أهمية القراءة للأطفال وطرق تنمية مهارة القراءة لديهم

تعدُّ القراءة أحد أهم الهوايات التي يجب أن تشجع أطفالك على ممارستها؛ وذلك لكونها مسلية وتحفز التفكير، وتلعب دوراً عظيماً في النجاح في الحياة؛ علاوة على ذلك، فهي ليست مجرد تسلية ممتعة للأطفال، بل نافذة للتعرف على الأشخاص والأماكن والأفكار الجديدة دون قيود.



أهمية القراءة بالنسبة إلى الأطفال:

1. تقوِّي لغتهم وتثري مفرداتهم:

إنَّه لمن الهام غرس حب الكتب لدى الأطفال في وقت مبكر قبل أن يتمكنوا من القراءة بمفردهم، لذا تعدُّ القراءة لهم بصوت عالٍ في سن مبكرة طريقة رائعة لتعزيز مهارات التواصل اللفظي بين الوالدين والطفل.

عندما يكبر الأطفال ويصلون إلى سن النطق، نبدأ الحديث معهم؛ لكنَّ المفردات التي نستخدمها والمواضيع التي نتطرق إليها محدودة ومكررة، ولا ترتقي إلى مستوى الكتب الغنية بالمفردات والتراكيب والقواعد وأنماط الكتابة والتعبير.

لا يتحسن استيعاب الأطفال بمرور الوقت لما يُقرَأ فحسب، بل يؤثر إيجاباً في مهارات الكتابة والتواصل لديهم أيضاً، وتعدُّ القراءة عنصراً هاماً بالنسبة إلى الأطفال الذين يتحدثون لغتين أو يتعلمون لغة ثانية، كي يتمكنوا من التحدث بطلاقة أو يحافظوا على ذلك.

شاهد بالفيديو: 5 معايير لاختيار تطبيق مناسب لتعليم الأطفال

2. تثير فيهم حبَّ المعرفة:

توجد كتب تدور حول شتى المواضيع التي يمكنك تخيلها، والتي عادة ما تكون متعددة في مستويات القراءة.

عند قراءة الكتب، يتعرف أطفالك على مجموعة متنوعة من الموضوعات والثقافات والأفكار، ويدركون كمَّ المعرفة التي تنتظر أن تُكتشَف، ويتعمقون أكثر في الموضوعات المحببة لديهم؛ حيث يستمتع الأطفال في كثيرٍ من الحالات بمحتوى الكتاب، لدرجةٍ لن يدركوا معها أنَّهم في الحقيقة يكتسبون كمَّاً هائلاً من المعرفة حول موضوعٍ معين.

3. تزيد من تعاطفهم:

إنَّ فهم الأطفال للعالم من حولهم محدود نوعاً ما، ويرجع ذلك إلى عدم خوضهم للكثير من التجارب التي تصقلهم، وإلى الظروف التي نشؤوا فيها؛ لذا لا تسمح قراءة كتب حول مختلف أصناف البشر الذين لديهم خبرات كبيرة للأطفال بتقدير التنوع فحسب، بل بالشعور بالآخرين ووضع أنفسهم مكانهم أيضاً؛ حيث تساعدهم القراءة على تقدير الأشخاص الذين تجمعهم بهم بعض القواسم المشتركة، والتعاطف معهم، ومساعدتهم على التطور ليكونوا أشخاصاً أكثر خبرة.

4. هي أفضل ترفيه يمكننا منحهم إياه:

أضحت التقانة في عصرنا الحالي وسيلة ترفيه للبالغين والأطفال؛ ورغم أنَّ البرامج التلفزيونية والتطبيقات الخاصة بالأطفال على أجهزة الهاتف يمكن أن تكون مصدراً رائعاً للتعلم، إلَّا أنَّ الكتب تبقى الخيار الأفضل دوماً؛ فبدلاً من التسمُّر لساعات أمام الشاشات، شجِّع أطفالك على اعتبار الكتب المصدر الأول للترفيه.

