أهمية إثارة إعجاب الآخرين

إنَّ إثارة إعجاب الآخرين أمر ضروري؛ إذ يمنحك الناس معظم الفرص في حياتك المهنية عندما تثير إعجابهم، وفي العلاقات يجب أن يُعجب بك شخص ما قبل أن يحبك، وفي أيِّ مجال في الحياة إذا كان الأشخاص معجبين بك سيكونون أكثر استعداداً للمساعدة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون سكوت إتش يونغ (Scott H Young)، ويخبرنا فيه عن تجربته في إثارة إعجاب الآخرين.

لسوء الحظ نال موضوع إثارة الإعجاب سمعةً سيئة؛ فلا بدَّ أنَّك سمعت بالنصيحة التي تقول: "اجعل الناس إمَّا يحبونك، أو يكرهونك لكي تنال الشهرة، وتثير إعجابهم"، لكنَّ الحقيقية هي أنَّ السعي وراء الشهرة هو غرور بغيض، وكذلك حتى أعظم المشاهير تعرضوا للنقد من أقرب الناس إليهم، وقد مجدت الكاتبة الروسية الأمريكية آين راند (Ayn Rand) شخصية البطل هوارد رورك (Howard Roark) المكروهة في روايتها النافورة (The Fountainhead).

يخلط الناس بين الشخص المثير للإعجاب، وبين الشخص:

  1. ذي الشخصية المائعة.
  2. ضعيف الشخصية.
  3. الاتكالي.
  4. الذي يفضل الشعبية والشهرة على المبادئ.
  5. المتملق.

ترتبط هذه الصفات كلُّها بصفة الشخص المكروه؛ فالشخص غير المتميز، وضعيف الشخصية، والاتكالي، والمتملق ليس شخصاً محبوباً؛ بل هو أداة.

لا تمت هذه الخصائص للإعجاب بأيَّة صلة، فالإعجاب ببساطة هو أن تترك انطباعاً أولياً يثير إعجاب الآخرين بك دون أن تبذل أيَّ جهد، لكن إذا كنت تظن أنَّ الإعجاب يعني التضحية بمبادئك أو استقلاليتك أو تفردك، فأنت مخطئ.

القوة في أن تكون شخصاً مثيراً للإعجاب:

لا يبدو أنَّ إثارة إعجاب الآخرين مثيرة؛ بل مملة إلى حدٍّ ما؛ إذ يفضل معظم الناس أن يكونوا ماهرين في تقديم عرض بيع ترويجي أو بارعين في الإقناع على أن يكونوا مثيرين للإعجاب، وعلى الرَّغم من أنَّك شخص مثير للإعجاب ليس شيئاً عظيماً، فإنَّه بلا شك يؤثِّر في حياتك.

فكِّر في إدارة عمل تجاري؛ إذ تحتاج في أيِّ عمل تجاري إلى التعامل مع الأشخاص طوال الوقت العملاء، والموردين، والمقاولين، والموظفين، والأصدقاء، فإذا لم تكن محبوباً لدى عملائك سيشترون من شخصٍ آخر، وكذلك الموردون لن يقدموا لك أفضل أسعارهم وعروضهم، وإذا كان الموظفون الذين يعملون معك بعقود مؤقتة يكرهونك، فلن يكونوا جادين في التسليم في الوقت المحدد، وكذلك هو الحال مع الموظفين، أمَّا الأصدقاء الذين لا يحبونك، فلن يقدموا لك أيَّة مساعدة.

يطرح الناس هذا السؤال في جوانب التفاعل البشري جميعه: "هل أحبُّ هذا الشخص؟"، إن استطعت جعل الناس يجيبون بالإيجاب عن هذا السؤال، فسيكون لذلك تأثير كبير في حياتك.

لا علاقة للإعجاب بالجاذبية والشجاعة والشخصية، فسواء كنت بطلاً أم جباناً أم حسن الخلق أم غير ذلك، لن يغير ذلك في الأمر شيئاً، ولقد قابلتُ أبطالاً وأشخاصاً يُضرب المثل في أخلاقهم، لكنَّهم لم يثيروا إعجابي، وقابلتُ أشخاصاً عاديين وجبناء أيضاً وغير صادقين أحياناً، لكنَّني استمتعت في صحبتهم.

 قابلتُ لكلِّ واحدة من سمات الشخصية المذكورة سابقاً أشخاصاً لديهم ما يعجبني، وأشخاصاً لديهم ما لا يعجبني؛ لذا لِمَ لا أكون من الأشخاص الذين يثيرون إعجاب الناس؟

شاهد: فن التأثير في الآخرين

إثارة الإعجاب مهارة اجتماعية:

إثارة الإعجاب هي ببساطة مهارة اجتماعية، مثلها مثل أيَّة مهارة أخرى تماماً كما يمكن للمتحدث العام الجيد أن يلقي خطاباً مقنعاً، ومن السهل تكوين صداقة مع الشخص الذي مارس المهارات الاجتماعية لإثارة الإعجاب.

