أهمية النوم في جعلك ناجحاً

يجعل النوم الهانئ حياتك أسهل وأنجح، سواء كنت متعباً أم لا، فالنوم بحد ذاته ليس ما يجعلك ناجحاً؛ بل المواظبة على النوم الهانئ هي العامل الرئيس في تحقيق النجاح؛ لذا دعنا نتحدث بالتفصيل عمَّا يحدث عندما لا تحصل على قسط جيد من النوم ليلاً، ولماذا قد يحدث ذلك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، ويُحدِّثُنا فيه عن أهمية النوم.

الأفكار الجديدة تولِّد الحماسة:

لقد كان لدينا جميعاً مشروع شخصي أو فكرة تحدد الحياة، نريد أن نتكلم عنها أمام الجميع، وكما قال الكاتب "ستيفن كينج" (Stephen King) ذات مرة، وأعيد صياغته: "في بعض الأحيان تكون لديك قصة لا تنفك تفكر فيها؛ لذا عليك كتابتها كي تتوقف عن التفكير فيها"، فسواء كانت رواية أم لا، لدينا جميعاً رغبة شديدة في القيام بشيء ما وبعضنا لديه الشجاعة الكافية لاتِّخاذ زمام المبادرة.

يا لها من إثارة أن تتبع هذا الشغف الذي يغمرك، وعندما تتابعه - كما تعلم جيداً - تصبح الأسابيع أو الأشهر القليلة الأولى فترة جميلة من الزخم والتفاؤل، فالأشياء الجديدة هي الأسهل دائماً للحفاظ على التركيز، وفي الواقع، ويكاد يكون من المستحيل التركيز في أي شيء آخر.

أنت تعرف هذا الشعور والطريقة التي تقفز بها من السرير في الصباح، والساعات الطويلة التي تقضيها مجتهداً، والأفكار بشأن مستقبلك التي تراودك قبل النوم، لكن بعد ذلك، يحدث شيء ما وهو أمر طبيعي لنا جميعاً؛ إذ تخمد طاقتك، وما ندركه بعد بضعة أشهر من السعي إلى شغفنا هو أنَّها سلسلة أحداث طويلة؛ إذ إنَّه ليس شيئاً نقوم به لمدة ثلاثة أشهر ثم نستريح ونأخذ إجازات ممتعة؛ بل هو شيء نقوم به يوماً بعد يوم لبقية حياتنا المتوقعة.

هذا يعني أنَّه حتى لو كنت قد حددت هدفك في الحياة تحديداً صحيحاً، فقد تتعب، فلا ترتبك واعلَم أنَّ الناس لا يحبون الاعتراف بمدى التعب الذي يشعرون به، لكن كل مَن سعى إليه شعر به، وقبل اتِّخاذ خطوة فعلية، فإنَّنا بطبيعة الحال نقلل من مقدار الوقت والجهد والتفاني الذي سنحتاج إليه لرؤية ثمار عملنا.

عندما يتحرك شخص ما في اتجاه أهدافه، يبدو أنَّ دافعه يتضاءل مع الوقت، وبعد هذا النمو الأولي في الدافع، من الطبيعي أن يتضاءل انضباطك؛ إذ تبدأ رتابة الحياة اليومية، فإذا كان هدفك أن تصبح ممثلاً ناجحاً على سبيل المثال، فإنَّ رؤية حياتك المثالية والإثارة في ترك وظيفتك تكاد تكون طاغية؛ والخوف والإثارة يكونان ممزوجين بمعرفة أنَّك تتبع أحلامك، ويتسببان في الارتفاع الأولي في التحفيز، وبعد ذلك، عندما تدرك أنَّ الأمر سيستغرق شهوراً - إن لم يكن سنوات - من إجراء المكالمات والتواصل وخوض الفصول الدراسية للوصول إلى هدفك، يتشتت الدافع والانضباط.

إذاً، ألا تريد أن تكون ممثلاً؟ خذ حياتي على سبيل المثال؛ فعندما تركتُ وظيفتي لمتابعة مشروع عملي بدوام كامل شعرت بالغبطة، ولقد كان مخيفاً بالتأكيد ولكنَّه كان مثيراً للغاية، وكما يقول الكاتب "آندي دريش" (Andy Drish): "أنت تستبدل الشعور بالراحة بشعور أنَّك على قيد الحياة".

