ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "إيما جينكينز" (Emma Jenkins)، ,تحدثنا فيه عن أهمية أخذ استراحة في إدارة الخلافات.
يميل الفرد إلى التفكير في أسوأ السيناريوهات الممكنة وتبرير أفعاله عندما تتأجج مشاعره ويفقد إحساس الأمان تجاه العلاقة. بالإضافة إلى أنَّنا نشعر بقدر كبير من الانزعاج أثناء انتظار النتيجة؛ فذهن الفرد لا يتوقف عن التفكير في الموقف لمجرد أنَّ العملية تتطلب منه الانتظار. ومن دون استثناء، هؤلاء الذين يحلون القضايا بسرعة قادرون على الدخول إلى جلسة الوساطة بذهن صاف بعيداً عن التوتر بنسبة أكبر مقارنة بمن اضطروا إلى الانتظار طويلاً.
يقول المغني الأوبرالي "توم كراوز" (Tom Krause): "الحياة ليست خالية من المشكلات، بل هي تتمحور حول حلها".
أما الأشخاص الذين اضطروا إلى تحمل إجراءات مطولة، أو قضوا أشهراً – أو حتى سنوات – في محاولة تجاوز موقف ما كان بانتظار إدارة فعالة للنزاع، فغالباً ما تُستنزَف طاقتهم العاطفية، ويشكّكون في إمكانية الوصول إلى نتيجة إيجابية.
ولو طُلب مني تقديم بعض النصائح حول إدارة الخلافات، لكانت "عدم تأخير الحل" بالتأكيد على رأس القائمة. ومع أنَّني لا أوصي بقطع العلاقة تماماً أو تأجيل إعادة التواصل، إلا أنَّ هناك عديدٌ من الأدوات والتقنيات التي أستخدمها خلال عملية حل الخلافات، ويُعَد أخذ استراحة قصيرة إحداها.

الفرق بين التأخير والاستراحة
على الرغم من أن كلاً من التأخير والاستراحة يمثلان وقتاً بعيداً عن النشاط الأصلي، إلا أنهما يختلفان جوهرياً في القصد والنتيجة، فالأول يمثل "تعطيلاً سلبياً غير مخطط"، بينما الثاني يمثل "توقفاً إيجابياً مُتعمداً" لإعادة شحن الطاقة.
1. الاستراحة قصيرة
كما أوضحتُ سابقاً، عندما تكون هناك فجوات كبيرة في التواصل، يملأ الناس تلك الفجوات بافتراضاتهم الخاصة، والتي غالباً ما تكون مبنيةً على معلومات متحيزة أو ناقصة. لذا، إذا كان الطرفان بحاجة إلى استراحة، فلتكن قصيرة قدر الإمكان. أما التأخير فيعني أنَّ الخطوة التالية كان من الممكن أن تبدأ في وقت أبكر.
2. الاستراحة لها هدف
تحتد العواطف أحيان، وتعيق التواصل واستيعاب المعلومات بفعالية. إذا حدثت واقعة مؤثرة، فقد يحتاج الناس إلى أيام لاستيعاب ما حدث.
وإذا وصل شخص ما إلى هذه الحالة أثناء المحادثة، فمن المنطقي تشجيعه على أخذ استراحة قصيرة لكي يهدأ. على الجانب الآخر، يؤدي التأخير فقط إلى تأجيل الإجراء الضروري الذي لا مفر منه.
شاهد بالفيديو: نصائح لإدارة وحلِّ النزاعات
3. للاستراحة حدود واضحة
إذا احتاج شخص ما إلى استراحة أثناء جلسة وساطة، أو إذا رأيتُ أنَّها قد تكون مفيدةً، فنتحدث عادة عما يرغب بفعله في الاستراحة، وأعطيه وقتاً محدداً للعودة.
تساعدني خبرتي في معرفة المدة التي قد تكون مفيدةً. ألاحظ أنَّ الاستراحات القصيرة مفيدة للناس لتشجيعهم على التركيز في ما يجب فعله خلال ذلك الوقت، أما التأخير فقد يُمدَّد بشكل متكرر؛ غالباً لأنَّ الموقف لم يُمنَح الأولوية، أو لم يُقدَّر الوقت بشكل دقيق.
4. تتيح الاستراحة إعادة ضبط الذهن
لا أعرف كيف يفكر كل شخص عندما أستخدم الاستراحة كأداة، ويبدو الأمر خطوة مفيدة. ومع ذلك، عندما يعود الناس، من المثير للاهتمام رؤية الفرق بين سلوكهم قبل الاستراحة وبعدها. كثيراً ما أطلب استراحات عندما يصبح النقاش غير مثمر، فيغادر الأشخاص غاضبين، ليعودوا معتذرين بتواضع.
من الضروري أيضاً الاعتراف بالارتباك والتوتر سواء قبل الاستراحة المطلوبة أم بعدها. تعلُّم كيفية القيام بذلك بحذر هو من المهارات الأساسية المطلوبة لحل الخلافات؛ إذ يساعد هذا النوع من التأطير الناس في معالجة ما كانوا يمرون به قبل الاستراحة واتخاذ قرار بشأن ما يريدون فعله لاحقاً. أما التأخير، فهو يُبقي الناس في حالة ترقب بشأن المستقبل، الذي غالباً ما يشعرون بأنَّهم لا يستطيعون التحكم به.
يقول المتحدث التحفيزي "روبرت شولر" (Robert H. Schuller): "يُحَلُّ ما يبدو مستحيلاً من المشكلات حين نكتشف أنَّ المشكلة ليست سوى قرار صعب يجب أن يُتَّخذ".
هل الاستراحة ضرورية دائماً؟
يختلف كل خلاف في مكان العمل عن غيره؛ لذا، فإنَّ المرونة هي من المبادئ الأساسية للوساطة. لا أتَّبع إجراءات ثابتة حين أقوم بالوساطة؛ بل أقيِّم كل سيناريو بشكل منفرد، كما أنَّني أدرك أيضاً أنَّ تطور جلسة الوساطة يختلف في كل مرة.
قد تكون بعض المحادثات مشحونةً بالعواطف أحياناً، لذلك أرى أنَّ الاستراحات القصيرة من المحادثة تفيد على أي حال، لكنَّني لست صارمة في نهجي بشأن متى ولماذا وكم يجب أن تدوم.
قد تكون هناك اعتبارات إضافية للأفراد الذين لديهم مشكلات صحية نفسية، أو يعانون من القلق، أو ذوي التنوع العصبي، أو من لديهم إعاقة. وأحياناً، يحتاج الوسيط نفسه إلى استراحة أيضاً.
في الختام
أوصي بألا يخشى الشخص الذي يدير الخلاف من إيقاف المحادثة من أجل استراحة قصيرة، قد يقلق البعض من أنَّه إذا أعلنوا عن استراحة فلن يعود أحد. لكن في العموم، إذا كنت قد أوضحت ما سيحدث بعد الاستراحة، فاحتمالية ذلك ضئيلة للغاية. بينما إذا تركت المحادثة تستمر بلا توقف، لتصبح مشحونةً أكثر وأقل فعالية، فقد يشعر أحد الأطراف فعلاً بالحاجة إلى الانسحاب.
بشكل عام، إذا كنت تعتقد أنَّ الاستراحة مفيدة، فيجب النظر في: الهدف من الاستراحة، وما هو أقصر وقت ممكن وفعال له، والحدود الواضحة.
أضف تعليقاً