تشير الدراسات إلى أنَّ العائلات التي ينصب تركيزها على القراءة، يقرأ أطفالهم بمفردهم، ويطورون شغفاً بالكتب على الأمد الطويل.

5. تقوي فيهم الروابط الأسرية:

هناك العديد من الطرائق التي تجعل القراءة صلة وصل بين الأبوين والطفل؛ حيث تعزز القراءة بصوت عالٍ بدءاً من مرحلة الطفولة التقارب والألفة بين الوالدين والطفل، وذلك عن طريق قضاء الوقت معاً والتقارب الجسدي.

يمكنك مع نمو طفلك الاستمرار بالقراءة له، أو أن تقرأا الكتاب نفسه معاً وتتناقشا حول أكثر الأجزاء التي استمتعتما بها.

استغل القراءة كفرصة للانخراط والتفاعل مع طفلك، واسأله عن رأيه حول الموضوعات التي يغطيها الكتاب، أو اربط القصة بالحياة اليومية.

6. تمرِّن أدمغتهم:

تتطلب القراءة قوة ذهنية أكثر من مشاهدة التلفاز؛ فعندما يقرأ أطفالنا الكتب، يستخدمون جزءاً من أدمغتهم يختص بالتكامل الحسي وصنع الروابط بين الكلمات والتفكير البصري.

يمكن أن تكون الرسوم التوضيحية أداة مفيدة للقراء المبتدئين، حيث تساعدهم على فهم السرد وكسب استيعاب أفضل؛ في حين يستخدم القراء الأكثر خبرةً عقولهم لفهم السياق ككل، والاستدلال على معاني الكلمات أو العبارات غير المألوفة.

من جهة أخرى، تحفز القراءة أيضاً التفكير النقدي، ممَّا يدفع الأطفال إلى ربط الكتاب بالحياة الواقعية، وتكوين آرائهم الخاصة حول القصة.

7. تحسِّن تركيزهم:

تتطلب قراءة الكتب التركيز والانتباه، وهما مهارتان مفيدتان حتى بالنسبة إلى الأطفال الصغار مفرطي النشاط؛ حيث تساعد قراءة الكتب باستمرار أطفالك على تمرين أذهانهم وأجسادهم على الهدوء، والتركيز على مَهمَّة ما لفترة محددة من الزمن؛ فعند التخلص من العناصر المشتتة للذهن وإعطائهم مساحة للقراءة والفهم، سيتحسن مدى انتباههم وقدرتهم على التركيز كثيراً.

8. تضعهم على طريق النجاح في المدرسة والحياة العملية:

هناك العديد من الدراسات التي تشير إلى أنَّ قراءة الكتب للأطفال في سن مبكرة لها تأثير دائم على نجاحهم في المدرسة، والذي غالباً ما يرتبط مباشرة بالنجاح في مكان العمل؛ ولا تنحصر الفوائد على النجاح الأكاديمي فحسب، بل تعدُّ القراءة تجربة تعليمية طويلة الأمد تعزز النمو وتنشئ أطفالاً أكثر فاعلية عموماً؛ فيصبحون شخصيات هامة وناجحة في المستقبل في جميع المجالات، كالزواج والعمل والصداقات.

9. تعزز فيهم الإبداع والخيال:

عند قراءة قصة، يتخيل الأطفال صورة حول ما تبدو عليه القصة في أذهانهم، مستخدمين الإبداع والخيال، حيث يرى كل شخص صورة مختلفة في ذهنه تتغير كل مرة يقرأ فيها الكتاب نفسه؛ كما يغوص الأطفال في عوالم جديدة حقيقية أو خيالية لم يزوروها قط، ويتخيلون تجارب وسيناريوهات جديدة لم يعتقدوا بوجودها؛ وسيكونون بذلك قادرين على توظيف هذه الأفكار في وقت لعبهم، واستخدام إبداعاتهم لتجاوز الحدود التي تفرضها حياتهم اليومية.