لقد سمعت أنَّ الأمر يستغرق ما بين 60 إلى 90 يوماً للاستقرار في روتين جديد، وكانت تلك الأيام التسعون الأولى صعبة، ولقد كنت أحاول معرفة ما الذي نجح وما لم ينجح، وكذلك كيفية البقاء متحمساً دون مكتب أو رئيس أو زملاء؛ ولذلك خلال تلك الأشهر الثلاثة الأولى، تنشَّط حافزي وشغفي، وبعد نحو 90 يوماً بدأ الشعور برتابة العمل؛ فكان إخبار الناس بأنَّني رب عمل أو رجل أعمال أمراً رائعاً، لكن في الواقع كنتُ بائعاً أتصل بزبائن محتملين يمكن أن يستفيدوا من خدمتنا، وهو أمر جيد.

ما أفهمه هو أنَّ معظم رجال الأعمال يبدؤون بهذه الطريقة، لكن يوماً بعد يوم أصبح روتينياً رتيباً، ومع نمو الرتابة أصبح من السهل إغفال الهدف النهائي، وبعد أن تبدأ بالابتعاد عن رؤيتك المستقبلية، يصبح من الأسهل تأجيل ما يمكن فعله غداً، وتؤجَّل مكالمات المبيعات وتؤخَّر رسائل البريد الإلكتروني ويُعلَّق التفكير الابتكاري.

إقرأ أيضاً: نصائح لإبقاء شعلة الحماسة متقدة

يبدأ اليوم التالي بنوم هانِئ:

بعد أن بدأ حافزي بالانخفاض، بدأت أشعر بالتوتر والقلق؛ فهل ستكون الشركة ناجحة؟ وهل هذا ما أريد أن أفعله في حياتي؟ وهذا بالطبع أخرجني من اللحظة الحالية ومن فرحة الرحلة، وبعد ذلك، لم أكن أميل فقط إلى تقليل انضباطي في الحياة اليومية، ولكنَّ التوتر الذي كنت أشعر به جعلني أركز بشدة في الغد، وبقيت مستيقظاً حتى وقت متأخر، لقد أصبحت مخاوفي من المستقبل تشغل كل تفكيري؛ وهذا تسبَّب في فقداني للنوم وأصبحتُ أستيقظ بعد ذلك بدافع أقل مما كنتُ عليه في اليوم السابق.

بعد ذلك - ولحسن الحظ - حدث شيء ما؛ إذ إنَّني أعدتُ قراءة كتاب "التأثير المركب" (The Compound Effect) للكاتب "دارين هاردي" (Darren Hardy)، ولقد كان تذكيراً بأنَّه لا يمكن لأحد تغيير المستقبل، وأنَّ الشيء الوحيد الذي يمكن لأي شخص فعله هو تعظيم قيمة الحاضر؛ إذ يؤثر في المستقبل؛ ولذلك على الرغم من أنَّ العمل اليومي كان رتيباً، لكن كان من الضروري أن أرفع سماعة الهاتف وأُجري مكالمات المبيعات هذه؛ لأنَّه على الرغم من أنَّ المكالمة التالية قد تكون رفضاً قاطعاً، إلَّا أنَّ المكالمات التي تتضاعف مع مرور الوقت ستوصلني إلى الإيجابيات التي أحتاج إليها، فكيف عن ذلك الممثل الطموح؟

من الأسهل أن ترى كيف يمكن أن يساعده التأثير المركب، ففي أثناء بدايته بموهبة صغيرة؛ بدأ بالذهاب إلى فصول التمثيل وتحسين الأداء وحتى إلقاء النكات في المحلات للتغلُّب على رعبها من المسرح، وبعد فصل واحد أو لحظة واحدة على خشبة المسرح لا تظهر الفوائد، حتى بعد الفصل الخامس أو العاشر لا ترى أي تحسُّن، لكن مع مرور الوقت، سوف يتبدد خوفه من المسرح وستزداد قدرته على التصرُّف؛ وهذا يعني - بالنسبة إلى الممثل الطموح - أنَّ التأثير المركب أمر بالغ الأهمية، فكل يوم يضيعه عدم التحسن يضيف يوماً إضافياً للجدول الزمني بين حياته الآن والحياة التي يتصورها لنفسه.