على الرَّغم من أنَّ القائمة غير مكتملة بالتأكيد، فإنَّ بعض المهارات التي أصف بها الأشخاص المحبوبين تندرج فيما يأتي:

1. اللطف:

الشخص اللطيف ليس جباناً، هو ليس فظاً فقط؛ وغالباً ما يكون أسلوب بعض الناس فظاً للتعويض عن افتقارهم إلى الثقة بالنفس، لكن لا يحتاج الأشخاص الذين يتمتعون بالثقة بالنفس حقاً إلى القيام بذلك؛ ولذلك غالباً ما يكون الأشخاص الأكثر ثقة حقاً أكثر لطفاً.

2. الودُّ:

بصرف النظر عن مدى شعورك بالخوف وعدم اليقين، والإحساس بالضعف عند مقابلة أشخاص جدد، يمكنك تدريب نفسك على أن تكون أكثر ودَّاً؛ فثمة حدٌّ يصبح فيه الودُّ عدوانياً وفظاً، لكن معظم الأشخاص الذين أعرفهم هم أقل بكثير من هذا الحد.

3. التعاطف:

الشخص المحبوب يكون شديد الانتباه، ويتجنب فعل الأشياء التي تسيء إلى الشخص الآخر أو إذا أساء إلى شخص آخر، فهو يدرك هذه الحقيقة، ويدرك أنَّه اختيار متعمد، وهذا هو الفرق بين السخرية من لهجة شخص ما، والتي قد تؤدي إلى إهانته عن غير قصد، والثبات على موقفك إذا كان شخصٌ ما لا يحبُّ شخصيتك.

4. حسُّ الفكاهة:

الأشخاص المحبوبون عادةً ما يكونون هادئين ومرحين وخفيفي الظل؛ ليس الأمر بأنَّهم لم يكونوا أبداً جادين أو غاضبين أو متجهمين، لكن لأنَّهم اختاروا فقط تلك اللحظات بحكمة حتى لا يفترض الناس أنَّ هذه هي شخصياتهم الحقيقية.

إقرأ أيضاً: 10 أشياء لا تحتاج إلى موافقة الآخرين للقيام بها

5. الوضوح:

من السهل التواصل مع الأشخاص المحبوبين؛ فقد تعلَّموا كيفية شرح شغفهم، ودوافعهم بطريقة يمكن للآخرين فهمها بسهولة؛ فأنا لا أحبُّ التزلج على الألواح، لكن إذا كنت شغوفاً بذلك بوصفها هواية، فيجب أن تكون قادراً على جعلي أفهم سبب شغفك.

لكنَّ التركيز على تفاصيل المهارة ليس بنفس أهمية حبك لها، فإذا كنت تظنُّ بأهمية إثارة إعجاب الآخرين، فيمكنك أن تجعل نفسك محبوباً أكثر، ويمكنك أن تسعى جاهداً إلى أن تكون ألطف، ويمكنك أن تهدف إلى أن تكون أكثر ودَّاً، والعمل على أن تكون متعاطفاً لتدرك متى قد تُغضِب شخصاً ما عن غير قصد، ويمكنك تحسين روح الدعابة فيك، وشرح شغفك بطريقة تثير الناس الذين لم يسمعوا بها من قبل.

إثارة الإعجاب ليست كلَّ شيء؛ إنَّها مجرد شيء من الأشياء الهامة الأخرى:

أظنُّ أنَّ بعض ردود الفعل العنيفة تجاه الإعجاب سببها فئة معينة من الناس؛ فهؤلاء هم الأشخاص الذين يفعلون كلَّ شيء، وأيَّ شيء ليكونوا محبوبين، إنَّهم يقلدون أصدقاءهم وينتهكون معاييرهم الشخصية وينحنون ويتذللون في حاجة ماسة للاهتمام، ويعتقد هؤلاء الأشخاص أنَّ الشعبية ليست مجرد سمة واحدة هامة، ولكنَّها السمة الهامة الوحيدة.

إقرأ أيضاً: لماذا عليك التوقف عن السعي إلى نيل قبول الآخرين؟

في الختام:

لا تكن أحد هؤلاء الأشخاص بالنسبة إلى المبتدئين، ولا أظنُّ أنَّ نهجهم فعال للغاية، وللمفارقة، إذا ضحيت بكلِّ شيء من أجل أن تكون محبوباً، فلن تنال مرادك؛ لأنَّ محاولاتك الحثيثة لتبدو لطيفاً تعني أنَّك فاشل، ثم إنَّ مهارة إثارة الإعجاب ليست إلا مهارة واحدة من عدة مهارات أخرى مفيدة، ولا يستحق الأمر التضحية بكلِّ شيء من أجلها.

لكن إذا وضعت الإعجاب في السياق الصحيح، فهو أداة قوية؛ إنَّه يجعل العلاقات أسهل، ويمنحك مزيداً من الفرص دون التلاعب بالآخرين، ويساعدك الناس لأنَّهم يريدون حقاً مساعدة شخص يحبُّونه.

المصدر




مقالات مرتبطة