أهمية التعامل مع التوتر النفسي بدلاً من تجنبه

هل سبق أن سمعت بمصطلح مسايرة التجنب؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، وإذا مارست يوماً التسويف أو الاجترار أو السلوك العدواني السلبي عند محاولة تجنب الأفكار أو المشاعر التي تُزعجك أو عند محاولة تجنب القيام بمهمة جديدة، فمن المحتمل أنَّك عايشت هذه المسايرة.



إذاً ما هي مسايرة التجنُّب؟ تُعرف أيضاً المسايرة بالهروب أو سلوكات التجنب، وهي أشكال غير مناسبةٍ من التكيف، والتي تنطوي على تغيير سلوكنا لتجنب التفكير أو الشعور بأشياء تُزعجنا؛ إذ تعني مسايرة التجنب أنَّنا نحاول تجنب أسباب التوتر المحتملة بدلاً من مواجهتها، قد تشعر في بعض الأحيان أنَّ تجنب التوتر هو طريقةٌ جيدة لتقليل الشعور به؛ لكن هذا ليس هو الحال في الواقع؛ إذ نحتاج إلى التعامل مع الأمور لكي نشعر أو نعيش توتراً أقل، وبدلاً من تجنبه، عليك التعامل مع التوتر من خلال استراتيجيات التكيف الصحية.

بدلاً من التجنب، لماذا لا نُجرب التكيف الإيجابي؟ فهذا هو نوع التكيف الذي يهدف إلى معالجة مشكلةٍ ما وجهاً لوجه، بوصفها طريقةً لتخفيف التوتر، وقد يكون التكيف الإيجابي من خلال مناقشة المشكلة للتخفيف من التوتر في العلاقة، أو إعادة صياغة الموقف من أجل رؤية إيجابياته، أو وضع الميزانية لتقليل الضغط المالي من بين طرائق أخرى للتكيف.

إنَّك تتعامل مع التوتر في أثناء التكيف الإيجابي بدلاً من تجنبه، ويمكنك ممارسة التكيف الإيجابي سلوكياً من خلال معالجة المشكلة معالجة مباشرة، أو ذهنياً من خلال التفكير في عوامل التوتر.

غالباً ما نستخدم أسلوب التجنب عندما لا نريد أن نتعامل مع التوتر وجهاً لوجه، وأولئك الذين يعانون القلق هم أيضاً أكثر عرضة لاستخدام أساليب التكيف هذه ظناً منهم أنَّها وسيلة لتجنب الأفكار والمواقف التي تثير القلق، ومع ذلك، فإنَّ هذه الأساليب غالباً ما تؤدي إلى تفاقم القلق، وتؤدي مسايرة التجنب إلى تفاقم التوتر والقلق لأنَّنا نجد صعوبة في مواجهة الأشياء التي تسبب التوتر لنا، كما تعزز مسايرة التجنب التوتر للأسباب الآتية:

  1. تسمح للمشكلات بالتفاقم.
  2. لا تحلُّ المشكلة التي تسببت في التوتر؛ ومن ثَمَّ فهي أقل فاعلية من الاستراتيجيات الاستباقية التي تقلِّل التوتر.
  3. تسمح للقلق بالتفاقم.
  4. قد تكون مُحبِطة للآخرين؛ لذا فإنَّ استخدام استراتيجيات التجنب قد يتسبب في حدوث خلافات في علاقاتك ويقلِّل من دعمك الاجتماعي.

قد يبدو أنَّ بعض أشكال التكيف ليست صحية، لكن توجد بعض أشكال التكيف التي قد تبدو سلبيةً؛ ولكنَّها صحية، قد لا تتعامل هذه الأشكال من التكيف مع المشكلة تعاملاً مباشراً؛ ولكنَّها تؤثِّر في استجابتنا للمشكلة؛ فتوجد تقنيات يمكن للمرء أن يمارسها ليشعر بالهدوء عند مواجهة المواقف الصعبة، ويمكن لمهارات التكيف مع التوتر مثل التمرينات الرياضية وأنشطة اليقظة الذهنية أن تقلِّل من احتمالية الشعور بالتوتر عند مواجهة مشكلة؛ بل ويمكن أن تزيد من الثقة بالنفس.

