أهمية الذكاء العاطفي في تعزيز مسيرتك المهنية وتحسين حياتك

أياً كانت المآزق التي تصادفنا في حياتنا، سيأتي يوم ونستطيع معالجتها؛ فمن خلال إدراك عواطفنا، نستطيع تحديد حجم المشكلات والعمل على حلها؛ كما يمكننا تجاوز العقبات الحالية، ومنع حدوثها في المستقبل.



الذكاء العاطفي (EQ) هو "الشيء" غير الملموس الموجود لدى كل منا، والذي يؤثِّر في إدارتنا لسلوكاتنا، والتعامل مع التعقيدات الاجتماعية، واتخاذ القرارات الشخصية التي تحقق نتائج إيجابيةً؛ كما يعني الذكاء العاطفي قدرتك على تحديد العواطف الناشئة لديك ولدى الآخرين واستيعابها، والقدرة على استخدام هذا الوعي لإدارة سلوكك وعلاقاتك.

يساعد الذكاء العاطفي على تعزيز مسيرتك المهنية:

بعد عقود من الأبحاث، تبيَّن أنَّ الذكاء العاطفي هو العامل الحاسم الذي يميز أصحاب الأداء العالي عن بقية الناس، فهو طريقة فعالة لتركيز طاقتك في اتجاه واحد بغية تحقيق أفضل النتائج، وقد اختبرت إحدى الدراسات الاستقصائية الذكاء العاطفي جنباً إلى جنب مع 33 مهارة جوهرية أخرى في مكان العمل، فوُجد أنَّ الذكاء العاطفي كان أقوى مؤشر على الأداء، مما يفسر أنَّه مؤشر على 58% من الأداء في مختَلف الوظائف.

من بين جميع الأشخاص الذين أُجرِيت الدراسة عليهم في العمل، تبيَّن أنَّ نسبة 90% من أصحاب الأداء العالي يتميزون بدرجة عالية من الذكاء العاطفي، في حين وجدت الدراسة أنَّ 20% فقط ممن يتمتعون بذكاء عاطفي عالٍ كان أداؤهم سيئاً؛ بمعنىً آخر: يمكن أن تتمتع بأداء عالٍ حتى لو لم تكن ذكياً عاطفياً، لكنَّ الفرص في هذه الحالة ضئيلة للغاية.

يجني الأشخاص ذوو الذكاء العاطفي العالي مالاً أكثر مقارنةً بغيرهم مِن ذوي الذكاء العاطفي المتدني، بمعدل وسطي يبلغ 29000 دولاراً سنوياً؛ حيث وُجد أنَّ الرابط بين الذكاء العاطفي وزيادة الدخل صريح للغاية؛ حيث تضيف كل درجة على مقياس الذكاء العاطفي مبلَغاً يُقدَّر بـ 1300 دولاراً إلى الراتب السنوي.

تنطبق هذه النتائج على الأشخاص في جميع الأعمال وعلى جميع المستويات وفي كل منطقة من العالم، فليس هنالك من وظيفة لا يرتبط فيها الأداء والأجر ارتباطاً وثيقاً بالذكاء العاطفي.

شاهد بالفيديو: الذكاء العاطفي في العمل مفتاح النجاح المهني

يحسِّن الذكاء العاطفي من نوعية حياتك:

عندما تكبت مشاعرك، تتفاقم داخلك مما يسبب إحساساً مزعجاً من التوتر والضيق والقلق؛ حيث تُجهد العواطف غير المعالَجة العقل والجسم يوماً بعد يوم، ولكن تساعد مهارات الذكاء العاطفي على تسهيل السيطرة على التوتر، من خلال تمكينك من تحديد المواقف الصعبة ومعالجتها قبل أن تتفاقم الأمور.

من المرجح أن يلجأ الأشخاص الذين لا يتقنون توظيف مهارات الذكاء العاطفي إلى وسائل أخرى أقل فاعليةً لتحسين مزاجهم، فيصبحون أكثر عرضةً بمقدار الضعف للإصابة بالقلق والاكتئاب والإدمان، كما قد تراودهم الأفكار الانتحارية.

