنَّ المنظمة تبذل كل ما في وسعها لتزويدهم بتجارب للتطور، والمساعدة في بناء حياتهم المهنية، وفي النهاية إبقائهم في المنصب".

لذا، كيف يساعدون الناس على التطوُّر وخلق وظائف أفضل وإبقائهم في الشركة؟ هناك أربعة أشياء يجب على المديرين القيام بها - أي السلوكات التي يحتاجون إلى إظهارها - لدعم تطوير الموظفين:

إقرأ أيضاً: 9 عناصر تجعل برامج تدريب الموظفين ناجحة للغاية

1. إنشاء ثقافة تعلُّم:

  • كن مثالاً يُحتذى به ويُنظر إليه على أنَّه يُطوِّر نفسه، وهذا ما يقوم به واحد من كل ثلاثة قادة.
  • شجِّع الحركة الداخلية. 41% من القادة يفعلون هذا حالياً.
  • اضمن انعكاس رؤية الشركة وأولوياتها الاستراتيجية ودمجها الفرص المتاحة للموظفين؛ إذ فقط 43% من القادة يفعلون ذلك حالياً.

2. العدالة والتركيز على الشمولية والتنوع:

  • وزِّع المشاريع وفرص التعلُّم بطريقة عادلة وشفافة؛ فواحد فقط من كل ثلاثة قادة يفعلون ذلك.
  • عالج عوامل خطر التنوع داخل فريقك بشكل دائم، هذه واحدة من أقل سلوكات القيادة التي لوحظت في الدراسة التي أجرتها "فيول فيفتي" (Fuel50)؛ إذ 23% فقط من القادة يقومون بذلك.

3. توجيه المزيد من الإرشاد والتوجيه:

  • ادعم الناس من خلال استثمار قدراتهم بشكل أفضل وأكثر ذكاءً؛ إذ يقوم نصف القادة بفعل هذا حالياً.
  • حدد الطرائق المناسبة لتلبية الاحتياجات التنموية لفريقك؛ إذ إنَّ واحداً من كل ثلاثة قادة يفعل ذلك.

4. تخصيص التدريب والتعليم بصورة دورية:

  • عيِّن التدريب والتطوير للفِرق/ الموظفين، وهو ما يقوم به واحد فقط من بين كل أربعة قادة الآن.
  • وفِّر مهام طويلة الأمد، تسمح لأعضاء الفريق بتنمية نقاط قوَّتهم؛ إذ إنَّ قرابة 42% من القادة يقوم بذلك حالياً.
  • ألفت انتباه أعضاء الفريق إلى الفرص الداخلية ذات الصلة؛ إذ إنَّ 37% فقط من القادة يفعلون ذلك حالياً.
إقرأ أيضاً: كيف تحتفظ بأفضل الموظفين لديك؟

حقبة جديدة من العمل:

يصف تقرير جديد أعدَّته مؤسسة "غالوب" (Gallup) بشأن تحسين إدارة الأداء الحالة بأنَّ "الشركات تتحول من ممارسات إدارة الأداء التقليدية إلى نهج جديد يركز على تطوير الأداء تركيزاً أساسياً يتطلَّب هذا التحوُّل من المديرين إنشاء حوار مستمر حول الأداء يتم تخصيصه وفقاً للاحتياجات والمواهب الفريدة لكل موظف". 

يمضي تقرير "غالوب" (Gallup) بالقول إنَّ المزيد من تدريب الموظفين، هو الطريق لتحسين تنمية الأفراد والاحتفاظ بالموظفين، فكل ذلك يعزِّز حالة وجوب قضاء المنظمات ومديريها المزيد من الوقت والموارد والجهود في تطوير موظفين أفضل.

أشعرُ بالحيرة من سبب عدم تبنِّي العديد من المؤسسات لتطوير الموظفين؛ لأنَّ الأمر لا يتطلَّب عالِم صواريخ لمعرفة أنَّ الاستثمار في مستقبل موظفيك هو استثمار ذكي. فأن تصل متأخراً خير من ألَّا تصل أبداً.

المصدر




مقالات مرتبطة