أهمية الذكاء العاطفي في القيادة

أصبح الذكاء العاطفي مؤخَّراً أحد نقاط الحوار الرئيسة عندما يتعلق الأمر بالقيادة، ونحن نعي تماماً أنَّه سمة يمكن قياسها وتطويرها؛ ولكن ما هو بالضبط وكيف يؤثر في مفهوم القيادة كما نعرفها اليوم؟



يتعلق الذكاء العاطفي بقدرة الفرد على التعرُّف إلى عواطفه والتحكم فيها، مع تسخير العواطف المذكورة بصورة مناسبة للحصول على رد الفعل الأمثل كما تمليه المواقف، كما يتعلق الأمر بوعي الفرد وحساسيته إزاء عواطف الآخرين.

ومن ثم يُعدُّ الذكاء العاطفي سمةً هامةً لأيِّ شخص في أيِّ مستوىً من مستويات المؤسسة؛ ولكنَّه هام على وجه الخصوص بالنسبة إلى الذين يَشغلون مناصب قياديةً، ويمكن أن يكون للذكاء العاطفي للقائد تأثير جذري في علاقته بفِرَقه وكيفية إدارته لها، وفي تفاعله مع الأفراد عموماً في مكان العمل.

ما هو الذكاء العاطفي؟

الذكاء العاطفي (EI) هو القدرة على التعرُّف إلى عواطفك وعواطف مَن حولك وفهمها والتعامل معها؛ حيث يعي الأشخاص ذوو الذكاء العاطفي العالي ما يشعرون به، وما تعنيه عواطفهم، وكيف يمكن أن تؤثر هذه العواطف في الآخرين.

يُعدُّ القادة امتلاك الذكاء العاطفي أمراً ضرورياً للنجاح، مَن برأيك سينجح في الارتقاء بالمؤسسة؛ القائد الذي يصرخ في فريقه عندما يكون تحت الضغط، أم الشخص الذي يظل مسيطراً على عواطفه وعواطف الآخرين، ويقيِّم الموقف بهدوء؟

التعريف الأصلي، كما صاغه فريق "سالوفي وماير" (Salovey and Mayer) في عام 1990 هو: يشير الذكاء العاطفي (EI) إلى مجموعة القدرات المستخدَمة لتحديد مشاعر الذات والآخرين وفهمها ومراقبتها وتقييمها، ووفقاً "لدانييل غولمان" (Daniel Goleman)، عالِم النفس الأمريكي الذي ساعد على نشر الذكاء العاطفي، هناك خمسة عناصر رئيسة له:

  1. الوعي الذاتي.
  2. التنظيم الذاتي.
  3. الدافع.
  4. التعاطف.
  5. المهارات الاجتماعية.

كلما كان القائد أقدر على التعامل مع هذه المجالات، ازداد ذكاؤه العاطفي.

توضِّح الصورة أدناه كفاءات القائد الذكي عاطفياً:

كفاءات القائد الذكي عاطفياً

كفاءات القائد الذكي عاطفياً:

1. الوعي بالذات:

يعني الوعي الذاتي وعيك الكامل بما تشعر به، وأثر مشاعرك وأفعالك في الأشخاص مِن حولك.

يحافظ القائد المدرِك لذاته على صورة واضحة عن مَواطن قوَّته وضعفه، وعلى الرغم من موقعه في السلطة والقوة يتخذ عقلية التواضع نهجاً له.

2. التنظيم الذاتي:

يمنعك التنظيم الذاتي من إساءة استخدام امتيازك في القيادة لمهاجمة الآخرين و/أو وضع صورة نمطية لهم واتخاذ قرارات متسرعة أو غريبة الأطوار تهدد قيَمك، ويدعوك لكبح جماح عواطفك، ويعلِّمك كيف تؤثِّر في الآخرين، بالإضافة إلى الالتزام بالمساءلة الشخصية.

3. التحفيز:

يعمل القادة ذوو الدوافع الذاتية باستمرار نحو بلوغ أهدافهم، ويحفزِّون موظفيهم، ويؤدون أعمالهم بأعلى معايير الجودة، ويطوِّرون علاقةً عاطفيةً صحيةً يتقبَّلون فيها النتائج التي بذلوا الجهد لتحقيقها، ويُسخِّرونها للمُضي إلى الأمام دون أن يسيطر عليهم الهَوَس.

4. التعاطف:

التعاطف هو ما يسمح لك بوضع نفسك مكان الآخرين وأخذ وجهات نظرهم في الحسبان، وتظهر أهميته القصوى عندما يتعلق الأمر بقيادة فريق أو مؤسسة بنجاح.

يحرص القادة المتعاطفون على دعم التطور الوظيفي والشخصي لأعضاء فِرقهم، ويقدِّمون النقد دون إحباط المتلقي، ويطلبون تغذيةً راجعةً منتظِمةً من موظفيهم، فهؤلاء القادة هم ما يتطلَّبه الأمر لتحفيز الموظفين لتقديم أداء يفوق التوقعات.