ظهرت عشرات الدراسات البحثية التي ربطت بين الذكاء العاطفي وقابلية الإصابة ببعض الأمراض؛ حيث يؤدي التوتر والقلق والاكتئاب إلى تثبيط جهاز المناعة، مما يُضعفه، وقد يُصاب الشخص بأمراض تتراوح بين نزلات البرد والسرطان.

ترتبط فاعلية جهازك المناعي بحالتك العاطفية عبْر الببتيدات العصبية، وهي مواد كيميائية معقَّدة تعمل كمرسال بين العقل والجسم، فعندما يسيطر التوتر أو الضيق على ذهنك، يَعدُّها الجسم إشارةً لتخفيض حجم الطاقة الموجَّهة لمحاربة الأمراض، مما يزيد من احتمال إضعاف مناعتك وقابليتك للإصابة بها.

إقرأ أيضاً: هل من الأفضل أن تكون ذكياً عاطفياً أم قوياً عقلياً؟

تُظهر الأبحاث وجود صلة وثيقة بين الاضطراب العاطفي والإصابة بأمراض خطيرة مثل السرطان؛ حيث قاست واحدة من أولى الدراسات طويلة الأمد على مدار 24 عاماً مستويات التوتر لدى النساء؛ حيث تتبَّع فيها الباحثون شدة التوتر والخوف والقلق واضطرابات النوم التي عانتها كلُّ امرأة؛ وبمعنىً آخر: جميع أشكال الاضطراب العاطفي الناتج عن الصراعات العالقة وعدم السيطرة على العاطفة، فقد كانت النساء اللواتي عانين من مستويات أعلى من التوتر خلال فترة الـ 24 عاماً تلك أكثر عُرضةً بمقدار الضعف لخطر الإصابة بسرطان الثدي.

من ناحية أخرى، يمكن تعليم مهارات الذكاء العاطفي لتسريع تعافي الجسم من المرض؛ حيث يُظهر الأشخاص الذين يُطوِّرون مهاراتهم في الذكاء العاطفي في أثناء العلاج قابليةً للتعافي بوتيرة أسرع مِن مجموعة متنوعة من الاعتلالات، بما في ذلك أشد مرضين فتكاً حول العالم، وهما أمراض القلب والسرطان؛ فقد ثَبت أنَّ تعليم مهارات الذكاء العاطفي للأشخاص الذين يعانون من أمراض تهدد حياتهم يقلل من معدل حدوث هذه الأمراض مجدداً، ويختصر فترة التعافي، ويقلل من معدلات الوَفَيَات على حد سواء.

درس الباحثون في جامعة أوهايو 227 حالةً لنساء مصابات بسرطان الثدي، فلاحظوا نتائج مذهلةً لتعليم مهارات الذكاء العاطفي في أثناء فترة التعافي، فبعد خضوعهن لهذا العلاج بصورة عشوائية، انخفضت مستويات التوتر لدى هؤلاء النساء، والتزمن بنظام غذائي أفضل، وبنين أجهزةً مناعيةً أقوى.

كما كشفت الأبحاث التي قُدِّمت إلى جمعية القلب الأمريكية (American Heart Association) عن نتائج مماثلة لدى الرجال والنساء الذين تعلَّموا مهارات الذكاء العاطفي في مرحلة التعافي من النوبات القلبية.

إقرأ أيضاً: 9 نصائح لتحسين ذكائك العاطفي

يؤثِّر الذكاء العاطفي تأثيراً إيجابياً كبيراً في الصحة؛ نظراً لأنَّه يقلل من الإحساس بالتوتر الذي ينشأ استجابةً للمواقف العصيبة، كما تقوِّي مهارات الذكاء العاطفي القدرة الذهنية للتعامل مع الاضطراب العاطفي، وتحافظ هذه القدرة على الصمود على قوَّة جهازك المناعي وتقيك من الأمراض.

في الختام:

ها قد عرفت أنَّ العمل على تعزيز ذكائك العاطفي يجعلك تجني فوائد في أهم مجالات حياتك، فالمسيرة المهنية الصحية والجسم السليم أمران بالغا الأهمية عند كلٍّ منا؛ فحريٌ بنا تطوير مهارات الذكاء العاطفي لعيش حياة أفضل.




مقالات مرتبطة