إذاً ما هو دور النوم؟ وهل تتذكر الإجهاد والرتابة اللذين كنتُ أشعر بهما؛ وهذا ما تسبَّب في فقدان النوم، ومن ثم بدأ التأثير السلبي المركب، ولقد كان يؤثر في حياتي ويُضعِف حافزي، وكما تعلمون، فإنَّ الحافز المتضائل هو وصفة للفشل؛ لذا كنتُ بحاجة إلى حماية حافزي، فحتى لو لم يكن كما كان في تلك الأيام التسعين الأولى، فسيكون قوياً بما يكفي لمساعدتي على تحقيق كل ما أردته.

شاهد بالفديو: 12 حقيقة عن قلة النوم.. هكذا يقودك السهر إلى الهلاك!

نفس الشيء مع الممثل الذي نتكلم عنه في المثال؛ فإنَّه بحاجة إلى حماية دوافعه؛ إذ يتحفز ليكمل محاولاته، ولتحقيق ذلك، عليه التقدم تدريجياً وتحسين أدائه يوماً بعد يوم؛ فإنَّ حماية دوافعك أمر بالغ الأهمية لنجاحك، لكن كيف؟

نظراً لانخفاض الانضباط الخاص بي مع مرور الوقت، فقد زاد من توتري وقلل من رغبتي في النجاح، فكنتُ أستلقي مستيقظاً في الليل وأستيقظُ متعباً؛ وهذا يعني أنَّ عقلي لن يعمل بشكل كامل، وسأكون متعباً طوال اليوم وأُنهي نحو نصف الأشياء التي ينبغي إنهاءها، ومن ثم سأسهر غاضباً من نفسي مرة أخرى وأبدأ الحلقة المفرغة.

قد خطر لي أن أطبق التأثير المركب أيضاً على النوم، وكنت أفكر في اليوم التالي ونقص الحافز الذي سأشعر به بالتأكيد؛ وذلك عندما كان كل ما أحتاج إليه هو الحصول على قسط جيد من الراحة في الليل، ولماذا؟ لأنَّه في تلك اللحظة كان الشيء الوحيد الذي يمكنني التحكم به.

توقَّف عن القلق بشأن الغد وما قد يحدث أو لا يحدث، وافعل الشيء الوحيد الذي يمكنك فعله الآن لجعل الغد ناجحاً نجاحاً أكبر، وفي الساعة 10 مساءً اخلُد إلى النوم، وبعد ذلك، عندما تستيقظ غداً - حتى لو كان التحسُّن في نشاطك طفيفاً - فافعل أول شيء في قائمة مهامك، ولا تقلق بشأن ما سيأتي بعد ذلك؛ إذ يمكن أن يكون هذا الشيء هو الإفطار أو التأمل أو قراءة رسائل البريد الإلكتروني، فافعل ذلك على أي حال.

وبعد ذلك، بعد الانتهاء من تلك المهمة الأولى، افعل الشيء التالي الذي سيجعلك ناجحاً؛ وهو الشيء التالي في قائمة مهامك، فقد يكون "العمل أو صالة الألعاب الرياضية" لا يهم، فقط افعله، وبهذه الطريقة لا يصبح التأثير المركب مبدأً يومياً؛ بل مبدأ كل ساعة.

إقرأ أيضاً: مقومات النجاح الأساسيّة في الحياة

في الختام:

حافزك ليس مورداً مستنزفاً؛ وإنَّما كرة ثلجية منتظمة تدفعك إلى المسار الذي تريده؛ لذا في المرة القادمة التي تستلقي فيها مستيقظاً في الليل - مع التركيز في اليوم التالي - افعل شيئاً واحداً، والذي سيجعلك ناجحاً مستقبلاً وهو النوم.

المصدر




مقالات مرتبطة