إقرأ أيضاً: 6 تصرّفات خاطئة تقتل الإبداع عند الأطفال

طرق تنمية مهارة القراءة عند الاطفال:

الآن، وبعد أن أدركنا الفوائد العديدة التي يمكن أن تقدمها القراءة لأطفالنا، سنطلعك على الخطوة التالية. إذا لم يطور طفلك حب القراءة حتى الآن، فلم يفت الأوان للبدء؛ لذا:

1. اجعل القراءة خياراً وليس عملاً روتينياً:

لا تجعل القراءة مَهمَّة إلزامية أو عملاً روتينياً يُوكَل إلى أطفالك، بل شجعهم وذكرهم بالقراءة، دون أن تلزمهم بتحديد وقت ومدة لها، كيلا يشعروا أنَّهم مجبرون على القراءة، ويُحرَموا بالتالي من متعة التجربة.

إن تردد أطفالك في القراءة، فابحث عن السبب الرئيس لهذا التردد؛ أمَّا إذا كانوا يعانون في فهم الكلمات، فاختر لهم بضع كتب ذات مستوى مناسب تمدهم بالثقة النابعة من إدراك الكلمات التي يعرفونها فعلاً، ثمَّ انتقل تدريجياً إلى كتب أكثر صعوبة حتى يصبحوا أكثر رغبة في القراءة طواعية وليس فرضاً.

كما بمقدورك استبدال الكتب الورقية بالكتب الصوتية، حيث يُعدُّ سماع شخص آخر يقرأ بثقة طريقة رائعة لتجربة الحديث بطلاقة، إضافة إلى أنَّهم سيتمكنون من الاستمتاع بالكتاب دون أن يواجهوا مشكلات في القراءة أو الفهم؛ كما يمكنك أن تقدم لهم مواضيع مختلفة للقراءة إن عانوا مع القراءة أو شعروا بالملل.

2. اقترح مجموعة متنوعة من المواضيع للقراءة:

هناك أشكال عدة للقراءة تطرح مواضيع فريدة تناسب جميع القراء؛ فإذا كان أطفالك لا يجدون متعة في القراءة، فقد يكون ذلك بسبب عدم العثور على الموضوع الذي يناسب اهتماماتهم.

تتضمن الكتب التقليدية العديد من المواضيع، بما في ذلك: حكايات الغموض، والتاريخ، والسير الذاتية، والفانتازيا، والخيال العلمي، وغيرها الكثير؛ كما تُكتَب بعضها بأساليب فريدة وممتعة، بحيث يمكنك اختيار كتب المغامرة أو روايات المذكرات أو الروايات الشيقة التي ترضي ذوقك.

إذا كنت تبحث عن مواد أكثر تحفيزاً بصرياً، فجرب الروايات المصورة أو المجلات أو كتب السفر؛ كما تعدُّ الكتب موارد رائعة لتعلم مهارات جديدة، ككتب الدعابات والسحر والطهي.

عليك أن تدعم الجانب العملي لأطفالك بواسطة القراءة، كأن تطلب مساعدتهم في قراءة قائمة المشتريات، أو قراءة تعليمات وصفات الطهي؛ حيث تشجعهم بهذا على استخدام مهاراتهم في القراءة عملياً.

3. طبِّق ما يقرؤه طفلك عملياً:

عندما يقرأ أطفالك مزيداً من الكتب، يبدؤون تخيل أنفسهم كأحد شخصيات الكتاب، لذا بإمكانك تشجيعهم على القراءة عبر مساعدتهم على تصور الأجزاء المفضلة لديهم من كتابهم.

حاول بث الحياة في الكتب، وذلك من خلال تطبيق بعض صور الكتاب فعلياً مع أطفالك، كأن تحضِّروا طبق طعام سوياً أو تعتنوا بنباتات الحديقة؛ كما يمكنكم الاحتفال بالانتهاء من قراءة الكتاب من خلال مشاهدة الفيلم المأخوذ عنه، حيث يزيد رؤية الشخصيات المحببة تنبض بالحياة على الشاشة الاستمتاع بالقراءة.