قد تمكِّننا هذه التقنيات أيضاً من مواجهة ضغوطاتنا مواجهة أكثر فاعلية، لكن ضع في حسبانك أنَّه ليس كلُّ ما يقلِّل من التوتر في اللحظة الحالية هو شكل جيد من أشكال التكيف السلبي، وقد تشعر أنَّ التسوق أو الأكل بشراهة عارمة هو أمرٌ مريح في الوقت الحالي، لكن توجد عواقب سلبية عند ممارسة هذه الاستراتيجيات سوف تظهر بمرور الوقت.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لمواجهة مشاعر التوتر التي لا مبرر لها

إذاً كيف نُقلِّل ممارستنا لمسايرة التجنب؟ إليك بعض النصائح:

1. افهم ما هي ولمَ لا تنفعك:

لقد فهمتَ مصطلح مسايرة التجنب بالفعل عبر قراءة هذا المقال، والآن بعد أن فهمت لماذا تأتي هذه الأشكال من التكيف بنتائج عكسية، ستكون أكثر قدرةً على التخلي عنها وممارسة طرائق أكثر فاعلية لتخفيف التوتر.

2. لاحظ متى تمارسها:

فكِّر في الأوقات التي تستخدم فيها أساليب التجنب، ربما كنت تسوِّف أو تتجنب مناقشة بعض القضايا؛ لذا تتبع هذه الأوقات وحاول أن تلاحظها في المستقبل.

3. استخدم مهارات التكيف المُخففة للتوتر:

عندما نهدئ أنفسنا، يصبح من الأسهل المبادرة في التعامل مع التوتر بدلاً من انتظار حدوثه، ويمكن أن تزيد استراتيجيات التعامل مع التوتر من ثقتك بنفسك وإيمانك بقدرتك على التعامل مع الضغوطات، ممَّا يُسهل عليك التخلي عن أيِّ أساليب تجنب قد تمارسها.

4. مارِس تقنيات التأقلم العاطفي:

وُجِد أنَّ التأمل وكتابة المذكرات هما طريقتان فعالتان للغاية في تخفيف التوتر العاطفي، وعندما نستخدم تقنيات لتهدئة أنفسنا وتقليل التوتر، فإنَّنا نشعر بتهديد أقل، ممَّا يمكننا من مواجهة التوتر مواجهة مباشرة.

5. تدرَّب على تحمُّل المشاعر غير المريحة:

إنَّ ذلك سيساعدك على التعامل مع هذه المشاعر في المواقف العصيبة، جرِّب تعلُّم تمرينات اليقظة الذهنية أو تقنيات التأمل عبر الإنترنت لتقليل التوتر.

6. فكِّر في خيارات التكيف الإيجابي:

حاول إعادة صياغة الأفكار السلبية عندما تكون في موقف عصيب، فكِّر في خيارات بديلة لموقف ما، والتي ربما لم تدركها في البداية، وفكِّر فيما يمكنك القيام به للتخفيف من توترك وافعل ذلك تماماً.

إقرأ أيضاً: فائدة تمارين التنفس في تخفيف التوتر وتقليل الإجهاد النفسي والبدني

7. خذ خطواتٍ صغيرة:

في بعض الأحيان، قد تربكك المواقف العصيبة؛ لذا قد يكون اتخاذ خطوات صغيرة أمراً أكثر منطقية؛ لذا جرِّب اتخاذ خطوة صغيرة في اتجاه التكيف الإيجابي، وبعدها قد تشعر براحة أكبر في اتخاذ خطوات أكبر وأكثر فاعلية.

إقرأ أيضاً: كيف يساعدك التفاؤل على تحقيق الأهداف وتقليل التوتر؟

8. اطلب دعماً إضافياً إذا لزم الأمر:

لا بأس في طلب المساعدة، اطلب الدعم من معالج نفسي لكي تُقلِّل أساليب المسايرة والتجنب إضافة إلى تعلُّم طرائق إضافيةٍ لتخفيف التوتر.




مقالات مرتبطة