5. المهارات اجتماعية:

القادة ذوو المهارات الاجتماعية الجيدة رائعون في التواصل، وهو أمر مفيد للغاية عندما يتعلق الأمر بتحفيز فِرقهم لإنجاز مشروع أو هدف جديد.

هم أذكياء عاطفياً بما يكفي لتلقِّي كل من الأخبار الجيدة والسيئة بالوضوح الذهني نفسه، مما يجعل مرؤوسيهم لا يخشون أبداً إطلاعهم على أيِّ شيء.

القادة ذوو المهارات الاجتماعية الجيدة هم أيضاً رائعون في التخطيط والتنفيذ والإشراف على التغييرات الرئيسة في مكان العمل، بالإضافة إلى حل النزاعات الناشئة بعدالة وسرعة.

شاهد بالفيديو: ما العلاقة بين الذكاء العاطفي والقيادة؟

ماذا يحدث عندما يكون القادة أذكياء عاطفياً؟

يسعى القادة الذين يتمتعون بالذكاء العاطفي إلى توفير بيئات آمنة، لا يَجِد الموظفون فيها حرجاً في اتخاذ المخاطر المحسوبة، واقتراح الأفكار والتعبير عن آرائهم، وفي مثل هذه البيئات الآمنة، لا يكون العمل التعاوني مجرد هدف؛ بل يندمج في الثقافة التنظيمية كاملةً.

عندما يكون القائد ذكياً عاطفياً، يمكنه استخدام العواطف لدفع المؤسسة قُدماً، وغالباً ما يتحمَّل القادة مسؤولية إحداث أية تغييرات ضرورية في المؤسسة، وإذا كانوا على دراية بردود الفعل العاطفية المحتملة للآخرين تجاه هذه التغييرات، فسيكونون قادرين على التخطيط والتحضير بأفضل الطرائق للقيام بها.

علاوةً على ذلك، لا يأخذ القادة الأذكياء عاطفياً الأمور على محمل شخصي ويمكنهم المضي قُدماً في الخطط دون القلق بشأن التأثير في غرورهم، فالثأر الشخصي بين القادة والموظفين هو أحد أكثر عوائق الإنتاجية شيوعاً في العديد من أماكن العمل.

إقرأ أيضاً: هل من الأفضل أن تكون ذكياً عاطفياً أم قوياً عقلياً؟

ماذا يحدث عندما لا يكون القادة أذكياء عاطفياً؟

القيادة هي أمر مرهق بطبيعة الحال، فالمسؤولية عن مصير المئات أو حتى الآلاف من الأشخاص الآخرين يمكن أن تكون حملاً ثقيلاً؛ حيث يميل القادة الذين يتمتعون بذكاء عاطفي منخفض إلى الانهيار في المواقف العصيبة؛ وذلك لأنَّهم يفشلون في التعامل مع عواطفهم، وقد يتجلى ذلك في توجيه الإهانات للآخرين والعدوانية والسلبية.

يمكن أن يخلق هذا بيئةً أكثر إرهاقاً؛ حيث يعمل العمال دائماً بحذر في محاولة لتجنب الخطأ، وغالباً ما يكون لهذا آثار كارثية على الإنتاجية وتماسك الفريق كون الموظفين يظلون مشتتين بسبب هذا الخوف لدرجةٍ تمنعهم من العمل وبناء العلاقات.

يعيق الافتقار إلى الذكاء العاطفي التعاونَ داخل المؤسسة، فعندما لا يتحكَّم القائد في عواطفه ويتفاعل على نحو غير لائق، يخشى معظم موظفيه المساهمة بأفكارهم واقتراحاتهم، خوفاً من رد فعل القائد.

ومع ذلك، فإنَّ القائد الذي يفتقر إلى الذكاء العاطفي لا ينتقد بالضرورة موظفيه، ويمكن أن يعني عدم الذكاء العاطفي أيضاً عدم القدرة على معالجة المواقف التي تغلبها العواطف؛ حيث يتعامل معظم القادة مع الصراع، وغالباً ما يواجه القائد الذي لا يدرك مشاعر الآخرين صعوبةً في إدراك وجود الصراع في المقام الأول، ناهيك عن إيجاد حل فعال.

في الختام:

يعلم جميع القادة العظماء أنَّ هناك الكثير من القوة في عواطفهم؛ لذا فهم يحرصون على تعلُّم كيفية التعرف إليها وفهمها وإدارتها، وكذلك المضي قُدماً لتعليم مرؤوسيهم كيف يفعلون الشيء نفسه.

يُشار إلى هذا بالتمتع بالذكاء العاطفي، وهو أحد أهم السمات التي يجب أن تكون موجودةً لدى أيِّ قائد في أية مؤسسة حديثة.

المصدر




مقالات مرتبطة