4. كن قدوة لأطفالك:

يعتبر الأطفال ذويهم مثلهم الأعلى في الحياة، ويحبون تقليدهم والقيام بالأشياء بالطريقة نفسها التي يقومون بها دائماً.

لا تطلب من أطفالك القراءة أكثر، بل اجذبهم إلى الفكرة بأن تقرأ أمامهم؛ فالأفعال أبلغ أثراً من الأقوال؛ وعندما تختار طريقة محببة للقراءة وتجذبهم بأسلوبك من خلال بث الحياة في الكتاب، سيشعرون بالتفاعل معك، ويقتدون بك دوماً.

إقرأ أيضاً: القدوة بين التقليد الأعمى ودفء العائلة

5. خصص وقتاً للقراءة:

قد تجد صعوبة في تخصيص وقت للقراءة للطفل الذي يحفل جدوله بالكثير من الالتزامات والنشاطات؛ لذا خصص وقتاً للقراءة يتناسب مع جدول عائلتك الحافل، سواء كان هذا الوقت قبل النوم أم بعد تناول الغداء، حيث يمكن استخدام هذا الوقت للقراءة بصوت عالٍ مع طفلك، أو للقراءة كل واحد منكم على حدة.

6. بُثَّ الحياة في الكتب:

عندما يجد الأطفال ما يربط الحياة الواقعية بالكتب التي يقرؤونها، تزداد تجربة القراءة لديهم متعة؛ فعلى سبيل المثال: إن أنهى أطفالك للتو كتاباً عن الحياة في المزرعة، فاصطحبهم لزيارة مزرعة محلية تعيشون فيها ما قرأتموه على أرض الواقع.

7. اجعل الكتاب في متناول الأطفال:

اذهب مع أطفالك إلى المكتبة ودعهم يشاهدون الكم الهائل من الكتب المعروضة، عسى أن يبعث ذلك فيهم الحماس لقراءتها؛ أو اذهب معهم إلى أفضل مكتبة في منطقتك لتسمح لهم بتجربة سحر الاحتمالات اللامحدودة، وسجِّلهم للحصول على بطاقة المكتبة خاصتهم، وشجعهم على خوض مغامرة القراءة.

اقتنِ مجموعةً صغيرةً من الكتب لتكون دائماً في متناول أطفالك، أو زُر متجر بيع الكتب، أو تصفح الإنترنت، أو احصل على اشتراك شهري للكتب؛ إذ يجعل تدفق الكتب الجديدة من القراءة أمراً مثيراً وممتعاً.

8. أسس نادياً للكتاب:

يدفعك وجود أشخاص آخرين إلى محاسبة نفسك، فتقرأ مزيداً من الكتب، وتستكشف كتباً لم تقرأها بعد؛ لذا شجِّع أطفالك على تأسيس نادٍ للكتاب مع أقرانهم أو معك، واختر كتاباً يستمتع به الجميع، وحدد موعداً نهائياً للالتقاء ومناقشة رأي كل شخص في الكتاب؛ حيث يلعب تحديد وقت لإنهاء الكتاب دوراً محفزاً للبقاء على المسار الصحيح والقراءة بانتظام.

الخلاصة:

عليك تعزيز حب القراءة لدى أطفالك كي تكون عوناً لهم في حياتهم مستقبلاً؛ إذ يمكن لقراءة الكتب أن تنقلهم إلى أي عالم يمكنهم أن يتخيلوه، وتقدم لهم فوائد لا تُعَد ولا تُحصَى على الأمد القصير والطويل؛ لذا استخدم هذه النصائح لتشجيع أطفالك على القراءة كهواية ممتعة، ولن تضيع جهودك سدى.

المصدر




مقالات مرتبطة